وزير العدل: ندرس فتح مكاتب نسائية في المحاكم وقنوات لتعيين المرأة في القضاء

وزير العدل: ندرس فتح مكاتب نسائية في المحاكم وقنوات لتعيين المرأة في القضاء

عدنان الشبراوي ـ جدة

وضع وزير العدل الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى مشروع الملك عبد الله لتطوير مرفق القضاء على أرض الواقع في زيارته ذات المحطات الأربع في مدينة جدة وقال: إنه سيعلن في الأيام القريبة المقبلة عن مناقصات ضخمة جدا لإنشاء عدد من المحاكم المتخصصة، والسعي لإيجاد مواصفات تتعلق بإنشاء مدن عدلية في عدد من مناطق المملكة، وتدارك أي سلبيات في منشآت المحاكم الحالية.
وأضاف وزير العدل في الحفل الذي نظمته اللجنة الوطنية للمحامين في مجلس الغرف التجارية واستضافته لجنة المحامين في الغرفة التجارية في جدة أمس أن المحاكم المتخصصة ستكون في القريب العاجل، ومنها المحاكم العمالية والتجارية ومحاكم الأحوال الشخصية، إضافة إلى المحاكم العامة والجزائية. وهذه النقلة ستجعل القضاء في المملكة في وضع أفضل، ويتبوأ مكانته المرموقة.
وردا على سؤال عن عدم وجود توازن بين عدد القضايا والمراجعات، وبين عدد القضاة وعدد كتاب العدل في المملكة أوضح الوزير أن الموارد البشرية للقطاع العدلي ستكون محققة للطموح إن شاء الله، ونرجو أن تشغل الوظائف من قبل المجلس الأعلى للقضاء عن طريق المخرجات الشرعية واستقطاب الخبرات القضائية وإدخالها للسلك القضائي، مستدركا «أن لدى الوزارة الآن بريدا إلكترونيا لتلقي الشكاوى المرفقة بالوثائق والمستندات من أي مواطن».
وشهد الوزير توقيع ثلاث اتفاقيات بين اللجنة الوطنية للمحامين في المملكة مع جمعية مودة للطلاق، وبرنامج الأمان الأسري لتنسيق التعاون المشترك بينهما، والعمل على إيجاد برامج لعلاج قضايا العنف الأسري والحد من الطلاق.
وقال وزير العدل في كلمته التي ارتجلها أمام الحضور:
نحن في وزارة العدل ندعم هذه الملتقيات ونشد من أزرها، ونعتبر نشر الثقافة الحقوقية في طليعة مهام الوزارة، خاصة أنها لا تزال تحتاج منا الكثير لتعزيزها وتصحيح مفاهيم البعض نحوها، لأن هناك بكل شفافية نسبة من التدني في الرصيد الحقوقي لدى البعض، وأخص المعنيين في الجانب الحقوقي، ونحن في وزارة العدل نسعى لنشر الثقافة العدلية ونتطلع أن يساهم نظام القضاء الجديد الذي صدر منذ عامين في إيجاد رؤية واضحة في هذا الصدد.
وأضاف: النظام الجديد للقضاء أكثر تطورا وتحديثا، وآلية الإجراءات فيه تعتبر نقلة حضارية عن ما كان عليه الحال، لكن تنقصنا المفاهيم الحقوقية والكوادر التي تعيننا على أداء الرسالة، ولا شك أن الإخوة المحامين هم ذراع الوزارة الأيمن، وهم شركاؤنا في تحقيق العدالة، ونسعى أن يكون هناك وعي منهم في الاضطلاع برسالتهم، وإذا كان هناك بعض القصور فإن هذه الملتقيات تعمل على احتوائه وعلاجه ولو بالتدريج، ووزارة العدل اضطلعت بمسؤوليتها تجاه مهنة المحاماة وبحاجة للمقترحات من مثل هذه الملتقيات، وقد حضرت اليوم لأقدم رسالة واضحة وهي حرص الوزارة على رفع شعار الشراكة، فنحن لا نعمل بمعزل عن الشركاء، هناك تحرك في الطريق الصحيح لوضع أسس جديدة مشتركة بيننا وبين الإخوة المحامين.
وردا على سؤال جميل فارسي رئيس لجنة المجوهرات في الغرفة التجارية عن تفاوت الأحكام الصادرة من قضاة بعض المحاكم، ومنها على سبيل المثال الحكم الذي صدر على سارقي الخروفين، أجاب الوزير: هناك من له وجهة نظر ويرى تفاوتا في الأحكام، ولذلك نحن في الوزارة نطور مدونة الأحكام القضائية لتصبح مرجعا للجميع وتسهل من عملية التقاضي وتقارب بين الأحكام، ولكن الأحكام أيا كانت يجب أن تحترم، وهناك درجات تالية من التقاضي للنظر في أية ملاحظة، كما لا ننسى أن لكل قضية ظروفها وملابساتها التي تختلف من قضية لأخرى حتى وإن بدت متشابهة من النظرة الأولى، ويحق للخصوم التوجه لمحاكم الاستئناف والمحكمة العليا إذا لم يقتنعوا بالحكم.
وعن فتح مكاتب نسائية في المحاكم وإشراك المرأة في لجان الصلح، ولا سيما في مجال الخلافات الأسرية، قال الوزير: إن ذلك محل دراسة جادة، ونسعى لإيجاد قنوات تعين المرأة في القضاء، أما مكاتب الصلح فأعتقد أن الأخ رئيس المحكمة العامة في جدة الشيخ راشد الهزاع سيعمل على تقريب وجهات النظر، وأعتقد أن المقبل أفضل، ولا سيما أن الوزارة تطمح في استصدار نظام للصلح في المحاكم ونأمل ذلك.
وعن قلة القضاة وكثافة عدد القضايا أوضح الوزير:
لا نعاني من قلة الوظائف فلدينا ألفا وظيفة قضائية شاغرة و200 وظيفة قاضي استئناف ورئيس محكمة استئناف، ننتظر من المجلس الأعلى للقضاء أن يعين من يشغلها قريبا وأود أن أبشر الجميع أننا بصدد لائحة جديدة لاختيار القضاة من قبل المجلس الأعلى للقضاء،
وأردف: كما أن الوزارة أكثر حرصا على تطوير مهنة المحاماة من المحامين أنفسهم وفي الطريق بإذن الله سيتم إقرار هيئة للمحامين، وهي منظورة الآن من قبل خبراء ومختصين وهي مهمة جدا لكنها تحتاج بعض الوقت.
وعن تزايد حالات العنف الأسري قال الوزير نحن لا نزال الأفضل في هذا المجال ولسنا الأسوأ، وبرنامج تأهيل القضاة وتدريبهم على قضايا العنف الأسري هي بلا شك محل الاهتمام، ومثل هذه اللقاءات خطوة في هذا الاتجاه.
وللأسف يقع العنف الأسري أحيانا لأسباب تافهة، ونأمل في هذا الصدد دورا أكبر للجان الصلح والمكاتب وتزايد هذا النجاح مرتبط بصدور نظام للصلح يعمل به في القضاء.
من جانبه قال الدكتور ماجد قاروب رئيس اللجنة الوطنية للمحامين في مجلس الغرف التجارية، إن الحاجة اليوم باتت ملحة لولادة هيئة المحامين وتفعيل دور المرأة في مكاتب المحاماة وهذا سيوفر 20 ألف وظيفة في مجال المحاماة، شريطة التطبيق الكامل لنظام المحاماة الذي سيوقف نزيف ملياري ريال يستنزفها الدخلاء على مهنة المحاماة ومنتحلي صفة المحامي.
وقال إن عقود الخصخصة والتطوير والمساهمات والأعمال المصرفية والاستثمار في الغاز والكهرباء والمياه وغيرها من الأعمال تحتاج لمكاتب محاماة معتمدة جعلت مكاتب المحاماة الأجنبية تربح مليار دولار سنويا في السنوات الخمس الماضية كان الأولى أن تربحها مكاتب المحاماة السعودية، وشكا من دخلاء مهنة المحاماة ومنهم أطباء ومهندسون يتقمصون دور المحامي ويباشرون أعمالا حقوقية متجاوزين الأنظمة، ويحصل هؤلاء على ملياري ريال سنويا من أصحاب القضايا دون أن يحصل أصحاب القضايا على ما يريدون.
وفي نهاية اللقاء شهد الوزير توقيع ثلاث اتفاقيات بين اللجنة الوطنية للمحامين في المملكة مع جمعية مودة للطلاق وبرنامج الأمان الاسري، بعدها كرم المشاركين وتبودلت الهدايا والدروع التذكارية.
كما زار وزير العدل المحكمة العامة في مدينة جدة لمدة ساعتين التقى فيها أصحاب الفضيلة القضاة وتجول في أقسامها المختلفة، حيث زار قسم الحاسب الآلي والسجلات ومكتب المحامين ولجنة الصلح والوقف العلمي لدعم أبحاث الجامعة وأقسام محضري الخصوم والمبنى الجديد الذي تعثر تسليمه من المقاول لما يقارب ثلاث سنوات، كما زار مكتب قاضي التنفيذ الشيخ علي النهابي واستمع إلى شرح موجز عما يقارب ثلاثة آلاف قضية تنفيذ تسلمها قاضي التنفيذ في جدة وأنهى مئات القضايا المتعثرة أو التي شهدت مماطلة في التنفيذ.
وأكد الوزير أن هناك خطوات مقبلة نحو إقرار نظام التنفيذ الجديد وهو بلا شك أهم مراحل التنفيذ كون معاناة المواطنين من التنفيذ معروفة للجميع، ولدينا إلحاح شديد في تسريع إقرار نظام التنفيذ الذي يقضي على المماطلين والمتهربين من تنفيذ الأحكام أو الديون بأنواعها، وسيكون قضاة التنفيذ هم الفصل الأخير من المحاكمات، والآن لدينا خمسة قضاة تنفيذ ستعمل الوزارة على إيجاد دوائر تنفيذ جديدة.
وشهد الوزير إحدى جلسات التقاضي الإلكتروني في المحكمة العامة مع رئيس المحكمة الشيخ الدكتور راشد الهزاع، وأبدى إعجابه الشديد مؤملا الاستفادة من الحاسب الآلي في تسريع عملية التقاضي.
واستمع الوزير إلى شكوى من المختصين عن تكرار تعطل الحاسب الآلي بسبب بطء السرعة والحاجة إلى سيرفرات أكبر حجما، ووعد بحل المشكلة مع المختصين في الوزارة، واستوقف أحد المواطنين الوزير في المحكمة بكلمات «أنا في ذمتك يا معالي الوزير»، فسأله الوزير عن شكواه وطلب منه أن يبعث بها إلى بريده الإلكتروني مع الأوراق والإثباتات التي لديه ووعدد بالرد عليه، وتدخل رئيس المحكمة ووعد أن ينظر فيها ويحلها له سريعا، مطالبا أن يراجعه في مكتبه إذا رغب ذلك، وقال المواطن لـ «عكاظ»: إن أحد القضاة يريد أن يخلع منه زوجته وهو لا يريد فراقها، وإن لديه قضية خلع ونفقة مع الزوجة، وإن قضيته منظورة منذ سنتين وأصبح القاضي يشكل له عقدة نفسية بسبب تعامله معه ــ على حد تعبيره.
وفي نهاية الجولة قال وزير العدل لـ «عكاظ»: أشكر الإخوة في المحكمة العامة في جدة، وقد سرني ما شاهدته من تطور ونقلة حضارية كبيرة في مجال التقاضي الإلكتروني، وأود أن أقول:
السلطة القضائية هي سلطة الحسم القضائي من قبل السلك القضائي، باختصاصهم الولائي المكاني والنوعي، المشمولين بنظام القضاء الذي رتب حقوقهم وواجباتهم، ومنع دخول أي من أعضاء السلطة التنفيذية ــ على وجه الخصوص ــ من التدخل في عملهم الفني البحت وكافة مرافق القطاع العدلي في خدمة هذه السلطة في شؤونهم الوظيفية، والحرص على عدم الإخلال باستقلال هذه السلطة، والتأكد من تفعيل ضمانات العدالة والمراقبة، والإشراف على سير العمل، وانسجام إجراءاته، وعدم تعثر أدائه، ودعمه بالأدوات المساندة، وهذه المهمات تتقاسمها الوزارة مع المجلس الأعلى للقضاء، وإن كانت الوزارة تتحمل الجزء الأكبر باعتبارها المظلة العدلية أمام الحكومة (مجلس الوزراء)، الذي صدرت عنه أنظمة القضاء، ويناط به مراقبة أداء أجهزة الدولة، ولا سيما تطبيق الأنظمة باعتباره جهة إشرافية وتنظيمية وتنفيذية، ومجلس الوزراء هو من كرس مفهوم استقلال القضاء، وأوجد من خلال الأنظمة الصادرة عنه الضمانات الكافية لهذا الاستقلال، وضمانات الحياد القضائي وألزم بسلطته التنظيمية والتنفيذية الجميع باحترام أحكام القضاء وتنفيذها على الفور.
وحول سؤال حول مكونات السلطة القضائية، أوضح وزير العدل أن المحكمة العليا تقع في قمة هرمها، ثم الاستئناف، وتليها المحاكم الابتدائية.
وحول مشاركة الوزارة في إعداد خطة لتطوير آلية العمل الإداري في المجلس الأعلى للقضاء، وهل هذا يمثل قناعة الوزارة بتطوير العمل الإداري على حساب العمل القضائي الذي لا تزال آلية عمله التنفيذية في بداياتها بالرغم من مرور ما يقارب السنتين على صدور النظام وآليته؛ أكد الوزير العيسى أن للمجلس الأعلى للقضاء استحقاقا كبيرا على الوزارة باعتباره مرفقا عدليا له أهميته ودوره الكبير، وقد شاركت الوزارة في فعاليات حلقات النقاش لتطوير العمل الإداري في المجلس، والوزارة تضع كافة إمكانياتها لخدمة هذا المرفق الحيوي، ولن تؤثر هذه الخطوة على تطوير الخدمة القضائية، وقد شكلنا فريق عمل لتفعيل الآلية، وسنهتم بجانب التدريب، حيث إن الوزارة مسؤولة عن تنفيذ التدريب القضائي، أو على الأخص ما نصت عليه الآلية التي أكدت على دور الوزارة في هذا، والأيام المقبلة ستشهد نقلة تنفيذية يسعد بها الجميع.