أشياء ممنوعة

صالح الفهيد

يكاد لا يمر يوم دون أن نقرأ أو نسمع عن مصادرة سلع ممنوعة من الأسواق، وتنظم الجهات الرسمية حملات موسمية لمصادرة أنواع مختلفة من السلع من تجار التجزئة. وكلما قرأت مثل هذه الأخبار رحت أسأل نفسي كيف وصلت هذه السلع إلى عمق السوق السعودي؟.
من المؤكد أن هذه السلع لم تهبط (بالبراشوت).. إنما دخلت عبر المنافذ الحدودية بطريقة من الطرق الملتوية، وإلا كيف نفهم أن تتم عملية فسح هذه السلع في الجمارك ثم تتم ملاحقة ومعاقبة من يبيعونها في الأسواق؟.
ومن المفارقات العجيبة في هذا الموضوع ما نشهده في كل عام وتحديدا في رمضان المبارك من مطاردة تشبه لعبة (القط والفار) بين بائعي الألعاب النارية (الطراطيع) ومندوبي الجهات الرسمية المعنية، فبعد أن تمتلئ أسواقنا في المدن والقرى والهجر بهذه الألعاب وينتهي التاجر الكبير الذي استورد هذه الكميات الهائلة من تصريف بضاعته، وقبض ثمنها، تبدأ عمليات ملاحقة البائعين الصغار التي تهدر الكثير من الجهد والوقت والمال وتختتم عملية الملاحقة بمشهد تلفزيوني يتم فيه إحراق كميات من الألعاب النارية ثم يذهب الجميع إلى منازلهم على وعد الالتقاء بنفس المكان في العام المقبل لإتلاف كميات أخرى بعد أن يتم تجميعها من باعة الأرصفة والموزعين الجائلين في الأسواق، دون أن يفكر أحد في التاجر الكبير الذي يدير اللعبة من وراء الستار. ودون أن يسأل أحد نفسه هل هذه المسرحية مصممة فقط لكي يحصل التاجر الكبير على سعر جيد لبضائعه التي أنعم الله عليها بالمنع فتضاعف سعرها، لأنها لو لم تكن ممنوعة لهبطت أسعارها إلى أكثر من ثمانين بالمائة.
هذا مجرد مثال واحد، فالمساحة لا تتسع لقائمة طويلة من السلع التي تتم عملية مصادرتها باستمرار دون أن تختفي من الأسواق مما يعني أن المدد من التاجر الكبير لا ينقطع، مثلما أن الملاحقة بين الجهات الرسمية والتاجر الصغير لا تنتهي.
ولا بد أن التاجر الكبير يجلس في مكان ما يتفرج على المشهد ويدعو الله ليل نهار أن لا يتم رفع المنع والحظر عن السلع التي يستوردها حتى يحصل على هذه الأرباح المضاعفة.