«دشير» الرواية

صالح الفهيد

فرغت للتو من قراءة رواية «شارع العطايف» للكاتب عبد الله بن بخيت.. ساعات من الإثارة والتشويق قضيتها مع هذه الرواية التي كتبت بقدر كبير من الشجاعة والجرأة يحسد عليهما الروائي.
فتحت أولى صفحات الرواية وأنا مهيأ لهذه الإثارة بعد أن قرأت الكثير مما قيل وكتب عن شارع العطايف، فالناقد عبد الله الغذامي قال: إنها أهم ما قدم في معرض الرياض للكتاب الأخير، فيما وصفها الناقد محمد العوين بسيرة ذاتية لكاتبها، وطالب بأن يكتب عليها للبالغين فقط، واعتبرها آخرون نسخة ذكورية معدلة من رواية «بنات الرياض»، فيما صنفها فريق آخر بأنها مذكرات لمجموعة من (الدشير)، وأن بن بخيت حاول أن يمنحهم نفحة إنسانية تجمل قبحهم وخساستهم.
لقد اختار الكاتب ثلاثة من الشخصيات الهامشية التي تعيش في مؤخرة السلم الاجتماعي؛ ليكونوا أبطالا لروايته. بالمناسبة لاحظت أن الكاتب أورد مفردة (...) أكثر من مئة مرة، وربما أكثر لم أحصها عددا، ولكن المفردة تمر على القارئ في الصفحة الواحدة عدة مرات بشكل مزعج.
لست ناقدا وما أسجله في هذه السطور عن رواية «شارع العطايف» مجرد انطباعات قارئ عادي، ولست أشك في أن الكاتب حريص على انطباعات القراء تماما كحرصه على آراء النقاد إن لم يكن أكثر. لقد كنت مثل غيري في العقد الماضي أمني نفسي بوجود رواية سعودية، ولطالما طرحنا التساؤلات عن الأسباب الحقيقية لعدم وجود إنتاج روائي في المملكة يوازي على الأقل مستوى ما حققناه في فن القصة القصيرة، دع عنك إنتاجنا الشعري الغزير، وقد قيل وقتها: إن فن الرواية يحتاج إلى مجتمع مر بفترة تحولات كبيرة، وتحتاج إلى مجتمع منفتح ومتسامح يتقبل بوح الرواية وجرأتها في ملامسة المسكوت عنه، وعندما تحقق قدر معين من هذا الانفتاح والتسامح صدمنا بما قدمه الروائيون السعوديون، روايات لا يستحق بعضها مسمى رواية، فهي لا تعدو كونها سجل ليوميات (دشير) مجتمعنا، وكأنما هذه الروايات لم تكتب إلا لتقديم صورة مشوهه عن المجتمع السعودي.
نعم، نحن لسنا شعبا من الملائكة، لكننا أيضا لسنا شعبا من الدشير والمرابين وعديمي الأخلاق، ففي معظم الروايات لا نجد سوى هذه الشخصيات وكأنما خلا مجتمعنا مما هو إنساني ونبيل وكريم.