MBC وغازي القصيبي
الأربعاء / 21 / شعبان / 1430 هـ الأربعاء 12 أغسطس 2009 21:04
عبدالله بن بجاد العتيبي
كانت الليلة ليلة من ليالي نوفمبر 2006 العليلة في مدينة دبي، وكانت المائدة مائدة كريمة للشيخ وليد الإبراهيم، وكان الضيف ضيفا مهما هو غازي القصيبي، لحسن حظي أو لسوئه، كنت قد كتبت قبلها بأسبوع مقالا عن «حكاية الجنية» التي كانت تمثل ــ آنذاك ــ آخر إصدارات الدكتور غازي القصيبي.
فاجأني غازي ــ ومن لا يفاجئه غازي! ــ حين قام على المائدة وضرب بطرف الملعقة حافة كأس الماء أمامه، ثم تحدث وهو جاد كل الجد ليشكر وليد البراهيم على العشاء، ولكن غازي ــ كعادته ــ قال كلاما مختلفا وتحدث حديثا مؤثرا قال فيه: (في مقتبل التسعينيات وحين كنت سفيرا في بريطانيا جاء إلى لندن شاب سعودي صغير يحمل على أكتافه حلما كبيرا، لقد جاء من أجل إنشاء أول فضائية عربية تخاطب كل العرب وتصل لكل بيت وتكون باكورة دخول العرب إلى الفضاء، سخر من حلمه ومشروعه الساخرون، لكنه كان ممتلئا قناعة بذاك الحلم وذلك المشروع، وحين تقتنعون اليوم بمشروعه بعد نجاحه ــ وأشار للحضور من موظفي الإم بي سي ــ فإنه كان يومها أكثر قناعة منكم اليوم، والأحلام الكبار تحتاج لرجال كبار يحملونها).
كان هذا ما استطعت الاحتفاظ به في ذاكرتي من كلمة غازي، ولكنني احتفظت أكثر بنصيحته التي قالها لي بعدما جلس بأن أعيد قراءة «شقة الحرية» بعد ما كتبته عنها في المقال الآنف الذكر، وقد عملت بنصيحته لأنني على قناعة أن الناجحين هم أفضل الناصحين، وأعدت قراءة «شقة الحرية»، رواية غازي الأولى.
أعترف بأن رؤيتي للرواية قد تغيرت، لا بسبب حضور غازي ونصيحته المباشرة وإنما تغيرت بسبب قناعة شخصية أملتها إعادة القراءة مع اختلاف الأحوال والظروف والقدرات الذاتية بين القراءتين، وذلك ما ستحاول الأسطر المقبلة توضيحه.
حصلت مرة أخرى على نسخة جديدة من «شقة الحرية» ــ بعد أن فقدت نسختي الأولى ــ وأعدت قراءتها بوعي جديد، ورؤية جديدة، لم أتغير أنا فقط بل تغير كل شيء، فهل كان موقفي «أنا» السابق يختلف عن موقفي «أنا» اللاحق، ومن «أنا»؟ هل «أنا» أمثل نفسي اليوم أم أمثل نفسي بالأمس؟ أم أنا خليط غريب بين «الأناءين»؟ من أراد الجواب على إشكالية الأنا هذه فعليه العودة لمصادر عديدة من أقربها علي الطنطاوي وما كتبه في كتابه (حديث النفس) ليفهم هذه الإشكالية ويحظى بحله الخاص لتشابكاتها.
المهم أنني أعدت القراءة وأعدت الاستيعاب وأعدت النقد، ولكن هذه المرة من زاوية مختلفة ورؤية متطورة، إن صح لي أن أصف سنوات التجربة وتراكم القراءة والنهل من المعرفة بأنها تمنح التطور، أعدت القراءة فوجدت جديدا لم تره العين السابقة. وجدت تأريخا لحوادث عظام في تاريخنا المعاصر، ولأفكار وأحلام وخواطر جيلٍ متحمس من الشباب العربي، ولمن لم يعش في الخمسينيات والستينيات من عمر العالم العربي فهذه الرواية ستجعله يعيش تلك الأحداث الكبرى في تاريخنا وكأنه واحد من أبطالها، سيجد شيئا من نفسه في كل شخوصها، شيئا من «فؤاد» وشيئا من «يعقوب» وشيئا من «كريم» وشيئا من «قاسم»، هؤلاء الشباب الذين تشكل حياتهم في القاهرة لأربع سنوات بغرض الدراسة محور الرواية وعمودها الفقري.
الرواية تحتوي على آمال جيل كامل جنبا إلى جنب مع خيباته، وتذكر بالتفصيل صراعاته وتناقضاته، كل هذا بين دفتين، في كتاب أنيقٍ وبقلم تعود الحرص على التميز فيما يكتب. كما أنها تضم حوارات ساخنة وغاية في الجدية جنبا إلى جنب مع حوارات جادة ولكنها تحوي حمولة كبيرة من الكوميديا. يتبع.
Bjad33@gmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي
أو 737701 زين تبدأ بالرمز 250 مسافة ثم الرسالة
فاجأني غازي ــ ومن لا يفاجئه غازي! ــ حين قام على المائدة وضرب بطرف الملعقة حافة كأس الماء أمامه، ثم تحدث وهو جاد كل الجد ليشكر وليد البراهيم على العشاء، ولكن غازي ــ كعادته ــ قال كلاما مختلفا وتحدث حديثا مؤثرا قال فيه: (في مقتبل التسعينيات وحين كنت سفيرا في بريطانيا جاء إلى لندن شاب سعودي صغير يحمل على أكتافه حلما كبيرا، لقد جاء من أجل إنشاء أول فضائية عربية تخاطب كل العرب وتصل لكل بيت وتكون باكورة دخول العرب إلى الفضاء، سخر من حلمه ومشروعه الساخرون، لكنه كان ممتلئا قناعة بذاك الحلم وذلك المشروع، وحين تقتنعون اليوم بمشروعه بعد نجاحه ــ وأشار للحضور من موظفي الإم بي سي ــ فإنه كان يومها أكثر قناعة منكم اليوم، والأحلام الكبار تحتاج لرجال كبار يحملونها).
كان هذا ما استطعت الاحتفاظ به في ذاكرتي من كلمة غازي، ولكنني احتفظت أكثر بنصيحته التي قالها لي بعدما جلس بأن أعيد قراءة «شقة الحرية» بعد ما كتبته عنها في المقال الآنف الذكر، وقد عملت بنصيحته لأنني على قناعة أن الناجحين هم أفضل الناصحين، وأعدت قراءة «شقة الحرية»، رواية غازي الأولى.
أعترف بأن رؤيتي للرواية قد تغيرت، لا بسبب حضور غازي ونصيحته المباشرة وإنما تغيرت بسبب قناعة شخصية أملتها إعادة القراءة مع اختلاف الأحوال والظروف والقدرات الذاتية بين القراءتين، وذلك ما ستحاول الأسطر المقبلة توضيحه.
حصلت مرة أخرى على نسخة جديدة من «شقة الحرية» ــ بعد أن فقدت نسختي الأولى ــ وأعدت قراءتها بوعي جديد، ورؤية جديدة، لم أتغير أنا فقط بل تغير كل شيء، فهل كان موقفي «أنا» السابق يختلف عن موقفي «أنا» اللاحق، ومن «أنا»؟ هل «أنا» أمثل نفسي اليوم أم أمثل نفسي بالأمس؟ أم أنا خليط غريب بين «الأناءين»؟ من أراد الجواب على إشكالية الأنا هذه فعليه العودة لمصادر عديدة من أقربها علي الطنطاوي وما كتبه في كتابه (حديث النفس) ليفهم هذه الإشكالية ويحظى بحله الخاص لتشابكاتها.
المهم أنني أعدت القراءة وأعدت الاستيعاب وأعدت النقد، ولكن هذه المرة من زاوية مختلفة ورؤية متطورة، إن صح لي أن أصف سنوات التجربة وتراكم القراءة والنهل من المعرفة بأنها تمنح التطور، أعدت القراءة فوجدت جديدا لم تره العين السابقة. وجدت تأريخا لحوادث عظام في تاريخنا المعاصر، ولأفكار وأحلام وخواطر جيلٍ متحمس من الشباب العربي، ولمن لم يعش في الخمسينيات والستينيات من عمر العالم العربي فهذه الرواية ستجعله يعيش تلك الأحداث الكبرى في تاريخنا وكأنه واحد من أبطالها، سيجد شيئا من نفسه في كل شخوصها، شيئا من «فؤاد» وشيئا من «يعقوب» وشيئا من «كريم» وشيئا من «قاسم»، هؤلاء الشباب الذين تشكل حياتهم في القاهرة لأربع سنوات بغرض الدراسة محور الرواية وعمودها الفقري.
الرواية تحتوي على آمال جيل كامل جنبا إلى جنب مع خيباته، وتذكر بالتفصيل صراعاته وتناقضاته، كل هذا بين دفتين، في كتاب أنيقٍ وبقلم تعود الحرص على التميز فيما يكتب. كما أنها تضم حوارات ساخنة وغاية في الجدية جنبا إلى جنب مع حوارات جادة ولكنها تحوي حمولة كبيرة من الكوميديا. يتبع.
Bjad33@gmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي
أو 737701 زين تبدأ بالرمز 250 مسافة ثم الرسالة