83 عاماً و 4 أشهر ثواب ليلة واحدة
الأربعاء / 28 / شعبان / 1430 هـ الأربعاء 19 أغسطس 2009 20:31
د. عادل باناعمة *
ونحن الآن على أبواب شهر رمضان الكريم، عيوننا صوب ليلته التي هي خير من ألف شهر، وبجانب دعائنا أن يبلغنا الله رمضان ندعوه أن يجعلنا من عباده الذين يدركون ليلة القدر، بيد أننا يجب أن نرفد ذلك الرجاء بتخطيط عملي لإدراك تلك الليلة.
إذن ما هي الخطوات التي بوسعنا أن نفعلها حتى نكون أدنى وأقرب إلى إدراك الهبة الربانية العظيمة في تلك الليلة الكريمة؟ والحقيقة أنني أعتبر هذا المقال إثارة للسؤال لا جوابا عنه!!
لأنني أعتقد أن مجرد تساؤل أحدنا عن (تخطيط أمثل) يستعد به لليلة القدر خطوة عظمى للوصول إلى الهدف.
ومع ذلك، سأحاول معكم رسم ملامح للجـواب، وذلك عبر مفاتيح نتوسل بها للنجاح في هذا التخطيط.
المفتاح الأول: هو شعور القلب بقيمة هذه الليلة، ومقدار التحول الذي يمكن أن تحدثه في حياة الإنسان.
ويجب هنا أن أشير إلى فرق ما بين إدراك العقل وشعور القلب، وبين أن العقل هو (مستودع) معلومات، وأن القلب هو (مخزن) مشاعر.
في جهاز الحاسوب هناك (أوامر) مخزنة في الذاكرة، هذه الأوامر تظل جامدة حتى تجري في الجهاز حرارة الكهرباء، فيتمكن الجهاز من تحويل تلك الأوامر إلى (إنجازات) تشاهد عبر الشاشة..
ما في عقولنا من معلومات هو كهذه الأوامر تظل جامدة حتى يتدفق تيار المشاعر القلبي، حينئذ فقط تتحول إلى عمل. كم في عقولنا من معلومات عن فضل رمضان وشرف ليلة القدر؟
وكلنا سمع قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم ذنبه).
وغير قليل منا قد طرق سمعه قوله صلى الله عليه وسلم: (إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم)، والذين تعودوا أن يبحثوا في فضائل رمضان مرت بهم عبارات شريفة للسلف الصالح، هذا كله قدر لا بأس به من المعلومات.. ومفتاح النجاح الأول أن تتحول هذه المعلومات إلى تيار دافق من المشاعر والأحاسيس يغدو معه الإنسان متحرقا إلى ساعة الصفر ليبذل كل وسعه في تحقيق حلمه.
تعالوا لنفكر معا.. لنفكر عميقا في هذه المعلومات.. لعل هذه التفكير يبعث في مشاعرنا الحياة .
(خير من ألف شهر)؟! ما معنى هذا؟ هل معناه أنها في فضلها وشرفها خير من ألف شهر؟
لا.. يقول مجاهد رحمه الله: عملها وصيامها وقيامها خير من ألف شهر! يعني أن من عمل فيها صالحا كان خيرا ممن عمل صالحا في ألف شهر ليس فيها ليلة قدر!!
ما معنى هذا؟! معناه أن من (نجح) في هذه الليلة فإنه سيتفوق في درجته على من أمضى ثلاثا وثمانين سنة وأربعة أشهر صائما قائما، تاليا ذاكرا، عابدا خاشعا!! (ليلة القدر خير من ألف شهر).
ودونك هذا الحديث يبين لك صدق ما أقول.. ذكر ابن أبي حاتم بإسناده إلى رسول الله أنه ذكر أربعة من بني إسرائيل عبدوا الله ثمانين عاما، لم يعصوه طرفة عين، فذكر أيوب وزكريا وحزقيل بن العجوز ويوشع بن نون، قال: فعجب أصحاب رسول الله من ذلك، فأتاه جبريل فقال: «يا محمد، عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة لم يعصوه طرفة عين، فقد أنزل الله خيرا من ذلك، فقرأ عليه: إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر، هذا أفضل مما عجبت أنت وأمتك»، قال: فسر بذلك رسول الله والناس معه.
لنحسبها بطريقة أخرى..
ليلة القدر لا تزيد على اثنتي عشرة ساعة.. وألف شهر تساوي سبعمائة وعشرين ألف ساعة!! وإذن فالذي ينجح في اغتنام هذه الساعات الاثنتي عشرة يكون كالذي أمضى سبعمائة وعشرين ألف ساعة يصوم فلا يفطر، ويقوم فلا يفتر!! (ليلة القدر خير من ألف شهر).
لنحسب بطريقة ثالثة..
لنفترض أن أحدنا قد مد الله في عمره فعاش ثلاثا وثمانين سنة، وأنه في كل يوم منها قرأ صفحة واحدة من القرآن، فكم سيكون حظه من الحسنات؟ لقد صح في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف).
ويمكن أن يقال: إن متوسط عدد الأحرف في كل صفحة من كتاب الله هو ثلاثمائة حرف.
وبهذا يكون نصيب صاحبنا اليومي من الحسنات هو ثلاثين ألفا!
ويكون نصيبه خلال ثلاث وثمانين سنة هو مليار حسنة!
هذا الكنز قد حصله من تلاوة صفحة واحدة من القرآن يوميا، فإذا أضفت إلى ذلك ما يحصله من حسنات بأدائه للصلوات الخمس، وللنوافل، وبذكره لله تعالى، وبصلته للأرحام، وبره للوالدين، وقيامه بإعالة الأسرة، والصدقة، إلى غير ذلك مما لا تخلو منه حياة مسلم إذا أضفت هذا كله إلى المليار فكم من حسنة تكون في رصيده؟
إنه رقم لا نستطيع تخيله!
حسنا.. عندما تنجح في ليلة القدر فأنت تحصل أكثر من كل هذا!
هل بدأنا الآن (نحس) ولا أقول (نعلم) معنى قوله تعالى: (ليلة القدر خير من ألف شهر) ؟!
لنفكر في معلومة أخرى.. في مغفرة الله لمن قام هذه الليلة إيمانا واحتسابا.
لنقف هنيهة مع أنفسنا.. كم هي المعاصي التي ارتكبناها؟
كم مرة نظرنا إلى الحرام؟ كم مرة سمعنا الحرام؟ كم مرة نطقنا بما يسخط الله؟ كم مرة قصرنا في حقوق الوالدين والأرحام؟
كل هذا البلاء الآخذ بأكظام النفس يمكنك أن تتحرر منه في ليلة واحدة!!
يا الله!
ليلة واحدة تمحو عذابات السنين؟!
ليلة واحدة تذهب بأوزار كأمثال الجبال ناءت بها ظهورنا.. ووجلت لها قلوبنا؟
ليلة واحدة تنفض عنا عوائق التوفيق، وموانع البركة؟
نعم.. كذلك هي ليلة القدر.. تغسلك ياسيدي.. تغسلك بالكلية.. وتخرجك نقيا كماء السماء.. أبيض كسحاب السماء.. حرا كهواء السماء..
هل تدرك قيمة ذلك؟
أقصد.. هل (تشعر) بقيمة ذلك؟
* عضو هيئة التدريس في جامعة أم القرى.
إذن ما هي الخطوات التي بوسعنا أن نفعلها حتى نكون أدنى وأقرب إلى إدراك الهبة الربانية العظيمة في تلك الليلة الكريمة؟ والحقيقة أنني أعتبر هذا المقال إثارة للسؤال لا جوابا عنه!!
لأنني أعتقد أن مجرد تساؤل أحدنا عن (تخطيط أمثل) يستعد به لليلة القدر خطوة عظمى للوصول إلى الهدف.
ومع ذلك، سأحاول معكم رسم ملامح للجـواب، وذلك عبر مفاتيح نتوسل بها للنجاح في هذا التخطيط.
المفتاح الأول: هو شعور القلب بقيمة هذه الليلة، ومقدار التحول الذي يمكن أن تحدثه في حياة الإنسان.
ويجب هنا أن أشير إلى فرق ما بين إدراك العقل وشعور القلب، وبين أن العقل هو (مستودع) معلومات، وأن القلب هو (مخزن) مشاعر.
في جهاز الحاسوب هناك (أوامر) مخزنة في الذاكرة، هذه الأوامر تظل جامدة حتى تجري في الجهاز حرارة الكهرباء، فيتمكن الجهاز من تحويل تلك الأوامر إلى (إنجازات) تشاهد عبر الشاشة..
ما في عقولنا من معلومات هو كهذه الأوامر تظل جامدة حتى يتدفق تيار المشاعر القلبي، حينئذ فقط تتحول إلى عمل. كم في عقولنا من معلومات عن فضل رمضان وشرف ليلة القدر؟
وكلنا سمع قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم ذنبه).
وغير قليل منا قد طرق سمعه قوله صلى الله عليه وسلم: (إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم)، والذين تعودوا أن يبحثوا في فضائل رمضان مرت بهم عبارات شريفة للسلف الصالح، هذا كله قدر لا بأس به من المعلومات.. ومفتاح النجاح الأول أن تتحول هذه المعلومات إلى تيار دافق من المشاعر والأحاسيس يغدو معه الإنسان متحرقا إلى ساعة الصفر ليبذل كل وسعه في تحقيق حلمه.
تعالوا لنفكر معا.. لنفكر عميقا في هذه المعلومات.. لعل هذه التفكير يبعث في مشاعرنا الحياة .
(خير من ألف شهر)؟! ما معنى هذا؟ هل معناه أنها في فضلها وشرفها خير من ألف شهر؟
لا.. يقول مجاهد رحمه الله: عملها وصيامها وقيامها خير من ألف شهر! يعني أن من عمل فيها صالحا كان خيرا ممن عمل صالحا في ألف شهر ليس فيها ليلة قدر!!
ما معنى هذا؟! معناه أن من (نجح) في هذه الليلة فإنه سيتفوق في درجته على من أمضى ثلاثا وثمانين سنة وأربعة أشهر صائما قائما، تاليا ذاكرا، عابدا خاشعا!! (ليلة القدر خير من ألف شهر).
ودونك هذا الحديث يبين لك صدق ما أقول.. ذكر ابن أبي حاتم بإسناده إلى رسول الله أنه ذكر أربعة من بني إسرائيل عبدوا الله ثمانين عاما، لم يعصوه طرفة عين، فذكر أيوب وزكريا وحزقيل بن العجوز ويوشع بن نون، قال: فعجب أصحاب رسول الله من ذلك، فأتاه جبريل فقال: «يا محمد، عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة لم يعصوه طرفة عين، فقد أنزل الله خيرا من ذلك، فقرأ عليه: إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر، هذا أفضل مما عجبت أنت وأمتك»، قال: فسر بذلك رسول الله والناس معه.
لنحسبها بطريقة أخرى..
ليلة القدر لا تزيد على اثنتي عشرة ساعة.. وألف شهر تساوي سبعمائة وعشرين ألف ساعة!! وإذن فالذي ينجح في اغتنام هذه الساعات الاثنتي عشرة يكون كالذي أمضى سبعمائة وعشرين ألف ساعة يصوم فلا يفطر، ويقوم فلا يفتر!! (ليلة القدر خير من ألف شهر).
لنحسب بطريقة ثالثة..
لنفترض أن أحدنا قد مد الله في عمره فعاش ثلاثا وثمانين سنة، وأنه في كل يوم منها قرأ صفحة واحدة من القرآن، فكم سيكون حظه من الحسنات؟ لقد صح في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف).
ويمكن أن يقال: إن متوسط عدد الأحرف في كل صفحة من كتاب الله هو ثلاثمائة حرف.
وبهذا يكون نصيب صاحبنا اليومي من الحسنات هو ثلاثين ألفا!
ويكون نصيبه خلال ثلاث وثمانين سنة هو مليار حسنة!
هذا الكنز قد حصله من تلاوة صفحة واحدة من القرآن يوميا، فإذا أضفت إلى ذلك ما يحصله من حسنات بأدائه للصلوات الخمس، وللنوافل، وبذكره لله تعالى، وبصلته للأرحام، وبره للوالدين، وقيامه بإعالة الأسرة، والصدقة، إلى غير ذلك مما لا تخلو منه حياة مسلم إذا أضفت هذا كله إلى المليار فكم من حسنة تكون في رصيده؟
إنه رقم لا نستطيع تخيله!
حسنا.. عندما تنجح في ليلة القدر فأنت تحصل أكثر من كل هذا!
هل بدأنا الآن (نحس) ولا أقول (نعلم) معنى قوله تعالى: (ليلة القدر خير من ألف شهر) ؟!
لنفكر في معلومة أخرى.. في مغفرة الله لمن قام هذه الليلة إيمانا واحتسابا.
لنقف هنيهة مع أنفسنا.. كم هي المعاصي التي ارتكبناها؟
كم مرة نظرنا إلى الحرام؟ كم مرة سمعنا الحرام؟ كم مرة نطقنا بما يسخط الله؟ كم مرة قصرنا في حقوق الوالدين والأرحام؟
كل هذا البلاء الآخذ بأكظام النفس يمكنك أن تتحرر منه في ليلة واحدة!!
يا الله!
ليلة واحدة تمحو عذابات السنين؟!
ليلة واحدة تذهب بأوزار كأمثال الجبال ناءت بها ظهورنا.. ووجلت لها قلوبنا؟
ليلة واحدة تنفض عنا عوائق التوفيق، وموانع البركة؟
نعم.. كذلك هي ليلة القدر.. تغسلك ياسيدي.. تغسلك بالكلية.. وتخرجك نقيا كماء السماء.. أبيض كسحاب السماء.. حرا كهواء السماء..
هل تدرك قيمة ذلك؟
أقصد.. هل (تشعر) بقيمة ذلك؟
* عضو هيئة التدريس في جامعة أم القرى.