ليس مجرد إرهاب
الموقف السعودي من القضية الفلسطينية يستند إلى ركائز ثابتة منذ عهد القائد المؤسس)
الثلاثاء / 15 / جمادى الآخرة / 1427 هـ الثلاثاء 11 يوليو 2006 19:33
عبدالرحمن بن عبدالعزيز العثمان
مشاهد عديدة آلمتني وآلمت الملايين من أبناء الأمة نقلتها إلينا الفضائيات والوكالات والصحف والمجلات. المشاهد هي لقطات من الوضع الفلسطيني الراهن الذي تمارس فيه إسرائيل أبشع جرائم الإرهاب المنظم الذي يحمل كل مفارقات وتناقضات المرحلة. أولى تلك المفارقات أن تمارس إسرائيل حصاراً وعدواناً وعقاباً جديداً على الشعب الفلسطيني في مناطق السلطة يضاف إلى سلسلة عمليات العزل والحصار والمقاطعة والتنكيل المفروضة أصلاً على الفلسطينيين في الضفة والقطاع منذ تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة، وإلى العزل والحصار والاغتيال والاعتقال الذي كان مفروضاً قبل تشكيل تلك الحكومة متمثلاً في جدار الفصل وحواجز التفتيش وغير ذلك من الأساليب التي تفوق ما كان متبعاً في حكومة بريتوريا العنصرية مع الفارق بأن العالم كله -بما في ذلك الولايات المتحدة- كانت ضد تلك الحكومة العنصرية، فيما أن الولايات المتحدة تشكل الآن الداعم الرئيس لممارسات إسرائيل العنصرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ما يدعو إلى السخرية في تلك المفارقة أن إسرائيل كانت الدولة الاستثناء التي أقامت علاقات صداقة وتعاون مع تلك الحكومة وصل إلى حد إجراء تجربة نووية مشتركة بينهما.
المفارقة الثانية تمثلت في استخدام إسرائيل لسلاحها الجوي وسلاح المدرعات والمدفعية الثقيلة في قصف قطاع غزة بشكل متواصل على مدى بضعة أيام ودون توقف، ليس في مواجهة دولة لها جيش وسلاح ترد به على تلك الهجمة الشرسة، وإنما في مواجهة (سلطة وطنية) لا جيش لها ولا عتاد حربياً تمتلكه في مواجهة ترسانة السلاح الضخمة التي تمتلكها إسرائيل.
أما المفارقة الثالثة فهي تسمية هذا العدوان من قبل قادة إسرائيل والولايات المتحدة بأنه يأتي في سياق حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وهو ما لا يحتاج إلى تعليق بطبيعة الحال!
وأعود إلى المشاهد الثلاثة التي آلمتني: المشهد الأول مشهد الطفلة الفلسطينية هدى التي فقدت أسرتها بقذيفة إسرائيلية عمياء عندما كانت تلك الأسرة تتنزه على شاطئ بحر غزة، والمشهد الثاني لجنازة شهيد فلسطيني من ضحايا ذلك العدوان فيما شقيقته تطلق (زغرودة) تقهر فيها صمت العالم المريب الذي كان مشغولاً عن تلك المجازر الصهيونية الجديدة بموضوع الجندي الإسرائيلي الأسير ضمن عملية الوهم المتبدد التي قامت بها ثلاث منظمات فلسطينية -من بينها حماس- رداً على عملية قصف المدنيين على شاطئ غزة، وحيث حملت تلك العملية رسالة واضحة للعالم بأن تلك المنظمات التي تسميها واشنطن وتل أبيب (إرهابية) تستهدف جنوداً للمحتل الذي يرد بقصف المدنيين وتدمير البنى التحتية المتواضعة في قطاع غزة.
المشهد الثالث كان الأكثر مساساً بمشاعري كإنسان قبل أن يكون هذا الإنسان عربياً ومسلماً. فقد دأب الفلسطينيون في عاداتهم -مثل الكثيرين من العرب- أن تسبق ليلة الحنة حفل الزفاف، وهو ما كانت تقوم به أم شهيد آخر عندما جاءها نبأ استشهاده، فما كان منها إلا أن خلطت الحنة بدم ابنها الشهيد الذي زف إلى قبره وسط زغاريد وهتافات أهله وذويه.
كل تلك المشاهد، إلى جانب إغراق القطاع في الظلام وتعطيش أهله بعد ضرب إسرائيل محطة الكهرباء وإمدادات الماء، وتجويعهم وحرمانهم من الوقود بكل ما يترتب عليه ذلك من شلل في النقل وتوصيل الإمدادات وتشغيل المستشفيات التي أوقفت فيها العمليات الجراحية وعمليات الطوارئ وإسعاف الجرحى ونقل المصابين من جراء هذه العقوبات الجماعية، أقول كل تلك المشاهد حملت رسالة واضحة أرادت إسرائيل منها إفهام العالم بأن حياة الأسير الإسرائيلي وتحريره لا تساوي فقط حياة عدة وزراء وأعضاء في المجلس التشريعي قامت باختطافهم ضمن عدوانها الشامل هذا، وإنما حياة شعب بأسره.
وأود أن أقول كلمة حق هنا، وهي إنه في خضم هذه المحنة التي يعيشها الفلسطينيون حاولت بعض الأطراف الدولية التأثير على موقف المملكة الذي لم يتغير بتغير الحكومة الفلسطينية، لكن الموقف السعودي من القضية الفلسطينية الذي يستند إلى ركائز ثابتة تأسست منذ عهد القائد المؤسس الملك عبدالعزيز، يرحمه الله، والذي لم يتغير منذ ذلك الوقت- ظل ثابتاً ليعبر عن وضوح ورسوخ هذا الموقف، وهو ما تمثل في بيانات جلسات مجلس الوزراء منذ اندلاع ذلك العدوان في نهاية يونيو الماضي والذي عبرت فيه الحكومة السعودية عن دعمها للحق الفلسطيني وعن إدانتها للصمت الدولي وتنديدها بالمهانة والحصار والتجويع وأسلوب العقاب الجماعي الإسرائيلي بقطع الماء والكهرباء والإمدادات الصحية عن جموع الشعب الفلسطيني.
كذلك عبرت حكومة خادم الحرمين الشريفين عن هذا الموقف بإصدار مجلس الشورى الأحد 6 جمادى الآخرة 1427هـ الموافق 2 يوليو 2006 بياناً أدان فيه التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني من خلال العدوان على القطاع وما رافقه من أعمال وتصرفات إسرائيلية غير مسؤولة وأعمال عنف تنبذها الأديان السماوية والقوانين العادلة والفطر السوية، مهيباً بالمجتمع الدولي التدخل بمختلف مؤسساته ومنظماته للتصدي لهذه الاعتداءات المتواصلة، معتبراً هذه الأعمال بأنها تندرج تحت بند إرهاب الدولة.
ثم جاء تحويل 50 مليون دولار للأشقاء الفلسطينيين خلال الزيارة التي قام بها مبعوث الرئيس محمود عباس إلىالمملكة د.نبيل شعث لدعم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي الجديد ليكسر الحصار الإسرائيلي والصمت الدولي، وليؤكد مجدداً على أن المملكة لا يمكن أن تتخلى عن البعدين الإنساني والأخلاقي في مواقفها الخارجية، خاصة عندما تتعلق تلك المواقف بالقضية الفلسطينية.
المفارقة الثانية تمثلت في استخدام إسرائيل لسلاحها الجوي وسلاح المدرعات والمدفعية الثقيلة في قصف قطاع غزة بشكل متواصل على مدى بضعة أيام ودون توقف، ليس في مواجهة دولة لها جيش وسلاح ترد به على تلك الهجمة الشرسة، وإنما في مواجهة (سلطة وطنية) لا جيش لها ولا عتاد حربياً تمتلكه في مواجهة ترسانة السلاح الضخمة التي تمتلكها إسرائيل.
أما المفارقة الثالثة فهي تسمية هذا العدوان من قبل قادة إسرائيل والولايات المتحدة بأنه يأتي في سياق حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وهو ما لا يحتاج إلى تعليق بطبيعة الحال!
وأعود إلى المشاهد الثلاثة التي آلمتني: المشهد الأول مشهد الطفلة الفلسطينية هدى التي فقدت أسرتها بقذيفة إسرائيلية عمياء عندما كانت تلك الأسرة تتنزه على شاطئ بحر غزة، والمشهد الثاني لجنازة شهيد فلسطيني من ضحايا ذلك العدوان فيما شقيقته تطلق (زغرودة) تقهر فيها صمت العالم المريب الذي كان مشغولاً عن تلك المجازر الصهيونية الجديدة بموضوع الجندي الإسرائيلي الأسير ضمن عملية الوهم المتبدد التي قامت بها ثلاث منظمات فلسطينية -من بينها حماس- رداً على عملية قصف المدنيين على شاطئ غزة، وحيث حملت تلك العملية رسالة واضحة للعالم بأن تلك المنظمات التي تسميها واشنطن وتل أبيب (إرهابية) تستهدف جنوداً للمحتل الذي يرد بقصف المدنيين وتدمير البنى التحتية المتواضعة في قطاع غزة.
المشهد الثالث كان الأكثر مساساً بمشاعري كإنسان قبل أن يكون هذا الإنسان عربياً ومسلماً. فقد دأب الفلسطينيون في عاداتهم -مثل الكثيرين من العرب- أن تسبق ليلة الحنة حفل الزفاف، وهو ما كانت تقوم به أم شهيد آخر عندما جاءها نبأ استشهاده، فما كان منها إلا أن خلطت الحنة بدم ابنها الشهيد الذي زف إلى قبره وسط زغاريد وهتافات أهله وذويه.
كل تلك المشاهد، إلى جانب إغراق القطاع في الظلام وتعطيش أهله بعد ضرب إسرائيل محطة الكهرباء وإمدادات الماء، وتجويعهم وحرمانهم من الوقود بكل ما يترتب عليه ذلك من شلل في النقل وتوصيل الإمدادات وتشغيل المستشفيات التي أوقفت فيها العمليات الجراحية وعمليات الطوارئ وإسعاف الجرحى ونقل المصابين من جراء هذه العقوبات الجماعية، أقول كل تلك المشاهد حملت رسالة واضحة أرادت إسرائيل منها إفهام العالم بأن حياة الأسير الإسرائيلي وتحريره لا تساوي فقط حياة عدة وزراء وأعضاء في المجلس التشريعي قامت باختطافهم ضمن عدوانها الشامل هذا، وإنما حياة شعب بأسره.
وأود أن أقول كلمة حق هنا، وهي إنه في خضم هذه المحنة التي يعيشها الفلسطينيون حاولت بعض الأطراف الدولية التأثير على موقف المملكة الذي لم يتغير بتغير الحكومة الفلسطينية، لكن الموقف السعودي من القضية الفلسطينية الذي يستند إلى ركائز ثابتة تأسست منذ عهد القائد المؤسس الملك عبدالعزيز، يرحمه الله، والذي لم يتغير منذ ذلك الوقت- ظل ثابتاً ليعبر عن وضوح ورسوخ هذا الموقف، وهو ما تمثل في بيانات جلسات مجلس الوزراء منذ اندلاع ذلك العدوان في نهاية يونيو الماضي والذي عبرت فيه الحكومة السعودية عن دعمها للحق الفلسطيني وعن إدانتها للصمت الدولي وتنديدها بالمهانة والحصار والتجويع وأسلوب العقاب الجماعي الإسرائيلي بقطع الماء والكهرباء والإمدادات الصحية عن جموع الشعب الفلسطيني.
كذلك عبرت حكومة خادم الحرمين الشريفين عن هذا الموقف بإصدار مجلس الشورى الأحد 6 جمادى الآخرة 1427هـ الموافق 2 يوليو 2006 بياناً أدان فيه التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني من خلال العدوان على القطاع وما رافقه من أعمال وتصرفات إسرائيلية غير مسؤولة وأعمال عنف تنبذها الأديان السماوية والقوانين العادلة والفطر السوية، مهيباً بالمجتمع الدولي التدخل بمختلف مؤسساته ومنظماته للتصدي لهذه الاعتداءات المتواصلة، معتبراً هذه الأعمال بأنها تندرج تحت بند إرهاب الدولة.
ثم جاء تحويل 50 مليون دولار للأشقاء الفلسطينيين خلال الزيارة التي قام بها مبعوث الرئيس محمود عباس إلىالمملكة د.نبيل شعث لدعم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي الجديد ليكسر الحصار الإسرائيلي والصمت الدولي، وليؤكد مجدداً على أن المملكة لا يمكن أن تتخلى عن البعدين الإنساني والأخلاقي في مواقفها الخارجية، خاصة عندما تتعلق تلك المواقف بالقضية الفلسطينية.