زواج البدوي لم يتغير وليلة الدخلة يتعرف على عروسه

يمتاز بالبساطة والكرم ويهضم حقوق المرأة

ناصر السبيعي (الخرمة)

رغم تغير المفاهيم وتبدل العادات والتقاليد التي طرأت على المجتمع السعودي في انحاء المملكة ظل البدو يحتفظون بعاداتهم وتقاليدهم الخاصة بمراسم الزواج بداية من الخطبة والمهر ونهاية بالحفل الذي يقام ابتهاجاً بالزواج (العرس) وتختلف عادات البدو التي تتخلل الحفل من بادية الى اخرى بسعة التكوين الجغرافي للمملكة فيما يبقى الكرم قاسماً مشتركاً.
«عكاظ» قامت بجولة في بادية محافظة الخرمة لنقل صورة حية لحفلات الزواج عند البدو التي مازالت مغلفة بنكهة الماضي العريق الذي يتميز بالبساطة والبعد عن البذخ بعكس حفلات المدن المقيدة بالبروتوكولات والتكلف والاسراف والتقينا عدداً من كبار السن تحدثوا عن مراسيم الزواج في البادية.
وعن الخطبة حدثنا المواطن ناصر بن بجاد قائلاً: للخطبة عند البدو اعراف وتقاليد لا يمكن الحيود عنها او تجاوزها حيث يرتبط افراد الاسر والعوائل بميثاق قوي يحتم عليهم ان تكون البنت لابن عمها اولاًوعندما يريد الشاب الاقتران بفتاة من خارج الاسرة يطلب الشاب او والده المشايخ والاعيان من اهل المنطقة للذهاب معه كوفد احتراماً لوالد الفتاة التي يريد الزواج منها حيث يتقدم اكبرهم سناً الوفد الذي يتجاوز عادة العشرين رجلاً واخبار والدها بأنهم يريدون ابنته لابن فلان ليكون رده مباشرة في المجلس اثناء تناول القهوة دون اخذ رأيها او موافقتها سواء كان بالقبول او الرفض ومن ثم تحديد المهر وموعد حفل الزواج.

المهر:
وعن مهر الفتاة عند البدو يقول المواطن فلاح بن مطلق السبيعي: بعد الموافقة على طلب والد العريس يتم تحديد المهر الذي يختلف من منطقة الى اخرى ولكن في الغالب يكون عبارة عن حلي ذهبية وخيمة اضافة الى مجموعة من رؤوس الابل والاغنام مشيراً الى ان حياة المرأة البدوية تتركز في الرعي وتربية الماشية اثناء التنقل في الوديان والسهول والجبال بحثاً عن الكلأ. واكد ان المرأة بعد الزواج تحتاط من غدر الزوج وتقلبات الدهر بالتمسك بمهرها من الابل والاغنام في تصريف امور حياتها وحياة اولادها المعيشية واشار الى ان للقرابة دورا هاما في تقدير المهر فيجري تسهيله وتخفيضه لاتمام زواج ابن العم من ابنة عمه.
كما ان هناك آباء يحاولون البحث عن ازواج لبناتهم في حدود الآداب الشرعية والاعراف وبمهر زهيد ما داموا يتمتعون بالشهامة والرجولة والنبل وقادرين على صيانة واحترام الحياة الزوجية والتكفل بالامور المعيشية بقوله: (تراني زوجتك بنتي فلانة دون مهر) وهذا كثيراً وقبل ان تبلغ الفتاة سن الرشد.
حفل الزفاف يوم العرس:
المواطن مشعل بن مزبن الروقي قال عن حفل الزفاف: ان عرس المجتمع البدوي يعد يوماً جميلاً يقام فيه (مهرجان) متكامل ابتهاجاً بالعروسين يتميز بتقاليده المتفاوتة بين منطقة واخرى لا سيما فيما يتعلق باليوم نفسه الذي يتميز ببساطته وصدق تعبيره عن فرح الاسرة التي تعتبره كنواة للمجتمع وكمؤسسة قائمة بحد ذاتها. ويتجمع فيه اهل الفريق (مجموعة متجاورة من ابناء البادية في موقع واحد) ويشكلون صفين وتبدأ معها مراسم الفرح بالعرضة احدى الرقصات الشعبية الاصيلة في المملكة يتخللها اداء بيوت الشعر بين شاعرين حيث يبدأ الجميع في ترديد ما يقوله الشعراء احتفاء بالمناسبة ويكون الرجال في المقدمة والنساء خلفهم يبادلن الرجال الغناء وتنتهي المسيرة عند الوصول الى مقر العرس منزل والد العروس من حيث يبدأ استعراض مهر العروسة (الزهاب) من ذهب وهدايا قدمها العريس لعروسته.
يتم بعدها اضافة لعرض المواشي المقدمة ضمن المهر من ابل وغنم تجهيز الولائم بذبح جمل او مجموعة من الاغنام دون اسراف حيث يشرف على ذبحها وطهيها الرجال وبعد تناول طعام الغداء يبدأ الحضور بإقامة العرضة ومن ثم سباق الخيل والرماية التي تعد من اهم مراسم الزواج لديهم وبعد صلاة العصر يستعد الرجال لاعداد وجبة العشاء بنفس الطريقة وبعد تناول العشاء يتواصل الاحتفال بإقامة المحاورة (القلطة) والتي تكون بين شاعرين تستمر حتى ساعة متأخرة من الليل تنتهي بالدخلة.

الدخلة:
وتحدث عن الدخلة المواطن مهدي السبيعي موضحاً انها تبدأ بعد منتصف الليل حيث يقوم اقرباء العريس بإطلاق مجموعة من الاعيرة النارية ايذاناً بذهاب العريس ومغادرته الحفل الى عروسه ويرافقه الى خيمة العروس (الحجبة) والداه واشقاؤه وشقيقاته ويكون في استقبالهم على باب الخيمة (الحجبة) عائلة العروس ويقدمون الطيب والبخور للزوج واهله ثم يجتمعون داخل الخيمة ويدعون للعروسين بالتوفيق في حياتهم ومن ثم ترك العريس وعروسه في الحجبة حيث يشاهد العريس ولأول مرة زوجته لتنتهي بذلك مراسم الزواج.