رتق وترقيع غشاء البكارة Hymenoplastika

محمد سليمان أحمد

قبل فترة ليست بالبعيدة شنت وسائل الإعلام وكل المجموعات العاملة في مجال حقوق الإنسان إلى جانب عدد مقدر من النشطاء في العمل العام ومجموعات مناصرة للمجتمعات الأنثوية «السيدات» وعدد كبير من المواقع الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية «الإنترنت» ضد ظاهرة «ختان الإناث». وعقدوا المؤتمرات وأقاموا ورش عمل، وبجهود المخلصين منهم تكللت المساعي بالنجاح.
واليوم قد تسللت إلى مخادعنا ظاهرة أشد خطورة في وقعها على المجتمعات المحافظة من تلك وبشكل لافت للأنظار وتحتاج إلى جهود مضاعفة من شرائح المجتمع المدني. مع تضافر جهود جهات لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالقيم والأخلاق والموروث وذلك للحيلولة دون تفشي ظاهرة ترقيع (رتق)غشاء البكارة Hymenoplastika
نعم هنالك جهات كثيرة في الخارج تعمل في مجال الطب والجراحة وجدت ضالتها في الشعوب المحافظة فروجت للفكرة التي وجدت قبولا، فقاموا بفتح مراكز طبية وعيادات متخصصة وجدت شهرة ورواجا كبيرا، وتلك الجهات لا ترى حرجا في أن تعلن عبر كل ما هو متاح عن خدماتها، وأسعار العمليات، وأسماء الأطباء وما إلى ذلك، وكذلك تفعل العيادات الخاصة التي انتشرت في الغرب، وتسعى بجدية لإيجاد وسطاء لهم في عالمنا وتجزل لهم العطاء وتنشر قوائم الأسعار وتوضح أنواع الغشاء. مع بعض الميزات لزوم الدعاية! وتكون قوائم الأسعار لدى تلك الجهات حسب ما هو متبع لديهم من سياسات تسويقية جاذبة .. تقديرية أو مفصلة وشاملة.
* أجور المعاينات والفحوص والتحاليل قبل العملية.
* أجور الطبيب والكوادر الطبية المرافقة وتكاليف الإقامة.
بل إن تلك الجهات على استعداد لتزويد المرضى بتقارير طبية تؤكد إجراء العمليات الخاصة بالترقيع أو بالتدخل الجراحي بغرض الإصلاح وما إلى ذلك من التقارير الطبية المعتمدة. كما أن صور (ما قبل وبعد العملية) أيضا تكون متاحة لراغبي إجراء العمليات.
والغريب في الأمر أن زيارة تلك العيادات لم تكن مقتصرة على اللاتي فقدن عذريتهن لسبب أو لآخر، بل هنالك شريحة كبيرة من سيدات المجتمع لهن رأي آخر يعززن به موقفهن ودوافع لزيارة تلك العيادات.
من المؤكد أن في الأمر خطورة متوقعة، ولكن ما يزيد الأمر خطورة هو أن زيادة إقبال الزبائن على تلك العيادات في الخارج شجعت جهات لها مصالح في داخل مجتمعاتنا، فأقبلت إلى ممارسة تلك الفعلة وإجراء العمليات بتكتم وحرص تفرضه ظروف العملية ذاتها. وأن هذه المعضلة الشائكة المعالم المتمثلة في تكتم الأطراف المشاركة، هي التي تساعد ضعاف النفوس على التكسب غير المشروع، وتفشي الظاهرة، إلى جانب تحاشي وسائل الإعلام الإقدام على إثارة مثل هذه القضايا والمشاكل بقدر من الصراحة في ظل ما هو متبع من عادات وتقاليد ترفض الخوض في مثل هذه الأمور الشائكة.
فرغم خطورة الموقف لم تجد الظاهرة الرفض المجتمعي المعلن عبر وسائل الإعلام وكذا الرفض المناسب من قطاعات المجتمع المدني. فالظاهرة أصبحت متفشية بدليل إقدام جهات طبية على استيراد غشاء البكارة كسلعة طبية من الخارج، في ظل غياب ضوابط أخلاقية تمنع ذلك، وهذا يعني أن هنالك زبائن وإقبالا في مجتمعاتنا، ويساعدهم على ذلك طبيعة العادات والتقاليد الرافضة للمجاهرة سواء بالرفض أو القبول. ففي ظل هذه السرية المتبعة والتحوط السائد يمكن أن تتم إجراء مثل هذه العمليات بأسلوب (لا من شاف ولا من دري).
فوسائل الإعلام إذا غفلت عن دورها التنويري ولم تتجرأ على تناول مثل هذه القضايا، ستساعد على وجود شريحة كبيرة في مجتمعاتنا مغيبة تماما عن مجريات الأمور المحيطة بنا، وفي ذلك خطورة عظيمة، حيث يمكن أن تجرى مثل هذه العمليات دون علم الكثيرين، تحت ذريعة أو خدعة بسيطة يمكن أن تمررها الجهات الراغبة في التكتم.
وقتها سيتندر العامة والخبثاء من ذاك الرجل الذي أقدم على تحمل نفقات إجراء عملية لابنته دون علم بنوع العملية. ويمكن أن تستغل المشافي والمراكز الصحية والعيادات داخل المستشفيات الحكومية دون علم إدارتها، أو بتكتم الفئات المستفيدة، فيختلط الحابل بالنابل.
لذا يجب على وسائل الإعلام أن تقدم بشجاعة وتطرح القضية على الملأ لمناقشتها وإيجاد سبل إيقاف تفشيها.
ربما كانت هنالك محاولات خجولة من أفراد، وأيضا وسائل الإعلام حاولت منذ فترة وعلى استحياء شديد تطرقت للقضية بمنظور تأطير القضية بين رافض ومؤيد. إن في تناول القضية بذاك النهج خشية ومضرة، فالخشية في أن تقوم الجهات المؤيدة بشن حملة ضد الرافضين بما لديهم من أساليب متبعة - كل شيء في هذا الزمن جائز -
فعلى سبيل المثال لا الحصر لنا أن نتناول عمليات التحول الجنسي كسابقة شهدت ضجة في الأوساط الإعلامية منذ فترة، عندما أقدم/ أقدمت (سيد/ سالي) الطالب حينها في طب الأزهر الذي تحول/ تحولت إلى راقصة في كابريهات شارع الهرم، بعد إجراء عملية جراحية حامت حولها الشبهات. ولم تنته القضية بين الرفض والقبول بل تعدتها إلى أبعد من ذلك بكثير.
فاليوم ومنذ سنوات مضت عدد من دول العالم اعترفت بالمتحولين جنسيا وتتعامل معهم على أساس جنسهم الجديد المكتسب بمفهوم أن حالات التحول (هو تعبير عن شعور لشخص مغاير لنوعه). بمعنى آخر يتمثل ذلك في رغبة الفرد بحريته المطلقة في التحول من نوع لآخر، لأن هؤلاء الأشخاص لا يمكن معالجتهم بالطرق الطبية الدوائية أو التربوية. لأن أساس العلاج يعتمد على الطرق النفسية المرتبط بعدة مراحل للمعالجة، من ضمنها إجراء عملية التحويل.
welyab@hotmail.com