الشورى و «الانتخابات» أثرت الثقافة السياسية
اجماع نخبوي وشعبي على أهمية المسارين
السبت / 26 / جمادى الآخرة / 1427 هـ السبت 22 يوليو 2006 00:42
أحمد عائل فقيهي (جدة)
شكل الملك عبدالله بن عبدالعزيز منعطفا هاما ومضيئا في تاريخ المملكة العربية السعودية وجاءت السنوات الاولى بهذا الزخم من الانجازات التنموية والاصلاحية، ومنذ ان كان وليا للعهد في الحقبة الكبيرة التي قادها رجل التعليم والتنمية الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله ظل هاجس التطوير والتغيير احد اهم الهواجس التي عمل على تحقيقها وانجازها وجعلها واقعا معاشا وامرا يلمسه المواطن ويشعر بوجوده في حياته وممارساته اليومية. واذا قمنا بقراءة توسيع المشاركة الشعبية في صناعة القرار وحجم هذه المشاركة ودورها واهميتها سوف نجدها تتركز في مسألتين بارزتين:
1- مجلس الشورى.
2- انتخابات المجالس البلدية.
اضاءة تاريخية
يقول الدكتور حمود البدر: ان المتتبع لقيام مجلس الشورى منذ بداياته الاولى في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه في عام 1343هـ حينما أسس يرحمه الله المجلس الأهلي الى الآن يلحظ قيام المجلس عبر عدة مراحل ففي مرحلة التأسيس والتكوين اثناء تأسيس المملكة وتكونت المؤسسات والاجهزة الحكومية تطلب الامر ايجاد جهاز ذي قدرة عالية كبناء الانظمة وتفسيرها ومن ثم جاء انشاء مجلس الشورى ليتولى هذه المهمة وخلال هذه الفترة الصعبة جدا التي تعاني فيها المملكة من قلة الموارد الاقتصادية ومحدودية الامكانات وندرة المؤهلين بناء انظمة استمر العمل بها الى وقت قريب بل لازال بعضها معمولا به حتى الآن فقد انجز مجلس الشورى خلال دوراته المتتالية في عهد الملك عبدالعزيز والملك سعود اعمالا كثيرة واقر انظمة عديدة اسهمت في ارساء قواعد العمل التنظيمي بالمملكة العربية السعودية لتصبح دولة عربية واسلامية حديثة.
الشورى.. تجربة غنية
هذه الاضاءة لمجلس الشورى توضح اهمية هذه المؤسسة الاستشارية ودورها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية ومن هنا يرى محمد سليمان الضلعان عضو مجلس الشورى، ان المواضيع التي تطرح في المجلس لاتخاذ قرارات حولها بعد الدراسة المستفيضة مواضيع كثيرة جدا ومتعددة تشكل جميع الانظمة الجديدة المقترحة من الدولة ومن المجلس والتعديلات للانظمة القائمة والاتفاقيات الدولية وتقارير اداء جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية سنويا اضافة الى المواضيع التي تنبع من المجلس والى تقارير اللجان الخاصة وتزدحم جداول اعمال المجلس في هذه المواضيع العميقة والهامة والتي تتطلب دراسة مستفيضة.
فائدة كبيرة
ويضيء الضلعان تجربته في مجلس الشورى قائلا: اصبحت متعلما اكثر من انني معلم واستفدت فائدة عظمى من العمل مع كوادر عالية المستوى علميا وعمليا في مختلف المجالات وحاولت قدر امكاناتي ان اضيف الى انجازات المجلس في مجال اختصاصي وليس بالامكان حصر انجازات المجلس خلال سنوات عضويتي الاربع.
تحولات
وقد شهد مجلس الشورى في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز تحولات ساهمت في انتقال ادائه وتنوع القضايا التي يستعرضها وآلية العمل التي يعمل من خلالها.
يقول الباحث القانوني محمد بن عبدالله السهلي: المجلس الآن يضم في عضويته نخبة من رجال الوطن الاكفاء في كافة التخصصات ومن كافة مناطق المملكة وهم مؤهلون للقيام بهذه المهام. ويرى السهلي: ان على المجلس زيادة صلاحياته وان يحقق مصالح الوطن والمواطنين وان يتلمس احتياجاته الاساسية وان يجد حلا للمشاكل والظواهر التي تعتري المجتمع بين الفترة والاخرى.
المجالس البلدية
اما عن تجربة توسيع المشاركة الشعبية في صناعة القرار فان تجربة الانتخابات البلدية تشكل مسألة في غاية الاهمية وهي تجربة رائدة يراها عبدالله خياط بأنها: خطوة جيدة ولابد للجميع من المشاركة فيها ويرى ان التفاعل كان جيدا أولا لجودة التواصل بين الناس وثانيا لدور الشخصيات التي ترشح نفسها للعضوية في خدمة المجتمع سواء من خلال مدة العضوية او من قبل الفوز بها.
ويرى الدكتور ثامر المطيري ان المجتمع بوعية وثقافته وتطلعه نحو الافضل جدير بتجاوز العقبات القبلية والاقليمية فيما يشير الباحث محمد القشعمي ان الانتخابات قدمت صورة تؤكد عزم المواطنين على تحقيق الثقة وان تجربة المجالس البلدية ان المواطن لديه حافز قوي وشعور بالواجب.
مشاركة المرأة
اما تقييم الدكتورة سهيلة زين العابدين لتجربة المجالس البلدية في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز: لقد خطت المملكة خطوات ايجابية وعملية نحو اتاحة الفرص للمرأة للمشاركة في الحياة العامة وتولي مناصب قيادية حجبت عنها من قبل وترى الدكتورة سهيلة: ان مشاركة المرأة مع الرجل في المجالس البلدية ضرورة تقتضيها المصلحة العامة والنظرةالتكاملية للامور.
مساهمة
الدكتور فهد السماري قال: من جوانب التطور لهذه المجالس البلدية هو المشاركة الشعبية في ادارة الشؤون المحلية حيث تشكل هذه المجالس مساهمة فعالة في البناء والتخطيط وحل المشكلات الاجتماعية.
تقييم غربي
ويقيّم صحفي فرنسي تجربة الانتخابات البلدية خلال فترة الحملات الانتخابية: وهو بيير برير: من صحيفة «لافيغارو».
يقول: امضيت 6 أشهر في السعودية عايشت خلالها مراحل الانتخابات البلدية الثلاث ويبدي هذا الصحفي ملاحظاته وقراءته لهذه التجربة الجديدة في المجتمع السعودي.
نقلة نوعية
بدوره أكد محمد ابراهيم الحلوةان توسيع مشاركة المواطنين في ادارة الشؤون المحلية من خلال الانتخابات في المجالس البلدية تمثل نقلة نوعية في التحديث السياسي في المملكة وهذه النقلة النوعية تمثل جزءا من كل هذا وهذا الكل ما يزال ينتظره المواطن السعودي خصوصا في مؤسسات المجتمع المدني والتي تعتبر مكملة لانتخابات المجالس البلدية.
ويضيف الحلوة: ان مقولة ان انتخابات المجالس البلدية تمثل نقلة نوعية في الاصلاح السياسي تنبثق من حقيقة ما تمثله هذه الانتخابات من وسيلة للانتخابات للمشاركة السياسية المحلية والتي تمثل مدخلا رئيسيا لأي اصلاح سياسي.. ذلك ان الانتخابات في المجالس البلدية تساهم في تشكيل عدد من المعطيات السياسية المحلية.. وان هذه الانتخابات بداية لتعامل جاد مع مسألة تفعيل الثقافة السياسية خصوصا وان خطاب خادم الحرمين الشريفين وتصريحات ولي العهد تحمل في طياتها ما يجعل المواطن السعودي يطمئن على مستقبله السياسي وانه محل ثقة وتقدير من قبل قيادته، هذه الثقة التي كانت وماتزال وستظل اساسا لبناء وتماسك الكيان السعودي.
ويرى الكاتب الصحفي زهير الحارثي ان الحكومة السعوية في عهد الملك عبدالله حفظه الله ملتزمة بتنفيذ برنامج الانتخابات الطموح.
وهنالك برنامج زمني تم تحديده، هذه نقطة. اما مسألة ان يتم تعيين النصف وانتخاب النصف هذه مسألة اعتقد ان الحكومة ارتأت الى ان تبدأ بهذه الطريقة لمحاولة تكييف الوضع للحكم على التجربة. واعتقد انه في حالة نجاح التجربة سوف يتم انتخاب المجموعة الباقية. لكن يجب ان نعلم عندما تتعامل مع المجتمع السعوي فهو مجتمع بطيء الحركة حين الحديث على التحولات الثقافية الاجتماعية. وبالتالي لا يمكن ان تحقق نضجا ووعيا سياسيا في مسألة الانتخابات الا بتمرحل، والتمرحلية هذه يجب ان.. تبدأ من الصفر حتى تصل الى اعلى، واعتقد ان الانتخابات البلدية وانتخابات هيئة الصحفيين وجمعية التشكيليين وهيئة المحامين الان ليست وسيلة وانما هي غاية لمحاولة يعني اعطاء المجتمع السعودي القدرة على الفهم والنضج السياسي لمعرفة برنامج الناخب للتمييز والاختيار لأنه يعتمد على الحرية والمسؤولية، الحرية والمسؤولية تعتمد في قدرة الشخص على الاختيار، اعتقد ان هذا ما نحتاجه في الفترة الحالية.
مرحلة جديدة
الدكتور علي بن شويل القرني رئيس مجلس ادارة الجمعية السعودية للاعلام والاتصال- استاذ الاعلام المشارك بجامعة الملك سعود اعتبر ان دخول المجتمع السعودي مرحلة جديدة من مراحل التطور الاجتماعي عبر بوابة الانتخابات البلدية التي نظمت في مختلف مدن وقرى المملكة نقلة جديدة في الفكر الاصلاحي الذي اضطلعت به القيادة السعودية.. فلأول مرة وقف المواطن السعودي امام صناديق الاقتراع ليدلي بصوته في اختيار مرشحي بلديته المفترض ان يديروا شؤونه المحلية.. ومن المعروف ان الناس يهتمون اكثر لقضاياهم وشؤونهم المحلية اكثر من اهتمامهم بشؤون اخرى بعيدة عنهم في مدن اخرى، أو خارج حدود الوطن.. لهذا فقد اكتسبت الانتخابات اهمية خاصة لطبيعتها المحلية.. واذا نظرنا الى انتخابات في دول اخرى مثل الولايات المتحدة أو كندا وبريطانيا وغيرها من الدول لوجدنا اهتمام الناخبين هناك بالشأن المحلي -ربما- اكثر من الشأن الوطني.. لان مرشحي الادارات المحلية هم الذين سيتخذون قرارات محلية تؤثر مباشرة في مسيرة المواطن، في عمله ومسكنه ومعاشه واسرته وتعليمه وترفيهه ومواصلاته.. الخ.
ويضيف: صحيح ان الانتخابات ليست جديدة او مبتدعة في المجتمع السعودي، فسبق ان كانت هناك انتخابات في بعض المدن والبلديات في عقود مضت.. وتوجد الى اليوم انتخابات في الغرف التجارية لاختيار اعضاء مجالس ادارتها، كما كنا قبل سنوات في الجامعات السعودية نخضع لانتخابات لاختيار رؤساء الاقسام واحيانا عمداء الكليات.. ولكن نحن الآن في عهد الملك عبدالله امام حقبة جديدة ومرحلة نوعية من مراحل ادارة الشؤون العامة في البلاد، من خلال تنظيم انتخابات محلية تحدد مقاعد العمل البلدي في بلادنا. ومن المهم الاعتراف هنا ان الامانات والبلديات والمجمعات القروية تختص باعمال كثيرة في حياتنا العامة والخاصة.. وقد ذكر لي احد منسوبي احدى الامانات ان البلدية هي مسؤولة عن كل فرد مواطن ومقيم منذ ولادته، وحتى مماته.. ضمن دورة حياتية واسعة متنوعة تؤثر مباشرة أو غير مباشرة في مصير الفرد ورفاهيته ومعاشه وترفيهه.
التوعية
وينوه القرني الى ان هذه الانتخابات كانت تحتاج وتظل تحتاج الى مزيد من التوعية الاعلامية للمواطنين في شؤون الانتخابات.. ولم يتم حتى الآن توضيح لماذا نحتاج انتخابات في بلادنا.. أي اننا لم نكتب او نتكلم او نشرح أو نفسر فلسفة الانتخابات.. وماهي الافتراضات الاجتماعية التي تتأسس عليها الانتخابات.. وماهي القيم الاجتماعية التي تفرزها الانتخابات على مستوى الفرد والمؤسسة والمجتمع؟.. ثم نضع في سلم الاسئلة الحائرة.. سؤالا مهما عن.. هل جهزت بلادنا الوعي الكامل بمبدأ القبول التعددي.. وفكرة التعددية عامة؟.. هذه الاسئلة المهمة، لم نجد في وسائل اعلامنا او وسائل التربية والتعليم والاسرة اي صدى لها يمهد الى نقل المجتمع من مجتمع مرحلة الادارات الفردية.. الى مرحلة الادارات الجماعية.. ومرحلة القبول بالرأي الآخر.. ومن الملاحظ ان كل عمليات النشر والاعلام التي تمت خلال الشهور الماضية ركزت على العمليات والاجراءات دون الاكتراث بالاهداف والفلسفات والغايات الكبرى من الانتخابات.. حيث ان المعروف ان الانتخابات هي العملية الاجرائية لمفهوم الديموقراطية.. ومفهوم التعددية.. وغيرها من المفاهيم الكبرى في ادارة المجتمعات الحديثة.
ويتابع: ربما ان الصعوبة البالغة التي واجهناها في الشأن الانتخابي كانت مدركة تماما من قبل القيادة السياسية في بلادنا، ولهذا تم تقديم الانتخابات على مراحل.. تبدأ بالشأن المحلي، ثم تنتقل الى مراحل اخرى اكثر تعقيدا واكثر شمولية.. ونحن اليوم في الانتخابات البلدية نمهد الطريق الى مزيد من الوعي الشامل بفكرة وفلسفة الانتخابات، واهدافها وقيمها على الفرد والمؤسسة والمجتمع.
مؤسسات المجتمع
ويرى القرني ان انتخابات المجالس البلدية التي نظمتها وزارة الشؤون البلدية والقروية، تمت على مستوى عال من التنظيم والاداء الفعال.. وقد شاركت مؤسسات المجتمع المدني في جميع المراحل «المناطقية» الثلاث التي دخلت في انتخابات المجالس.. وتم تشكيل مجلس وطني لمراقبة الانتخابات اشرفت على العمليات الاساسية «التصويت والفرز» لهذه الانتخابات.. وقد اصدر هذا المجلس تقارير علنية ومباشرة وعبر مختلف وسائل الاعلام المحلية والدولية اعلنت فيه عن الملاحظات التي تابعها المراقبون في المراكز الانتخابية، وقد اشتركت في المجلس الجمعية السعودية لحقوق الانسان، وعدد آخر من الجمعيات العلمية، وفي مقدمتها الجمعية السعودية للاعلام والاتصال، وهيئة الصحفيين السعوديين، والجمعية السعودية للادارة، وجمعيات الاقتصاد، والجغرافيا، والمحاسبين القانونيين، وغيرها من الجمعيات.. وشكلت هذه الجمعيات مجتمعة شبكة من الاعضاء في مختلف مدن وقرى وهجر المملكة.. حيث استطاع هؤلاء التواجد في جميع المراكز الانتخابية في المملكة.. وهذا نجاح كبير لمؤسسات المجتمع المدني، ونجاح لمشروع الانتخابات السعودية.
هيئة المهندسين
وكخطوة اصلاحية جديدة، جاءت انتخابات الهيئة السعودية للمهندسين بعد الانتخابات البلدية وانتخابات الغرف التجارية، وقبلها هيئة الصحافيين، لكنها كانت الاسرع تنفيذا مقارنة بتاريخ صدور قرار وزير التجارة والصناعة السعودي بتشكيل لجنة الاشراف على الانتخابات، لتتولى تنظيم وتوجيه اجراءات العملية الانتخابية، بناء على المرسوم الملكي، الذي ينص على تعديل المادة السادسة من نظام الهيئة لتتيح للمهندسين انتخاب مجلس ادارتهم، بدل التعيين.
ولم تستغرق الهيئة للبدء في الانتخابات سوى تسعة اشهر فقط، حاولت خلالها التعريف بالعملية الانتخابية، والوصول الى جميع المهندسين، ما ادى الى ترشح 73 مهندسا، بينهم مهندسة واحدة هي نادية بخرجي، وجرى التصويت لهم في 17 مركز اقتراع في كل المناطق.
وعبر عبدالرحمن الربيعة وخالد السلطان، وهما اثنان من الاعضاء المنتخبين عن املهما بان يحقق مجلسهما المنتخب اهدافه المتمثلة في بناء الكفاءات الهندسية وتشجيع التكامل بين الشركات والمؤسسات الهندسية الوطنية، وتنمية المؤسسات الهندسية الصغيرة والمكاتب الهندسية الفردية.
وعلى رغم احتفاء المهندسين بالانتخابات، جاء انتخاب نادية بخرجي الحدث الابرز فيها، ولتكون السعودية الثالثة المنتخبة في هيئات مهنية بعد لمى السليمان ونشوى طاهر اللتين اختيرتا لعضوية هيئة غرفة التجارة والصناعة في جدة.
وللرياضة نصيبها
في الشأن الرياضي جاءت موافقة سمو ولي العهد حفظه الله باجراء الانتخابات للجنة الاولمبية والاتحادات الرياضية السعودية كخطوة مهمة جدا في السعي الحثيث لتطوير الرياضة السعودية بعامة، وادخال الكثير من التعديلات والتجديدات على بنائها الهيكلي والتنظيمي، وبالتالي السعي والعمل على تطوير ادائها الى مستويات ومجالات افضل وارحب واكثر التصاقا بالجماهير الرياضية ومراعاة لمطالبها.
ووفقا للخبير الرياضي د. عبدالرزاق ابو داوود فان التجربة الانتخابية الرياضية تعتبر، وبحق واحدة من اهم خطوات تطوير الرياضة السعودية وبادرة تستحق الاشادة والتنويه، وتوجه تطويري يستحق الدعم والمساندة من اعلامنا الرياضي ومؤسساتنا الوطنية الاخرى، فهي تجربة غنية تطمح اليها القاعدة الجماهيرية الرياضية السعودية على اتساع الوطن.
1- مجلس الشورى.
2- انتخابات المجالس البلدية.
اضاءة تاريخية
يقول الدكتور حمود البدر: ان المتتبع لقيام مجلس الشورى منذ بداياته الاولى في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه في عام 1343هـ حينما أسس يرحمه الله المجلس الأهلي الى الآن يلحظ قيام المجلس عبر عدة مراحل ففي مرحلة التأسيس والتكوين اثناء تأسيس المملكة وتكونت المؤسسات والاجهزة الحكومية تطلب الامر ايجاد جهاز ذي قدرة عالية كبناء الانظمة وتفسيرها ومن ثم جاء انشاء مجلس الشورى ليتولى هذه المهمة وخلال هذه الفترة الصعبة جدا التي تعاني فيها المملكة من قلة الموارد الاقتصادية ومحدودية الامكانات وندرة المؤهلين بناء انظمة استمر العمل بها الى وقت قريب بل لازال بعضها معمولا به حتى الآن فقد انجز مجلس الشورى خلال دوراته المتتالية في عهد الملك عبدالعزيز والملك سعود اعمالا كثيرة واقر انظمة عديدة اسهمت في ارساء قواعد العمل التنظيمي بالمملكة العربية السعودية لتصبح دولة عربية واسلامية حديثة.
الشورى.. تجربة غنية
هذه الاضاءة لمجلس الشورى توضح اهمية هذه المؤسسة الاستشارية ودورها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية ومن هنا يرى محمد سليمان الضلعان عضو مجلس الشورى، ان المواضيع التي تطرح في المجلس لاتخاذ قرارات حولها بعد الدراسة المستفيضة مواضيع كثيرة جدا ومتعددة تشكل جميع الانظمة الجديدة المقترحة من الدولة ومن المجلس والتعديلات للانظمة القائمة والاتفاقيات الدولية وتقارير اداء جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية سنويا اضافة الى المواضيع التي تنبع من المجلس والى تقارير اللجان الخاصة وتزدحم جداول اعمال المجلس في هذه المواضيع العميقة والهامة والتي تتطلب دراسة مستفيضة.
فائدة كبيرة
ويضيء الضلعان تجربته في مجلس الشورى قائلا: اصبحت متعلما اكثر من انني معلم واستفدت فائدة عظمى من العمل مع كوادر عالية المستوى علميا وعمليا في مختلف المجالات وحاولت قدر امكاناتي ان اضيف الى انجازات المجلس في مجال اختصاصي وليس بالامكان حصر انجازات المجلس خلال سنوات عضويتي الاربع.
تحولات
وقد شهد مجلس الشورى في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز تحولات ساهمت في انتقال ادائه وتنوع القضايا التي يستعرضها وآلية العمل التي يعمل من خلالها.
يقول الباحث القانوني محمد بن عبدالله السهلي: المجلس الآن يضم في عضويته نخبة من رجال الوطن الاكفاء في كافة التخصصات ومن كافة مناطق المملكة وهم مؤهلون للقيام بهذه المهام. ويرى السهلي: ان على المجلس زيادة صلاحياته وان يحقق مصالح الوطن والمواطنين وان يتلمس احتياجاته الاساسية وان يجد حلا للمشاكل والظواهر التي تعتري المجتمع بين الفترة والاخرى.
المجالس البلدية
اما عن تجربة توسيع المشاركة الشعبية في صناعة القرار فان تجربة الانتخابات البلدية تشكل مسألة في غاية الاهمية وهي تجربة رائدة يراها عبدالله خياط بأنها: خطوة جيدة ولابد للجميع من المشاركة فيها ويرى ان التفاعل كان جيدا أولا لجودة التواصل بين الناس وثانيا لدور الشخصيات التي ترشح نفسها للعضوية في خدمة المجتمع سواء من خلال مدة العضوية او من قبل الفوز بها.
ويرى الدكتور ثامر المطيري ان المجتمع بوعية وثقافته وتطلعه نحو الافضل جدير بتجاوز العقبات القبلية والاقليمية فيما يشير الباحث محمد القشعمي ان الانتخابات قدمت صورة تؤكد عزم المواطنين على تحقيق الثقة وان تجربة المجالس البلدية ان المواطن لديه حافز قوي وشعور بالواجب.
مشاركة المرأة
اما تقييم الدكتورة سهيلة زين العابدين لتجربة المجالس البلدية في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز: لقد خطت المملكة خطوات ايجابية وعملية نحو اتاحة الفرص للمرأة للمشاركة في الحياة العامة وتولي مناصب قيادية حجبت عنها من قبل وترى الدكتورة سهيلة: ان مشاركة المرأة مع الرجل في المجالس البلدية ضرورة تقتضيها المصلحة العامة والنظرةالتكاملية للامور.
مساهمة
الدكتور فهد السماري قال: من جوانب التطور لهذه المجالس البلدية هو المشاركة الشعبية في ادارة الشؤون المحلية حيث تشكل هذه المجالس مساهمة فعالة في البناء والتخطيط وحل المشكلات الاجتماعية.
تقييم غربي
ويقيّم صحفي فرنسي تجربة الانتخابات البلدية خلال فترة الحملات الانتخابية: وهو بيير برير: من صحيفة «لافيغارو».
يقول: امضيت 6 أشهر في السعودية عايشت خلالها مراحل الانتخابات البلدية الثلاث ويبدي هذا الصحفي ملاحظاته وقراءته لهذه التجربة الجديدة في المجتمع السعودي.
نقلة نوعية
بدوره أكد محمد ابراهيم الحلوةان توسيع مشاركة المواطنين في ادارة الشؤون المحلية من خلال الانتخابات في المجالس البلدية تمثل نقلة نوعية في التحديث السياسي في المملكة وهذه النقلة النوعية تمثل جزءا من كل هذا وهذا الكل ما يزال ينتظره المواطن السعودي خصوصا في مؤسسات المجتمع المدني والتي تعتبر مكملة لانتخابات المجالس البلدية.
ويضيف الحلوة: ان مقولة ان انتخابات المجالس البلدية تمثل نقلة نوعية في الاصلاح السياسي تنبثق من حقيقة ما تمثله هذه الانتخابات من وسيلة للانتخابات للمشاركة السياسية المحلية والتي تمثل مدخلا رئيسيا لأي اصلاح سياسي.. ذلك ان الانتخابات في المجالس البلدية تساهم في تشكيل عدد من المعطيات السياسية المحلية.. وان هذه الانتخابات بداية لتعامل جاد مع مسألة تفعيل الثقافة السياسية خصوصا وان خطاب خادم الحرمين الشريفين وتصريحات ولي العهد تحمل في طياتها ما يجعل المواطن السعودي يطمئن على مستقبله السياسي وانه محل ثقة وتقدير من قبل قيادته، هذه الثقة التي كانت وماتزال وستظل اساسا لبناء وتماسك الكيان السعودي.
ويرى الكاتب الصحفي زهير الحارثي ان الحكومة السعوية في عهد الملك عبدالله حفظه الله ملتزمة بتنفيذ برنامج الانتخابات الطموح.
وهنالك برنامج زمني تم تحديده، هذه نقطة. اما مسألة ان يتم تعيين النصف وانتخاب النصف هذه مسألة اعتقد ان الحكومة ارتأت الى ان تبدأ بهذه الطريقة لمحاولة تكييف الوضع للحكم على التجربة. واعتقد انه في حالة نجاح التجربة سوف يتم انتخاب المجموعة الباقية. لكن يجب ان نعلم عندما تتعامل مع المجتمع السعوي فهو مجتمع بطيء الحركة حين الحديث على التحولات الثقافية الاجتماعية. وبالتالي لا يمكن ان تحقق نضجا ووعيا سياسيا في مسألة الانتخابات الا بتمرحل، والتمرحلية هذه يجب ان.. تبدأ من الصفر حتى تصل الى اعلى، واعتقد ان الانتخابات البلدية وانتخابات هيئة الصحفيين وجمعية التشكيليين وهيئة المحامين الان ليست وسيلة وانما هي غاية لمحاولة يعني اعطاء المجتمع السعودي القدرة على الفهم والنضج السياسي لمعرفة برنامج الناخب للتمييز والاختيار لأنه يعتمد على الحرية والمسؤولية، الحرية والمسؤولية تعتمد في قدرة الشخص على الاختيار، اعتقد ان هذا ما نحتاجه في الفترة الحالية.
مرحلة جديدة
الدكتور علي بن شويل القرني رئيس مجلس ادارة الجمعية السعودية للاعلام والاتصال- استاذ الاعلام المشارك بجامعة الملك سعود اعتبر ان دخول المجتمع السعودي مرحلة جديدة من مراحل التطور الاجتماعي عبر بوابة الانتخابات البلدية التي نظمت في مختلف مدن وقرى المملكة نقلة جديدة في الفكر الاصلاحي الذي اضطلعت به القيادة السعودية.. فلأول مرة وقف المواطن السعودي امام صناديق الاقتراع ليدلي بصوته في اختيار مرشحي بلديته المفترض ان يديروا شؤونه المحلية.. ومن المعروف ان الناس يهتمون اكثر لقضاياهم وشؤونهم المحلية اكثر من اهتمامهم بشؤون اخرى بعيدة عنهم في مدن اخرى، أو خارج حدود الوطن.. لهذا فقد اكتسبت الانتخابات اهمية خاصة لطبيعتها المحلية.. واذا نظرنا الى انتخابات في دول اخرى مثل الولايات المتحدة أو كندا وبريطانيا وغيرها من الدول لوجدنا اهتمام الناخبين هناك بالشأن المحلي -ربما- اكثر من الشأن الوطني.. لان مرشحي الادارات المحلية هم الذين سيتخذون قرارات محلية تؤثر مباشرة في مسيرة المواطن، في عمله ومسكنه ومعاشه واسرته وتعليمه وترفيهه ومواصلاته.. الخ.
ويضيف: صحيح ان الانتخابات ليست جديدة او مبتدعة في المجتمع السعودي، فسبق ان كانت هناك انتخابات في بعض المدن والبلديات في عقود مضت.. وتوجد الى اليوم انتخابات في الغرف التجارية لاختيار اعضاء مجالس ادارتها، كما كنا قبل سنوات في الجامعات السعودية نخضع لانتخابات لاختيار رؤساء الاقسام واحيانا عمداء الكليات.. ولكن نحن الآن في عهد الملك عبدالله امام حقبة جديدة ومرحلة نوعية من مراحل ادارة الشؤون العامة في البلاد، من خلال تنظيم انتخابات محلية تحدد مقاعد العمل البلدي في بلادنا. ومن المهم الاعتراف هنا ان الامانات والبلديات والمجمعات القروية تختص باعمال كثيرة في حياتنا العامة والخاصة.. وقد ذكر لي احد منسوبي احدى الامانات ان البلدية هي مسؤولة عن كل فرد مواطن ومقيم منذ ولادته، وحتى مماته.. ضمن دورة حياتية واسعة متنوعة تؤثر مباشرة أو غير مباشرة في مصير الفرد ورفاهيته ومعاشه وترفيهه.
التوعية
وينوه القرني الى ان هذه الانتخابات كانت تحتاج وتظل تحتاج الى مزيد من التوعية الاعلامية للمواطنين في شؤون الانتخابات.. ولم يتم حتى الآن توضيح لماذا نحتاج انتخابات في بلادنا.. أي اننا لم نكتب او نتكلم او نشرح أو نفسر فلسفة الانتخابات.. وماهي الافتراضات الاجتماعية التي تتأسس عليها الانتخابات.. وماهي القيم الاجتماعية التي تفرزها الانتخابات على مستوى الفرد والمؤسسة والمجتمع؟.. ثم نضع في سلم الاسئلة الحائرة.. سؤالا مهما عن.. هل جهزت بلادنا الوعي الكامل بمبدأ القبول التعددي.. وفكرة التعددية عامة؟.. هذه الاسئلة المهمة، لم نجد في وسائل اعلامنا او وسائل التربية والتعليم والاسرة اي صدى لها يمهد الى نقل المجتمع من مجتمع مرحلة الادارات الفردية.. الى مرحلة الادارات الجماعية.. ومرحلة القبول بالرأي الآخر.. ومن الملاحظ ان كل عمليات النشر والاعلام التي تمت خلال الشهور الماضية ركزت على العمليات والاجراءات دون الاكتراث بالاهداف والفلسفات والغايات الكبرى من الانتخابات.. حيث ان المعروف ان الانتخابات هي العملية الاجرائية لمفهوم الديموقراطية.. ومفهوم التعددية.. وغيرها من المفاهيم الكبرى في ادارة المجتمعات الحديثة.
ويتابع: ربما ان الصعوبة البالغة التي واجهناها في الشأن الانتخابي كانت مدركة تماما من قبل القيادة السياسية في بلادنا، ولهذا تم تقديم الانتخابات على مراحل.. تبدأ بالشأن المحلي، ثم تنتقل الى مراحل اخرى اكثر تعقيدا واكثر شمولية.. ونحن اليوم في الانتخابات البلدية نمهد الطريق الى مزيد من الوعي الشامل بفكرة وفلسفة الانتخابات، واهدافها وقيمها على الفرد والمؤسسة والمجتمع.
مؤسسات المجتمع
ويرى القرني ان انتخابات المجالس البلدية التي نظمتها وزارة الشؤون البلدية والقروية، تمت على مستوى عال من التنظيم والاداء الفعال.. وقد شاركت مؤسسات المجتمع المدني في جميع المراحل «المناطقية» الثلاث التي دخلت في انتخابات المجالس.. وتم تشكيل مجلس وطني لمراقبة الانتخابات اشرفت على العمليات الاساسية «التصويت والفرز» لهذه الانتخابات.. وقد اصدر هذا المجلس تقارير علنية ومباشرة وعبر مختلف وسائل الاعلام المحلية والدولية اعلنت فيه عن الملاحظات التي تابعها المراقبون في المراكز الانتخابية، وقد اشتركت في المجلس الجمعية السعودية لحقوق الانسان، وعدد آخر من الجمعيات العلمية، وفي مقدمتها الجمعية السعودية للاعلام والاتصال، وهيئة الصحفيين السعوديين، والجمعية السعودية للادارة، وجمعيات الاقتصاد، والجغرافيا، والمحاسبين القانونيين، وغيرها من الجمعيات.. وشكلت هذه الجمعيات مجتمعة شبكة من الاعضاء في مختلف مدن وقرى وهجر المملكة.. حيث استطاع هؤلاء التواجد في جميع المراكز الانتخابية في المملكة.. وهذا نجاح كبير لمؤسسات المجتمع المدني، ونجاح لمشروع الانتخابات السعودية.
هيئة المهندسين
وكخطوة اصلاحية جديدة، جاءت انتخابات الهيئة السعودية للمهندسين بعد الانتخابات البلدية وانتخابات الغرف التجارية، وقبلها هيئة الصحافيين، لكنها كانت الاسرع تنفيذا مقارنة بتاريخ صدور قرار وزير التجارة والصناعة السعودي بتشكيل لجنة الاشراف على الانتخابات، لتتولى تنظيم وتوجيه اجراءات العملية الانتخابية، بناء على المرسوم الملكي، الذي ينص على تعديل المادة السادسة من نظام الهيئة لتتيح للمهندسين انتخاب مجلس ادارتهم، بدل التعيين.
ولم تستغرق الهيئة للبدء في الانتخابات سوى تسعة اشهر فقط، حاولت خلالها التعريف بالعملية الانتخابية، والوصول الى جميع المهندسين، ما ادى الى ترشح 73 مهندسا، بينهم مهندسة واحدة هي نادية بخرجي، وجرى التصويت لهم في 17 مركز اقتراع في كل المناطق.
وعبر عبدالرحمن الربيعة وخالد السلطان، وهما اثنان من الاعضاء المنتخبين عن املهما بان يحقق مجلسهما المنتخب اهدافه المتمثلة في بناء الكفاءات الهندسية وتشجيع التكامل بين الشركات والمؤسسات الهندسية الوطنية، وتنمية المؤسسات الهندسية الصغيرة والمكاتب الهندسية الفردية.
وعلى رغم احتفاء المهندسين بالانتخابات، جاء انتخاب نادية بخرجي الحدث الابرز فيها، ولتكون السعودية الثالثة المنتخبة في هيئات مهنية بعد لمى السليمان ونشوى طاهر اللتين اختيرتا لعضوية هيئة غرفة التجارة والصناعة في جدة.
وللرياضة نصيبها
في الشأن الرياضي جاءت موافقة سمو ولي العهد حفظه الله باجراء الانتخابات للجنة الاولمبية والاتحادات الرياضية السعودية كخطوة مهمة جدا في السعي الحثيث لتطوير الرياضة السعودية بعامة، وادخال الكثير من التعديلات والتجديدات على بنائها الهيكلي والتنظيمي، وبالتالي السعي والعمل على تطوير ادائها الى مستويات ومجالات افضل وارحب واكثر التصاقا بالجماهير الرياضية ومراعاة لمطالبها.
ووفقا للخبير الرياضي د. عبدالرزاق ابو داوود فان التجربة الانتخابية الرياضية تعتبر، وبحق واحدة من اهم خطوات تطوير الرياضة السعودية وبادرة تستحق الاشادة والتنويه، وتوجه تطويري يستحق الدعم والمساندة من اعلامنا الرياضي ومؤسساتنا الوطنية الاخرى، فهي تجربة غنية تطمح اليها القاعدة الجماهيرية الرياضية السعودية على اتساع الوطن.