الملك عبد الله مرتكـز محـوري لاستقرار العراق وزمن المحاصصة ولّى
مؤكداً تكامل أمن المملكة وبلاده .. إيـاد علاوي لـ “عكاظ” في أول حوار لصحيفة سعودية:
الأحد / 12 / ربيع الثاني / 1431 هـ الاحد 28 مارس 2010 23:51
حوار: فهيم الحامد
أكد إياد علاوي رئيس ائتلاف القائمة العراقية، التي تقدمت نتائج الانتخابات وتعكف على عقد تحالفات بغية تشكيل الحكومة المقبلة، حرصه على تعميق العلاقات مع المملكة، في جوانبها الاقتصادية والسياسية كافة. ووصف علاوي في حوار شامل مع «عكاظ»، هو الأول لصحيفة سعودية، أن العلاقات بين الرياض وبغداد، ضاربة الجذور في القدم ومميزة، ومعتبرا في ذات الوقت، أن أمن البلدين بينهما قاسم مشرك يستحيل الفصل بينهما. وأقر أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لم يتوان في الوقوف إلى جانب العراق، في أحلك ظروفه ودعم استقلاله ووحدته وسيادته.
وتطرق إلى أولويات المرحلة الداخلية المقبلة قائلا: «نعمل في المرحلة المقبلة على تكريس مبدأ الشراكة الوطنية في صناعة القرار، وعدم السماح للشخص الواحد، أو الجهة الواحدة للسيطرة والتفرد بالقرار السياسي، فضلا عن تعزيز مقومات المصالحة الوطنية».
وعن احتمالات عودة البعثيين إلى المشهد السياسي، أشار علاوي إلى أن الفكر البعثي مرحلة الفكر قد ولت، وأصبحت في غياهب التاريخ، بيد أنه استدرك أن البعثيين الشرفاء، الذين أجبروا تحت الضغط أن ينتموا للبعث كراهية لتأمين لقمة العيش، فيسمح لهم بالعودة.
واسترسل أن الحكومة المرتقبة هي في ماهيتها حكومة وحدة وطنية. ولا فرق بين سني، شيعي، مسيحي، كردي أو تركماني، جميعهم عراقيون وطنيون يساهمون في بناء العراق الموحد البعيد عن الطائفية، مؤكدا أن طائفة السنة لم تشارك كما ينبغي في الحياة السياسية في المرحلة الماضية، وسيكون لها دور إيجابي في الحراك السياسي العراقي.
وأعلن أن توليفة الحكومة المرتقبة ستعمل على نبذ الطائفية والمحاصصة، موضحا أن أي فرد يشغل أي منصب، يجب أن يكون على مستوى من الكفاءة والقدرة والمهنية، ويصبح ولاؤه للوطن لا للطائفة. وأضاف أن الشعب العراقي، في الواقع، اختار التغيير وسئم من تداعيات المرحلة الماضية، إذ إن الطائفية في تلك المرحلة، هي المتحكمة في مجريات الأمور.
وتناول علاوي مستقبل العلاقة مع طهران بالتقييم، مذكرا بعدم وجود خط أحمر مع إيران في أجندة القائمة العراقية، بل العكس، يتوفر الاحترام لإيران في وجود روابط وعلاقات تاريخية جيدة، شريطة عدم التدخل في الشؤون الداخلية العراقية.
وفي ما يتعلق بأولويات سياسته الخارجية، خاصة مع دول الجوار، أكد رغبته الجادة في استحداث علاقة متميزة وقوية، مع جميع دول الجوار. والدول العربية بشكل عام، مع التركيز على سرعة عودة بلاده إلى محيطه العربي؛ لأن العراق جزء من الأمة العربية. وبين «نريد أن نرى العراق يسهم بفعالية في توطيد العمل العربي المشترك، ولم الشمل وتوحيد الصفوف، ولا نرغب أن يستمر العراق في عزلته».
وإلى فحوى الحوار:
الشراكة والمصالحة أولوية
• بداية، نهئنكم بفوزكم في الانتخابات العراقية، ثم ما أولوياتكم الداخلية في المرحلة المقبلة، خاصة أنكم ترثون تركة ثقيلة من الحكومة السابقة؟
ــ واقعا، إن الأولويات متشعبة ومتنوعة، لكن هناك الهدف الأول، وهو استنباط حالة توازن في (ميكانيزم) العملية السياسية؛ بمعنى مشاركة جميع العراقيين في الحياة السياسية دون تمييز في العرق والمذهب، باستثناء الإرهابيين والقتلة ومن تلطخت أيديهم بدماء العراقيين. وسنعمل على تكريس مبدأ الشراكة الوطنية في صناعة القرار، وعدم السماح للشخص الواحد أو الجهة الواحدة للسيطرة والانفراد بالقرار؛ لأن العراقيين كل لا يتجزأ وهم أصحاب القرار، وليس فئة أو جهة. وهذا هو الخطأ الذي وقعت فيه الحكومة العراقية السابقة. نحن لا نريد تكرار أخطاء الماضي، لأننا نرى أن الشراكة الوطنية في القرار، هي التي ستؤدي في النهاية إلى حدوث التوازن في العملية السياسية والاستقرار على الأرض. ونأمل من خلال ذلك، الوصول إلى الأمن والاستقرار الذي ينشده العراقيون وسنسعى لتحقيقه بتعاون الجميع.
كما أننا نبتغي الوصول إلى مصالحة وطنية حقيقية يتم من خلالها الاستماع لرؤى الجميع، حتى نصل لمرحلة الأمن والاستقرار والخروج من الأزمة إلى بر الأمان، لهذا فإن الشراكة الوطنية والمصالحة الداخلية عنصران أساسيان، وأولويات قصوى في المرحلة المقبلة، حتى يتمكن المواطن العراقي العيش في أجواء آمنة ومستقرة. تعديل مسارات العملية السياسية وتوسيعها لتشمل الشعب العراقي كله باستثناء القتلة والإرهابيين. وأؤكد حرصنا على بناء مؤسسات الدولة العراقية الكفوءة والمهنية التي تستطيع أن تقدم الخدمات اللائقة للشعب العراقي، وتوفر الأمن والاستقرار، وتعمل على تطوير وتحديث الإمكانات الاقتصادية للأسرة العراقية لتعيش مرتاحة دون عوز، وهذه مسؤوليتنا جميعا ومسؤولية كل الشعب العراقي، وكل القوى السياسية أن تعمل بروح فريق العمل الجماعي؛ لبناء دولة قادرة على حماية شعب العراق وعدم السماح للآخرين التدخل في شؤون بلاده وضرورة إنهاء جميع المشاكل العالقة مع دول الجوار.
القضاء على الإرهاب والقتلة
• ماذا عن الوضع الأمني والاقتصادي، خاصة على ضوء ما حدث في العراق من أعمال إرهابية وتدهور الأوضاع الاقتصادية الداخلية؟
ــ القضاء على الأرهاب والقتلة واستعادة الأمن، أولوية. كما أن استقلالية القضاء مهم جدا لتصحيح الأخطاء، وموقفنا يتجسد في ضرورة اجتثاب الإرهاب، ومحاكمة الإرهابيين عبر القضاء المستقل، فضلا عن بناء مؤسسات الدولة بكفاءة ومهنية وقدرة. ويجب أن يكون الولاء للوطن وليس للطائفة أو أية جهة أخرى. ثم إننا نرى ضرورة إعادة تأهيل الأجهزة الأمنية وإعادة الجيش العراقي الباسل إلى مواقعه السابقة، لأن الجيش العراقي معروف بكفاءته وقدرته للدفاع عن الوطن.
• ما رؤيتكم لعراق ما بعد المالكي؟
ــ نحن نؤكد على أن تصان كرامة المواطن العراقي وحياته وحريته، فهو يحتاج العمل والسكن والدراسة والطب، وغيرها من الخدمات، وهو في حاجة أكبر إلى العدل وسيادة المؤسسات القانونية ليشعر بأنه في عراقه، وأن العراق كله له، عراق للجميع من غير أن نحرم أي مواطن من عراقيته.
وسنبقى نعمل من أجل عراق يتسع لنا جميعا، ومن دون ذلك لا يتعزز شعور المواطنة الحقيقية لدى العراقي. هذا هو ما نحن جادون في تحقيقه بكل وضوح وبساطة، لأننا نعتقد أن العملية السياسية هي في النهاية يجب أن تصب في خدمة الشعب العراقي.
ونعتقد أن استحقاقات المرحلة المقبلة تختلف عن الاستحقاقات السابقة، لهذا يجب أن توضع النقاط على الحروف في موضوع التوجه إلى الأمام، وعلينا أن نحسم معا؛ هل نحن وطنيون أم أننا نؤمن بالطائفية السياسية؟، هل نحن وطنيون أم نؤمن بتسييس الدين؟، هل نحن وطنيون أم أننا نؤمن بتقسيم العراق إلى قطاعات وكانتونات؟، هل نريد عراقا ديموقراطيا وحقيقيا ولكل العراقيين أم نريد عراقا يهمش أجزاء واسعة من المجتمع العراقي؟، من سيكون معنا يجب أن يؤمن بخطنا الوطني، ويعمل من أجل عراق لكل العراقيين، بعيدا عن المحاصصة الطائفية وتسييس الدين وتهميش الآخرين.
إننا نعمل من أجل تعميق عراقية المواطن الذي تحمل طوال سنوات كثيرة المصاعب والظلم والحروب. ويأتي ذلك من خلال تشكيل حكومة وطنية تؤمن -أولا وأخيرا- بمواطنيها واحترام الكفاءات العراقية والطلاب والشباب، والاهتمام بمستقبل العراق الذي يتجسد في رعاية الطفولة والانصراف إلى الاستفادة من طاقات الشباب وإمكاناتهم الهائلة في التفكير والإنجاز المبدع، ويأتي في مقدمة كل هذه الشرائح الاهتمام بالمرأة العراقية التي تحملت الكثير من المتاعب، لقد قدمنا جميعا تضحيات جساما نضعها تاجا على رؤوس كل العراقيين.
ورغم أنه كان لي الشرف في إدارة أول عملية ديموقراطية في العراق والإشراف على انتخابات نزيهة وحرة في عام 2005، فلي الاعتزاز الآن بأنني شكلت فرصة من خلال الانتخابات الحالية تصب في اتجاه قبر الطائفية السياسية في البلاد، وفي إعادة العراق إلى حظيرته العربية، وإعادة العرب إلى العراق. هذا هو المؤشر المهم الذي أفرزته الانتخابات الأخيرة، وأتمنى أن يتم فرز ما تبقى من نتائج في شكل طبيعي وسليم، وأن تكون النتائج واضحة وتعبر عن إرادة الشعب العراقي، رغم ما شاب تلك الانتخابات من مشكلات كبيرة، قبلها وخلالها، كالإبعاد والاعتقالات والاتهامات والتهميش والتخويف باستخدام أدوات الحكومة. وألا نعود لمشاهد تفجيرات يوم الانتخاب التي أودت بحياة عدد كبير من المواطنين. رغم كل ذلك، فإن الشعب العراقي عبر عن رفضه للطائفية السياسية وهو يسعى إلى قبرها بشكل كامل. ولهذا فإن التصويت الذي بدت نتائجه، جاء تعبيرا واضحا عن هذا الخيار، بدليل أننا في قائمة (العراقية) حصلنا على تصويت واسع في المحافظات ذات أغلبية سنية، وأيضا حصدنا نتائج جيدة في المحافظات التي توسم بالشيعية وهو أمر لا يعبر عن دعمي أو عن دعم «العراقية» فقط، إنما يعبر عن رفض الطائفية السياسية وعن أن العراق جزء حيوي من منطقته.
حزب لبعث دفن
• هل تدعمون عودة الجيش العراقي، بما في ذلك البعثيون السابقون؟
ــ هناك فرق بين البعث كفكر، هذا الفكر لا يمكن أن يعود إلى العراق إطلاقا وتم دفنه نهائيا وإلى الأبد. أما أولئك الشرفاء، فيمكنهم العودة إلى العمل. وكما تعلمون فإن تجربة البعث، في الواقع، هي التي دمرت العراق لمدة 35 عاما، وظلمت الشعب العراقي، وليطمئن كل عراقي، أن الفكر البعثي انتهى، وأصبح في التاريخ، لكن البعثيين الشرفاء، الذين أجبروا تحت الضغط، أن ينتموا للبعث؛ كراهية لتأمين لقمة العيش، فيسمح لهم بالعودة؛ لأن منهم الأطباء والموظفين الأكفاء، هؤلاء هم الوطنيون، ولا يمكن إبعادهم عن العملية السياسية، ولا يمكن تجاهلهم وتجاهل دورهم في تنمية مؤسسات الدولة؛ لأننا في القائمة العراقية مع المظلومين من الشعب العراقي. لذا نؤكد إذن، تمكننا من توفير المؤسسات المعتمدة على الكفاءات والقدرة. وإذا تمكنا من تحقيق الأمن والاستقرار، فهذا يعني أننا سنتمكن من إيجاد أجواء آمنة، وسيصبح هناك استثمار وأجواء اقتصادية إيجابية ستسمح للمستثمرين الدخول في مشاريع داخل العراق وسينهض وسيعود إلى مكانته.
نحن ضد الإقصاء والتهميش
• ما رؤيتكم وفلسفتكم حيال المصلحة الوطنية العراقية، وكيف ستتمكنون من إيجاد وحدة وطنية في ظل تغلغل الطائفية داخل المجتمع؟
ــ بداية يجب فهم وتحديد مبدأ المصالحة، ويجب على السياسيين ورؤساء الكتل السياسية أن يضعوا مصلحة العراق كأولوية وفوق كل اعتبار، وليس مصالحهم الشخصية. ويتعين أيضا إعادة أولئك الأشخاص الذين تم إقصاؤهم وتهميشهم وإبعادهم من العملية السياسية للمشاركة في الحياة العامة.
ونحن نرى ضرورة إعادتهم إلى العملية السياسية بالجلوس معهم وإقامة حوار بيني إذا لم يرتكبوا أية جريمة ضد العراق.
لاتهميش للسنة
• جرى تهميش طائفة السنة خلال الحقبة الماضية، هل سيستمر هذا التهميش في المرحلة المقبلة، أم هناك تغيير في سياسة حكومتكم المرتقبة؟
ــ أؤكد أن الحكومة الآتية ستكون حكومة وحدة وطنية. ولا فرق بين سني، شيعي، مسيحي، كردي أو تركماني. كلهم عراقيون وطنيون، ولا فرق بينهم، وهم يساهمون في بناء العراق الموحد البعيد عن الطائفية.
وطائفة السنة، لم تشارك كما ينبغي في الحياة السياسية في المرحلة الماضية، ولقد بذلنا جهودا كبيرة لإعادتهم إلى الحياة السياسية. وهم أثبتوا كفاءتهم على الساحة السياسية العراقية، وسيكون لهم دور إيجابي في الخريطة السياسية المقبلة.
لا للطائفية والمحاصصة
• إذن، كيف ستتعاملون مع المحاصصة والطائفية المتجذرة في العراق؟
ــ الحكومة المرتقبة تسعى لإنهاء الطائفية والمحاصصة، وأي فرد يشغل أي منصب يجب أن يكون على مستوى الكفاءة والقدرة والمهنية، ويكون ولاؤه للوطن ويجب ألا يكون انتماؤه للطائفة. والشارع العراقي أصبح على درجة من الوعي والإدراك والفهم السياسي والثقافي. وأصبح يميز من هو الأصلح والأقدر للقيادة. والذين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع اختاروا الأصلح والأفضل لقيادة بلدهم، والشارع العراقي هو الفائز في هذه الانتخابات، والتيار الليبرالي هو الذي سينقذ العراق من أزمته الحالية. وهو سيجمع جميع التيارات والطوائف العراقية في قارب واحد ودون تمييز؛ ليعود العراق كما كان بعيدا عن الطائفية والمحاصصة.
العراقيون اختاروا التغيير
• بماذا تعزون التحول والتغيير الذي حدث في عقلية الناخب العراقي؟
ــ الشعب العراقي في الواقع اختار التغيير وسئم من المرحلة الماضية، ولأن المرحلة الماضية كانت الطائفية هي المحركة لمجريات للأمور، خاصة أن حزب الدعوة كان يكرس هذه الثقافة وأثبت فشله في إدارة أمور البلاد، وقدم وعودا كاذبة للشعب، واستغل ثروة العراق، وازدادت عملية البطالة والفقر، وأصبح العراق أول دولة في الفساد والفقر والبطالة. لهذا فإن الشعب رغب في التغيير، وهو يريد أشخاصا قياديين وطنيين، لكي يستطيع الشعب العراقي أن يرفع رأسه ويفتخر أنه عراقي داخل بلده وخارجه. فالعراق غني برجاله الوطنيين الذين يستطيعون تحمل مسؤولياتهم الوطنية، وينهضون ببلدهم ويعيدونه إلى مكانته الطبيعية عربيا ودوليا.
الأكراد والصدريون والائتلاف شركاؤنا
• ما الجديد في تشكيل الحكومة المقبلة، ومن هم شركاء القائمة العراقية في إدارة الحكومة المرتقبة؟
ــ إن الكتلة الفائزة هي التي ستشكل الحكومة العراقية، والقائمة العراقية هي أكبر كتلة فائزة في الانتخابات، وهي التي سوف تشكل الحكومة. ولقد أجرينا حوارات ولقاءات مع المجلس الأعلى والتيار الصدري والأكراد، ووصلنا إلى مرحلة متقدمة في هذه الحوار الإيجابي، وهو ما نفخر به في القائمة العراقية، ولا تزال تؤكد على المشروع الوطني وثبت أن هذا المشروع هو الأفضل للعراقيين وهذا ما تحقق لنا. ونحن نعتبر فوزنا هو قبر الطائفة والمحاصصة، كما نؤمن بضرورة أن تكون هناك حكومة قوية قادرة على تنفيذ قراراتها. وجارٍ تشكيل الحكومة بأسرع وقت، وبدأنا بالتفاوض مع الكتل السياسية التي فازت والتي لم تفز؛ لأننا نرى أن العراق ليس ملكا لأحد أو لجهة، وتم تكليف رافع العيساوي للبدء في المفاوضات.
نحترم الرئيس طالباني
• هناك بعض الشخصيات داخل القائمة العراقية، طالبت برئيس عربي للدولة، ما الموقف الآن وأنتم تقتربون من المراحل النهائية من التشكيل، ووضع اللمسات النهائية لترويكا الحكم في العراق؟
ــ هناك آليات دستورية معتمدة، ونحن نرى أن رئيس الجمهوية يجب أن يكون عراقيا، ومجلس النواب والتوافقات السياسية التي ستتم في هذه المرحلة، والمرحلة المقبلة، هي التي ستقرر من سيكون رئيس الجمهورية، والرئيس جلال الطالباني كان الأنسب للعراقيين خلال السنوات الخمس الماضية، وأثبت قدرته وكفاءته وحبه للوطن، وليس لدينا أي اعتراض إذا حصل توافق بشأنه، كما أن الرئيس طالباني له تاريخ نضال عريق وعلاقتنا مع الأكراد جيدة جدا، ولا نريد أن نخلق أية أزمة إطلاقا في هذا الخصوص، وعندما يتشكل مجلس النواب لكل حادث حديث، ونحن نشيد بدور الرئيس طالباني؛ لأن دوره كان مشرفا ووطنيا خلال فترة رئاسته.
نريد علاقات متوازنة مع طهران
• كيف تنظرون إلى مستقبل العلاقات مع إيران، وهل ترغبون في إيجاد علاقة متوازنة مع طهران؟
ــ لا يوجد لدى القائمة العراقية خط أحمر مع إيران، بل بالعكس نحن نحترم إيران، وتربطنا مع طهران علاقات تاريخية جدية، كما أننا حريصون على تعزيز هذه العلاقات وتنميتها، والالتباس الذي حصل أخيرا سببه ضعف الحكومة السابقة. وإذا وجدت حكومة عراقية قوية وموحدة وثابتة، ستكون هناك علاقات قوية مع الجارة إيران، لكن بشرط عدم التدخل في شؤوننا الداخلية، لا العراق يتدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية، ويجب احترام السيادة والاستقلال، وعلاقاتنا مع إيران تبقى قوية -اقتصاديا وسياسيا- وليس لدينا خط أحمر مع أية دولة، المهم احترام سيادة واستقلال العراق.
عودة العراق إلى محيطه العربي
• ما أولوياتكم في السياسة الخارجية، وما رؤيتكم لمستقبل العلاقة مع دول الجوار؟
ــ في الواقع، نحن نؤكد رغبتنا في إيجاد علاقة متميزة وقوية، مع جميع دول الجوار، والدول العربية بشكل عام ونرى ضرورة سرعة عودة العراق إلى محيطه العربي، لأن العراق جزء من الأمة العربية، وتقوية العلاقات في الأولوية مع الدول العربية والإسلامية، ونريد أن نرى العراق يساهم بفعالية في تعزيز العمل العربي المشترك ولم الشمل وتوحيد الصفوف، ولا نرغب أن يستمر العراق في عزلته، ونسعى إلى غلق الملفات مع جميع دول الجوار، ومع جميع الدول لنبدأ صفحة جديدة تقوم على المحبة والتعاون والإخاء؛ لأننا -كما قلت- يجب ألا ننسى أن استقرار العراق من استقرار المنطقة، واستقرار المنطقة من استقرار العراق. وكما تعلمون أن التطورات التي شهدها العراق بعد غزوه عام 2003، وما حصل في العراق بعد الحرب، هو الفراغ الكبير عندما تم تفكيك الدولة ووضع العراق في طريق المحاصصة الطائفية.
ونحن الآن بصدد بناء مشروع الدولة العراقية القادرة على حماية العراق والعراقيين، وأن تنطلق سياستنا الخارجية من منطلقين؛ الأول المصالح المشتركة والمتبادلة مع دول العالم الأخرى دول الجوار وغيرها، وأن يكون هناك ربط اقتصادي وتجاري وثقافي من دون تردد، أما المسألة الثانية فهي مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون السيادية لبلادنا.
• هل نتوقع قيامكم بزيارات للدول العربية؟
ــ بالتأكيد، ستكون هناك زيارات للدول العربية بعد تشكيل الحكومة، وسيرى العراقيون والعرب قريبا تغييرا كبيرا في سياسة العراق الداخلية والخارجية.
علاقات ممتازة مع الرياض
• إذن كيف تنظرون إلى مستقبل العلاقات مع المملكة، وما نظرتكم إلى آفاقها المستقبلية؟
ــ علاقاتنا مع المملكة علاقات ضاربة في الجذور ومميزة، وسنكون حريصين على تنميتها وتقويتها في جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية، وسنعمل سويا للقضاء على الإرهاب عبر تنمية التعاون بين الطرفين. ونحن نعتبر أن أمن العراق هو أمن المنطقة كلها، كما أن أمن العراق هو أمن المملكة والعكس صحيح. ونسعى لتعزيز علاقاتنا مع دول الخليج العربية، بهدف القضاء على الإرهاب، ولا يمكن أن يخرج العراق عن عروبته. وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لم يتوان في دعم العراق في أحلك الظروف، ونحن نثمن مواقف الملك عبد الله بن عبد العزيز لدعم العراق واستقلاله ووحدته. واعتقد أن الجميع يتأمل خيرا لإعادة العراق إلى محيطه العربي في المرحلة الآتية.
• ماذا بالنسبة للعلاقات مع واشنطن، خاصة أن العلاقات بين القائمة العراقية شهدت بعض الشد والجذب في الماضي؟
ــ هذا صحيح، لأننا كنا ضد التوقيع على الاتفاقية الأمنية مع واشنطن، ولكن الحكومة الماضية هي التي وقعت الاتفاقية؛ لأننا كنا نعلم أن الجيش والأجهزة الأمنية غير قادرة على حماية العراق لا في الداخل ولا الخارج، وللأسف مجلس النواب أخفق في تلك الفترة وصوت على الاتفاقية الأمنية، كما أن مجلس النواب لم يمارس دوره الرقابي والتشريعي، وتم تمرير الاتفاقية الأمنية دون نجاح، والأمريكيون هم أحد أسباب تدهور الوضع في العراق، وأن الاتفاقية الموقعة مع واشنطن تضمنت ثغرات تتعلق بجاهزية القوات العراقية، إذ لم تكن على استعداد. ونرى أنه يجب أن يكون هناك تزامن بين الانسحاب وعملية الإصلاح السياسي كالانتخابات الأخيرة والعمل على إخراج العراق من الفصل السابع. وندعو الأمريكيين إلى تكثيف جهودهم في هذا المجال قبل انسحابهم. والأمريكيون جاؤوا لإنقاذ العراق، لكنهم دمروا الأجهزة الأمنية، وحلوا الجيش السابق، والتاريخ يشهد على كفاءة الجيش العراقي، والكل يعرف أن هذه الهيئة شكلت في أمريكا عام 2000، وكنا معارضين أن تكون هذه الهيئة سياسية بل قضائية، لأن القضاء هو الفيصل بين البعثي الشريف الوطني والبعثي المجرم.
الأهداف الأساسية للقائمة العراقية
• في بناء الدولة:
ــ بناء الدولة العراقية القائمة على العدل والمساواة، من العراقيين وللعراقيين، دولة المؤسسات القادرة على خدمة المجتمع، وضمان الحقوق والحريات المدنية.
ــ تحقيق الأمن باعتماد المصالحة الوطنية وضمان توازن العملية السياسية، وبإعداد القوات المسلحة والأمن الداخلي والمؤسسات القضائية المستقلة والنزيهة.
ــ إيقاف الفساد المالي والإداري بمستوياته كافة.
ــ تعزيز سيادة العراق وضمان المصلحة الوطنية في ثروات العراق الطبيعية النفطية والمائية والمعدنية.
• في مجال الخدمات:
ــ حل أزمة الكهرباء بأسرع وقت وتوفير الماء الصالح للشرب والخدمات الصحية لكل العراقيين، خاصة رعاية الأمومة والطفولة.
ــ حل مشكلة السكن بتوفير مليوني وحدة سكنية، لا سيما لذوي الدخل المحدود بأسرع وقت.
ــ إنهاء البطالة المباشرة والمقنعة بتوفير فرص العمل لكل من هو قادر، لا سيما للشباب، وتمكين النساء من المشاركة الفعلية في التنمية، وتشجيع وتطوير القطاع الخاص لاستيعاب ذلك.
ــ حماية الإرث الحضاري والإنساني للعراق، وتوفير فرص التعليم المجاني لكل عراقي وعراقية بما يتلاءم ومتطلبات العصر.
سيرة ذاتية
• تاريخ ومكان الولادة:
بغداد 1945.
• التحصيل العلمي:
ــ خريج كلية الطب، جامعة بغداد.
• عضوا في حزب البعث عام 1958.
• عضوا في المجلس القطري.
• اختلف مع رئيس الجمهورية ونائبه وترك العراق إلى بيروت عام 1971.
• ترك بيروت عام 1972 إلى لندن لإكمال الدراسات العليا.
• انتخب مسؤولا للتنظيم القومي لحزب البعث في أوروبا الغربية وبعض بلدان الخليج عام 1973، عندما كان ارتباط التنظيم القومي مع القيادة القومية في بيروت.
• استقال رسميا من حزب البعث عام 1975.
• أسس منذ عام 1974 تنظيما سريا مع بعض العراقيين؛ منهم د. تحسين معله والمرحوم هاني الفكيكي واللواء الركن حسن النقيب والعقيد سليم شاكر والمقدم الطبيب المرحوم صلاح شبيب.
• تعرض لمحاولة اغتيال في شهر فبراير (شباط) 1987 وبقي في المستشفى لأكثر من عام.
• استمر في تطوير التنظيم السري مع الأشخاص أعلاه وغيرهم.
• أعلن عن التنظيم بشكل علني في بيروت عام 1990، وسميت الحركة (حركة الوفاق الوطني العراقي).
•انتخب أمينا عاما للحركة عام 1991 وجدد انتخابه كأمين عام للحركة عام 1993.
وتطرق إلى أولويات المرحلة الداخلية المقبلة قائلا: «نعمل في المرحلة المقبلة على تكريس مبدأ الشراكة الوطنية في صناعة القرار، وعدم السماح للشخص الواحد، أو الجهة الواحدة للسيطرة والتفرد بالقرار السياسي، فضلا عن تعزيز مقومات المصالحة الوطنية».
وعن احتمالات عودة البعثيين إلى المشهد السياسي، أشار علاوي إلى أن الفكر البعثي مرحلة الفكر قد ولت، وأصبحت في غياهب التاريخ، بيد أنه استدرك أن البعثيين الشرفاء، الذين أجبروا تحت الضغط أن ينتموا للبعث كراهية لتأمين لقمة العيش، فيسمح لهم بالعودة.
واسترسل أن الحكومة المرتقبة هي في ماهيتها حكومة وحدة وطنية. ولا فرق بين سني، شيعي، مسيحي، كردي أو تركماني، جميعهم عراقيون وطنيون يساهمون في بناء العراق الموحد البعيد عن الطائفية، مؤكدا أن طائفة السنة لم تشارك كما ينبغي في الحياة السياسية في المرحلة الماضية، وسيكون لها دور إيجابي في الحراك السياسي العراقي.
وأعلن أن توليفة الحكومة المرتقبة ستعمل على نبذ الطائفية والمحاصصة، موضحا أن أي فرد يشغل أي منصب، يجب أن يكون على مستوى من الكفاءة والقدرة والمهنية، ويصبح ولاؤه للوطن لا للطائفة. وأضاف أن الشعب العراقي، في الواقع، اختار التغيير وسئم من تداعيات المرحلة الماضية، إذ إن الطائفية في تلك المرحلة، هي المتحكمة في مجريات الأمور.
وتناول علاوي مستقبل العلاقة مع طهران بالتقييم، مذكرا بعدم وجود خط أحمر مع إيران في أجندة القائمة العراقية، بل العكس، يتوفر الاحترام لإيران في وجود روابط وعلاقات تاريخية جيدة، شريطة عدم التدخل في الشؤون الداخلية العراقية.
وفي ما يتعلق بأولويات سياسته الخارجية، خاصة مع دول الجوار، أكد رغبته الجادة في استحداث علاقة متميزة وقوية، مع جميع دول الجوار. والدول العربية بشكل عام، مع التركيز على سرعة عودة بلاده إلى محيطه العربي؛ لأن العراق جزء من الأمة العربية. وبين «نريد أن نرى العراق يسهم بفعالية في توطيد العمل العربي المشترك، ولم الشمل وتوحيد الصفوف، ولا نرغب أن يستمر العراق في عزلته».
وإلى فحوى الحوار:
الشراكة والمصالحة أولوية
• بداية، نهئنكم بفوزكم في الانتخابات العراقية، ثم ما أولوياتكم الداخلية في المرحلة المقبلة، خاصة أنكم ترثون تركة ثقيلة من الحكومة السابقة؟
ــ واقعا، إن الأولويات متشعبة ومتنوعة، لكن هناك الهدف الأول، وهو استنباط حالة توازن في (ميكانيزم) العملية السياسية؛ بمعنى مشاركة جميع العراقيين في الحياة السياسية دون تمييز في العرق والمذهب، باستثناء الإرهابيين والقتلة ومن تلطخت أيديهم بدماء العراقيين. وسنعمل على تكريس مبدأ الشراكة الوطنية في صناعة القرار، وعدم السماح للشخص الواحد أو الجهة الواحدة للسيطرة والانفراد بالقرار؛ لأن العراقيين كل لا يتجزأ وهم أصحاب القرار، وليس فئة أو جهة. وهذا هو الخطأ الذي وقعت فيه الحكومة العراقية السابقة. نحن لا نريد تكرار أخطاء الماضي، لأننا نرى أن الشراكة الوطنية في القرار، هي التي ستؤدي في النهاية إلى حدوث التوازن في العملية السياسية والاستقرار على الأرض. ونأمل من خلال ذلك، الوصول إلى الأمن والاستقرار الذي ينشده العراقيون وسنسعى لتحقيقه بتعاون الجميع.
كما أننا نبتغي الوصول إلى مصالحة وطنية حقيقية يتم من خلالها الاستماع لرؤى الجميع، حتى نصل لمرحلة الأمن والاستقرار والخروج من الأزمة إلى بر الأمان، لهذا فإن الشراكة الوطنية والمصالحة الداخلية عنصران أساسيان، وأولويات قصوى في المرحلة المقبلة، حتى يتمكن المواطن العراقي العيش في أجواء آمنة ومستقرة. تعديل مسارات العملية السياسية وتوسيعها لتشمل الشعب العراقي كله باستثناء القتلة والإرهابيين. وأؤكد حرصنا على بناء مؤسسات الدولة العراقية الكفوءة والمهنية التي تستطيع أن تقدم الخدمات اللائقة للشعب العراقي، وتوفر الأمن والاستقرار، وتعمل على تطوير وتحديث الإمكانات الاقتصادية للأسرة العراقية لتعيش مرتاحة دون عوز، وهذه مسؤوليتنا جميعا ومسؤولية كل الشعب العراقي، وكل القوى السياسية أن تعمل بروح فريق العمل الجماعي؛ لبناء دولة قادرة على حماية شعب العراق وعدم السماح للآخرين التدخل في شؤون بلاده وضرورة إنهاء جميع المشاكل العالقة مع دول الجوار.
القضاء على الإرهاب والقتلة
• ماذا عن الوضع الأمني والاقتصادي، خاصة على ضوء ما حدث في العراق من أعمال إرهابية وتدهور الأوضاع الاقتصادية الداخلية؟
ــ القضاء على الأرهاب والقتلة واستعادة الأمن، أولوية. كما أن استقلالية القضاء مهم جدا لتصحيح الأخطاء، وموقفنا يتجسد في ضرورة اجتثاب الإرهاب، ومحاكمة الإرهابيين عبر القضاء المستقل، فضلا عن بناء مؤسسات الدولة بكفاءة ومهنية وقدرة. ويجب أن يكون الولاء للوطن وليس للطائفة أو أية جهة أخرى. ثم إننا نرى ضرورة إعادة تأهيل الأجهزة الأمنية وإعادة الجيش العراقي الباسل إلى مواقعه السابقة، لأن الجيش العراقي معروف بكفاءته وقدرته للدفاع عن الوطن.
• ما رؤيتكم لعراق ما بعد المالكي؟
ــ نحن نؤكد على أن تصان كرامة المواطن العراقي وحياته وحريته، فهو يحتاج العمل والسكن والدراسة والطب، وغيرها من الخدمات، وهو في حاجة أكبر إلى العدل وسيادة المؤسسات القانونية ليشعر بأنه في عراقه، وأن العراق كله له، عراق للجميع من غير أن نحرم أي مواطن من عراقيته.
وسنبقى نعمل من أجل عراق يتسع لنا جميعا، ومن دون ذلك لا يتعزز شعور المواطنة الحقيقية لدى العراقي. هذا هو ما نحن جادون في تحقيقه بكل وضوح وبساطة، لأننا نعتقد أن العملية السياسية هي في النهاية يجب أن تصب في خدمة الشعب العراقي.
ونعتقد أن استحقاقات المرحلة المقبلة تختلف عن الاستحقاقات السابقة، لهذا يجب أن توضع النقاط على الحروف في موضوع التوجه إلى الأمام، وعلينا أن نحسم معا؛ هل نحن وطنيون أم أننا نؤمن بالطائفية السياسية؟، هل نحن وطنيون أم نؤمن بتسييس الدين؟، هل نحن وطنيون أم أننا نؤمن بتقسيم العراق إلى قطاعات وكانتونات؟، هل نريد عراقا ديموقراطيا وحقيقيا ولكل العراقيين أم نريد عراقا يهمش أجزاء واسعة من المجتمع العراقي؟، من سيكون معنا يجب أن يؤمن بخطنا الوطني، ويعمل من أجل عراق لكل العراقيين، بعيدا عن المحاصصة الطائفية وتسييس الدين وتهميش الآخرين.
إننا نعمل من أجل تعميق عراقية المواطن الذي تحمل طوال سنوات كثيرة المصاعب والظلم والحروب. ويأتي ذلك من خلال تشكيل حكومة وطنية تؤمن -أولا وأخيرا- بمواطنيها واحترام الكفاءات العراقية والطلاب والشباب، والاهتمام بمستقبل العراق الذي يتجسد في رعاية الطفولة والانصراف إلى الاستفادة من طاقات الشباب وإمكاناتهم الهائلة في التفكير والإنجاز المبدع، ويأتي في مقدمة كل هذه الشرائح الاهتمام بالمرأة العراقية التي تحملت الكثير من المتاعب، لقد قدمنا جميعا تضحيات جساما نضعها تاجا على رؤوس كل العراقيين.
ورغم أنه كان لي الشرف في إدارة أول عملية ديموقراطية في العراق والإشراف على انتخابات نزيهة وحرة في عام 2005، فلي الاعتزاز الآن بأنني شكلت فرصة من خلال الانتخابات الحالية تصب في اتجاه قبر الطائفية السياسية في البلاد، وفي إعادة العراق إلى حظيرته العربية، وإعادة العرب إلى العراق. هذا هو المؤشر المهم الذي أفرزته الانتخابات الأخيرة، وأتمنى أن يتم فرز ما تبقى من نتائج في شكل طبيعي وسليم، وأن تكون النتائج واضحة وتعبر عن إرادة الشعب العراقي، رغم ما شاب تلك الانتخابات من مشكلات كبيرة، قبلها وخلالها، كالإبعاد والاعتقالات والاتهامات والتهميش والتخويف باستخدام أدوات الحكومة. وألا نعود لمشاهد تفجيرات يوم الانتخاب التي أودت بحياة عدد كبير من المواطنين. رغم كل ذلك، فإن الشعب العراقي عبر عن رفضه للطائفية السياسية وهو يسعى إلى قبرها بشكل كامل. ولهذا فإن التصويت الذي بدت نتائجه، جاء تعبيرا واضحا عن هذا الخيار، بدليل أننا في قائمة (العراقية) حصلنا على تصويت واسع في المحافظات ذات أغلبية سنية، وأيضا حصدنا نتائج جيدة في المحافظات التي توسم بالشيعية وهو أمر لا يعبر عن دعمي أو عن دعم «العراقية» فقط، إنما يعبر عن رفض الطائفية السياسية وعن أن العراق جزء حيوي من منطقته.
حزب لبعث دفن
• هل تدعمون عودة الجيش العراقي، بما في ذلك البعثيون السابقون؟
ــ هناك فرق بين البعث كفكر، هذا الفكر لا يمكن أن يعود إلى العراق إطلاقا وتم دفنه نهائيا وإلى الأبد. أما أولئك الشرفاء، فيمكنهم العودة إلى العمل. وكما تعلمون فإن تجربة البعث، في الواقع، هي التي دمرت العراق لمدة 35 عاما، وظلمت الشعب العراقي، وليطمئن كل عراقي، أن الفكر البعثي انتهى، وأصبح في التاريخ، لكن البعثيين الشرفاء، الذين أجبروا تحت الضغط، أن ينتموا للبعث؛ كراهية لتأمين لقمة العيش، فيسمح لهم بالعودة؛ لأن منهم الأطباء والموظفين الأكفاء، هؤلاء هم الوطنيون، ولا يمكن إبعادهم عن العملية السياسية، ولا يمكن تجاهلهم وتجاهل دورهم في تنمية مؤسسات الدولة؛ لأننا في القائمة العراقية مع المظلومين من الشعب العراقي. لذا نؤكد إذن، تمكننا من توفير المؤسسات المعتمدة على الكفاءات والقدرة. وإذا تمكنا من تحقيق الأمن والاستقرار، فهذا يعني أننا سنتمكن من إيجاد أجواء آمنة، وسيصبح هناك استثمار وأجواء اقتصادية إيجابية ستسمح للمستثمرين الدخول في مشاريع داخل العراق وسينهض وسيعود إلى مكانته.
نحن ضد الإقصاء والتهميش
• ما رؤيتكم وفلسفتكم حيال المصلحة الوطنية العراقية، وكيف ستتمكنون من إيجاد وحدة وطنية في ظل تغلغل الطائفية داخل المجتمع؟
ــ بداية يجب فهم وتحديد مبدأ المصالحة، ويجب على السياسيين ورؤساء الكتل السياسية أن يضعوا مصلحة العراق كأولوية وفوق كل اعتبار، وليس مصالحهم الشخصية. ويتعين أيضا إعادة أولئك الأشخاص الذين تم إقصاؤهم وتهميشهم وإبعادهم من العملية السياسية للمشاركة في الحياة العامة.
ونحن نرى ضرورة إعادتهم إلى العملية السياسية بالجلوس معهم وإقامة حوار بيني إذا لم يرتكبوا أية جريمة ضد العراق.
لاتهميش للسنة
• جرى تهميش طائفة السنة خلال الحقبة الماضية، هل سيستمر هذا التهميش في المرحلة المقبلة، أم هناك تغيير في سياسة حكومتكم المرتقبة؟
ــ أؤكد أن الحكومة الآتية ستكون حكومة وحدة وطنية. ولا فرق بين سني، شيعي، مسيحي، كردي أو تركماني. كلهم عراقيون وطنيون، ولا فرق بينهم، وهم يساهمون في بناء العراق الموحد البعيد عن الطائفية.
وطائفة السنة، لم تشارك كما ينبغي في الحياة السياسية في المرحلة الماضية، ولقد بذلنا جهودا كبيرة لإعادتهم إلى الحياة السياسية. وهم أثبتوا كفاءتهم على الساحة السياسية العراقية، وسيكون لهم دور إيجابي في الخريطة السياسية المقبلة.
لا للطائفية والمحاصصة
• إذن، كيف ستتعاملون مع المحاصصة والطائفية المتجذرة في العراق؟
ــ الحكومة المرتقبة تسعى لإنهاء الطائفية والمحاصصة، وأي فرد يشغل أي منصب يجب أن يكون على مستوى الكفاءة والقدرة والمهنية، ويكون ولاؤه للوطن ويجب ألا يكون انتماؤه للطائفة. والشارع العراقي أصبح على درجة من الوعي والإدراك والفهم السياسي والثقافي. وأصبح يميز من هو الأصلح والأقدر للقيادة. والذين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع اختاروا الأصلح والأفضل لقيادة بلدهم، والشارع العراقي هو الفائز في هذه الانتخابات، والتيار الليبرالي هو الذي سينقذ العراق من أزمته الحالية. وهو سيجمع جميع التيارات والطوائف العراقية في قارب واحد ودون تمييز؛ ليعود العراق كما كان بعيدا عن الطائفية والمحاصصة.
العراقيون اختاروا التغيير
• بماذا تعزون التحول والتغيير الذي حدث في عقلية الناخب العراقي؟
ــ الشعب العراقي في الواقع اختار التغيير وسئم من المرحلة الماضية، ولأن المرحلة الماضية كانت الطائفية هي المحركة لمجريات للأمور، خاصة أن حزب الدعوة كان يكرس هذه الثقافة وأثبت فشله في إدارة أمور البلاد، وقدم وعودا كاذبة للشعب، واستغل ثروة العراق، وازدادت عملية البطالة والفقر، وأصبح العراق أول دولة في الفساد والفقر والبطالة. لهذا فإن الشعب رغب في التغيير، وهو يريد أشخاصا قياديين وطنيين، لكي يستطيع الشعب العراقي أن يرفع رأسه ويفتخر أنه عراقي داخل بلده وخارجه. فالعراق غني برجاله الوطنيين الذين يستطيعون تحمل مسؤولياتهم الوطنية، وينهضون ببلدهم ويعيدونه إلى مكانته الطبيعية عربيا ودوليا.
الأكراد والصدريون والائتلاف شركاؤنا
• ما الجديد في تشكيل الحكومة المقبلة، ومن هم شركاء القائمة العراقية في إدارة الحكومة المرتقبة؟
ــ إن الكتلة الفائزة هي التي ستشكل الحكومة العراقية، والقائمة العراقية هي أكبر كتلة فائزة في الانتخابات، وهي التي سوف تشكل الحكومة. ولقد أجرينا حوارات ولقاءات مع المجلس الأعلى والتيار الصدري والأكراد، ووصلنا إلى مرحلة متقدمة في هذه الحوار الإيجابي، وهو ما نفخر به في القائمة العراقية، ولا تزال تؤكد على المشروع الوطني وثبت أن هذا المشروع هو الأفضل للعراقيين وهذا ما تحقق لنا. ونحن نعتبر فوزنا هو قبر الطائفة والمحاصصة، كما نؤمن بضرورة أن تكون هناك حكومة قوية قادرة على تنفيذ قراراتها. وجارٍ تشكيل الحكومة بأسرع وقت، وبدأنا بالتفاوض مع الكتل السياسية التي فازت والتي لم تفز؛ لأننا نرى أن العراق ليس ملكا لأحد أو لجهة، وتم تكليف رافع العيساوي للبدء في المفاوضات.
نحترم الرئيس طالباني
• هناك بعض الشخصيات داخل القائمة العراقية، طالبت برئيس عربي للدولة، ما الموقف الآن وأنتم تقتربون من المراحل النهائية من التشكيل، ووضع اللمسات النهائية لترويكا الحكم في العراق؟
ــ هناك آليات دستورية معتمدة، ونحن نرى أن رئيس الجمهوية يجب أن يكون عراقيا، ومجلس النواب والتوافقات السياسية التي ستتم في هذه المرحلة، والمرحلة المقبلة، هي التي ستقرر من سيكون رئيس الجمهورية، والرئيس جلال الطالباني كان الأنسب للعراقيين خلال السنوات الخمس الماضية، وأثبت قدرته وكفاءته وحبه للوطن، وليس لدينا أي اعتراض إذا حصل توافق بشأنه، كما أن الرئيس طالباني له تاريخ نضال عريق وعلاقتنا مع الأكراد جيدة جدا، ولا نريد أن نخلق أية أزمة إطلاقا في هذا الخصوص، وعندما يتشكل مجلس النواب لكل حادث حديث، ونحن نشيد بدور الرئيس طالباني؛ لأن دوره كان مشرفا ووطنيا خلال فترة رئاسته.
نريد علاقات متوازنة مع طهران
• كيف تنظرون إلى مستقبل العلاقات مع إيران، وهل ترغبون في إيجاد علاقة متوازنة مع طهران؟
ــ لا يوجد لدى القائمة العراقية خط أحمر مع إيران، بل بالعكس نحن نحترم إيران، وتربطنا مع طهران علاقات تاريخية جدية، كما أننا حريصون على تعزيز هذه العلاقات وتنميتها، والالتباس الذي حصل أخيرا سببه ضعف الحكومة السابقة. وإذا وجدت حكومة عراقية قوية وموحدة وثابتة، ستكون هناك علاقات قوية مع الجارة إيران، لكن بشرط عدم التدخل في شؤوننا الداخلية، لا العراق يتدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية، ويجب احترام السيادة والاستقلال، وعلاقاتنا مع إيران تبقى قوية -اقتصاديا وسياسيا- وليس لدينا خط أحمر مع أية دولة، المهم احترام سيادة واستقلال العراق.
عودة العراق إلى محيطه العربي
• ما أولوياتكم في السياسة الخارجية، وما رؤيتكم لمستقبل العلاقة مع دول الجوار؟
ــ في الواقع، نحن نؤكد رغبتنا في إيجاد علاقة متميزة وقوية، مع جميع دول الجوار، والدول العربية بشكل عام ونرى ضرورة سرعة عودة العراق إلى محيطه العربي، لأن العراق جزء من الأمة العربية، وتقوية العلاقات في الأولوية مع الدول العربية والإسلامية، ونريد أن نرى العراق يساهم بفعالية في تعزيز العمل العربي المشترك ولم الشمل وتوحيد الصفوف، ولا نرغب أن يستمر العراق في عزلته، ونسعى إلى غلق الملفات مع جميع دول الجوار، ومع جميع الدول لنبدأ صفحة جديدة تقوم على المحبة والتعاون والإخاء؛ لأننا -كما قلت- يجب ألا ننسى أن استقرار العراق من استقرار المنطقة، واستقرار المنطقة من استقرار العراق. وكما تعلمون أن التطورات التي شهدها العراق بعد غزوه عام 2003، وما حصل في العراق بعد الحرب، هو الفراغ الكبير عندما تم تفكيك الدولة ووضع العراق في طريق المحاصصة الطائفية.
ونحن الآن بصدد بناء مشروع الدولة العراقية القادرة على حماية العراق والعراقيين، وأن تنطلق سياستنا الخارجية من منطلقين؛ الأول المصالح المشتركة والمتبادلة مع دول العالم الأخرى دول الجوار وغيرها، وأن يكون هناك ربط اقتصادي وتجاري وثقافي من دون تردد، أما المسألة الثانية فهي مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون السيادية لبلادنا.
• هل نتوقع قيامكم بزيارات للدول العربية؟
ــ بالتأكيد، ستكون هناك زيارات للدول العربية بعد تشكيل الحكومة، وسيرى العراقيون والعرب قريبا تغييرا كبيرا في سياسة العراق الداخلية والخارجية.
علاقات ممتازة مع الرياض
• إذن كيف تنظرون إلى مستقبل العلاقات مع المملكة، وما نظرتكم إلى آفاقها المستقبلية؟
ــ علاقاتنا مع المملكة علاقات ضاربة في الجذور ومميزة، وسنكون حريصين على تنميتها وتقويتها في جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية، وسنعمل سويا للقضاء على الإرهاب عبر تنمية التعاون بين الطرفين. ونحن نعتبر أن أمن العراق هو أمن المنطقة كلها، كما أن أمن العراق هو أمن المملكة والعكس صحيح. ونسعى لتعزيز علاقاتنا مع دول الخليج العربية، بهدف القضاء على الإرهاب، ولا يمكن أن يخرج العراق عن عروبته. وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لم يتوان في دعم العراق في أحلك الظروف، ونحن نثمن مواقف الملك عبد الله بن عبد العزيز لدعم العراق واستقلاله ووحدته. واعتقد أن الجميع يتأمل خيرا لإعادة العراق إلى محيطه العربي في المرحلة الآتية.
• ماذا بالنسبة للعلاقات مع واشنطن، خاصة أن العلاقات بين القائمة العراقية شهدت بعض الشد والجذب في الماضي؟
ــ هذا صحيح، لأننا كنا ضد التوقيع على الاتفاقية الأمنية مع واشنطن، ولكن الحكومة الماضية هي التي وقعت الاتفاقية؛ لأننا كنا نعلم أن الجيش والأجهزة الأمنية غير قادرة على حماية العراق لا في الداخل ولا الخارج، وللأسف مجلس النواب أخفق في تلك الفترة وصوت على الاتفاقية الأمنية، كما أن مجلس النواب لم يمارس دوره الرقابي والتشريعي، وتم تمرير الاتفاقية الأمنية دون نجاح، والأمريكيون هم أحد أسباب تدهور الوضع في العراق، وأن الاتفاقية الموقعة مع واشنطن تضمنت ثغرات تتعلق بجاهزية القوات العراقية، إذ لم تكن على استعداد. ونرى أنه يجب أن يكون هناك تزامن بين الانسحاب وعملية الإصلاح السياسي كالانتخابات الأخيرة والعمل على إخراج العراق من الفصل السابع. وندعو الأمريكيين إلى تكثيف جهودهم في هذا المجال قبل انسحابهم. والأمريكيون جاؤوا لإنقاذ العراق، لكنهم دمروا الأجهزة الأمنية، وحلوا الجيش السابق، والتاريخ يشهد على كفاءة الجيش العراقي، والكل يعرف أن هذه الهيئة شكلت في أمريكا عام 2000، وكنا معارضين أن تكون هذه الهيئة سياسية بل قضائية، لأن القضاء هو الفيصل بين البعثي الشريف الوطني والبعثي المجرم.
الأهداف الأساسية للقائمة العراقية
• في بناء الدولة:
ــ بناء الدولة العراقية القائمة على العدل والمساواة، من العراقيين وللعراقيين، دولة المؤسسات القادرة على خدمة المجتمع، وضمان الحقوق والحريات المدنية.
ــ تحقيق الأمن باعتماد المصالحة الوطنية وضمان توازن العملية السياسية، وبإعداد القوات المسلحة والأمن الداخلي والمؤسسات القضائية المستقلة والنزيهة.
ــ إيقاف الفساد المالي والإداري بمستوياته كافة.
ــ تعزيز سيادة العراق وضمان المصلحة الوطنية في ثروات العراق الطبيعية النفطية والمائية والمعدنية.
• في مجال الخدمات:
ــ حل أزمة الكهرباء بأسرع وقت وتوفير الماء الصالح للشرب والخدمات الصحية لكل العراقيين، خاصة رعاية الأمومة والطفولة.
ــ حل مشكلة السكن بتوفير مليوني وحدة سكنية، لا سيما لذوي الدخل المحدود بأسرع وقت.
ــ إنهاء البطالة المباشرة والمقنعة بتوفير فرص العمل لكل من هو قادر، لا سيما للشباب، وتمكين النساء من المشاركة الفعلية في التنمية، وتشجيع وتطوير القطاع الخاص لاستيعاب ذلك.
ــ حماية الإرث الحضاري والإنساني للعراق، وتوفير فرص التعليم المجاني لكل عراقي وعراقية بما يتلاءم ومتطلبات العصر.
سيرة ذاتية
• تاريخ ومكان الولادة:
بغداد 1945.
• التحصيل العلمي:
ــ خريج كلية الطب، جامعة بغداد.
• عضوا في حزب البعث عام 1958.
• عضوا في المجلس القطري.
• اختلف مع رئيس الجمهورية ونائبه وترك العراق إلى بيروت عام 1971.
• ترك بيروت عام 1972 إلى لندن لإكمال الدراسات العليا.
• انتخب مسؤولا للتنظيم القومي لحزب البعث في أوروبا الغربية وبعض بلدان الخليج عام 1973، عندما كان ارتباط التنظيم القومي مع القيادة القومية في بيروت.
• استقال رسميا من حزب البعث عام 1975.
• أسس منذ عام 1974 تنظيما سريا مع بعض العراقيين؛ منهم د. تحسين معله والمرحوم هاني الفكيكي واللواء الركن حسن النقيب والعقيد سليم شاكر والمقدم الطبيب المرحوم صلاح شبيب.
• تعرض لمحاولة اغتيال في شهر فبراير (شباط) 1987 وبقي في المستشفى لأكثر من عام.
• استمر في تطوير التنظيم السري مع الأشخاص أعلاه وغيرهم.
• أعلن عن التنظيم بشكل علني في بيروت عام 1990، وسميت الحركة (حركة الوفاق الوطني العراقي).
•انتخب أمينا عاما للحركة عام 1991 وجدد انتخابه كأمين عام للحركة عام 1993.