فيـلـــــم كـــــروي مـدهـش ومثــيــر

أما الفوز، فقد كان من نصيب الهلال، أما عن الفرحة، فكلاهما أفسد فرحة الآخر، وفي هذا ما يفسر اتفاق الغريمين، في الهجوم على حكم المباراة، فهو في النهاية «حكم سعودي»، وهما كلمتان تتساويان تماما مع قولك «طوفة هبيطة» !، ونعود للمباراة: كل شيء كان يقول بهزيمة، تاريخية، ونتيجة كارثية، على نادي النصر، عقارب الساعة، بدت لاسعة، على نحو عجيب، فلم تمر سوى دقائق، قليلة، من اللعب، حين كانت شاشة الملعب، تشير بهدفين للهلال، أما اللعب نفسه، فقد كان يبشر بزيادة الغلة الهلالية، وبخسارة فادحة للعالمي، تماما كما كانت كل المؤشرات تقول بذلك، قبل المباراة، كانت واحدة من فرص العمر، بالنسبة للزعيم الأزرق، فمنذ زمن بعيد، وربما للمرة الأولى، يظهر الهلال بهذا التكامل، و هذه القوة المرعبة، حيث الجميع، قادر على التسجيل، والدفاع، والمراوغة، وامتلاك كافة أرجاء الملعب، أما النصر، العالمي، فلم يحدث أن كان بكل هذا النقص، حيث ثمانية، على الأقل، من أساسييه، خارج الملعب، أضف إلى ذلك حصاد الموسم، المسبع بالبطولات، والنتائج المذهلة للهلال، وحيث النصر، خاسر لكل رهانات الموسم، بما فيها البطولة الخليجية، الكعكة، الجاهزة للأكل، بالنسبة للفرق السعودية دائما، حتى جماهير الشمس، التي بقيت لغزا محيرا، بالنسبة لكل متابع كروي، من حيث حضورها، وقوتها المؤثرة، و إصرارها العجيب على المؤازرة، حتى هذه الجماهير، تراخت ليلتها عن الحضور، فلا شيء يقول بغير هزيمة تاريخية، وفارق مهول من الأهداف، وها هي الدقائق الأولى من المباراة، تؤكد ذلك، ويزيد ياسر القحطاني طين العالمي بلة، مسجلا هدفا ثالثا، بحرفية رائعة، وحتى أن رسالة هاتفية شامتة وصلتني، من الصديق ياسر الكنعان، الذي شغل الساحة في الأيام الماضية، بتسميته لمولوده الجديد، باسم «رادوي»، نتيجة محبة فائقة الهوس، للزعيم، ولاعبيه، قبل أن يعدل عن الاسم، بحكم القوانين المانعة للأسماء غير العربية، فحوى الرسالة : «هذه مباراة يسجل فيها حتى نامي، كان توقعا في مكانه، فلم أنته من قراءة الرسالة، حتى كان نامي محاطا بسيل من الفانيلات الزرقاء، تهنئه على تسجيل الهدف الرابع، فرصة الفوز التاريخي، قفزت من كونها فرصة، وصارت حقيقة واقعة، فالوقت المتبقي من اللعب، كافيا لتسجيل رباعية أخرى، بينما لا شيء يوحي باحتمالية حدوث شيء، من الغريم النصراوي أو فيه، غير أن الجماهير النصراوية، التي بقيت تتابع المباراة، استحضرت في داخلها، رجلا، لا يتكرر، اسمه «فهد الهريفي»، وفجأة، هبت الرياح، وكأن روح فهد الهريفي حضرت الملعب، في رغبة مستحيلة، لتكرار التعادل بالرباعية الشهيرة، كان هناك شيء في العالمي يقول، بأن الشمس أكرم من قدرة البحر على سحقها، مهما علت الأمواج، وما حدث بعد ذلك، كان أقرب إلى الخرافة، والأسطورة، هجمات باتعة السحر للنصر، ومن كرة ثابتة، يهز فيغاروا الشباك، ليس الشباك فقط، فما اهتز حقيقة، كان الثقة الهلالية، في قلوب لاعبي الزعيم، وبالتخصص، ريان بلال، يرسل رسالة الخطر الثانية، فتتهادى الكرة، في الشباك هدفا ثانيا، ولم تعد الكرة تتحرك في غير رغبة النصر، حتى سجل فيغاروا الثالث، يا للهول، انتهت كل إمكانيات الفوز التاريخي، وما تبقى من الوقت، لم يعد يسمح بغير، الفرار بالنقاط الثلاث، وهي مسألة باتت الشكوك فيها مؤكدة، لولا كرة رادوي الفارقة، قوة ومهارة، وحسن توقيت، بعدها لاحت للنصر فرصة تقليل الفارق إلى الحد الذي يمكنه إهانة التكامل الهلالي فعلا، لكن ريان بلال أطاح بالكرة خارجا، لتنتهي المباراة بفارق هدفين لا أكثر، كانت واحدة من أعجب مباريات الكرة، انتقلت من قدرتها على أن تكون كارثية، إلى قدرتها على أن تكون أسطورية، لكنها لم تكن هذه، ولا تلك، أجمل ما في الأمر، أن هذا الفيلم الكروي المثير، له جزء ثان، وعلى الشمس أن تشرق مرتين من الآن، لبداية العرض!.