العربي ليس ظاهرة صوتية

صالح إبراهيم الطريقي

صديقي..
إن لم يكتب بعد كل مجزرة إسرائيلية مقالات «تلعن سنسفيل» الجيش الإسرائيلي أو النازيين الجدد أو مجرمي الحرب، هب البعض ليصرخ: «لماذا هذا الصمت، تهاجمون القاعدة ولا تهاجمون الإرهاب الحقيقي؟»
مع أني لا أعرف ما الإرهاب الحقيقي والإرهاب الوهمي، فالإرهاب هو أن تقتل أشخاصا أبرياء بغض النظر عن «الأيديولوجيا / العقيدة» التي يحملها ذاك الأعزل، لكن وللأسف «الأيديولوجيا» تلعب دورا، وربما هذا ما يجعل البطل عند مجتمع ما مجرما عند المجتمع الآخر، مع أن كليهما البطل والمجرم قتلة.
أما إن سن الكتاب أقلامهم لشن حرب «حبرية»، وقررت بعض الجماهير العربية المعتادة على حرق الأعلام كتفريغ؛ ليخففوا من تلك الضغوطات التي لا تحتمل، جاء من يذكرهم بأنهم «ظاهرة صوتية».
هل العرب «ظاهرة صوتية»، كما يقول بعضهم لبعض مذ صدر كتاب «العرب ظاهرة صوتية»؟
إن الإجابة على السؤال تحتاج إلى تشريح حياة الإنسان العربي منذ أن أعلنت الممرضة قدومه للأرض.
هذا الكائن العربي يهبط للأرض، فتبدأ عملية سلب حريته في البيت بالوصايا المكرورة: «الابن الجيد هو الذي لا يعترض، ويسمع الكلام، وينفذ كل ما يقال له وإن لم يرق له»، أو سيصبح سيئا، ويستحق العقاب لأنه ابن عاق.
هذه الوصايا ستنتقل معه للمدرسة، وليصبح طالبا جيدا عليه تنفيذ نفس تعاليم البيت بعد أن يزاح الأب لمصلحة المعلم.
لا أحد ــ في البيت، المدرسة، العمل ــ يعلمه أن يعبر عن رأيه، ويدافع عن حقوقه، وأن يكون حرا، وكل هذا يا صديقي يجعله يتألم.
مؤلم أن الوطن المسلوب لا يمكن أن يسترده ذاك الإنسان العربي المسلوب الحرية الذي أصبح ظاهرة صوتية من الألم، فتحرير فلسطين مرتبط بتحرير الإنسان، وبدون الإنسان الحر ستصبح الأوطان مسلوبة أو ضعيفة، وغير قادة على حماية نفسها، أو أن ترد عدوا إلا بالصراخ والبكاء على الموتى الجدد.
التوقيع: صديقك
S_alturigee@yahoo.com


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة