عبد العزيز شكري .. مشوار مخضب بالشعر والرياضة

يفخر بزمالة خالد وسعد الفيصل دراسياً في الطائف

عبد العزيز شكري .. مشوار مخضب بالشعر والرياضة

علي فقندش ـ جدة

شخصية هذا الأسبوع، رجل استطاع بـ(عصامية) من نوع فريد دخول التاريخ المحلي من أبواب عدة مختلفة؛ فهو في الإعلام المذيع الذي أطل من خلال الإذاعة مبكرا ثم التلفزيون عندما غدا لدينا (تلفزيون)، وهو معد ومقدم البرامج، وهو المشارك في الأنشطة الثقافية، وهو أيضا صاحب المشوار الطويل في الرياضة عندما أصبح مديرا عاما لنادي الاتحاد، كذلك كان عبد العزيز شكري شاعر أغنية مميزا بمفردة وصورة (حجازية) جميلة، جذبت إليه محمد عبده وفوزي محسون -رحمه الله- وعبد المجيد عبد الله والموسيقار عمر كدرس الذين تغنوا بإبداعه. من مزايا ضيفنا عبدالعزيز شكري أنه كان يختار أصدقاءه من زملاء المهنة، إذ إنه كان يفرق تماما -كما يقول- بين الزمالة والصداقة، ويقول إنه استطاع أن يحقق كل ما أراد أن يصل إليه بهذه المحدودية جدا من الأصدقاء مثل (الأستاذ)؛ وهنا نعني بالأستاذ مطلق مخلد الذيابي. كانت نشأة عبد العزيز شكري مميزة.. دعونا نقول إنه كان محظوظا، إضافة إلى مثابرته وعصاميته، أما محظوظا!! فهذه ندعه يحدثنا عنها وكيف كان محظوظا في طفولته كتلميذ لنبدأ رحلتنا معه، محاولين نبش ذاكرته وتأريخه مع الإعلام والفن والرياضة.


طفولة.. نشأة.. دراسة
يقول شكري: كان من المصادفات التي استفادت منها طفولتي أن الملك فيصل -رحمه الله- كان قد أمر بإنشاء أول مدرسة نموذجية في المملكة -كان ذلك في الطائف- درسنا فيها التحضيري (تمهيدي) والابتدائية (ست سنوات) والمتوسطة (أربع سنوات) والثانوية (ثلاث سنوات). ويستطرد أنني كنت محظوظا، كوني زاملت في الدراسة وكل المراحل أبناء الملك فيصل خريجي النموذجية نفسها؛ منهم أصحاب السمو الملكي الأمراء محمد، سعود، خالد، سعد، عبد الرحمن، بندر، تركي الفيصل. كما زاملت من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود كلا من أصحاب السمو الملكي الأمراء ثامر، ممدوح، مشهور بن عبد العزيز، وأبناء الأمير عبد الله الفيصل أصحاب السمو الملكي الأمراء خالد، محمد، تركي، عبد الرحمن، سعود العبد الله الفيصل. أيضا أبناء سمو الأمير ناصر بن عبد العزيز، خالد، سعود، عبدالله، فهد. ويقول إن من زملائه أيضا محمد الأسيوطي واللواء هشام حواري ولكن في القسم الخارجي، بينما هو كان في الداخلي؛ لأن إقامة الأسرة في جدة، والده جاء باستثناء من جلالة الملك فيصل لهذا الغرض. ويتذكر شكري أن الدراسة في هذه النموذجية جعلته قريبا من نجوم الحياة الاجتماعية والثقافية بشكل عام، حيث كان يرى الموسيقار العميد طارق عبد الحكيم كثيرا في الحفلات الختامية السنوية للمدرسة الذي كان يلحن لهم كل الأناشيد التي يقدمها التلامذة الموهوبون وكان شكري منهم، يستطرد شكري: كانت مصادر سعادتنا متعددة أولها أن جلالة الملك فيصل كان يرعى الحفلات الختامية هذه سنويا.
من هو؟
عبد العزيز أحمد عبد الكريم شكري، مواليد جدة 1366هـ/ 1946م، هو الثاني بين إخوانه، فاروق الأكبر ثم هو ففيصل وجلال وسبع شقيقات وله تجربتا زواج؛ الأولى وله منها (ماهر وبثينة) ومن الزيجة الثانية من زميلة إذاعية (ثامر) الذي يعمل في بنك ساب في جدة، يقول عبد العزيز إن عشقه الأول كانت العسكرية وتحديدا سلاح الطيران الملكي الحربي السعودي. يقول إن حبه للطيران جعله فور التخرج في الثانوية يعود إلى جدة ليقوم بالاختبار الأول فيها ليبعث للاختبار الثاني في معهد سلاح الطيران في الظهران، وكان عميده يومها حمزة بغدادي وموقعه في منطقة مطار الظهران، كانت مدة الدراسة سنة واحدة تتخرج ملازما (نجمة واحدة) ثم إجازة شهرا ثم ابتعاث للولايات المتحدة الأمريكية لعامين ونصف العام، إلا أنني لم أكمل الدراسة، فبعد سبعة أشهر جئت إلى جدة لزيارة الوالدة التي كانت مريضة يومها وذلك في إجازة مدتها فقط يومان، لكنها أصرت علي أن أترك العمل في الطيران والعسكرية؛ لأنها غير مرتاحة لهذا الموضوع بقولها «إذا لم تترك هذا العمل، فأنا غاضبة عليك إلى يوم الدين، فتركت العمل بعد قبول استقالتي ولبقائي دون عمل لأشهر عدة وجدتني متعبا نفسيا، وظللت أبحث عن عمل عامي 1376 - 1377، إلى أن وجدت عملا مؤقتا في وزارة المالية، ثم انتقلت إلى المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر (محاسبا) ثم تدرجت في أغلب أعمال الشؤون الإدارية والمالية وشؤون الموظفين على مدى خمس سنوات إلى أن كنت في يوم ما في حديث مع عباس فائق غزاوي الذي فاجأني بطلب إجراء تجربة صوتية أجراها لي عبد الكريم الخطيب واعتمدها الغزاوي الذي حولني من العمل الإداري إلى مذيع مستجد مرافق لأستاذنا جميعا مطلق مخلد الذيابي -رحمه الله- الذي استمررت في العمل معه عاما وبضعة أشهر على أن أجري تجربة أسبوعية تعرض على مراقب عام البرامج عباس غزاوي «هنا يقول: اييييييه أغبط إعلاميي اليوم الذين تأتيهم الفرص على طبق من ذهب، حيث إن الموهوب منهم تجده بعد أسبوع واحد نجما جماهيريا، حيث كان أبناء لا يسمع أحدهم صوته على الهواء قبل عامين مضيا. لكن أستطيع أن أؤكد في الوقت نفسه إن الإذاعة والتلفزيون اليوم يعيشان عصرهما الذهبي؟ إلا أن جيلنا وأساتذتنا كانوا لا يتنازلون عن ثلاث في القادم لساحة الإعلام اللغة العربية السليمة وحسن الأداء وحضور البديهة».
التحول للإعلام فعليا
أما دخولي الجماهيري، فكانت له قصة إذ كنت مع أستاذي مطلق في فترة إذاعية ليلية «قال لي خلي بالك لا يخلص البرنامج المذاع على الهواء.. كلمني كان هو في الكونترول وأنا في الأستوديو وقبل دقيقتين من انتهاء البرنامج أشعرته، فطلب مني أن أقدم مجموعة الأغنيات التي تلي البرنامج في البث، كانت مفاجأة لي لكني فعلت وكانت أول مرة يخرج فيها صوتي من الاستوديو إلى الهواء، ثم طلب مني مواصلة تقديم الفترة كمذيع ربط كان ذلك على مسؤوليته الشخصية، وعند سؤال المسؤولين في اليوم التالي عن صوتي ومن أجاز إطلاقه قال أنا وأنا المسؤول.. فكانت انطلاقتي من العمل الإداري إلى العمل الإعلامي ثم واصلت في تقديم فترات السهرات الإذاعية ثم أقوال الصحف ثم بدأت في العمل التلفزيوني ولي معه أيضا قصة ففي يوم ما وأنا في الاستوديو لتقديم نشرة الأخبار تلفزيونيا والمخرج وزميله منشغلان عني، شب حريق من كهربائي بسبب احتراق الستائر داخل الاستوديو لتوجيه سبوتات الإضاءة عليها، وأنا أشير إليهم وأنا على الهواء منبها إماء، أن هناك حريقا فتصرفت بأن اكتفيت بثلاثة أخبار واختتمت النشرة، الأمر الذي نبههم إلى خطأ كما يعتقدون فدخلوا وأطفأنا الحريق.
شاعر أغنية
لعبد العزيز شكري صفة كاتب الأغنية الحجازية المكتمل، ومن أشهر من شدا بنصوصه محمد عبده «طولت بالي عليك أكثر من اللازم» و«أديني فرصة» أما فوزي محسون -رحمه الله- فقدم له من ألحانه «ما تبغى تهدأ تروق» التي شدا بها أيضا النجم عبد المجيد عبد الله. كذلك من أبرز أغنياته مع عمر كدرس «قصتي في حبك» وأغنية وصفية عن الهدا يقول مطلعها «تعالى اقضي معايا أحلى سهرة.. بين الضباب والمروج الخضرا.. فوق في العالي في الهدا الغالي» كما غنى له عمر الطيب من ألحان صافي مفتي ويحسب له أيضا أنه كان بطل حالة صلح بعد خصام واختلاف عاصف بين محمد عبده وعمر كدرس.
نادي الاتحاد
إلى جانب خدمته في المجالات الإعلامية والثقافية والفنية، كان له نشاطه الرياضي إداريا، حيث كان مديرا لنادي الاتحاد في جدة لمدة 22 عاما منذ عام 1401، وكان عبد العزيز شكري المدير العام للنادي طوال سبع رئاسات مرت على النادي هي؛ إدارات كل من الشيخ إبراهيم أفندي، عودة الأمير طلال بن منصور مجددا، عبد الفتاح ناظر، المهندس حسين لنجاوي، الدكتور عدنان جمجوم، أحمد مسعود، طلعت لامي، أحمد بامجلي الذي رأس النادي بضعة أشهر فقط وكانت إدارته قد حظيت ببطولة الدوري المشترك بعد 19 عاما هجرت فيها الاتحاد البطولات وهنا يقول شكري: إبراهيم أفندي هو من أعاد النادي لمنصات التتويج، كما أن المهندس حسين لنجاوي كان الرئيس الذهبي للنادي ثم توالت الأمجاد والبطولات منها؛ فوز الاتحاد بثلاث بطولات محلية سميت ثلاثية القرن، وبعدها فاز الاتحاد برباعية أحمد مسعود، يضيف شكري أن الاتحاد عندما حقق تلك البطولات كانت أقصى ميزانية له 15 مليون ريال، بينما ميزانيته اليوم 90 مليون ريال ويحقق بطولة أو لا يحقق، ويقول إننا بتلك الميزانية جئنا بلاعبين كبار مثل أحمد بهجا وكماتشو والفونسو، وكان وراء ذلك المجد أسعد عبد الكريم الذي قدم للنادي خدمات لا تحصى وهو كان من نقل حمزة إدريس إلى الاتحاد وكان هو من يكلفني دوما بإنهاء هذه المفاوضات والتنقلات وأذكر أن رئيس الديوان الملكي المغربي ورئيس مجلس أعضاء الشرف في الكوكب المراكشي الحاج محمد المديوري من ساعدني على صفقة بهجا.
إذاعة المدينة
ويقول عبد العزيز شكري: في عهده أمر الملك فيصل -رحمه الله- بإنشاء إذاعة مستقلة في المدينة المنورة تحت نداء «إذاعة المملكة العربية السعودية من المدينة المنورة» خاصة بموسم الحج كنت أنا فيها كل شيء؛ المذيع والمعد والمخرج ومشرف البث إلى جانبي موظف واحد فقط مهمته ترتيب الأشرطة.
أحمد زكي يماني
أثناء حرب رمضان أكتوبر 1973 وأزمة البترول العالمية وأثناء اجتماع وزير البترول والثروة المعدنية الدكتور أحمد زكي يماني في الطائف مع نظرائه الخليجيين طلبت منه حوارا خاصا بالإذاعة.
طلب من زملائه في الاجتماعات المكثفة مستئذنا إجراء الحوار معي لربع ساعة، لكنه واصل معي لساعة ونصف الساعة لأهمية الحدث، وطلب مني أن أنشره في صحيفة (الشرق الأوسط) في نفس يوم إذاعته في إذاعة المملكة، فنسقت بين المسؤولين في الإذاعة والراحل عبد الله جفري الذي كان مسؤولا عن تحرير الشرق الأوسط في المملكة وتم ما رغب فيه معاليه، زميل ما استشاط غضبا من نجاحي، فقال لي هناك مشكلة كبيرة حدثت وأن الوزير زكي يماني احتج على نشر الحوار في صحيفة دون موافقته وأن الشكوى في مكتب وزير الإعلام «دون أن يعلم أن الوزير زكي يماني هو من طلب ذلك مني، عموما أريته بعد ذلك الشكر الذي جاءني تجاه تلك الخطوة العملية، ويقول أيضا إننا كمتطوعين خلال فترة العدوان الثلاثي على مصر دخلنا تدريبات عسكرية تطوعية في الطائف مع الجيش السعودي ورافقت في هذا الموضوع المتطوعين معنا سمو الأمير خالد الفيصل وأخاه سعد الفيصل.
في المغرب
من أجمل ذكرياته الإعلامية سفره ضمن الوفد السعودي الثقافي إلى المغرب برئاسة الدكتور صالح بن ناصر في السبعينيات الميلادية، وكان مطلق الذيابي قائدا للفرقة الموسيقية السعودية يومها، والعميد الحبيب طارق عبدالحكيم المسؤول الأول عن فرقة الفنون الشعبية ومجموعة الفنانين المشاركين هناك باسم المملكة محمد عبده ومحمد علي سندي وطارق وعبد العزيز الهزاع وسعد التمامي، يقول الجميل إن السلطات في المغرب طلبت من الحكومة السعودية تمديد فترة الجولة إلى شهر، وحدث ذلك بالفعل.
العمل الميداني
يقول كانت من أمنياتي التحول للعمل الإذاعي الميداني وتحديد المشاركة في تغطية ونقل الزيارات والجولات الملكية في الداخل والخارج، فجأة وأنا في الكونترول جاءني المراسل قائلا «بسرعة معي الوزير يبغاك» كان ذلك في عهد وزير الإعلام الدكتور محمد عبده يماني، وكان مكتبه في المبنى نفسه فأخذني إلى الماستر كونترول، ووجدت معاليه هناك واقفا إلى المشرف على الإذاعة الخارجية والمشرف على الاستوديوهات فقال لي: تحت في حوش الإذاعة سيارة للحرس الوطني عليها مراسلة إذاعية «تطلع معاها الآن تعرفهم على بيتك يرجعوا لك الساعة 4 في تجربة صوتية لنقل حي» وهذا ما حدث بالفعل وأسند إلي معاليه نقل الاحتفالات بمناسبة عودة الملك خالد من رحلة علاجية بتكليف شخصي من الوزير يماني» اعتمد نفسك ضمن الوفد المرافق لجلالة الملك في جميع رحلاته داخل المملكة لمرافقته إعلاميا في مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة والقصيم والمنطقة الشرقية رفقة زملاء يتقدمهم بدر كريم والشعلان، يستطرد كذلك قدمت الأخبار والبرامج الاخبارية، ومن أبرز برامج المنوعات برنامج شعري رمضاني يكتبه بابا طاهر زمخشري وأقدمه بعد الإفطار، ومن البرامج الأخرى إذاعيا «دقائق مع مسؤول، فكرة اليوم، حديقة الصباح، تغطية المناسبات مع المسؤولين في مواسم الحج، وقدمت نحو 50 برنامجا خاصا بالحرب العراقية الإيرانية. أما تلفزيونيا فقدمت «ما يطلبه المشاهدون مع زميلي فؤاد سندي وإبراهيم دمياطي، من هنا وهناك» يقول أيضا إنه في إحدى حلقات ما يطلبه المشاهدون استثمر علاقته بمحمد عبده وجعله يقدم إحدى فقرات البرنامج ويذيع أسماء المشاهدين ومن أجمل ما قدم من برامج كان استضافته للنجم حسن دردير.
في عيونهم
يقول المستشار الإعلامي في جمعية الثقافة والفنون محمد رجب إن عبد العزيز شكري من الإعلاميين النشطين الذين قدموا تحايا جميلة للإعلام والفن السعودي، حتى بعد ابتعاده بالتقاعد هو نجم مضيء في المجالس. ويقول شاعر الأغنية سعود الشربتلي: هو إلى جانب أستاذنا الخفاجي وصالح جلال وعبد الرحمن حجازي من المحفزين لي لدخول جمال عالم الأغنية الحجازية وكم تمنيت في يفاعتي عندما نجحت له أغنية «ما تبغى تهدأ تروق» أن أكون من كتبها.
ويقول العمدة محمود بيطار المتواجد في القاهرة اليوم: إن عبد العزيز شكري إلى جانب زملائه في شاشة تلفزيوننا في السبعينيات الميلادية مثل الصبيحي وحسين نجار وغالب كامل وماجد الشبل ومحمد أمين وفؤاد سندي، كونوا عقدا مضيئا في سماء الإعلام نرفع لهم القبعة احتراما
ويقول المخرج الكبير عبد الله باجسير: سعدت كثيرا بالعمل المشترك مع الزميل شكري الذي كان واحدا من الزملاء اللامعة مواهبهم في برامج الهواء مثل بدر كريم ومحمد الشعلان وإبراهيم الذهبي وغيرهم وهو في دنيا الأغنية الحجازية تميز إلى جانب الراحل يحيى كتوعة ولو أن عطاءهم فيها كان محدودا لكنه أكثر تأثيرا.