إلا التعليم.. إلا التعليم

عبدالله بن بجاد العتيبي

نشرت صحيفة عكاظ خبرا عن إحالة ألفي معلم إلى مهام إدارية لا ترتبط مباشرة بتربية النشء، وبناء فكر الأجيال، نظرا لقرار صادر من وزارة الداخلية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم لإبعاد المعلمين الذين يحملون فكرا منحرفا وينحازون للتشدد والتنطع، بدلا من التيسير والتسامح.
ولئن كان الخبر مثيرا ومبشرا بالخير، ففيه أمران تجدر الإشادة بهما في هذا السياق، أولا: النجاح في إبعاد هؤلاء المتطرفين عن تربية النشء، وثانيا: عدم قطع أرزاقهم وفصلهم من وظائفهم بل مجرد تحويلهم من وظيفة تباشر تربية الأجيال إلى وظيفة إدارية تمكنهم من الاحتفاظ بأرزاقهم ورواتبهم دون أن يؤثروا على فلذات الأكباد أو أن يستطيعوا شحنهم بمفاهيم متشددة وأفكار متطرفة.
لم تشذ المملكة باتخاذها لهذا القرار الحكيم، بل إن عددا من الدول العربية قد اتخذت ذات القرار ومرت بعين التجربة، من الدول الحريصة على أبنائها ومستقبلهم وألا يتم اختطافهم فكريا ووجدانيا وعلميا لرميهم في أتون التشدد والتطرف.
يعتبر التعليم أساسا من أساسات الدول الساعية للتقدم والتحضر والمنافسة العالمية، ولذلك تعتبره كل دول العالم ــ والمتحضرة منها أكثر من غيرها ــ حجر الزاوية في بناء أوطانها ودولها وترقية شعوبها.
ليس هذا الأمر بخاف عن الساعين لاختطاف التعليم في العالم العربي والإسلامي من جماعات الإسلام السياسي وغيرها، كيف لا ؟، وهذه الجماعات قد بذلت كل جهد تملكه لاستهداف التعليم والسيطرة على بناء عقلية الأجيال، عبر تثبيت مفاهيمها وآرائها وزرعها في قلوب الأطفال والشباب، ومن ثم رعايتها في الجامعات وغيرها.
التعليم في أغلب الدول العربية مثير للألم والحسرة، فقد تم اختطافه منذ سنين طوال، مناهجه ومعلموه ومدارسه، واختطفت العملية التربوية برمتها، مع مناشطها اللاصفية، ومراكزها الصيفية، وأصبحت لسنين عددا ملكا لجماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين ومن ينازعها كالسروريين ونحوهم، فاختفى الحس الوطني، واختفى معه الولاء للوطن لصالح الولاء للجماعة.
إن إصلاح التعليم في مجتمعاتنا يحتاج لكثير من الجهد المضني الذي يتضمن الإخفاق حينا، والنجاح أحيانا على المستوى العملي والتطبيقي، وهذا أمر متقّبل ومعروف وهو من طبيعة الأشياء، فالتغيير الواعي يعرف حجم الضريبة التي يجب عليه دفعها لإكمال مشروعه.
حين تتضح الرؤية ويتجلى الهدف، في تطوير التعليم ومحاصرة التطرف، فمن الطبيعي أن تعترض التطبيق عوائق شتى، وأن تظهر المتاريس التي طالما اختفى وراءها مخربو التعليم ومفسدو الأجيال، ومهمة التنظيف والتطهير أشق من مهمة البناء، ولكن عظم الغاية ونبالة الهدف وطعم النجاح تقلل من مشقات الطريق وعوائقه..
إن إبعاد هؤلاء المتشددين عن التماس مع الأجيال خطوة تستحق الشكر والثناء والإشادة، ونرجو لها أن تكون خطوة ضمن خطوات أكبر للحد من خطر التشدد والتطرف في البلاد، وأن نكرر جميعا إلا التعليم إلا التعليم.

Bjad33@gmail.com

للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 250 مسافة ثم الرسالة