القصيبي يرحل عن 4 وزارات وسفارتين و20 كتاباً

ووري الثرى في مقبرة العود .. والأسرة تتلقى العزاء غدا

القصيبي يرحل عن 4 وزارات وسفارتين و20 كتاباً

منصور الشهري ـ الرياض، أحمد عبدالله ـ القاهرة، معتوق الشريف ـ جدة

فقدت الساحة الثقافية والفكرية والأدبية صباح أمس وزير العمل الدكتور غازي القصيبي عن عمر ناهز 70 عاما، بعد معاناة طويلة مع المرض.
وأدى صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض بالإنابة عصر أمس صلاة الميت على الدكتور غازي القصيبي في جامع الإمام تركي بن عبدالله في الرياض. وأم المصلين مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ. وأدى الصلاة إلى جانب الأمير سطام صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وعدد من أصحاب السمو الملكي والأمراء والوزراء منهم وزير الزراعة الدكتور فهد بالغنيم وتركي السديري رئيس هيئة حقوق الإنسان سابقا، ووري جثمان الفقيد الثرى في مقبرة العود.
وتتلقى أسرة الفقيد العزاء اعتبارا من يوم غد في منزلهم في البحرين.
ونعى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الأديب والدبلوماسي الدكتور غازي القصيبي. وأعرب الأمين العام للجامعه عن تعازيه ومشاطرته أسرة الفقيد الكريم والأمة العربية والإسلامية أحزانهم، داعيا الله عز وجل أن يسكن الفقيد فسيح جناته.
قضى القصيبي أيامه الأخيرة في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض قبل أن توافيه المنية إثر تدهور حالته خلال اليومين الماضيين. وعانى من المرض، وسافر للعلاج في الولايات المتحدة الأمريكية، وعاد أخيرا ومكث فترة في البحرين، إلا أنه عاد إلى المملكة. وكان من المقرر خروج القصيبي قبل شهر رمضان لمنزله، لكن الفريق الطبي أجل ذلك لمتابعة حالته الصحية عن قرب، وأبقى على قرار منع الزيارة عن القصيبي خلال الأيام الماضية.
تقلد القصيبي مناصب حكومية عديدة، منها: وزارات الصحة والمياه والكهرباء والعمل، إضافة إلى عمله سفيرا للمملكة في عدد من الدول.
وكان وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة أصدر نهاية الشهر الماضي توجيها بإتاحة جميع مؤلفات وزير العمل السعودي الأديب الدكتور غازي القصيبي، موضحا «أن القصيبي صاحب إسهامات كبيرة في خدمة الوطن وليس من اللائق أن لا يتوفر نتاجه الفكري في المكتبات السعودية».
للقصيبي نحو 20 كتابا ورواية. ففي الشعر: «صوت من الخليج»، «الأشج»، «اللون عن الأوراد»، «أشعار من جزائر اللؤلؤ»، «سحيم»، و«للشهداء».
وفي الرواية: «شقة الحرية»، «العصفورية»، «سبعة»، «هما»، «سعادة السفير»، «دنسكو»، «سلمى»، «أبو شلاخ البرمائي»، و«الجنية».
وفي الفكر: «التنمية»، «الأسئلة الكبرى»، «الغزو الثقافي»، «أميركا والسعودية»، «ثورة في السنة النبوية»، و«حياة في الإدارة».
وصدرت أولى رواياته «شقة الحرية» في العام 1994، وتحكي واقع الشباب العربي خلال الفترة (1948 ــ 1967)، أما روايته «دنسكو» فكتبها بعد عدم فوزه بمنصب مدير منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم «اليونسكو» في العام 1999، وتتناول قصصا لعدة مرشحين للمنظمة من قارات مختلفة، حيث وعد القصيبي أثناء ترشحه للمنصب بكتابة رواية إذا لم يفز، وهو الأمر الذي أوفى به.
وترسم روايته «سبعة» التي صدرت في العام 2003 صورة ساخرة للواقع العربي، ممثلة في سبع شخصيات يختلفون في أفكارهم وأعمالهم ويتشابهون في الركض خلف سيدة واحدة تعمل مقدمة لبرنامج تلفزيوني، حيث يقعون ضحية لها في نهاية المطاف.
أما روايته «العصفورية» الصادرة في العام 1996، فجاءت مرة أخرى لرسم مشهد ساخر للواقع العربي، ولكن هذه المرة على لسان بروفيسور يرقد في مشفى ويقص على طبيبه بطولات وحكايات ساخرة تخفي في طياتها هزلا فكريا بصيغة كوميدية.



عبر لـ «عكاظ» صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض بالنيابة عن حزنه الشديد لوفاة الوزير والشاعر والمثقف الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي بعد حياة حافلة بالعطاء نحو خدمة دينه ثم مليكه ووطنه.
وقال الأمير سطام في اتصال هاتفي أجرته معه «عكاظ»: «هذه إرادة الله جلا وعلا ولا راد لها، وكلنا سنكون في هذا الطريق لكن عزاءنا فيما قدمه الفقيد الأخ غازي من خدمات وطنية مخلصة في كل مواقع المسؤولية التي تبوأها على مدى العقود الماضية، فكان رحمه الله أهلا للمسؤولية وجديرا بالثقة التي أناطها به ملوك هذه البلاد إلى عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظهما الله».
ودعا أمير منطقة الرياض بالنيابة الله أن يتغمد الفقيد القصيبي بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم أبناءه وأسرته وعائلة القصيبي الصبر وحسن العزاء.



منيرة المشخص ـ الرياض
لم تستطع أم سهيل، زوجة الراحل غازي القصيبي، الحديث لصعوبة الموقف، وقالت لـ«عكاظ»: افتقدت غازي.. وبعد ذلك أخذت تبكي.
أما يارا فودعت أباها الشاعر والأديب ووزير العمل.. بنظرة أخيرة حينما كان مسجى على سريره في الدور الثالث، حيث رقد في أيامه الأخيرة. ودعته وهي غير مصدقة أن من كتب فيها القصائد، وأحبها قبل أن ترى النور، وعاملها بالرغم من أنها أصبحت أما، كـ «الطفلة يارا»، أول فرحته من الأبناء، وحينما تزوجت كتب فيها قصيدة أسماها باسمها.
«عكاظ» كانت الصحيفة الوحيدة المتواجدة مع أسرة الوزير الدكتور غازي القصيبي في جامع الإمام تركي بن عبدالله في الديرة، حيث اكتظت جنباته بالمصلين من جميع الطبقات.
يارا اعتذرت لـ «عكاظ» من أن تتحدث عن لحظات حياة أبيها الأخيرة، فهي في حالة شبه انهيار والدموع غالبت الحديث، ولم تستطع حتى أن تمنعها من السقوط حينما كانت تتلقى التعازي على هاتفها.. قائلة لنا: اعذروني.. الموقف والحدث أكبر وأصعب من أن أتكلم. وكانت حينها تردد (إنا لله وإنا إليه راجعون).
وحول سؤالنا هل كانت معه الليلة التي سبقت وفاته، قالت: «طبعا جميعنا».
وعن مكان العزاء أوضحت أنه «سيكون في البحرين بلده الثاني، حيث منزله ومنازل جميع أقاربه هناك».
لولوة مسفر القصيبي ابنة عمه لم تتمالك نفسها من البكاء، وهي تحتضن يارا ووالدتها معزية، وكررت «لقد كان أخي قبل أن يكون ابن عمي.. كنا نأتي لزيارته مع أمي حينما كنت صغيرة.. جمع حنان الدنيا في قلبه.. وها أنذا أتيت لوداعه وأنا راضية بقضاء الله وقدره».
المكان بدا حزينا على فقدان الوزير المثقف، وحينما نودي للصلاة عليه لم يعد يسمع إلا صوت بكاء بصوت منخفض من قبل المصليات، ولحظتها قالت إحدى السيدات: «الآن فقط أيقنت فراق الدكتور غازي».



منصور الشهري ـ الرياض
رفع ابنا الراحل غازي القصيبي سهيل وفارس شكرهما لخادم الحرمين الشريفين على اهتمامه بوالدهما، والسؤال عنه، وقال لـ «عكاظ» سهل (الابن الأكبر): «إن والدي يعد خادم الحرمين الشريفين والده».
وزاد «سنظل نحمل لخادم الحرمين الشريفين في أعناقنا عظيم الامتنان والتقدير، على ما قدمه من دعم ورعاية واهتمام لوالدنا».
واستعاد الابن فارس الساعات الأخيرة لوالده، قائلا: «كنا مع والدنا البارحة الأولى، نشاهد جميعا برنامج الشيخ سلمان العودة، ثم شاهدنا برنامج «طاش»، قبل أن يشعر بإرهاق، ثم تعب قلبه بشكل مفاجئ .. ليفارق الحياة في العاشرة من صباح أمس».
وخلص فارس للقول: «والدنا أوصى بأن يدفن في المكان والأرض التي ينتقل فيها إلى رحمة ربه .. وبقية الوصية تتعلق بشؤون الأسرة».



منصور الشهري، حازم المطيري ـ الرياض
أحاط خادم الحرمين الشريفين الوزير والأديب الراحل غازي القصيبي برعايته الأبوية وعنايته الشخصية، وذلك خلال ذهاب الفقيد إلى الولايات المتحدة للعلاج، وعودته للبحرين، واستقراره في الرياض.
وقال مدير مكتب الفقيد هزاع العاصمي: إن خادم الحرمين الشريفين ــ كعادته ــ أحاط الدكتور غازي القصيبي باهتمامه الشخصي طيلة فترة علاجه حتى وفاته أمس، ولم يغفل عنه بالسؤال والاتصال والمتابعة، مقويا عزيمته، ومذكرا بالعناية الإلهية، مما كان له أطيب الأثر على نفسية الفقيد. وعن آخر الزائرين للفقيد، قال العاصمي: «آخر من زار الفقيد وزير الاقتصاد والتخطيط خالد بن محمد القصيبي يوم الجمعة، ومحافظ التحلية فهيد الشريف صباح أمس قبل وفاته». وأوضح أن «هاجس توفير وظيفة لكل شاب سعودي ظل الهاجس الملازم للقصيبي، وقد بقي موضع اهتمامه وتفكيره حتى آخر لحظات حياته».
وزاد العاصمي «القصيبي كان يمتاز بالشجاعة ولم يتردد في التراجع عن أي قرار يكتشف خطأه».
والعاصمي مدير مكتب القصيبي من الشخصيات التي رافقت ولازمت الفقيد في مكتبه، وفي مرحلة مرضه وعلاجه وحتى وفاته، وقال العاصمي الذي بدا متأثرا: إن المصاب جلل، ورحيل قامة فكرية وإدارية بحجم غازي القصيبي يعتبر خسارة تتجاوز حدود الوطن.



 واس ـ جدة
أفاد بيان صادر عن الديوان الملكي أمس، أن الوزير الدكتور غازي القصيبي من رجالات الدولة الذين خدموا دينهم ومليكهم وبلادهم بكل تفان وإخلاص.
وصدر عن الديوان الملكي البيان التالي: «انتقل إلى رحمة الله تعالى هذا اليوم الأحد (أمس) 5/9/1431هـ معالي الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي، عن عمر يناهز (70 عاما)، إثر مرض عانى منه طويلا، وقد تمت الصلاة عليه بعد عصر اليوم الأحد (أمس) 5/9/1431هـ في جامع الإمام تركي بن عبدالله في الرياض. والفقيد رحمه الله من رجالات الدولة الذين خدموا دينهم ومليكهم وبلادهم بكل تفان وإخلاص، وتقلد عدة مناصب كان آخرها وزيرا للعمل.
تغمده الله بواسع رحمته ومغفرته، وأسكنه فسيح جناته.
إنا لله وإنا إليه راجعون».



 طالب بن محفوظ
ما بين مولده في الثاني من مارس 1940 (1359هـ) ووفاته في 15 أغسطس 2010 (1431هـ) أربع وزارات وسفارتان، ومجموعة من دواوين شعرية وروايات وكتب فكرية وثقافية، وآلاف القلوب المحبة (له رواية حكاية حب).. هذه هي حياة الدكتور غازي القضيبي باختصار منذ المولد وحتى الوفاة.
ولغزارة إنتاجه الأدبي والشعري والفكري، ظن البعض أن القصيبي خريج واحدة من كليات الآداب (أصبح عضوا في جائزة الدولة التقديرية للأدب)، لكن الحقيقة أنه حاصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة عام 1381هـ (1961م)، لينتقل بعدها إلى جامعة جنوب كاليفورنيا طالبا يحصل فيها على الماجستير في العلاقات الدولية عام 1964م، ثم يعود إليها سائحا ويؤلف عنها روايته «العودة سائحا إلى كاليفورنيا»، لتنضم إلى شقيقاتها من الروايات والمجموعات القصصية والمسرحيات القصيرة: شقة الحرية، العصفورية (اختارته مجلة المجلية شخصية العام الأدبية عام 1996م عن تلك الرواية)، دنسكو، أبو شلاح البرماوي (تحولت إلى عمل تلفزيوني)، حكاية حب، رجل جاء وذهب، سلمى، وحوار قيس مع وجوه ليلى السبعة.
وفي وزاراته الأربع الصحة (بدأها في سن 43 عاما)، المياه (2002)، الصناعة والكهرباء (2003)، والعمل (2004م حتى وفاته) كان حازما لينا، صديقا إذا كنت موظفا تقوم بدورك على الوجه الأكمل، العدو الصديق إذا لم تقم بالمهمات الموكلة لك، كان همه في آخر وزارة له أن يجد عملا لكل مواطن.
وأثناء عمله وزيرا للصناعة والكهرباء قدم نظاما لمشروع الشركة السعودية للصناعات الأساسية وأصبح أول رئيس لمجلس إدارتها، ومشروع نظام المؤسسة العامة للكهرباء وصار أول رئيس لمجلس إدارتها، ثم رئاسة شركة صدف للبتروكيماويات ــ الجبيل، ومجلس الإدراة في شركة ينبت للبتروكيماويات ــ ينبع.
أما السفارتان في البحرين ثم المملكة المتحدة وآيرلندا (كتب رواية فيما بعد اسماها قراءة في وجه لندن)، فكانتا تشعان بالثقافة والأدب والفكر ونشر الثقافة السعودية والإسلام المتسامح والسلام العالمي، ولذلك كان مؤهلا لأن يكون مديرا عاما لمنظمة اليونسكو بعد ترشيح المملكة له عام 1419هـ (1998م)، وينال أيضا وسام أميرت الفرنسي (الاستحقاق) من الرئيس ديستان، ووسام الشرف لاجون دي نور، وآخر من البحرين (1992م)، وثالثا من الكويت (1992م)،
اكتسب منذ صغره حب مساعدة الآخرين، حيث كانت نشأته الاجتماعية خيرية، وذلك هو الذي مكنه من تأسيس الجمعية السعودية لرعاية الأطفال المعوقين، وكان أول رئيس لمجلس إدارتها، ويتبوأ عدة عضويات في عدة جهات خيرية واجتماعية، مثل: مؤسسة الملك فيصل الخيرية، وجمعية البر الخيرية في الرياض.
وبعد حصوله على الدكتوراة من جامعة لندن في العلاقات الدولية، التحق القصيبي في جامعة الرياض (الملك سعود حاليا) عام 1385هـ (1965م) أستاذا مساعدا، ليتدرج أكاديميا ليصبح رئيسا لقسم العلوم السياسية، ثم عميدا لكلية التجارة (العلوم الإدارية حاليا)، ويرشح خلال عمله في الجامعة مستشارا قانونيا للجنة السلام السعودية المصرية المشتركة في اليمن (1965 ــ 1966م)، ومستشارا في عدة جهات حكومية، مثل: وزارة الدفاع والطيران، وزارة المالية، ومعهد الإدارة العامة.
كما تولى عدة وظائف كبرى، أهمها: مدير عام المؤسسة العامة لسكك الحديد (1394هـ، 1974م)، وكان خلال عمله في المؤسسة سكرتيرا للمجلس الأعلى للبترول (1974م)، ثم أصبح فيما بعد عضوا فيه.
اكتسب العديد من العضويات، مثل: المجلس الأعلى للقوى العاملة، مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، مجلس إدارة الهيئة الملكية للجبيل وينبع، مجلس إدارة الشركة العربية للاستثمار، مجلس إدارة الصندوق العقاري، مجلس بلدية الدمام، المجلس الأعلى لرعاية الشباب، والنادي الفكري في سلطنة عمان.
أما إنتاجه الفكري فهو متعدد وغزير، سواء كان كتبا ثقافية أو روايات أو دواوين شعرية. فمن دواوينه: (أشعار من جزائر اللؤلؤ، قطرات من ظمأ، معركة بلا راية، أبيات غزل، أنت الرياض، الحمى، العودة إلى الأماكن القيمة، ورود على ضفائر سنا، مرئية فارس سابق، عقد من الحجارة، اللون عن الأوراد، 100 ورقة ياسمين، قوافي الجزيرة، قصائد أعجبتني، من الشرق والغرب، في خيمة شاعر، وسحيم).
هذا هو غازي القصيبي المحامي، والأكادي، والشاعر، والأديب، والكاتب، والمثقف، والإداري، والوزير، والسفير، في كلمات لا توفيه حقه ولكنه يبقى داخل قلوب الناس محبوبا، وبقيوا هم محبوبين في قلبه حتى توفاه الله.



علي فقندش ـ جدة
لم يكن كلام وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة عن الراحل غازي القصيبي سريعا وعاجلا، بل استمهل «عكاظ» بعضا من الوقت ليتمكن من استيعاب النبأ المفجع الذي انتشر كالنار في الهشيم.
وزير الثقافة ببالغ التأثر والحشرجة التي عكست مدى العلاقة بينهما قال بصوت حزين: «وفاة الأديب الشاعر والروائي الدكتور غازي القصيبي فقد وخسارة كبيرين.. فغياب الدكتور غازي عن المشهدين الثقافي والعملي يجعلني أكاد أشعر بنفسي ووجداني يعيشان تأثرا بأجواء رثاء أمير الشعراء أحمد شوقي وهو ينعي شاعر النيل حافظ إبراهيم:
«قد كنت أوثر أن تقول رثائي
يا منصف الموتى من الأحياء
لكن سبقت، وكل طول سلامة
قدر وكل منية بقضاء».
ومضى خوجة قائلا: «الرابط الوجداني الكبير بيني وبين أبي يارا كان أهم وشائجه تلك الروابط الإنسانية والأخوة والصداقة التي سأظل طوال العمر أعتز بها، إلى جانب العرى الثقافية والاهتمامات الشعرية التي ربطت بيني وإياه ــ رحمه الله ــ بعد مشوار الصداقة وزمالة العمل في خدمة الوطن».
ولفت إلى أن «تعايش القصيبي مع مرضه طوال الفترة الماضية دلل أيضا على قوة بأس وشكيمة الراحل.. فما أتصل به أثناء فترة العلاج في الولايات المتحدة إلا وأجدني التقي مع صوت كله ارتفاع في المعنويات ومطمئن عن حاله لي. ثم أن ذلك البأس كان مترجما في مواصلته خدمة الفكر والأدب، وهو يقدم آخر ثلاثة مؤلفات في الفكر والثقافة والأدب خلال مرضه، والتي كانت أشارت صحيفة الجزيرة في عددها أمس عن آخر إبداعاته «يعقوب العريان» الذي سيلتقي به محبو أدب غازي بعد أيام».
وخلص وزير الثقافة والاعلام للقول: «رحم الله غازي الجميل في كل شيء.. وأسأل الله جلت قدرته الرحمة والغفران للفقيد الذي اختار له الله جل علاه هذه الأيام المباركة من الشهر الكريم. وأتقدم أخيرا ببالغ العزاء إلى المقام السامي الكريم بفقد عزيز علينا جميعا وعلى الوطن، كما أتقدم بالعزاء لأسرته ــ رحمه الله ــ و أسكنه فسيح جناته «إنا لله وإنا إليه راجعون».
ولا شك أن العلاقة التي تربط الدكتور عبد العزيز خوجة بصديقه الراحل الدكتور غازي عبدالرحمن القصيبي هي علاقة شاعر وأديب ومفكر قبل أن تكون علاقة مسؤول بمسؤول تجمعهما مهمات العمل كوزيرين، فالصورة التي يؤطرها مشهد جمع خوجة والقصيبي طوال ما يقرب من نصف قرن كانت مشحونة بالإبداع في شتى مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية. فالشعر كان أهم الروابط بين العلمين والبحث في شؤونه وفنونه من أسماء وأعلام في العالم الحديث عربيا وعالميا، إضافة إلى عالم الشعراء الكلاسيكيين في التراث.
بفقد القصيبي تكون الحياة الثقافية اجتماعيا فقدت توأمة أديبين يراجع كل منهما ذاكرة وتأريخ الآخر، أما عن عرى الصداقة والالتقاء الاجتماعي بينهما فليس من مشهد مثيل لصداقتهما وحرثهما في دنيا الإبداع وتحقيق مصالح الوطن اجتماعيا وثقافيا.



 أرفع خالص التعازي لولاة الأمر ــ حفظهم الله ــ في فقيد الوطن معالي الأخ الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي.. وإلى جميع أفراد أسرته.. سائلا المولى أن يتغمده بواسع رحمته وأن يدخله فسيح جنته وأن يلهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
مما لا شك فيه أن الموت حق على رؤوس العباد لقوله تعالى: «إذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ولا يستقدمون»، «وكل نفس ذائقة الموت».. كما يقول الشاعر
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول
ولذلك لا نملك إلا التسليم بقضاء الله وقدره.
ولكن هناك من الأمور في إطار العلاقات الإنسانية ما يدعو لاستشعار الحزن وذرف الدمع بسبب الفراق الذي يضغط بلواعجه لفقد قريب أو صديق وبخاصة عندما يكون هذا الفقيد له إرث حافل بكل ما يسمو بالإنسان في عالم الفكر والسياسة والإبداع وفقيدنا العزيز عالم بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى وله مواهبه المتعددة التي تحكي عنها إصداراته السياسية والإدارية والأدبية ودواوينه الشعرية التي ترجمت إلى العديد من اللغات.. بالإضافة إلى تواضع العلماء الذي يجعل سلوكياته وتعامله مع الآخرين وإنجازته على المستوى الأكاديمي والوزاري والدبلوماسي.. ولذلك كان من الطبيعي أن يحظى بكل هذا الاحترام والتقدير لشخصه ولإنجازاته المميزة وقبل ذلك لمثله الإيمانية ودماثه أخلاقه ولحسن صنيعه ولترفعه عن الصغائر.
وفي هذا السياق فإن ما أعبر عنه لاينطلق من فراغ وإنما يستند إلى زمالة مبكرة على امتداد عدة عقود من السنين منذ أن شغل ــ رحمه الله ــ منصب عميد كلية التجارة آنذاك بجامعة الملك سعود حيث كنت عضو هيئة التدريس بالكلية.. كما عملت في معيته وكيلا لوزارة الصناعة والكهرباء عندما شغل حقيبة هذه الوزارة فكان على الدوام خلال تلك الحقبة لم أجد فيه إلا كل ما يسر الخاطر ويشرح الصدر لزمالة أخوية لاتنسى والعمل الجاد المخلص بروح الفريق الواحد الذي يهمه بالدرجة الأولى هو الإنجاز المميز لمصلحة الوطن وفق ما تطمح إليه الحكومة الرشيدة.. هذا قليل من كثير مما رغبت أن أعرض له في هذا اليوم الذي نودع فيه هذا الرجل إلى مثواه الأخير.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

د. فؤاد عبد السلام الفارسي
وزير الحج



 محمد العنزي ـ بيروت (هاتفيا)
أبلغ «عكاظ» مدير دار بيسان للطباعة والنشر في بيروت عيسى أحوش أن كتاب غازي القصيبي الأخير (الزهايمر) سيطرح في الأسواق غدا، مؤكدا أن وفاة القصيبي تعتبر خسارة كبيرة على المملكة وعلى الفكر والأدب.
وزاد أحوش «الوزير غازي القصيبي اتفق معي على طباعة كتابه الزهايمر ولم نكن نعلم لا أنا ولا الوزير أن كتاب الزهايمر هو الأخير»، مشيرا إلى أنه تسلم الكتاب من القصيبي بخط يده وعدد صفحاته نحو 60 صفحة.
وتابع أحوش أنه صف الكتاب وأرسله إلى الوزير القصيبي للتصحيح خلال الفترة الماضية، حيث صححه وراجعه وأعاد إرساله، حيث سلم قبل 17 يوما من الآن.
وعن صدور كتاب الزهايمر بعد وفاة القصيبي وتأثير ذلك على سعر الكتاب وانتشاره، قال أحوش: «إن السعر ثابت ولن يتغير ومحدد من قبل وهو ستة دولارات (نحو 23 ريالا)»، مشيرا إلى أن أي كتاب لكاتب في مكانة الدكتور القصيبي هو ناجح للقيمة الأدبية العالية التي يمثلها الدكتور القصيبي.
ويدور كتاب الزهايمر حول قصة يعقوب العريان الذي نسي اسم العطر الذي يهديه عادة لزوجته التي تصغره بسنوات كثيرة وذلك بسبب المرض.. فيسافر إلى أمريكا للعلاج ويبدأ بكتابة رسائل عدة لزوجته، لكنه توفي بسكتة قلبية فجأة ليرسلها بعد ذلك دكتوره المعالج جميعا إلى زوجته نرمين.




 



 معتوق الشريف ــ جدة
الوزير الراحل غازي القصيبي مثال المسؤول الذي ترجم توجهات القيادة الحكيمة في التجاوب مع وسائل الإعلام، فكان أكثر الوزراء دبلوماسية في التعامل مع وسائل الإعلام، ربما انطلاقا من شاعريته المرهفة، وأدبه الجم في التعامل مع شخصيات رواياته، ودبلوماسيته السياسية، التي شكلت زاوية هذا التعامل.
«عكاظ» التي تتذكر الوزير عبر رسومات الزميلين (حسين باسويد، سالم الهلالي)، شاهدة على التواصل الراقي للفقيد مع الإعلاميين، لا سيما محرري وكتاب الصحيفة وتجاوبه معهم («عكاظ» ـــ 10/11/1430 هـ).
الوزير القصيبي الذي تابع كافة وسائل الإعلام مسموعة ومقروءة ومرئية، كان له الفضل في دعم بعض البرامج لاسيما البرنامج الإذاعي (مباشر FM) الذي كان يبث من إذاعة البرنامج الثاني في جدة، وهنا يذكر معد ومقدم البرنامج سلامة الزيد أن الوزير القصيبي أبلغه بأنه نقل إعجابه بالبرنامج لخادم الحرمين الشريفين الذي شمله برعايته ووجه المسؤولين في شؤون المواطنين في الديوان إلى متابعة البرنامج ورصد الحالات التي ترد فيه.
الوزير القصيبي رغم ما تقلده من مناصب وزارية شائكة، ومتشابكة، مع خدمات ومطالب المواطنين إلا أنه كان على علاقة وثيقة بوسائل الإعلام، رغم انتقادات رسامي الكاريكاتير في الصحف المحلية التي كانت تنتقد وتنصف الوزير بتضمين رسوماتهم صورته المبتسمة، التي لازمته في زياراته المفاجئة وحضوره المناسبات الشعبية كالطبق السعودي، والجرسون السعودي، ودعمه لبائعي التجزئة من الشباب السعوديين، إضافة إلى الملف الشائك الذي كان شغله الشاغل وهو ملف «عمل المرأة» الذي ناضل الوزير الراحل من أجل ترجمته على أرض الواقع.



آخر قصائد غازي القصيبي
بمناسبة انتقال السيف التاريخي (الأجرب).. من عرين (الصخير) إلى عرين (الرياض)..

رفيق الرجــــــالِ!.. سلاح الأبي!
سلام على حــــــــدك اليعربي
سلام عليك دخـــــــلت الحـروب
وليدا.. ومـــــــــــا زلت لم تتعــب
تفرق حين تـــــــــــراك العــــداة
لذلك ســــــــــميت (بالأجــــرب)
لئن كنــت في كنــــــف طـــــيب
فقد صــــــرت في كنـــــف طيب
وإن كنت ذخر المـــــــليك الهمـام
فإنــــــك ذخــــر أبي مـــــــتـعب
تنقل في العــــز بين العــــــروش
من الأغـلب الحـــــــر.. للأغـــــلب
تقرب ــ لا مثـــــــل ــ باقي السيوف
وتدني القـــــــريب إلى الأقــــرب
ربـــــــــوع اللآلي! حـــــماك الإله
ولا زلــــــــت في هــامة الكوكب
ويا قلعــة الدين! لن تغــــــلبــي
فخيــر البــــــــلاد.. بـــلاد النبـــيِ



 فارس القحطاني ـ الرياض
قال نائب وزير العمل الدكتور عبدالواحد بن خالد الحميد، إن وفاة الأديب والشاعر والوزير الدكتور غازي القصيبي تشكل صدمة كبيرة ليس لمنسوبي وزارة العمل فقط بل على مستوى أبناء الوطن.
وقال لـ «عكاظ» إن الوزير القصيبي رغم متابعتي لحالته الصحية خلال رحلة علاجه لم يكن بالبعيد عن واقع ما يحدث في البلد، وأنه كان دائم الاهتمام بما يدور في الوزارة، وما يحدث من قرارات وتوجيهات تعنى بها الوزارة.
وأكد أن وفاة الشاعر والأديب والدكتور القصيبي سيكون لها وقعها على مستوى الوطن العربي، لما للفقيد من لمسات وأعمال أدبية وشعرية في مجال الثقافة والأدب، وأنه كان يشار له بالبنان في التأليف والرواية والأدب والشعر في الوطن العربي.
وأضاف أن فقيد الوطن عمل في العديد من مناصب الدولة الوزارية، وفقدانه يشكل فارقا لأنه كان صانع قرار، وكان صاحب مواقف تسجل له في التاريخ من خلال توليه العديد من المناصب في الدولة.
وقال الحميد إن القصيبي رجل دولة استثنائي من الطراز الأول، لم يبعده مرضه ورحلة علاجه عن ساحة الوطن وهمومه، بل كانت تتمثل أمامه ويعيشها يوميا، كما لم يغب عن الساحة الأدبية والشعرية فقد صدرت له قصته الأخيرة الزهايمر،التي تمثل أحدث الإصدارات للوزير الفقيد عندما كان في رحلة العلاج.
وبين الحميد أن الفقيد كانت له إسهامات على الصعيد الثقافي خلال فترة حياته، إذ أحيا العديد من الأمسيات الأدبية والشعرية، ولم يمنعه العمل والحقائب الوزارية من القيام بمسؤولياته في تقديم العديد من الأعمال الأدبية في الساحة الأدبية السعودية.
نعي وزارة العمل
ونعت وزارة العمل فقيد الوطن الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي وزير العمل، الذي انتقل إلى رحمة الله صباح أمس عن عمر يناهز السبعين عاما.
وقالت الوزارة إنه برحيل الوزير القصيبي يفقد الوطن واحدا من أبنائه البررة الذين تشرفوا بخدمته على مدى عقود عديدة في مختلف المجالات كان آخرها وزارة العمل.
وتقدمت الوزارة إلى خادم الحرمين الشريفين وولي العهد والنائب الثاني بأحر التعازي، سائلة الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يدخله فسيح جناته.
وصلي على فقيد الوطن بعد صلاة عصر أمس في جامع الإمام تركي في الرياض ثم ووري الثرى في مقبرة العود في الرياض.



 فارس القحطاني ـ الرياض
أكد وكيل وزارة العمل للشؤون العمالية عبدالرحمن بن سعد البواردي أن تلقي خبر وفاة الشاعر والأديب الدكتور غازي القصيبي وزير العمل كان مأساة يعيشها جميع منسوبي الوزارة وكذلك جميع المواطنين في هذا الوطن. وقال لـ «عكاظ» إن وفاة القصيبي خسارة كبيرة على الوطن والوزارة، مشيرا إلى أن الفقيد كانت له جهود كبيرة في عمله في الوزارة وتطويرها والنهوض بأدائها وإدخال التقنية والتكنولوجيا إلى أروقتها، كما أنه ذلل عقبات السعودة وحارب المتاجرة بالتأشيرات ووضع رؤيته في نظام العمل الجديد.
وأضاف أن القصيبي لم يكن بعيدا عن الوزارة وما يدور فيها من قرارات، وما يصدر من توجيهات في داخلها بل كان يتابع العمل فيها بشكل يومي.
وأضاف البواردي أن الوزير القصيبي، ومن خلال حياته العملية وتوليه العديد من المناصب الوزارية والمهمات الكبيرة كان رجلا صانع قرار، وكان أداؤه في تلك الوزارات عبر السنين مميزا، وكانت له بصماته التي لم ينساها كل من عمله مع الوزير في تلك الوزارات.
وبين البواردي أنه وخلال سنوات العمل التي تزامل فيها مع الفقيد كان العديد من الجهود التي بذلها الوزير الراحل في وزارة العمل، والتي ساهم بشكل كبير في تذليل العقبات التي تواجه توظيف السعوديين في القطاع الخاص، وكذلك كانت له إسهاماته في مجال الحد من تجارة التأشيرات، كما كانت للفقيد بصمة كبيرة ومهمة عندما صدر عام 1426هـ نظام العمل الجديد والذي كان يمثل رؤية الفقيد في هذا النظام وآلياته ولوائحه.



 حمدان الحربي ـ جدة
أعرب عدد من رجال الأعمال عن حزنهم لوفاة الوزير الدكتور غازي القصيبي الذي عمل في خدمة الوطن عبر العمل في ثلاث وزارات معنية بالشأن الاقتصادي، أولاها وزارة الكهرباء ثم وزارة المياه، وأخيرا وزارة العمل.
وقالوا إن الوزير القصيبي كانت له بصمات واضحة في كل الوزارات التي عمل فيها.
إرساء ثقافة العمل الشريف
عبر نائب رئيس الغرفة التجارية الصناعية في جدة مازن محمد بترجي عن حزنه الشديد لوفاة وزير العمل الدكتور غازي القصيبي، داعيا الله له بالرحمة والمغفرة وأن يسكنه فسيح جناته.
وأكد بترجي أن الراحل له بصمات واضحة في توظيف الشبان، مضيفا «لقد كنت ملتصقا به في صندوق تنمية الموارد البشرية وقد كان يدير الصندوق بكفاءة عالية ويضع الحلول لكافة المشكلات والمعوقات التي تواجه الصندوق، وكانت له مشاركته الكبيرة في منتدى جدة الاقتصادي، ويحسب له أنه أول من خطى بسعودة القطاعات خطوات كبيرة إذ أنه وضع الحلول المناسبة لطالبي العمل وكذلك وضع حلول مناسبة لأصحاب الأعمال من خلال دراسة كل قطاع على حدة وتحديد احتياجاته بنسبة محددة وعدم الوقوف عند نسبة الـ30 في المائة التي كانت قد وضعت في فترة سابقة.
ولا يخفى على الجميع الدور الكبير الذي كان يقوم به في صندوق تنمية الموارد البشرية فقد تجاوزت موجودات الصندوق أثناء ترؤسه له الـ7 مليارات ريال ووصل حجم الصرف من الصندوق 2 مليار ريال سنويا وهو ما يعني الآلاف من فرص العمل للسعوديين».
من جهته عبر المهندس سليم الحربي عضو مجلس إدارة ا الغرفة التجارية الصناعية في جدة عن حزنه الشديد لوفاة وزير العمل الدكتور غازي القصيبي داعيا الله له بالرحمة والمغفرة وأن يسكنه فسيح جناته.
وأضاف الحربي أن الراحل أرسى الدعائم لكثير من المهن التي لم يكن للشاب السعودي منها أي نصيب من قبل، ولعل من أبرزها مهنة النادل، ويذكر الجميع عندما فاجأ القصيبي رواد أحد المطاعم وهو من يقدم لهم الوجبات، ليرسي بذلك ثقافة العمل الشريف لكل شاب سعودي.
إنجازات أكثر من أن تحصى
وعبر عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة الدكتور عبدالله مرعي بن محفوظ عن حزنه الشديد لوفاة وزير العمل الدكتور غازي القصيبي، وقال إن الوزير القصيبي كان رجل دولة من الطراز الأول، أعطى وأفنى حياته في خدمة دينه ووطنه ومليكه، لأجل كثير من المواطنين يدعون له بالخير على ما قدم لهم.
وأشار إلى أنه لا يمكن حصر الإنجازات الكبيرة التي حققها الوزير القصيبي في عجالة من القول، فإنجازاته منذ توليه وزارة الصناعة والكهرباء التي خطى بها خطوات كبيرة، ثم انتقاله إلى وزارة الصحة التي كان يقوم بالجولات التفتيشية المفاجئة على كافة المستشفيات، ثم دوره البارز في الدبلوماسية حين كان سفيرا لدى بريطانيا وأخيرا الإنجازات الكبيرة التي حققتها في وزارة العمل ولعل من أبرزها صندوق تنمية الموارد البشرية الذي دعم الكثير من المنشآت ولبى حاجات كثير من طالبي العمل.
في دفاتر المواطنين
«فقدنا علما من أعلام الفكر والثقافة والاقتصاد والتنمية»، بهذه الكلمات عبر رئيس مجلس إدارة شركة الغذائية ورجل الأعمال الدكتور تركي مسعود الحيدر، عن حزنه لرحيل الدكتور غازي القصيبي، الذي انتقل إلى جوار ربه أمس. وقال الحيدر، ترك غازي القصيبي وراءه إرثا سيجعل اسمه مخلدا في دفاتر المواطنين عموما والأدباء والمفكرين خصوصا، عرفناه رجل تنمية من الطراز الأول وهو الذي تقلد عددا من الوزارات واستطاع أن يحقق للمواطن والمقيم من خلالها الكثير من الخدمات الضرورية.
وأضاف الحيدر، كلنا نتذكر جهوده عندما تقلد مهمات وزارة الكهرباء آنذاك، وكيف استطاع وفي فترة قصيرة أن يخطط لإيصال الكهرباء إلى أعالي الجبال، والقرى والهجر، يتتبع المواطن أينما كان مسكنه، بعد رحلات مكوكية كان ينام خلالها في الصحراء ليلبي الاحتياجات ويقضي على الظلام الدامس الذي أرق كثيرا من السكان في أطراف المملكة.
وأوضح الحيدر، أن الكلمات تعجز عن أن تفي غازي القصيبي حقه وقدره، وهو الذي قدم حتى آخر أيام حياته للوطن والمواطن الكثير من الإنجازات في مختلف المجالات، وترك في النفوس أثرا عميقا بعد أن ترك في العقول بصمة عنوانها «الكفاح من أجل الوطن»، رحم الله غازي القصيبي رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، إنه سميع مجيب.