رمضان ويداي الملطختان بالصلصة
الخميس / 23 / رمضان / 1431 هـ الخميس 02 سبتمبر 2010 22:14
إبراهيم عبدالله مفتاح
اشتداد حرارة الجو في رمضان هذا العام أعادني إلى سنوات خلت، وذكرني بأولئك الناس الطيبين المليئة نفوسهم وقلوبهم بالصبر والإيمان والاحتساب لوجه الله تعالى دون تأفف أو توجع أو تبرم بما كانوا يعانونه من شدة القيظ ولهب الهجير خاصة عندما تتوسط الشمس كبد السماء ويحبس الجو أنفاسه فلا يجود حتى بنسمة هواء صيفية تجفف الجباه السمراء من عرق الكفاح ومعاناة الحصول على لقمة العيش.
نعم، تذكرت أولئك الناس ــ بعد صلاة فجر كل يوم في هذا الشهر الكريم ــ وهم يتبادلون تحية الصباح ولا يذهبون إلى مضاجع نومهم ليخلدوا إلى الراحة كما نفعل
ــ نحن ــ اليوم، ولكن كل واحد منهم كانت تشرق على ثغره ابتسامة أمل في يوم يبدؤه بقراءة الفاتحة وبعض الأدعية الممزوجة بالتوكل وعمق الإيمان.
هذا يذهب إلى مزرعته التي ترتل القماري على سعفات نخلاتها ترانيم الصباح وذاك يحمل فأسه ليغمده في جذع شجرة أنهكها الجفاف وليعود ــ في ساعات الظهيرة ــ بحزمة أو حزمتين من الحطب يؤمن بثمن بيعها قوت بنيه بما يقدره الله له من رزق، وثالث يتجه إلى الساحل ليشرع صدره لمواجهة الموج متجها نحو الأعماق بحثا عن مصايد الأصداف التي يجمعها في سلة الغوص المعلقة في عنقه كقلادة ثم إذا هو رجع ــ بسلامة الله ــ وضع كومة من تلك الأصداف ليعمل «مفكته» في أحشائها بحثا عن حبة لؤلؤ يطفئ ببريقها أوار الحاجة المتأجج في داخله ويشعل في جوانب منزله البسيط ونفوس عياله بشائر الفرحة التي انتظرها طويلا..
في تلك الأزمنة، لم يكن أحد يعرف رفاه أجهزة التكييف ولا نعومة مقاعد الدواب الحديدية.. كل ما في الأمر أن أولئك الصامدين الصابرين على شظف الحياة إذا كسرت الظهيرة عصى قسوتها لجأ المجهد منهم إلى «شرشف» تآكلت خيوطه ليبلله بالماء ويدس في تجاويفه جسده المتعب لعل غفوة نعاس قيلولة حالمة تخفف عنه إرهاق المكابدة وتنفض من خلاياه غبار التعب الذي ينعكس ــ آخر النهار ــ على زوايا ثغره تشققات جفاف تشعره بإحدى الفرحتين ــ التي أشار إليها الحديث «فرحة حين يفطر وفرحة حين يلقى الله تعالى». في تلك الروحانية الرمضانية كنا ــ نحن الصغار ــ نتظاهر بالصوم، لكن الزوايا ما زالت تتذكر اختباءنا فيها ونحن نرشف جرعة ماء أو لقمة من بقايا طعام السحور، ومازلت أذكر ذلك اليوم الذي فاجأني فيه والدي ــ يرحمه الله ــ وأنا أختبئ منه تحت غطائي لأستر فعلتي لولا أن ذكائي خانني عندما تركت إحدى يدي الملطختين بالصلصة ورائحة البصل خارج اللحاف.
للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 101 مسافة ثم الرسالة
نعم، تذكرت أولئك الناس ــ بعد صلاة فجر كل يوم في هذا الشهر الكريم ــ وهم يتبادلون تحية الصباح ولا يذهبون إلى مضاجع نومهم ليخلدوا إلى الراحة كما نفعل
ــ نحن ــ اليوم، ولكن كل واحد منهم كانت تشرق على ثغره ابتسامة أمل في يوم يبدؤه بقراءة الفاتحة وبعض الأدعية الممزوجة بالتوكل وعمق الإيمان.
هذا يذهب إلى مزرعته التي ترتل القماري على سعفات نخلاتها ترانيم الصباح وذاك يحمل فأسه ليغمده في جذع شجرة أنهكها الجفاف وليعود ــ في ساعات الظهيرة ــ بحزمة أو حزمتين من الحطب يؤمن بثمن بيعها قوت بنيه بما يقدره الله له من رزق، وثالث يتجه إلى الساحل ليشرع صدره لمواجهة الموج متجها نحو الأعماق بحثا عن مصايد الأصداف التي يجمعها في سلة الغوص المعلقة في عنقه كقلادة ثم إذا هو رجع ــ بسلامة الله ــ وضع كومة من تلك الأصداف ليعمل «مفكته» في أحشائها بحثا عن حبة لؤلؤ يطفئ ببريقها أوار الحاجة المتأجج في داخله ويشعل في جوانب منزله البسيط ونفوس عياله بشائر الفرحة التي انتظرها طويلا..
في تلك الأزمنة، لم يكن أحد يعرف رفاه أجهزة التكييف ولا نعومة مقاعد الدواب الحديدية.. كل ما في الأمر أن أولئك الصامدين الصابرين على شظف الحياة إذا كسرت الظهيرة عصى قسوتها لجأ المجهد منهم إلى «شرشف» تآكلت خيوطه ليبلله بالماء ويدس في تجاويفه جسده المتعب لعل غفوة نعاس قيلولة حالمة تخفف عنه إرهاق المكابدة وتنفض من خلاياه غبار التعب الذي ينعكس ــ آخر النهار ــ على زوايا ثغره تشققات جفاف تشعره بإحدى الفرحتين ــ التي أشار إليها الحديث «فرحة حين يفطر وفرحة حين يلقى الله تعالى». في تلك الروحانية الرمضانية كنا ــ نحن الصغار ــ نتظاهر بالصوم، لكن الزوايا ما زالت تتذكر اختباءنا فيها ونحن نرشف جرعة ماء أو لقمة من بقايا طعام السحور، ومازلت أذكر ذلك اليوم الذي فاجأني فيه والدي ــ يرحمه الله ــ وأنا أختبئ منه تحت غطائي لأستر فعلتي لولا أن ذكائي خانني عندما تركت إحدى يدي الملطختين بالصلصة ورائحة البصل خارج اللحاف.
للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 101 مسافة ثم الرسالة