اقتل واحدا ترعب عشرة ملايين
الأحد / 02 / ذو القعدة / 1431 هـ الاحد 10 أكتوبر 2010 20:03
بدر بن سعود
وضع الخبر في سياق تاريخي مثير، ينشط أرشيف الخبرات المعروفة والمتفق عليها في الذاكرة، ويحرض على قراءة أكبر، بالذات إذا كانت مادة القصة الخبرية جديدة أو غير مفهومة، وبالمعني المهني، يخدم التناول التاريخي جوانب كثيرة، لا تقف عند حد توفير المحتوى المفسر، وإنما تساهم في تقديم أدلة إضافية وصياغة مضمون تعمل عليه الأخبار.
الملفت أن الكتب الإرشادية، حول مهنة الصحافة في بريطانيا والولايات المتحدة، لا تشير إلى استخدام التاريخ في سرد الأخبـار، إلا في إطـار محدود، مع هذا، يؤكد المنهج الصحافي في الدولتين، على أهمية تفسير الأخبار، وقد وجد ديفيد ويفر وكليفلاند ويلهويت في كتابهما: الصحافي الأمريكي في التسعينات (1996) بأن نصف الصحافيين الأمريكيين، يعتبرون توضيح الملابسات المختلفة للأخبار مهم جدا، وتشدد قواعد المهنة، بأن خلفيات الأخبـار، تطبيـق عملي ضروري في التحقيقـات الصحافية ( كيفن وليامز ــ 1999 من بريطانيا) و (بيل كوفاش وتوم روزنستيل ــ 2001 من أمريكا) وحلل براين لايك في كتابه: الصحافة البريطانية (1984) عناوين الصحافة المطبوعة ليجد أن معظمها احتوت على إحالات تاريخية.
المسألة المشتركة بين العرب والغربيين، والتي استخدم فيها التاريخ بصور مكثفة في الصحافة الغربية، كانت اعتداءات 11 سبمتبر، فقد نشر ويليام سافيري، في نيويورك تايمز يوم 12 سبتمبر 2001، بأن الاعتداءات يوم آخر سيبقى في ذاكرة العار( أو «الفشيلة» بالمعنى الدارج) فالولايات المتحدة، لم تدخل في تجربة الضحايا على أرضها منذ معركة «انتيتام» الدموية، والمعركة المذكورة لها اسم آخر هو «شاريسبورغ»، وقد وقعت في 17 سبتمبر 186، ووصفت بأنها الأكبر والأكثر دموية في تاريخ الحرب الأهلية الأمريكية، ووصل عدد ضحاياها إلى ثـلاثة وعشرين ألفا، ومثله في نفس الجريدة إن. آر كلينفيلد، الذي قال بأنه كان مجندا في فيتنام، ولم يمر بمواقف شبيهة برعب سبتمبر، مع أن رعب فيتنام أكبر وأخطر، حسب الأفلام الأمريكية، وذكر ديفيد وسبورن في جريدة الاندبنـدنت البريطانيـة عن نفس اليـوم، بأن كل الناس يتذكرون تفجير مبنى مركز التجارة العالمي في 1993. يقصد الحادث الذي وقع في يوم 26 فبراير 1993، وقتـل فيه ستة أشخاص، مع إصابة ألف وخسائر بالملايين، واتهم فيه رمزي أحمد يوسف وعبد الرماح يسن.
كارثة سبتمبر قورنت تاريخيـا في الصحافة الغربية، بتفجير المبنى الفيدرالي في أوكلاهوما سيتي عام 1995، اغتيال الرئيس جون كينيدي، حرب الخليج، حرب فيتنام، تفجيـر طائرة بان أمريكان فوق لوكربي في عام 198، انهيار سوق الأسهم الاأمريكي في عام 1987، الخطاب الأخير للرئيس الأمريكي الأول جورج واشنطن (1732/1799) بقاء الملك الإنجليزي جورج السادس في لندن أثناء الغارات النازية عليها في الحرب العالمية الثانية، الأخبار الإذاعية للصحافي الأمريكي ادوارد مروو خلال الحرب، الثورة الإسلامية في إيران 1979، الحرب الباردة، والحربين العالميتين، ولا أنسى بيرل هاربر (1941) والتشابه بينها وبين سبتمبر في استخدام الطيارين الانتحاريين، مع فارق أن العدو لم يكن واضحا من البداية في حالة سبتمبر، والنقل التلفزيوني المباشر كان غائبا عن بيرل هاربر.
بل وادخلت التوقعات، القرار المفترض للرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش في مقاربة تاريخية مع ثلاثة قرارات رئاسية سابقة، وحتى الحكمة الصينيـة القديمة: اقتل واحـدا ترعب عشرة ملايين، حضرت في الصحـافة الأمـريكية، في تناولها لأسلوب التعامل مع الإرهاب، والغريب أن الصحافة البريطانية، عرضت للتجربة الأمريكية والسوفيتية في أفغانستـان، ولم تلتفت لتجربتها مع الأفغان في حربين، الأولى في عام 1839 والثانية في عام 1878، ومن الاستخدامات التاريخية الغربية في سبتمبر، نشر التجارب الشخصية لضحايا حوادث مشابهة، وسرد حكايات النوستالجيا الصحافية، أو كما كتب صحافي بريطاني، بأنه قبل خمس سنوات، على سبتمبر، جلس امام بن لادن، وهو يشرح كيف دمر الجيش الروسي، وقدرات الاتحاد السوفياتي المنقرض، إلى جانب إشارات تاريخية كالأسوأ والأول والأخطر.
أيضا، استفادت الصحافة الغربية من العناوين، في تحديد المسارات التاريخية للحدث، مثلا عنوان جريدة الاندبندنت البريطانية: بوش يواجه أكبر كارثة بعد فيتنام، وعنوان جريدة الواشنطن بوست الأمريكية: انتصرنا في الحرب العالمية والحرب الباردة والآن الحرب الرمادية...!
يقول المؤرخ الفرنسي بيار نورا (1996) الماضي لا يرحل، حتى ولو حاول القادمون الجدد شق طريقهم واجتيازه، ويكمل بأن التأكيد على الذكريات التاريخية، يحولها إلى ذاكرة جماعية، يتشكل منها مفهوم الوطن والهوية. وكتب المؤرخ الأمريكي كارل لوتس بيكر (1873/1945) قبل أكثر من سبعين سنة، وتحديدا في عام 1922: إنه إذا كان التاريخ الجيد مفيد، فإن الإحالة عليه في الأخبار أكثر فائدة، والمختصون أعطوا تفاصيل أكثر عن الاستخدام الصحافي للتاريخ، على سبيل المثال، أورد المؤرخ الاجتماعي للإعلام الجماهيري، مايكل شودسون (1993) بأن الناس يستخدمون التاريخ لرؤية العالم الحالي بشكل أوضح، أما المؤرخ ديفيد ثيلين (1989) فقد كتب بأن الأشخاص يبحثون عن الذكريات المشتـركة لسد احتياجات الحاضر، ولتكوين معان قابلة للتفاوض، تستوعب الهموم والمشكلات.
التاريخ مادة مهمة للأخبار، خصوصا إذا كانت ملتبسة أو مملة، إلا أن التطبيق الحقيقي لها في السعودية لا يخرج عن دائرة الرياضة وكرة القدم.!.
binsaudb@ yahoo.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة
الملفت أن الكتب الإرشادية، حول مهنة الصحافة في بريطانيا والولايات المتحدة، لا تشير إلى استخدام التاريخ في سرد الأخبـار، إلا في إطـار محدود، مع هذا، يؤكد المنهج الصحافي في الدولتين، على أهمية تفسير الأخبار، وقد وجد ديفيد ويفر وكليفلاند ويلهويت في كتابهما: الصحافي الأمريكي في التسعينات (1996) بأن نصف الصحافيين الأمريكيين، يعتبرون توضيح الملابسات المختلفة للأخبار مهم جدا، وتشدد قواعد المهنة، بأن خلفيات الأخبـار، تطبيـق عملي ضروري في التحقيقـات الصحافية ( كيفن وليامز ــ 1999 من بريطانيا) و (بيل كوفاش وتوم روزنستيل ــ 2001 من أمريكا) وحلل براين لايك في كتابه: الصحافة البريطانية (1984) عناوين الصحافة المطبوعة ليجد أن معظمها احتوت على إحالات تاريخية.
المسألة المشتركة بين العرب والغربيين، والتي استخدم فيها التاريخ بصور مكثفة في الصحافة الغربية، كانت اعتداءات 11 سبمتبر، فقد نشر ويليام سافيري، في نيويورك تايمز يوم 12 سبتمبر 2001، بأن الاعتداءات يوم آخر سيبقى في ذاكرة العار( أو «الفشيلة» بالمعنى الدارج) فالولايات المتحدة، لم تدخل في تجربة الضحايا على أرضها منذ معركة «انتيتام» الدموية، والمعركة المذكورة لها اسم آخر هو «شاريسبورغ»، وقد وقعت في 17 سبتمبر 186، ووصفت بأنها الأكبر والأكثر دموية في تاريخ الحرب الأهلية الأمريكية، ووصل عدد ضحاياها إلى ثـلاثة وعشرين ألفا، ومثله في نفس الجريدة إن. آر كلينفيلد، الذي قال بأنه كان مجندا في فيتنام، ولم يمر بمواقف شبيهة برعب سبتمبر، مع أن رعب فيتنام أكبر وأخطر، حسب الأفلام الأمريكية، وذكر ديفيد وسبورن في جريدة الاندبنـدنت البريطانيـة عن نفس اليـوم، بأن كل الناس يتذكرون تفجير مبنى مركز التجارة العالمي في 1993. يقصد الحادث الذي وقع في يوم 26 فبراير 1993، وقتـل فيه ستة أشخاص، مع إصابة ألف وخسائر بالملايين، واتهم فيه رمزي أحمد يوسف وعبد الرماح يسن.
كارثة سبتمبر قورنت تاريخيـا في الصحافة الغربية، بتفجير المبنى الفيدرالي في أوكلاهوما سيتي عام 1995، اغتيال الرئيس جون كينيدي، حرب الخليج، حرب فيتنام، تفجيـر طائرة بان أمريكان فوق لوكربي في عام 198، انهيار سوق الأسهم الاأمريكي في عام 1987، الخطاب الأخير للرئيس الأمريكي الأول جورج واشنطن (1732/1799) بقاء الملك الإنجليزي جورج السادس في لندن أثناء الغارات النازية عليها في الحرب العالمية الثانية، الأخبار الإذاعية للصحافي الأمريكي ادوارد مروو خلال الحرب، الثورة الإسلامية في إيران 1979، الحرب الباردة، والحربين العالميتين، ولا أنسى بيرل هاربر (1941) والتشابه بينها وبين سبتمبر في استخدام الطيارين الانتحاريين، مع فارق أن العدو لم يكن واضحا من البداية في حالة سبتمبر، والنقل التلفزيوني المباشر كان غائبا عن بيرل هاربر.
بل وادخلت التوقعات، القرار المفترض للرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش في مقاربة تاريخية مع ثلاثة قرارات رئاسية سابقة، وحتى الحكمة الصينيـة القديمة: اقتل واحـدا ترعب عشرة ملايين، حضرت في الصحـافة الأمـريكية، في تناولها لأسلوب التعامل مع الإرهاب، والغريب أن الصحافة البريطانية، عرضت للتجربة الأمريكية والسوفيتية في أفغانستـان، ولم تلتفت لتجربتها مع الأفغان في حربين، الأولى في عام 1839 والثانية في عام 1878، ومن الاستخدامات التاريخية الغربية في سبتمبر، نشر التجارب الشخصية لضحايا حوادث مشابهة، وسرد حكايات النوستالجيا الصحافية، أو كما كتب صحافي بريطاني، بأنه قبل خمس سنوات، على سبتمبر، جلس امام بن لادن، وهو يشرح كيف دمر الجيش الروسي، وقدرات الاتحاد السوفياتي المنقرض، إلى جانب إشارات تاريخية كالأسوأ والأول والأخطر.
أيضا، استفادت الصحافة الغربية من العناوين، في تحديد المسارات التاريخية للحدث، مثلا عنوان جريدة الاندبندنت البريطانية: بوش يواجه أكبر كارثة بعد فيتنام، وعنوان جريدة الواشنطن بوست الأمريكية: انتصرنا في الحرب العالمية والحرب الباردة والآن الحرب الرمادية...!
يقول المؤرخ الفرنسي بيار نورا (1996) الماضي لا يرحل، حتى ولو حاول القادمون الجدد شق طريقهم واجتيازه، ويكمل بأن التأكيد على الذكريات التاريخية، يحولها إلى ذاكرة جماعية، يتشكل منها مفهوم الوطن والهوية. وكتب المؤرخ الأمريكي كارل لوتس بيكر (1873/1945) قبل أكثر من سبعين سنة، وتحديدا في عام 1922: إنه إذا كان التاريخ الجيد مفيد، فإن الإحالة عليه في الأخبار أكثر فائدة، والمختصون أعطوا تفاصيل أكثر عن الاستخدام الصحافي للتاريخ، على سبيل المثال، أورد المؤرخ الاجتماعي للإعلام الجماهيري، مايكل شودسون (1993) بأن الناس يستخدمون التاريخ لرؤية العالم الحالي بشكل أوضح، أما المؤرخ ديفيد ثيلين (1989) فقد كتب بأن الأشخاص يبحثون عن الذكريات المشتـركة لسد احتياجات الحاضر، ولتكوين معان قابلة للتفاوض، تستوعب الهموم والمشكلات.
التاريخ مادة مهمة للأخبار، خصوصا إذا كانت ملتبسة أو مملة، إلا أن التطبيق الحقيقي لها في السعودية لا يخرج عن دائرة الرياضة وكرة القدم.!.
binsaudb@ yahoo.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة