الخوف من تأنيث المتاجر محض حدوته

أسلوب العرض ودقة التطبيق دواء رهبة التغيير

استمعت لأحد البرامج الفضائية، وكان عن توظيف النساء في المحال التجارية. ناقش ضيوف البرنامج الموضوع بإسهاب وموضوعية، لكن الموضوع لا يكفيه حلقة واحدة وخصوصا أن مدتها قصيرة، وفواصلها كثيرة، وتداخلات بعض المستمعين والمستمعات لا ترقى لمستوى النقاش، فضلا عن إهدارهم لوقت البرنامج.
لكن الحلقة أوضحت جوانب خفية لم يتكلم عنها الضيوف، بينما بدت جلية للمتمعن. ظهر لي أن مجتمعنا تحكمه رهبة (التغيير) كما جرت العادة، فكم مرت علينا قضايا كثيرة تأخرت كثيرا في الانتشار والتعاطي بسبب، خوف المجتمع من أي تغيير لوتيرة تجانسه.
الأمر الآخر الذي لفت انتباهي، منع عمل المرأة في المحال التجارية، بل إن النظام قد أقر ذلك من سنوات. لكن عدم المبادرة في التنفيذ ساعدت من لا يتقبل عمل المرأة في صنع هالة ضخمة من الاشتراطات والضوابط، وهذا ما عقد المسألة أكثر.
الأمر الآخر، أن مجتمعنا قد كون ثقافة متشددة وغريبة خلال الأربعين سنة الماضية فيما يخص المرأة. وظهر جيل كامل يعتقد أن الحقيقة في ما نشأ وتربى عليها. ومع مرور الزمن اتضح خلاف ذلك وبما لا يتعارض مع النص الشرعي أو المعتقد أو العرف السائد، بل اعتمادا على كل تلك المعطيات مجتمعة.
لقد مرت علينا تجارب كان المجتمع يتوجس منها ريبة ويخشى من رهبة التغيير التي ذكرتها.خذوا معي مثلا استخدام الجوال ذي الكاميرا أيام منع استخدامه. وكيف تحول إلى هاجس وخطر يهدد استقرار المجتمع وقيمه ومبادئه، ومع مرور الوقت تحولت القضية برمتها إلى ما يشبه الحدوتة، فالمجتمع واع بما فيه الكفاية وقادر من تلقاء نفسه على حماية مبادئه وأفكاره وقيمه متى ما شعر بخطر حقيقي يهددها ، وثبت أن السلوك المنحرف يظل استثناء وتبقى الفطرة السليمة هي السائدة دوما.
أعود لموضوع تأنيث المحال التجارية، اعتقد أن الحل في تقبل المجتمع للفكرة وتعاطيها هو في كسر رهبة التغيير هذه. وابتكار وسائل حديثة لإيصال الفكرة بصورتها الحقيقية لكافة شرائح المجتمع وأن يكون التطبيق حذرا ويراعي التفاصيل التي قد تحدث صدمة عكسية فيما لو تجاهلت بعض المسلمات والركائز التي يتفق عليها الجميع.

م. محمد بن إبراهيم الشريف ـ جدة