وزير العمل .. والمرأة .. والتعداد

زهير كتبي

لم أكن أرغب في الإسراع بالكتابة عن وزارة العمل عند تعيين أخي وصديقي الحبيب لقلبي معالي المهندس عادل فقيه وزيرا للعمل ــ حماه الله ووفقه ــ والذي اشتهر بمكارم الأخلاق والاستقامة والنزاهة ونظافة اليد وعفة اللسان. ولم أرغب كغيري أن أرص مقترحات كبيرة أمام معاليه، لأنني أعرف جيدا أن وزير العمل يخضع لتنفيذ سياسة دولة، وليس وزيرا يضع سياسة لهذه الوزارة المهمة والتي تساهم مباشرة في تشكيل مستقبل بلادنا. وكما أعرف جيدا أن ملف وزارة العمل في يد مؤسسة الحكم، ووزير العمل منفذ لسياسة الدولة. ولكن وجدت من المناسب أن أضع أمام أخي عادل بعض الملفات الرئيسة التي تصنع سياسة الوزارة وتتحكم في معظم إجراءاتها ومنها :
1/: أريد أن أتناول الزاوية الاقتصادية من ملف العمل ومن منظور اقتصادي بحت. وفي ظني أنها المخرج الأساس لهذا الملف المهم والحيوي سياسيا، عوضا عن القرارات والإجراءات والممارسة الإدارية.
بداية حديثي سيكون عن الارتباط الوثيق والراسخ بين .. [التعداد السكاني].. الجديد أو الأخير، وبين عمل وزارة العمل، وارتباطهما بهذا الملف الوطني.
وحسب الإحصائية السكانية الأخيرة 1431هـ، نجد أن التعداد حدد عدد سكان المملكة العربية السعودية بحوالى ( 28 ) ثمانية وعشرين مليون نسمة. وعدد السعوديين من هذا الرقم حوالى ( 19 ) تسعة عشر مليون نسمة، وعدد غير السعوديين (9) ملايين أجنبي. فلو أخذنا السعوديين وعددهم ( 19 ) مليون، وافترضنا أن ( 49% ) منهم نساء، أي حوالى (9) تسعة ملايين نسمة، ويصبح الباقي ( 50% ) أي ( 9.50 ) تسعة ملايين ونصف مليون نسمة رجال، منهم ( 60 % ) ستون في المائة تحت عمر (15 أو 16 ) ستة، أي حوالى (5) خمسة ملايين نسمة فيصبح الذين يعملون من السعوديين حوالى مليوني نسمة. بينما إذا أردنا المقارنة فنجد أن حوالى (9) تسعة ملايين أجنبي أغلبهم بحوالى (90 %) تسعين في المائة يعملون في بلادنا .. أريد أن أصل إلى نتيجة مفادها أن الذين يعملون من السعوديين هم حوالى مليونين. ويتضح أن السيطرة للعامل الأجنبي وهنا يكمن الخطر على الوطن.
إن سوق العمالة في البلاد تطغى عليها اقتصاديات العامل الأجنبي، أعنى أن حجم ومعايير العطاء للعامل الأجنبي، وكذلك.. [ التكلفة ]. لذلك فإن قطاع التجزئة.. [ البيع والشراء ].. وهو أكبر قطاع في أي مجتمع. وهي ممارسات في مثل أعمال: البقالة، والبنشر، والمخابز، والمطاعم، والقماشين، والصاغة، والأجهزة الكهربائية، والسباكة، وغيرها. حيث يطغى عليها (90 %) من العامل الأجنبي باقتصادية السوق التي تعني حجم العطاء وتكلفته. إذا أردنا أن نقارن اقتصاديات تكلفة العامل الأجنبي مقابل السعودي فإننا نجد أن نسبة الأداء إلى التكلفة للعامل الأجنبي (6 إلى 8) أضعاف ذات النسبة للعامل السعودي. وبذلك نجد أن .. [ سوق التجزئة ].. لا ترغب في العامل السعودي أن يعمل فيها. وكذلك العامل السعودي لا يريد .. [ سوق التجزئة].. لأن مناخ العمل وظروفه الاقتصادية قاتلة وشاقة ولا تسمح بنفاد السعودي إليها. وهذه الصورة تنسحب على الكثير من الصناعات الاقتصادية في بلادنا. مثل القطاع الصحي والأهلي والقطاع التعليمي الأهلي.
والحل في تقديري ــ هكذا أعتقد ــ له أكثر من زاوية فيجب ترتيب الظروف التي تغير هذه المعطيات لسوق العمل ومن ضمنها وأهمها لها تأثير أساسي ومهم وهو السماح
.. [ للمرأة السعودية ].. بالعمل في أكبر مساحات العمل وأكبرها فرصة. فالسماح للمرأة يعني تخفيض العمالة الأجنبية العاملة، ومن ثم تقليص هيمنة اقتصاديات العامل الأجنبي على السوق.
إن إبقاء وضع المرأة هكذا وحرمانها ومنعها من العمل هو ترسيخ سوق عمل يسيطر عليها العامل الأجنبي بطريقة طاغية. ومن ضمن ما أراه من حلول هو :
1/: ملف العمالة بأن ينظر إليه قطاعيا، أي أن ينظر إلى كل قطاع على حدة، ويفسح المجال للمرأة للعمل فيه. وأن نمنع بالتدريج العامل الأجنبي في كل القطاعات المختلفة مثل الصناعة وغيرها.
2/: مشاركة المرأة في العمل لسببين مهمين وهما :
2/1: العمل لذاتها لأنها تحتاج العمل. وتقضي الوقت فيه. بدلا من الانشغال في المشكلات مع أهلها أو زوجها.
2/2: لأن وجود المرأة يشكل كتلة سوف تغير سوق العمالة في بلادنا. لكي ينحني للعامل السعودي ويكون قريبا منه.
2/3: ولكي أعطي مساحة أكبر في العمل بطريقة جدية لا بد أن تذهب للعمل ثم العودة لمنزلها. وهنا تظهر أهمية تأثير .. [ ملف قيادة المرأة للسيارة ].. لأن وجود السائق في المنزل سوف يأكل نصف راتبها أو دخلها، فجزء منه يذهب لمكتب الاستقدام، وجزء منه رسوم الاستقدام، وجزء للإقامة، وجزء لمكتب العمل، وجزء للصحة وغيرها. كما أن السائق يظل هو المتحكم في تحركات وانتقال المرأة.
بقي أن أقول إن .. [ ترويض ].. ملف العمالة الأجنبية لصالح المواطن من منظور اقتصادي يعطي معالجة سريعة لمشكل طويل. يتبعها برامج وترتيبات على المدى الطويل أي بعد عشر سنوات، مثل ملفات : التعليم العام والعالي والمهني الفني، ليرشد لخدمة القطاع الخاص، وكذلك خدمة احتياجات بلادنا والتناغم مع تنمية البلاد للمرحلة القادمة إن شاء الله..
أود أن ألفت نظر معالي وزير العمل ــ حماه الله ــ إلى أن في بلادنا ظهرت علينا ظواهر جديدة لا بد أن يضعها معالي وزير العمل في خططه وأفكاره لمعالجة ملف العمل، وهي أن خريجي مشروع خادم الحرمين الشريفين القادمين إلينا من الغرب قد يشكلون حوالى
(15000) خمسة عشر ألف متخرج ومتخرجة يضاف لذلك المتخرجون من الجامعات السعودية فكل هؤلاء يحتاجون إلى وظائف فهم يشكلون عبئا ومشكلات جديدة على البلاد. فلا بد من عمل ترتيبات وملف خاص بهم، وعلى أن تتواصل وزارة العمل مع جهات القطاع الخاص. وفتح قنوات لتشغليهم والتنسيق مع وزارة التعليم العالي لترشيد هذه الفئة وتحديد مستقبلهم والاهتمام بهم.
إنني أرى ضرورة فتح إدارة خاصة باسم خريجي التعليم العالي.
والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض، وساعة العرض، وأثناء العرض.
* أديب وكاتب سعودي.
للتواصل :5366611
Zkutbi@hotmail.com