كلمات تلاشت

عزيزة المانع

بين يدي كتاب صغير الحجم، طريف الموضوع، عنوانه (مدلولات كلمات قضى عليها حكم الملك عبد العزيز)، والكتاب من تأليف الشيخ محمد بن ناصر العبودي، ومنشورات جمعية الثقافة والفنون (بدون تاريخ)، ولكن يمكن استنتاج تاريخ النشر من خلال العبارة المكتوبة على غلاف الكتاب، والتي تفيد أنه منشور بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس المملكة، أي عام 1419.
فكرة الكتاب تتضمن عرضا لعديد من المفردات اللفظية التي كانت دارجة على ألسنة الناس في منطقة نجد قبل حكم الملك عبد العزيز، ثم ما لبثت أن أخذت تتضاءل حتى تلاشت الآن من أفواه الناس. ويعلل المؤلف تلاشي تلك المفردات بأن حكم الملك عبد العزيز قضى على مدلولاتها، فانقرضت حين لم يبق منها شيء تدل عليه.
وقد قسم الألفاظ المنقرضة إلى بضعة أقسام، وفق المدلولات المرتبطة بها والتي قضى عليها حكم الملك عبدالعزيز، وتمثلت في: السرقة والنهب وقطع الطريق، والغزو والقتال، والفقر وقلة الطعام، وانتشار الأوبئة. وفي كل قسم منها يسرد الألفاظ التي كانت تستخدم للدلالة عليه.
من النماذج التي يذكرها المؤلف عن الألفاظ المتلاشية، والتي كانت ترد في مجال النهب والسلب، واختفت من ألسنة الناس بعد حكم الملك عبد العزيز الذي نجح في القضاء على تلك الظاهرة الإجرامية ونشر الأمن في البلاد، يورد كلمات مثل (الحنشولي) وهي صفة لمن يختلس الماشية أو يعتدي على الناس فينهب ما معهم حتى ثيابهم، ومثل (السلة) بفتح السين وتشديد اللام، وهي تعنى سرقة المواشي خفية، وأكثر ما يراد بها سرقة البعير حيث يقوم اللص بسل عقال البعير سريعا وبدون صوت. ومثل (الكسب) وهي صفة تطلق على الإبل التي تؤخذ من العدو في السلم على طريق الانتهاب أو الاغتصاب أو السرقة، ولم يكن الناس يرون باسا في ذلك «على اعتبار أن أعداءهم يتربصون بهم ليفعلوا بهم مثل ذلك الفعل».
وفي مجال الغزو والقتال يورد ألفاظا مثل (النقا)، فحين يقال (عليكم مردود النقا) فذلك يعني: «استعدوا فإننا سوف نرد الحرب عليكم». ومثل (البوق) ويعني الغارة المفاجئة، هي عكس (النقا)، ومثل (اللقوة) ويقصد بها «الحرب التي تنزل بالقوم رغما عنهم» ولا يمكنهم تلافيها.
وفي مجال الأوبئة، يذكر المؤلف ألفاظا كانت ترد في وصف وباء الجدري مثل (جدري مرحرح) و(حشش الجدري) و(الخرش)، أو في وصف أمراض العين مثل (الحمص) و(الرمص) و(البثرة)، أو في وصف بعض الأمراض الجلدية مثل (الحزا) و(الأخت).
وفي مجال الجوع والفقر، ترد ألفاظ مثل (عظم الرجوعة) «وهو العظم الذي طبخ وأكل ما عليه من اللحم، ثم يعاد طبخه ثانية حتى يستخلص ما قد يكون فيه من الدسم» ومثل (المحزر) وهو قطع صغيرة من الشحم محفوظة في كرش خروف أو شاة، حتى إذا جاء فصل الشتاء الذي يقل فيه الدسم أخذ منه ليضاف إلى الطعام، ومثل (البخص) بفتح الباء والخاء، وهو أعصاب الرجلين واليدين من البعير.
والكتاب يعد مرجعا في ما اندثر من ألفاظ عامية أو عادات شائعة ترتبط بطبيعة الحياة قبل حكم الملك عبد العزيز، إلا أنه اقتصر على منطقة نجد وحدها، وهناك حاجة إلى كتب أخرى تتحدث عن بقية المناطق مثل الحجاز وعسير والشمال، فلا شك أن تلك المناطق هي أيضا تأثرت بمثل ما تأثرت به نجد.


فاكس 4555382-01


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة