جنود سابقون شتتتهم الحرب يعودون للاستفتاء

«الأطفال الضائعون»

أطلق اسم «الأطفال الضائعون» على جيل من الجنود النشء السابقين الذين أرغموا على القتال أو الفرار من الحرب الأهلية الطويلة التي دامت عقدين بين جنوب السودان وشماله، والآن عادوا إلى موطنهم للمشاركة في الاستفتاء التاريخي الذي انطلق أمس.
وقال فالنتينو أشاك دينغ وهو يحمل بطاقة الناخبين بفخر واعتزاز: «ندعم الاستفتاء لننال حريتنا». وقصة دينغ هي الأكثر انتشارا بين الجنود الأطفال التي رواها الكاتب الأمريكي دايف إيغرز بالتفصيل في كتاب حقق مبيعات كبيرة. فعندما كان صبيا، فر دينغ من الجنوب إلى أثيوبيا عبر المستنقعات في رحلة صعبة مع أصدقاء له قضى معظمهم بالرصاص أو في هجمات لحيوانات مفترسة أو جوعا. وبعد سنوات أمضاها في مخيم للاجئين في صحراء كينيا، حصل على حق اللجوء السياسي إلى الولايات المتحدة في 2001. لكنه لم ينس يوما جنوب السودان. وأفصح دينغ: «إنها فرصة يجب أن لا نفوتها إطلاقا». ويستخدم دينغ إيرادات كتابه لبناء مدرسة في بلدته التي دمرتها سنوات الحرب. وقصته استثنائية وفريدة فقط خارج السودان، لأن مثل هذه القصص عادية وعديدة في جنوب البلاد. وقضى نحو مليوني شخص وفر نحو أربعة ملايين في الحرب الأهلية مع الشمال التي دامت 22 عاما. وكل الذين عادوا إلى الجنوب الآن يؤكدون أنهم لا يريدون أن تشهد بلادهم مثل هذه الحرب مجددا.
وذكر كور أيوين وهو أسترالي أصله من جنوب السودان فر مثل دينغ عندما كان صبيا ونشأ في مخيمات اللاجئين في كينيا: «الاستفتاء هو كل شيء بالنسبة لنا»، مضيفا: «أدركت عندما تقرر تنظيم الاستفتاء أنه عليّ العودة لتقديم كل الدعم الممكن». ويتولى أيوين مجموعة الضغط «الاستفتاء من أجل الحرية» التي أطلقت حملة توعية حول الاقتراع من خلال تنظيم مسيرات وحفلات موسيقية. وأوضح: «عملنا بنشاط للتأكد أولا من تقدم الأفراد لتسجيل أسمائهم على لوائح الناخبين وثانيا المشاركة في الاستفتاء».
وأفادت ماري نيلو وهي بائعة فواكه: «أولادي لا يزالون في المدرسة في أوغندا حيث نشأت خلال الحرب لكنهم سيأتون إلى الجنوب لدى تحريره».
وأضافت «لا أتوقع أن تتوفر فرص العمل على الفور. لكن ذلك سيتحقق مع السلام والحرية».
وأولئك الذين لم يتمكنوا من العودة إلى الجنوب للمشاركة في الاستفتاء يدعمون هذه المبادرة من الخارج. وسجل أكثر من 60 ألف شخص للاقتراع في ثماني دول هي مصر، أثيوبيا، كينيا، أوغندا، أستراليا، بريطانيا، كندا، والولايات المتحدة.
وأقر لوبيز لومونغ الذي فر وهو طفل من الجنوب عندما دمرت قريته وأصبح رياضيا في الفريق الأمريكي: «إنها لحظة عظيمة في تاريخنا». ولا يزال لومونغ يحن إلى موطنه رغم أنه حمل العلم الأمريكي أثناء حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في بكين في 2008. وأضاف لومونغ خلال زيارة لجوبا عاصمة الجنوب في ديسمبر: «إننا نترقب بشغف هذا الاستفتاء. أريد أن يصبح الجنوب حرا». وقال إليكس ياتا لوكادي وهو كندي أصله من جنوب السودان على موقع أنشأه لجمع التبرعات لدعم الاستفتاء «علينا تحقيق حلم الاستقلال والحرية وسنحت لنا الآن هذه الفرصة». وفي مرفأ جوبا يأتي عدد من الناخبين من الشمال للمشاركة في الاستفتاء. وقالت باسيانس أشيرو التي فرت إلى الشمال خلال الحرب: «علمنا بأن الجنوب يتطور فقررت العودة» مع أولادي الأربعة. وأضافت «الأوضاع صعبة وليس لدينا ما يكفي من الطعام ورغم ذلك نشعر بالسعادة للعودة إلى موطننا».