ما وراء كواليس الجامعات!
الاثنين / 18 / ربيع الأول / 1432 هـ الاثنين 21 فبراير 2011 21:11
عزيزة المانع
من يتابع ما ينشر في الصحف، قد يلاحظ ما آل إليه حال جامعاتنا ذات المكانة الأكاديمية العليا!، فقد باتت كمؤسسات تجارية، تتنافس فيما بينها على الظهور بمظهر (الأفضل) بأسلوب بعيد عن السمة الأكاديمية الرزينة، فصارت الجامعات تتسابق لتردد أنها (أول من..) أو أنها (صاحبة قصب السبق في..) أو أنها (صاحبة الفضل في استحداث..)، وما إلى ذلك في تنافس ممجوج على امتلاك (السمعة)ليس إلا.
الجامعات الرزينة تترفع عن فعل المؤسسات التجارية، وتتسامى عن جعل معيار جودتها أنها (أول من..) أو أنها (الأكبر) أو (الأكثر عددا)، ذاك أن أهدافها أكبر من مجرد تسويق الذات وتمرير البضاعة كيفما اتفق. الجامعات الرصينة تدرك جيدا أن ما تفعله المؤسسات التجارية ليس سوى قشور وزخرف ظاهر من القول، لذا هي تعزف عنه لتوجه اهتمامها إلى الجوهر، إلى الباطن تصلحه وتجوده.
وجودة الباطن لا تقاس بمعيار (نحن أول من ..)، ولا بمعيار (نحن الأكبر..) أو (الأكثر عددا..)، جودة الباطن ينبئ عنها نتيجة الجامعات من تميز الخريجين فيها، وتألق أعضاء هيئتها التدريسية، وعمق الأبحاث المنسوبة إليها، ودرجة انغماسها الحق في التفاعل مع قضايا الناس.
جودة الباطن هي الجزء الأصعب في إصلاح الجامعات والارتقاء بها، لأنه جزء يتعلق بالبشر وليس بالأشياء، فإصلاح الأنظمة وتوفير المال للإنفاق على الاحتياجات المادية، هو على صعوبة تحقيقه، يظل أيسر بكثير من إصلاح البشر أنفسهم، وهذا مما يجعل جودة الباطن هي المحك الحقيقي لتقدم الجامعات ورقيها.
إصلاح البشر لا يرتبط فقط بالرفع من المستوى العلمي والمهني للدارسين والأساتذة والباحثين، وإنما يرتبط أيضا بالقضاء على كل ملمح من ملامح الفساد الذي يحيك في داخل نفوس البشر متحينا الفرص الملائمة لبناء أوكاره تحت مظلة مفاهيم متعددة تصاغ لها أوعية بمسميات مزخرفة مثل (الرحمة) و (التعاون) و (المرونة) وما شابهها من مفاهيم، توظف لتبادل منافع خاصة متفق عليها ضمنيا.
حين يمضي طالب دراسات عليا سنوات طويلة متعثرا في إعداد أطروحته، ويصير مهددا، وفقا لنظام الجامعات، بالفصل، تتحرك المشاعر الرحيمة لمساعدته، والمساعدة هنا لا تعني إعطاءه تمديدا زمنيا يمكنه من إصلاح ضعفه العلمي، وإنما تعني التجاوز عن ذلك الضعف، وإجازة أطروحته بما فيها من هلهلة!!، وحين يخفق طالب دكتوراة مرتين في الامتحان الشامل، وهو الامتحان الذي يتوقف عليه السماح للطالب بإعداد أطروحته أو إغلاق ملفه وإنهاء التحاقه بالجامعة، تظهر مرة أخرى مشاعر الرحمة لتتلاعب بالأنظمة التي لا تجيز للطالب دخول الامتحان أكثر من مرتين، فيعاد له الامتحان للمرة الثالثة بعد أن أضمر تنجيحه هذه المرة.
الرحمة ليست وحدها ما يصول ويجول وراء كواليس الجامعات، مرسخة مظاهر الضعف العلمي، وإنما هناك ما يردفها مستشريا بين الزملاء والزميلات من المجاملات ومراعاة تبادل المصالح فيما بينهم، فأصول اللعبة تقوم على أساس (دف طالبي) و (أدف طالبك)، (لا تحرجني برفض عمل الطالب متى كان ضعيفا)، و (بدوري لن أحرجك).
ولكن ما الذي سيحدث إن أنت شققت العصا وخرجت على قواعد اللياقة والمجاملة ورفضت اللعب مع اللاعبين؟، إن أنت فعلت، فابشر بالإقصاء والعزلة لتأدييك وإعلان توبتك حين لا تجد من يطرح اسمك لمناقشة، ولا من يطلبك للإشراف، ولا من يرشحك للجنة اختبار أو مقابلة.
ص. ب 86621 الرياض 11622
فاكس 4555382-01
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة
الجامعات الرزينة تترفع عن فعل المؤسسات التجارية، وتتسامى عن جعل معيار جودتها أنها (أول من..) أو أنها (الأكبر) أو (الأكثر عددا)، ذاك أن أهدافها أكبر من مجرد تسويق الذات وتمرير البضاعة كيفما اتفق. الجامعات الرصينة تدرك جيدا أن ما تفعله المؤسسات التجارية ليس سوى قشور وزخرف ظاهر من القول، لذا هي تعزف عنه لتوجه اهتمامها إلى الجوهر، إلى الباطن تصلحه وتجوده.
وجودة الباطن لا تقاس بمعيار (نحن أول من ..)، ولا بمعيار (نحن الأكبر..) أو (الأكثر عددا..)، جودة الباطن ينبئ عنها نتيجة الجامعات من تميز الخريجين فيها، وتألق أعضاء هيئتها التدريسية، وعمق الأبحاث المنسوبة إليها، ودرجة انغماسها الحق في التفاعل مع قضايا الناس.
جودة الباطن هي الجزء الأصعب في إصلاح الجامعات والارتقاء بها، لأنه جزء يتعلق بالبشر وليس بالأشياء، فإصلاح الأنظمة وتوفير المال للإنفاق على الاحتياجات المادية، هو على صعوبة تحقيقه، يظل أيسر بكثير من إصلاح البشر أنفسهم، وهذا مما يجعل جودة الباطن هي المحك الحقيقي لتقدم الجامعات ورقيها.
إصلاح البشر لا يرتبط فقط بالرفع من المستوى العلمي والمهني للدارسين والأساتذة والباحثين، وإنما يرتبط أيضا بالقضاء على كل ملمح من ملامح الفساد الذي يحيك في داخل نفوس البشر متحينا الفرص الملائمة لبناء أوكاره تحت مظلة مفاهيم متعددة تصاغ لها أوعية بمسميات مزخرفة مثل (الرحمة) و (التعاون) و (المرونة) وما شابهها من مفاهيم، توظف لتبادل منافع خاصة متفق عليها ضمنيا.
حين يمضي طالب دراسات عليا سنوات طويلة متعثرا في إعداد أطروحته، ويصير مهددا، وفقا لنظام الجامعات، بالفصل، تتحرك المشاعر الرحيمة لمساعدته، والمساعدة هنا لا تعني إعطاءه تمديدا زمنيا يمكنه من إصلاح ضعفه العلمي، وإنما تعني التجاوز عن ذلك الضعف، وإجازة أطروحته بما فيها من هلهلة!!، وحين يخفق طالب دكتوراة مرتين في الامتحان الشامل، وهو الامتحان الذي يتوقف عليه السماح للطالب بإعداد أطروحته أو إغلاق ملفه وإنهاء التحاقه بالجامعة، تظهر مرة أخرى مشاعر الرحمة لتتلاعب بالأنظمة التي لا تجيز للطالب دخول الامتحان أكثر من مرتين، فيعاد له الامتحان للمرة الثالثة بعد أن أضمر تنجيحه هذه المرة.
الرحمة ليست وحدها ما يصول ويجول وراء كواليس الجامعات، مرسخة مظاهر الضعف العلمي، وإنما هناك ما يردفها مستشريا بين الزملاء والزميلات من المجاملات ومراعاة تبادل المصالح فيما بينهم، فأصول اللعبة تقوم على أساس (دف طالبي) و (أدف طالبك)، (لا تحرجني برفض عمل الطالب متى كان ضعيفا)، و (بدوري لن أحرجك).
ولكن ما الذي سيحدث إن أنت شققت العصا وخرجت على قواعد اللياقة والمجاملة ورفضت اللعب مع اللاعبين؟، إن أنت فعلت، فابشر بالإقصاء والعزلة لتأدييك وإعلان توبتك حين لا تجد من يطرح اسمك لمناقشة، ولا من يطلبك للإشراف، ولا من يرشحك للجنة اختبار أو مقابلة.
ص. ب 86621 الرياض 11622
فاكس 4555382-01
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة