في أي عصر نحيا ؟

سعيد السريحي

إذا كان قد فاتنا أن نساهم في ابتكار وسائل التقنية الحديثة، التي تمكنت كل شعوب الأرض ــ الغنية منها والفقيرة ــ من المساهمة فيها، فلم يفتنا أن نستثمر هذه الوسائل على نحو لم يفكر فيه شعب سوانا، ولم يحلم به حتى أولئك الذين اخترعوا تلك الوسائل، ولعل ذلك ما يمكن أن يشكل لنا تعويضا عن تقصير يتهمنا به من لا يعرفون العبقرية التي نتمتع بها، حين تتفتق أذهاننا عن الطرق التي نوظف فيها التقنية توظيفا يعبر عن همومنا ومشاغلنا واهتماماتنا، وما يمكن أن نوجزه في خصوصيتنا التي تميزنا عن بقية شعوب الأرض.
فاتنا أن نبتكر المختبرات التي تكشف عن ( دي إن أيه)، وما تقوم به من تحليل لعينات الحمض النووي، غير أن أحدا فوق الأرض ممن لم يقدروا هذا الاختراع حق قدره لم يفكر كما فكرنا نحن، في كيفية استخدام هذا الابتكار من أجل وضع خريطة وراثية يمكن لها أن تحدد على نحو علمي قاطع من ينتمون إلى قبيلة محددة أصلا وفصلا، ومن يحاولون الانتماء إليها زورا وبهتانا، وبذلك يتم تحصين القبيلة والحفاظ على دمها الأزرق من أن تكون ملاذا للأدعياء والمنتمين إليها، ممن لا تجري في عروقهم الدماء النبيلة لتلك القبيلة، وبإمكان نتائج المختبر العلمية أن تكون أقوى حجة يمكن لمن ترفع ضده قضية تكافؤ نسب أن يواجه بها خصومه، دون أن يكون محتاجا معها لاعتراف من شيخ القبيلة أو شهادة الشهود.
ذلك ما حمله لنا الخبر الذي توج الصفحة الأولى للزميلة صحيفة الوطن، عن مواطن احتكم إلى مختبر أمريكي يختص بالجينات الوراثية، من أجل الاطمئنان على سلامة نسب قبيلته، مستخدما جينات مواطنين ينتمون إلى نفس القبيلة، وذلك لكي يتمكن من أن يثبت أو ينفي ادعاءات من يقولون أنهم ينتمون للقبيلة، دون أن يكون لديهم ما يثبت هذا الادعاء.
وأمام هذه الحاجة الحضارية الملحة، لا بد لنا من أن نتوجه برجاء حار لوزارة الصحة، يتمثل في العمل عاجلا على توفير هذه المختبرات داخل المملكة، ليس من باب المحافظة على المال العام والتخفيف على المواطنين، بل من باب الحفاظ على سمعتنا، إذ أن من الأفضل لنا أن لا يعرف العالم من حولنا في أي عصر نحيا، ولأي غرض نستخدم وسائل التقنية الحديثة.
suraihi@gmail.com


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 165مسافة ثم الرسالة