ممثل «القوات اللبنانية» في الحكومة وزير السياحة جو سركيس لـ «عكاظ»:
التحديات.. وإعادة اعمار لبنان (3)
السبت / 25 / رجب / 1427 هـ السبت 19 أغسطس 2006 19:05
متابعة: فادي الغوش (لبنان)
لبنان بعد 12 يوليو 2006 تاريخ العدوان الإسرائيلي الغاشم هو غير لبنان قبل هذا التاريخ، فالكارثة الكبيرة التي حلت على لبنان أرضاً وشعباً ومؤسسات حملت معها الكثير من الأسئلة الساخنة والاستحقاقات العاجلة، إلا أن الشيء الإيجابي الذي حملته هذه الكارثة هي تأكيد تضامن اللبنانيين والتأكيد على ضرورة قيام الدولة اللبنانية القوية القادرة والحرة المستقلة، والتي تكون حصينة بوجه الاهداف الخارجية والاستعمالات العدائية والتي تسعى إلى جعل لبنان ساحة لتصفية حسابات لا علاقة للبنانيين فيها.
بناء الدولة كيف يكون؟ .. وما هي الاستحقاقات التي تنتظر اللبنانيين؟ وهل عملية البناء تشمل الجيش والاقتصاد والفكر والثقافة؟ .. ما دور الأحزاب اللبنانية والتيارات السياسية في عملية بناء الدولة؟ وماذا عن الطائفية وفتنتها؟ ..
أسئلة سعت «عكاظ» إلى الإجابة عنها عبر حوارات مفتوحة وندوات مع التيارات السياسية كافة والأوساط الاجتماعية والثقافية لعل في الإجابة ما يعين اللبنانيين على رؤية الضوء المشع في آخر النفق المظلم.. وفي هذه الحلقة يتحدث ممثل القوات اللبنانية في الحكومة وزير السياحة اللبناني جو سركيس:
كيف تقرأ قرار مجلس الأمن 1701؟ هل هو لمصلحة لبنان أم ضده؟
- ان كل قرار نتج عن خلاف بين طرفين يأتي جراء تسوية، وعندما نتكلم عن تسوية معنى ذلك ان كل طرف لا يحصل على كل ما يطلبه وبالتالي لم تخسر كل شيء.
واعتقد ان هذا القرار كان يمكن أن يكون أحسن وكان ممكنا ان يكون أسوأ ولكنني اعتبره جيداً للبنان لوجود نقاط عدة فيه لصالح لبنان منها:
أولاً وقف العمليات العسكرية، انسحاب إسرائيل خارج الحدود اللبنانية.
ثانياً ولأول مرة تدخل مسألة مزارع شبعا على مجلس الأمن في الوقت الذي حاولنا منذ سنوات أن نخرج بشيء حول هذا الموضوع مع الأمم المتحدة ونفشل دائماً، ولأول مرة يدخل موضوع المزارع على برنامج عمل الامم المتحدة.
ثالثاً بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية والشرعية وهذا كان مطلبنا منذ سنوات عديدة أن لا تكون سلطة في لبنان إلا السلطة الرسمية. رابعاً لا يوجد بعد اليوم سلاح خارج السلطة ومؤسساتها العسكرية.
خامساً وأخيراً قال القرار بحلول دائمة، ولبنان مر بحروب كل فترة عشر سنوات وكأن لبنان يريد أن يدخل بكتاب «غينيس» من خلال الحروب التي مر بها وبالتالي اكتفينا كلبنانيين من الحروب والازمات.
وعندما قيل «حلول دائمة» الكل سأل كيف تتحقق هذه النقطة، وقد وضع في القرار مهل وخطوط لتنفيذ كل ذلك من خلال مباحثات الأمين العام والاعضاء.
وقد وافقنا عليها في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة لكنها ترافقت ببعض الملاحظات والتحفظات.
باختصار هذا القرار جيد ونتمنى لو أننا استطعنا أن يكون أفضل، وسنتعاطى معه على هذا الأساس.
كيف ترى لبنان قبل 12 يوليو وبعده؟
- لبنان كان قبل 12 يوليو نحو بناء دولة قوية، وأجرينا حواراً وطنياً يهدف لتثبيت الاستقرار السياسي والأمني في البلد، وكنا على أبواب موسم سياحي ووضع اقتصادي مشجع وكنا نخطط للوصول إلى حل إلى أزماتنا الداخلية بالطريقة السلمية.
ووقع العدوان وكان مفاجأة على اللبنانيين وقد قلنا في الحكومة إننا لم نأخذ علماً بها ولسنا مسؤولين عنها ولا نتبناها. أما بعد العدوان فالأمور تغيرت وكأن شيئاً لم يكن خصوصاً ان الكلام الذي نسمعه اثر انتهاء العمليات العسكرية ان كان من أمين عام حزب الله أو الرئيس السوري أو الرئيس الإيراني كلها أكدت ابعاد العمل والنشاط الذي يقوم به حزب الله في لبنان وعمق ارتباطاته مع ايران وسوريا، وهذا الأمر كنا نبهنا حزب الله اليه وسعينا معه ليقتنع أن الجميع يجب أن يعمل لأجل لبنان ولا ندخل هذا البلد بأي محاور إقليمية أو دولية، فلم نعرف كيف انتهينا من الوصاية ولا نريد ان نستبدلها بوصاية أخرى وان نفكر كلبنانيين بمصلحة البلد ونقبل مساعدات المجتمع الدولي.
وفعلاً نحن نقبل تلك التي تقدم دون أي مقابل كوننا اذا تمتعنا بأي استقرار فسيكون مفيداً لكل المنطقة.
وللأسف تبين لنا من خلال هذه الحرب وطريقة معالجتها وكأنها حرب إقليمية تستعمل فيها أرض لبنان ساحة لصراعات الآخرين وهذا ما حذرنا منه مراراً وأعلناها في جميع المناسبات كوني وزيراً للساحة وقلت هل تريدون لبنان سياحة أو ساحة؟ وللأسف مرة أخرى البعض أراد لبنان ساحة ودفعنا الثمن غالياً.
هناك تحذيرات من نشوب حرب أهلية في لبنان، هل هذه المخاوف جدية وكيف يمكن تجنب هكذا حرب باعتقادكم؟
- اتمنى ان لا تحصل هذه الحرب أو هذه المخاوف، ونحن اليوم نتمتع بالنضج والوعي واذا كنا لا نريد ان نسمح للغير بان يستعملنا كلبنانيين حتى ننقل هذا العدوان أو الحرب بين حزب الله وإسرائيل إلى الداخل أي بين حزب الله واللبنانيين نكون فعلاً ندفع بأنفسنا إلى الدمار وهذا أمر خطير.
وقد علمتنا تجاربنا خلال حروبنا السابقة أن العنف لا يوصل إلى نتيجة، وان خمسة عشر عاماً من الخراب والدمار في لبنان لم يربح فيها أي طرف إذ إن الكل خرج منها خاسراً وبعدما اتفقنا كلبنانيين أن نوقف الحرب ونسعى إلى بناء مستقبل هذا البلد اتفقنا عبر مؤتمر الحوار في الطائف وخرجنا باتفاق الطائف ان يكون لبنان دولة قوية وان نضع كل جهودنا في هذه الدولة، وفعلاً ان كل الفئات التي شاركت بالحرب بما فيها القوات اللبنانية التي كانت جيشاً شبه منظم أخذت القرار بتسليم أسلحتها وكل ميليشياتها انخرطت بالدولة على الرغم من ان الدولة ظلمت البعض ورأينا خلال خمسة عشر عاماً كيف دفعنا الثمن الأغلى، لكننا لسنا نادمين لأننا لا نزال مقتنعين أكثر بأن لا حل أو خيار أمام اللبنانيين إلا من خلال الدولة القوية، وأتمنى أن لا نصل إلى أبواب حرب أهلية ونحن نعمل جاهدين أن لا نصل إليها.
ممنوع أن نصل إلى الحرب الأهلية لأن المفهوم السائد قبل العدوان أن الحرب الأهلية تريد من يغذيها من الخارج وحصانتنا كانت بوحدتنا وحتى خلال العدوان وعلى الرغم من ملاحظاتنا حول توقيتها وانه لا لزوم لها اعربنا عن تضامننا بصد العدوان والكل قاوم بطريقته.
نتمنى الا تكون هناك دول تريد ان تغذي هذه الحرب ولا أخفي أن كلام الرئيس الأسد أخاف أناساً كثراً، وكلام أمين عام حزب الله رغم وضوحه لكن بمفهومنا كان كلاماً يتخطى مفهوم بناء الدولة والمشاركة.
لديه ملاحظات على الحكومة هذا موضوع ثان فعندما يتكلم عن مفهوم الدولة يمكننا أن نتكلم معه كلبنانيين ولكن خطاب الرئيس الأسد لا يطمئن لأنهم أثبتوا بخبرتنا معهم انهم يضمرون الفتنة للبنان، وبالتالي شكل هذا الخطاب اساءة وخطأ كبيراً خصوصاً عندما توالت الاعتراضات عليه من بعض وسائل الاعلام المحسوبة والمتعاطفة مع النظام السوري، فكلامه عن المقاومة أنزل من شأنها ولم يرفعها إلى الأعلى، واعتقد ان المقاومة بقرارة نفسها منزعجة من هذا الكلام.
وكذلك تبين عن نوايا سيئة عندما اتهم بالخيانة والتعامل مع إسرائيل شخصيات سياسية لبنانية لها حضورها الوطني، هذا شيء مقلق.
وبالتالي أقول انه يجب ان نتضامن، وهو مطلوب من حزب الله قبل أي جهة اخرى، فقد قال نصر الله أثناء العدوان لم اسخر هذا السلاح إلى أداة للقتال بين اللبنانيين. ويجب ان لا يحصل هذا أيضاً أثناء السلم.
ومن موقعي بما أمثل من فريق سياسي لبناني سنعمل جاهدين حتى لا نصل إلى هذا الامر.
لكن انتم متهمون بتخزين أسلحة وتدريب عناصر، ماذا تقولون في ذلك؟
- هذا الكلام ليس صحيحاً بالمطلق، انني اكذبه، واليوم القوى الأمنية منتشرة على كامل الأراضي اللبنانية وتحاسب على الأمور الصغيرة فكيف اذا حصل مثل هذا الموضوع؟
استطيع ان أؤكد ان قرارنا هو عدم الاحتفاظ بسكين او شفرة وقد أتتنا معلومات من بعض البلدات والقرى ممن يستغل وضع المهجرين حيث تواجد بعض النازحين في أقضية جبل لبنان وقلنا بشكل واضح هذه الامور تبلغ إلى الجهات الأمنية وليس لنا، والدولة تتخذ إجراءاتها مع التشديد على كل عناصرنا بعدم التلفظ بأي كلمة يمكن أن تحسب خطأ علينا. وأؤكد مرة ثانية ان هذا الكلام غير دقيق وغير صحيح.
هناك خلاف بين اللبنانيين على مفهوم الدولة كيف ينظر تيار القوات اللبنانية إلى عملية بناء الدولة وأي دولة يريد؟
- مفهومنا أن تكون هناك دولة قوية تبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية وعلى رأسها حكومة قادرة، قوية تمثل غالبية الشرائح اللبنانية مع العلم أن الحكومة لا تمثل الجميع ونحن في نظام ديمقراطي تنافسي، المعارضة تهدف إلى استلام الحكومة وهذا العمل مشروع في الانظمة الديمقراطية واذا استطاعت الحكومة أن تضم كل القوى فهذا أمر جيد وهذه العملية لها حسناتها وسيئاتها لكن الحكومة يجب أن تكون قادرة.
ونحن نريد ان تكون كل الأمور الإدارية والسياسية والعسكرية في يد الدولة نريد مجلسا نيابيا منتخباً من خلال قانون انتخاب عادل ضمن نظام ديمقراطي عصري.
فاتفاق الطائف نص على بناء الدولة القوية العادلة وكل الفئات السياسية انخرطت في هذه العملية منذ تسعينات القرن الماضي بما فيه حزب الله.
أما مفهوم حسن نصر الله الذي أطلقه مؤخراً عن الدولة فحبذا لو تكلم عن الحكومة الضعيفة او عن تغييرها، فهذا موضوع يناقش ولكن قال ان الدولة الموجودة لاتعنينا وليست هذه دولتنا ونحن دولتنا غير ذلك..
وقد فسرت من البعض أنه يعلن عن دولة بالوقت الذي كان بعض قياداته تقول إنه ليس هذا هدفهم الآن، وبالنتيجة ان خلفية عملهم لو بعد خمسمائة عام يمكن أن تقوم الدولة التي يريد وانا أقرأها من هذا الجانب ويجب ان نكون مدركين ان حزب الله يملك عقيدة ونحن نحترم عقيدته لأننا نحن أيضاً أصحاب عقيدة وبالتالي يتكلم عن هذه الدولة معتبراً ان «دولة الطائف» في ممارساتها منذ 15 عاماً لا يطمح إليها..
ولو أراد أن يتحدث عن أمور اخرى لكان تطرق إلى الفساد والهدر أو الأداء لكنه يعني ما يقول.
الطائفية والمذهبية هما علة لبنان كيف يمكن الخلاص منهما وما هي الطريق برأيكم؟
- لبنان قام هكذا والكل يتكلم باليوم الذي لم يعد فيه طائفية أو مذهبية ولكن هذه المشكلة عند الجميع، ونستطيع أن نستعملها كمصدر عز للبنان.
ونقول إنه مركب من طوائف ومذاهب وثقافات عدة، واليوم اذا أردنا ان نستغل هذا الموضوع ونعود للفتن فمعنى أن ذلك أن هذه الصيغة (أي اتفاق الطائف) تكون خدمت خمسة عشر عاماً ونعود لنبحث عن صيغة أخرى وجديدة ويمكن ان نخرج بها جراء حرب لا سمح الله، وهذا الموضوع غير مطروح أقله بالنسبة لنا.
ما هو مصير طاولة الحوار بعد العدوان الإسرائيلي، هل ستعاود جلساتها؟
- نحن مع الحوار على الرغم من كل الذي حصل، وهذه المرة ستكون هناك مصارحة على الطاولة لأنه جرت حرب تدميرية وهناك أسئلة يجب ان تطرح وسيعاود من حيث انتهى لأن السلاح والخطة الاستراتيجية التي كانت مطروحة اليوم بحاجة كبيرة لأن تطرح بقوة وان القرار على طاولة الحوار وأصبح من بنود القرار الدولي رقم 1701 وان الخطة الاستراتيجية التي طرحت وهذا السلاح لم يوقفا القصف في عكار وبعلبك والضاحية وبيروت والجنوب. والاستراتيجية الدفاعية الأفضل هي التي يعتمدها الجيش اللبناني، والحكومة اللبنانية هي المرجع الوحيد لحماية هذا الوطن والدفاع عنه.
واذا كان هناك من تقصير في الماضي من قبل الدولة فهي اليوم أكثر من أي وقت مضى حازمة أمرها وعندها جيش لبناني وبعد هذه الحرب، على حزب الله ان يقول انه مع هذه الدولة ومنها يدعو إلى تسليم الجيش السلاح الذي يملكه وان ينضم إلى الجيش مع عناصره كما حصل باستيعاب الميليشيات عام 1990.
هناك من يقول إن باب الحل يكون بانتخاب رئيس جديد؟
- نعم نحن قلناها منذ زمن بعيد وليتنا استطعنا في 14 آذار ان نحقق هذا التغيير ولن نتردد في هذا الموضوع.
بناء الدولة كيف يكون؟ .. وما هي الاستحقاقات التي تنتظر اللبنانيين؟ وهل عملية البناء تشمل الجيش والاقتصاد والفكر والثقافة؟ .. ما دور الأحزاب اللبنانية والتيارات السياسية في عملية بناء الدولة؟ وماذا عن الطائفية وفتنتها؟ ..
أسئلة سعت «عكاظ» إلى الإجابة عنها عبر حوارات مفتوحة وندوات مع التيارات السياسية كافة والأوساط الاجتماعية والثقافية لعل في الإجابة ما يعين اللبنانيين على رؤية الضوء المشع في آخر النفق المظلم.. وفي هذه الحلقة يتحدث ممثل القوات اللبنانية في الحكومة وزير السياحة اللبناني جو سركيس:
كيف تقرأ قرار مجلس الأمن 1701؟ هل هو لمصلحة لبنان أم ضده؟
- ان كل قرار نتج عن خلاف بين طرفين يأتي جراء تسوية، وعندما نتكلم عن تسوية معنى ذلك ان كل طرف لا يحصل على كل ما يطلبه وبالتالي لم تخسر كل شيء.
واعتقد ان هذا القرار كان يمكن أن يكون أحسن وكان ممكنا ان يكون أسوأ ولكنني اعتبره جيداً للبنان لوجود نقاط عدة فيه لصالح لبنان منها:
أولاً وقف العمليات العسكرية، انسحاب إسرائيل خارج الحدود اللبنانية.
ثانياً ولأول مرة تدخل مسألة مزارع شبعا على مجلس الأمن في الوقت الذي حاولنا منذ سنوات أن نخرج بشيء حول هذا الموضوع مع الأمم المتحدة ونفشل دائماً، ولأول مرة يدخل موضوع المزارع على برنامج عمل الامم المتحدة.
ثالثاً بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية والشرعية وهذا كان مطلبنا منذ سنوات عديدة أن لا تكون سلطة في لبنان إلا السلطة الرسمية. رابعاً لا يوجد بعد اليوم سلاح خارج السلطة ومؤسساتها العسكرية.
خامساً وأخيراً قال القرار بحلول دائمة، ولبنان مر بحروب كل فترة عشر سنوات وكأن لبنان يريد أن يدخل بكتاب «غينيس» من خلال الحروب التي مر بها وبالتالي اكتفينا كلبنانيين من الحروب والازمات.
وعندما قيل «حلول دائمة» الكل سأل كيف تتحقق هذه النقطة، وقد وضع في القرار مهل وخطوط لتنفيذ كل ذلك من خلال مباحثات الأمين العام والاعضاء.
وقد وافقنا عليها في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة لكنها ترافقت ببعض الملاحظات والتحفظات.
باختصار هذا القرار جيد ونتمنى لو أننا استطعنا أن يكون أفضل، وسنتعاطى معه على هذا الأساس.
كيف ترى لبنان قبل 12 يوليو وبعده؟
- لبنان كان قبل 12 يوليو نحو بناء دولة قوية، وأجرينا حواراً وطنياً يهدف لتثبيت الاستقرار السياسي والأمني في البلد، وكنا على أبواب موسم سياحي ووضع اقتصادي مشجع وكنا نخطط للوصول إلى حل إلى أزماتنا الداخلية بالطريقة السلمية.
ووقع العدوان وكان مفاجأة على اللبنانيين وقد قلنا في الحكومة إننا لم نأخذ علماً بها ولسنا مسؤولين عنها ولا نتبناها. أما بعد العدوان فالأمور تغيرت وكأن شيئاً لم يكن خصوصاً ان الكلام الذي نسمعه اثر انتهاء العمليات العسكرية ان كان من أمين عام حزب الله أو الرئيس السوري أو الرئيس الإيراني كلها أكدت ابعاد العمل والنشاط الذي يقوم به حزب الله في لبنان وعمق ارتباطاته مع ايران وسوريا، وهذا الأمر كنا نبهنا حزب الله اليه وسعينا معه ليقتنع أن الجميع يجب أن يعمل لأجل لبنان ولا ندخل هذا البلد بأي محاور إقليمية أو دولية، فلم نعرف كيف انتهينا من الوصاية ولا نريد ان نستبدلها بوصاية أخرى وان نفكر كلبنانيين بمصلحة البلد ونقبل مساعدات المجتمع الدولي.
وفعلاً نحن نقبل تلك التي تقدم دون أي مقابل كوننا اذا تمتعنا بأي استقرار فسيكون مفيداً لكل المنطقة.
وللأسف تبين لنا من خلال هذه الحرب وطريقة معالجتها وكأنها حرب إقليمية تستعمل فيها أرض لبنان ساحة لصراعات الآخرين وهذا ما حذرنا منه مراراً وأعلناها في جميع المناسبات كوني وزيراً للساحة وقلت هل تريدون لبنان سياحة أو ساحة؟ وللأسف مرة أخرى البعض أراد لبنان ساحة ودفعنا الثمن غالياً.
هناك تحذيرات من نشوب حرب أهلية في لبنان، هل هذه المخاوف جدية وكيف يمكن تجنب هكذا حرب باعتقادكم؟
- اتمنى ان لا تحصل هذه الحرب أو هذه المخاوف، ونحن اليوم نتمتع بالنضج والوعي واذا كنا لا نريد ان نسمح للغير بان يستعملنا كلبنانيين حتى ننقل هذا العدوان أو الحرب بين حزب الله وإسرائيل إلى الداخل أي بين حزب الله واللبنانيين نكون فعلاً ندفع بأنفسنا إلى الدمار وهذا أمر خطير.
وقد علمتنا تجاربنا خلال حروبنا السابقة أن العنف لا يوصل إلى نتيجة، وان خمسة عشر عاماً من الخراب والدمار في لبنان لم يربح فيها أي طرف إذ إن الكل خرج منها خاسراً وبعدما اتفقنا كلبنانيين أن نوقف الحرب ونسعى إلى بناء مستقبل هذا البلد اتفقنا عبر مؤتمر الحوار في الطائف وخرجنا باتفاق الطائف ان يكون لبنان دولة قوية وان نضع كل جهودنا في هذه الدولة، وفعلاً ان كل الفئات التي شاركت بالحرب بما فيها القوات اللبنانية التي كانت جيشاً شبه منظم أخذت القرار بتسليم أسلحتها وكل ميليشياتها انخرطت بالدولة على الرغم من ان الدولة ظلمت البعض ورأينا خلال خمسة عشر عاماً كيف دفعنا الثمن الأغلى، لكننا لسنا نادمين لأننا لا نزال مقتنعين أكثر بأن لا حل أو خيار أمام اللبنانيين إلا من خلال الدولة القوية، وأتمنى أن لا نصل إلى أبواب حرب أهلية ونحن نعمل جاهدين أن لا نصل إليها.
ممنوع أن نصل إلى الحرب الأهلية لأن المفهوم السائد قبل العدوان أن الحرب الأهلية تريد من يغذيها من الخارج وحصانتنا كانت بوحدتنا وحتى خلال العدوان وعلى الرغم من ملاحظاتنا حول توقيتها وانه لا لزوم لها اعربنا عن تضامننا بصد العدوان والكل قاوم بطريقته.
نتمنى الا تكون هناك دول تريد ان تغذي هذه الحرب ولا أخفي أن كلام الرئيس الأسد أخاف أناساً كثراً، وكلام أمين عام حزب الله رغم وضوحه لكن بمفهومنا كان كلاماً يتخطى مفهوم بناء الدولة والمشاركة.
لديه ملاحظات على الحكومة هذا موضوع ثان فعندما يتكلم عن مفهوم الدولة يمكننا أن نتكلم معه كلبنانيين ولكن خطاب الرئيس الأسد لا يطمئن لأنهم أثبتوا بخبرتنا معهم انهم يضمرون الفتنة للبنان، وبالتالي شكل هذا الخطاب اساءة وخطأ كبيراً خصوصاً عندما توالت الاعتراضات عليه من بعض وسائل الاعلام المحسوبة والمتعاطفة مع النظام السوري، فكلامه عن المقاومة أنزل من شأنها ولم يرفعها إلى الأعلى، واعتقد ان المقاومة بقرارة نفسها منزعجة من هذا الكلام.
وكذلك تبين عن نوايا سيئة عندما اتهم بالخيانة والتعامل مع إسرائيل شخصيات سياسية لبنانية لها حضورها الوطني، هذا شيء مقلق.
وبالتالي أقول انه يجب ان نتضامن، وهو مطلوب من حزب الله قبل أي جهة اخرى، فقد قال نصر الله أثناء العدوان لم اسخر هذا السلاح إلى أداة للقتال بين اللبنانيين. ويجب ان لا يحصل هذا أيضاً أثناء السلم.
ومن موقعي بما أمثل من فريق سياسي لبناني سنعمل جاهدين حتى لا نصل إلى هذا الامر.
لكن انتم متهمون بتخزين أسلحة وتدريب عناصر، ماذا تقولون في ذلك؟
- هذا الكلام ليس صحيحاً بالمطلق، انني اكذبه، واليوم القوى الأمنية منتشرة على كامل الأراضي اللبنانية وتحاسب على الأمور الصغيرة فكيف اذا حصل مثل هذا الموضوع؟
استطيع ان أؤكد ان قرارنا هو عدم الاحتفاظ بسكين او شفرة وقد أتتنا معلومات من بعض البلدات والقرى ممن يستغل وضع المهجرين حيث تواجد بعض النازحين في أقضية جبل لبنان وقلنا بشكل واضح هذه الامور تبلغ إلى الجهات الأمنية وليس لنا، والدولة تتخذ إجراءاتها مع التشديد على كل عناصرنا بعدم التلفظ بأي كلمة يمكن أن تحسب خطأ علينا. وأؤكد مرة ثانية ان هذا الكلام غير دقيق وغير صحيح.
هناك خلاف بين اللبنانيين على مفهوم الدولة كيف ينظر تيار القوات اللبنانية إلى عملية بناء الدولة وأي دولة يريد؟
- مفهومنا أن تكون هناك دولة قوية تبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية وعلى رأسها حكومة قادرة، قوية تمثل غالبية الشرائح اللبنانية مع العلم أن الحكومة لا تمثل الجميع ونحن في نظام ديمقراطي تنافسي، المعارضة تهدف إلى استلام الحكومة وهذا العمل مشروع في الانظمة الديمقراطية واذا استطاعت الحكومة أن تضم كل القوى فهذا أمر جيد وهذه العملية لها حسناتها وسيئاتها لكن الحكومة يجب أن تكون قادرة.
ونحن نريد ان تكون كل الأمور الإدارية والسياسية والعسكرية في يد الدولة نريد مجلسا نيابيا منتخباً من خلال قانون انتخاب عادل ضمن نظام ديمقراطي عصري.
فاتفاق الطائف نص على بناء الدولة القوية العادلة وكل الفئات السياسية انخرطت في هذه العملية منذ تسعينات القرن الماضي بما فيه حزب الله.
أما مفهوم حسن نصر الله الذي أطلقه مؤخراً عن الدولة فحبذا لو تكلم عن الحكومة الضعيفة او عن تغييرها، فهذا موضوع يناقش ولكن قال ان الدولة الموجودة لاتعنينا وليست هذه دولتنا ونحن دولتنا غير ذلك..
وقد فسرت من البعض أنه يعلن عن دولة بالوقت الذي كان بعض قياداته تقول إنه ليس هذا هدفهم الآن، وبالنتيجة ان خلفية عملهم لو بعد خمسمائة عام يمكن أن تقوم الدولة التي يريد وانا أقرأها من هذا الجانب ويجب ان نكون مدركين ان حزب الله يملك عقيدة ونحن نحترم عقيدته لأننا نحن أيضاً أصحاب عقيدة وبالتالي يتكلم عن هذه الدولة معتبراً ان «دولة الطائف» في ممارساتها منذ 15 عاماً لا يطمح إليها..
ولو أراد أن يتحدث عن أمور اخرى لكان تطرق إلى الفساد والهدر أو الأداء لكنه يعني ما يقول.
الطائفية والمذهبية هما علة لبنان كيف يمكن الخلاص منهما وما هي الطريق برأيكم؟
- لبنان قام هكذا والكل يتكلم باليوم الذي لم يعد فيه طائفية أو مذهبية ولكن هذه المشكلة عند الجميع، ونستطيع أن نستعملها كمصدر عز للبنان.
ونقول إنه مركب من طوائف ومذاهب وثقافات عدة، واليوم اذا أردنا ان نستغل هذا الموضوع ونعود للفتن فمعنى أن ذلك أن هذه الصيغة (أي اتفاق الطائف) تكون خدمت خمسة عشر عاماً ونعود لنبحث عن صيغة أخرى وجديدة ويمكن ان نخرج بها جراء حرب لا سمح الله، وهذا الموضوع غير مطروح أقله بالنسبة لنا.
ما هو مصير طاولة الحوار بعد العدوان الإسرائيلي، هل ستعاود جلساتها؟
- نحن مع الحوار على الرغم من كل الذي حصل، وهذه المرة ستكون هناك مصارحة على الطاولة لأنه جرت حرب تدميرية وهناك أسئلة يجب ان تطرح وسيعاود من حيث انتهى لأن السلاح والخطة الاستراتيجية التي كانت مطروحة اليوم بحاجة كبيرة لأن تطرح بقوة وان القرار على طاولة الحوار وأصبح من بنود القرار الدولي رقم 1701 وان الخطة الاستراتيجية التي طرحت وهذا السلاح لم يوقفا القصف في عكار وبعلبك والضاحية وبيروت والجنوب. والاستراتيجية الدفاعية الأفضل هي التي يعتمدها الجيش اللبناني، والحكومة اللبنانية هي المرجع الوحيد لحماية هذا الوطن والدفاع عنه.
واذا كان هناك من تقصير في الماضي من قبل الدولة فهي اليوم أكثر من أي وقت مضى حازمة أمرها وعندها جيش لبناني وبعد هذه الحرب، على حزب الله ان يقول انه مع هذه الدولة ومنها يدعو إلى تسليم الجيش السلاح الذي يملكه وان ينضم إلى الجيش مع عناصره كما حصل باستيعاب الميليشيات عام 1990.
هناك من يقول إن باب الحل يكون بانتخاب رئيس جديد؟
- نعم نحن قلناها منذ زمن بعيد وليتنا استطعنا في 14 آذار ان نحقق هذا التغيير ولن نتردد في هذا الموضوع.