ربع مليون تأشيرة تدحض مزاعم تأثير الاضطرابات العربية على العمرة

معتمرون من مصر وتونس يغسلون غبار السياسة بماء زمزم

ربع مليون تأشيرة تدحض مزاعم تأثير الاضطرابات العربية على العمرة

علي بن غرسان ـ مكة المكرمة

تشهد دول عربية شقيقة اضطرابات سياسية خلقت موجة من المخاوف من تكبد شركات العمرة خسائر مادية كبيرة بسبب عزوف متوقع من مواطني تلك الدول. ومع تنامي تلك الهواجس كشف لـ«عكاظ» وكيل وزارة الحج لشؤون العمرة الدكتور عيسى رواس عن ارتفاع أعداد المعتمرين المقبلين إلى الأراضي المقدسة بنسبة تجاوزت 30 في المائة عن المواسم الماضية، حيث سجلت أرقام التأشيرات صعودا كبيرا تجاوز عدد التأشيرات أكثر من 260 ألف تأشيرة عن ذات الفترة في الموسم الماضي ما يؤكد إقبال المعتمرين بعيدا عن الاضطرابات السياسية. ويتوقع رواس ارتفاعا مضطردا في أعداد المعتمرين خلال الأشهر المقبلة.




وزاد الدكتور عيسى رواس «لم يتأثر موسم العمرة حتى الآن من تلك الأحداث، بل على العكس تماما وجدنا نموا كبيرا في أعداد المعتمرين بنسب كبيرة مقارنة مع ذات الفترة في العام الماضي. وسجلت دولة تركيا أكثر نسبة من المعتمرين حتى الآن الأمر الذي يشير ويؤكد الاستقرار الذي تعيشه المملكة والذي يمثل مصدر أمان للمعتمرين ما دفعهم إلى الإقبال على موسم العمرة حيث وصل معتمرون من دول مصر، ليبيا، تونس واليمن».
لا تصنيفات سياسية
يذهب وكيل وزارة الحج الدكتور عيسى رواس إلى القول إن سياسة المملكة واضحة وجلية فهي تهيئ كل الظروف، وتمنع تأثير الظروف السياسية عن المناسك في الحج والعمرة فلا يمكن لأي حدث سياسي أن يؤثر على تعاملنا مع المعتمرين والحجاج فهؤلاء ضيوف الرحمن، ودائما ما نتلقى التعليمات المشددة من القيادة الرشيدة على ضرورة تقديم أفضل الخدمات لكافة المعتمرين والحجاج بعيدا عن أي تفضيلات أو تأثيرات أيا كانت. وتحرث وزارة الحج على تحقيق كل هذه المتطلبات.
وأكد الدكتور عيسى رواس أن الوزارة، بالتعاون مع وزارة الخارجية نجحت في تسهيل إصدار التأشيرات في مختلف القنصليات سواء في الدول العربية أو الأجنبية، ولم يحدث ما يعكر صفو المعتمرين بل على العكس تم فتح المجال للمعتمرين في كل الدول العربية التي شهدت اضطرابات سياسية مثل مصر، تونس، الجزائر وليبيا. كما لم تمنع المملكة أية دولة من موسم العمرة بل تفتح أبوابها لكل راغب في أداء العمرة وفق التنظيمات والإجراءات المعروفة، ولم يتم إصدار أي تنظيمات احترازية جديدة فالوضع في المملكة مستقر ولله الحمد، والمعتمرون الواصلون إلى الأراضي المقدسة ينعمون بكل الخدامات ولا نفرق بين المعتمرين وفق أي تصنيفات سواء سياسية أو عرقية أوغيرها، نحن نتعامل مع المعتمر كونه مسلما جاء لأداء النسك بعيدا عن كل التخوفات غير المنطقية.
82 ألف غرفة فندقية
إلى ذلك كشفت دراسة حديثة، أن ما اصطلح على تسميته «السياحة الدينية» تشهد نموا كبيرا، ولم تتأثر بالانكماش الاقتصادي أو الأحداث السياسية الجارية في بعض الدول. وذكرت الباحثة السعودية سمية باحاذق في دراسة أجرتها أخيرا أنه رغم الانكماش الاقتصادي الذي كان له تأثير كبير على قطاع السفر عالميا حسب إحصاءات عام 2009، إلا أن السياحة الدينية تواصل نموها بشكل جيد في المملكة.
وجاء في الدراسة أن قطاع السفر في المملكة يستمد قوته من الطلب المحلي والخارجي للحج والعمرة، وهذا النوع من السياحة أثبت مرونة في فترات الركود الاقتصادي. مشيرة إلى أن الوافدين من داخل وخارج المملكة لا يزالون يواصلون رحلاتهم الدينية، وبالتالي فمن الطبيعي التركيز على مثل هذه السوق.
وأضافت الباحثة في دراستها المتخصصة أن هناك اعترافا واسع النطاق بأن السياحة الدينية لديها إمكانات ضخمة، إذ تشير التقارير إلى أن قطاع السياحة الدينية في السعودية تمكن من ضخ سبعة بلايين دولار من العائدات السنوية فقط في عام 2009، فيما يعتقد أن عدد السياح لأغراض دينية يمكن أن يفوق 7.8 مليون زائر وقد يصل إلى 13.7 مليون بحلول العام الهجري 1440 (2019)، الأمر الذي يفرض الترفيع في الطاقة الاستيعابية للفنادق لتبلغ 82 ألف غرفة يفترض توفيرها قبل عام 1440 هجرية (2019). ومن خلال الدراسة يمكن الحكم أن سوق العمرة تشهد إقبالا متناميا عاما بعد عام وسط الاستقرار الأمني والاقتصادي الذي تشهده المملكة.
تطويق ظاهرة التخلف
من جهته كشف عميد معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج، الدكتور عبدالعزيز سروجي، عن دراسات بحثية مصاحبة لموسم العمرة، يعدها نخبة من الباحثين في المعهد بهدف الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمعتمرين على كافة الأصعدة. وقال في حديث لـ«عكاظ»: موسم العمرة يمثل بعدا استراتيجيا مهما وتبعا لذلك يحرص المعهد على متابعة دقيقة للموسم بكافة جوانبه من خلال فرق بحثية ميدانية تعمل على دراسة كافة الجوانب المتعلقة بالمعتمرين سواء الصحية أو الاقتصادية أو البيئية أو الاجتماعية وحتى النفسية. وفي كل عام يخرج الباحثون بتوصيات ودراسات مهمة لتطوير الموسم، ولعل هذا الموسم سيحظى بدراسات شاملة في تلك الجوانب، حيث فتح المجال لكافة المهتمين والباحثين في تقديم دراساتهم الميدانية والتحليلية.
ويضيف سروجي: المعهد مهتم بدراسة أوضاع المتخلفين وأسباب تخلفهم، لتقديم الرؤى التطويرية للجهات المعنية للحد من المشكلة التي تمثل هاجسا أمنيا واجتماعيا كما نحرص على دراسة شاملة للتائهين من المعتمرين ونحاول معالجة أسباب تنامي الظاهرة وسبل الحد منها من خلال توفير وسائل إرشادية في مختلف أماكن التجمعات.
دراسة خاصة عن عمرة رمضان
وأضاف قائلا عميد معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج: «في هذا الموسم سنحرص على تشكيل فريق عمل بحثي يتولى تقييم أداء شركات العمرة، والبحث في سبل تطويرها ودراسة المعوقات التي تعترض طريقها ومحاولة الوصول إلى حلول جذرية لتلك المشاكل والرفع بتوصيات حيال وضعها وأدائها إلى الجهات المعنية، فهذه الشركات تمثل البوابة الرئيسية للمعتمرين، وتعتبر المسؤولة الأولى، لا بد أن تحظى بجانب كبير من الدراسة والتقييم ومعرفة جوانب الضعف ومعالجتها ومواضع القوة وتعزيزها. وهذا ما نحرص عليه من خلال الأداة البحثية الدقيقة المرتكزة على المعلومة الميدانية السليمة المستقاة من وضع المعتمر سواء في السكن أو الخدمة المقدمة له، ولعل موسم العمرة في رمضان سيكون الأكثر استحقاقا للدراسة والبحث حيث النسبة الأكبر من المعتمرين، لذا ستشكل فرق بحثية مكثفة ترصد كافة الأبعاد كما يشمل البحث الدراسات البيئية وتأثيرها على المعتمرين وكذلك سبل النقل من وإلى المنطقة المركزية للخروج برؤية شاملة عن كافة القضايا المختصة بالمعتمرين.
ارتياح في أوساط المصريين
«عكاظ» رصدت حركة المعتمرين من مختلف الدول العربية في رحاب البيت العتيق وقال المعتمران محمد مصطفى والسيد إمام عبدالجبار من دولة مصر الشقيقة، أنهما قدما مع آخرين لأداء مناسك العمرة وطي صفحة الأحداث التي شهدتها مصر وقالا: «في هذه الأجواء الإيمانية العظيمة يخرج الإنسان من كل الهموم والغموم التي تطرأ عليه فجأة، وفي هذه الرحاب المقدسة نعيش الفرحة الغامرة برؤية الكعبة المشرفة التي حباها الله برعاية كريمة من قيادة هذا البلد المبارك التي لا تألوا جهدا في خدمة الإسلام والمسلمين، وتحرص على تعزيز الأمن، نحن نعيش أفضل حالات الاستقرار النفسي جوار البيت العتيق، والحقيقة لم نجد أية صعوبات في الحصول على تأشيرة العمرة فالأوضاع الأخيرة التي شهدتها مصر كانت منبع قلق لنا ومواجهتنا لمصاعب في القدوم إلى المملكة، ولكن على العكس تماما لم تواجهنا أية عوائق تذكر، فالتسهيلات التي قدمتها حكومة خادم الحرمين الشريفين ستظل محل رضا وارتياح في أوساط المعتمرين المصرين.
التونسيون في البيت العتيق
في ساحات المسجد الحرام رصدت «عكاظ» مجموعة من الحجاج التونسيين يرفعون هتافات التكبير والحمد لله على أن مكنهم من الوصول إلى الأراضي المقدسة في أمن وأمان. وقال المعتمران محسن بدوي وفاروق عبدالعظيم: «هنا نعيش الأمن والاستقرار في هذه الأجواء الإيمانية الروحانية والحياة المستقرة فمنذ أن وصلنا قبل أسبوع ونحن نتمتع بأجمل لحظات العمر، ونقضي ساعات الحياة الهادئة المستقرة بعيدا عن الضوضاء السياسية التي أنهكتنا وخطف من أحلامنا روعة الحياة. حتى بات كل منا يتمنى أن تطول الساعات وتمتد الأيام لنقضي أجمل اللحظات جوار بيت الله العتيق الذي يشع أمانا واستقرارا. ولعل من المهم أن نرفع أسمى آيات الشكر والعرفان إلى هذا البلد المبارك قيادة وشعبا على حفاوة الاستقبال وحسن التعامل والتسهيلات التي حظينا بها خلال رحلة العمرة فلم نجد أي صعوبات تذكر سواء في الحصول على التأشيرة أو القدوم أو الوصول إلى الأراضي المقدسة.