القرآن كتاب التغيير
الجمعة / 21 / شعبان / 1432 هـ الجمعة 22 يوليو 2011 19:49
سلمان بن فهد العودة
قرأت المصحف بهذه النية باحثا عن آفاق التغيير وسننه ونماذجه، فوجدت الكثير، وشعرت بالاغتباط وأنا أقف على كنوز من الأسرار العجيبة.
التحلل والتراجع والضعف سنة إلهية، كما هي في الأجساد حين تكبر وتهرم، كذلك هي في المجتمعات والدول، تمهيدا للزوال والانقراض.
حتى الدول الراشدة الصالحة، وحكومات الأنبياء والخلفاء لا تدوم.
التغيير الإيجابي يعالج هذه السنة، ويفلح في تأخير السقوط؛ فقد تسقط الدولة في قرن، وقد تمتد لخمسة قرون أو ستة.
الذين يرفضون التغيير يستسلمون لحتمية التراجع، ولذا يسرعون السقوط، وربما هربوا منه إليه، فداووه بالتي كانت هي الداء!
في القرآن التعبير بـ«الأجل».
فكما للإنسان أجل لا يقدم ولا يؤخر؛ {ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها} [المنافقون:11]، فكذلك للمجتمعات أجل، وهذا في القرآن أكثر، وأنا بصدد حشد الآيات التي فيها الحديث عن آجال الأمم والأقوام، كما في قوله: {ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} [الأعراف:34].
وبعض الآيات تحتمل هذا وهذا، كقول نوح عليه السلام: {ويؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون} [نوح: 4]. وهو إلى الثاني أقرب؛ فالإمهال هنا للأمة كلها بتأخير العذاب عنها.
بعض الكيانات التي حان أجلها تصارع للبقاء، وتظن أنها بقوتها العسكرية وقتلها المزيد من الناس، أو أنها بآلتها الإعلامية التي تضلل بها المغفلين، أو أنها بقبضتها الأمنية التي تنشر بها الرعب؛ تحصل على الفسحة في الأجل!
كلا.. فالسنة والناموس أن أجل الله إذا جاء لا يؤخر، والشيخوخة في حياة الدول كهي في حياة الفرد؛ ضعف في الخلايا، وتراجع في الأداء، ووهن في النفس، وانحدار لا يمكن تلافيه، يثقل السمع في الأمة فلا تسمع النذير، ويضعف بصرها فلا ترى الخطر القادم.
السنة الربانية تقول: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون} [الأعراف:96].
هذه فرضية أن لو دام لهم الإيمان والتقوى بمعدلها المرتفع لتحقق لهم الوعد، على أن دوام الحال من المحال، وتغير الأجيال محتم بلا جدال.
فالناس يفكرون ويخططون ويتحالفون ويتآمرون ويقاتلون ويتكلمون ويهددون، ولكل امرئ إرادة وقدرة، تتفق أو تختلف عن إرادة الآخرين، ولكل شعب أو حكومة أو دولة إرادة وقدرة تتفق أو تختلف عن إرادة الآخرين، ومن هنا يبدأ الصراع بين هذه الإرادات.
ما بين خط السنة الإلهية الجارية الخفية..
وخط الفعل البشري الظاهر المشاهد..
تقع الحيرة للناس.. متى تقف هذه لتبدأ تلك؟ وأين ميدان عمل كل منها؟
كيف يفهم المؤمن ما جرى في العراق، هل هو وفق سنة إلهية محكمة، أم مجرد فعل بشري أممي أو إقليمي؟
كيف يفهم ما يجري في فلسطين؟
كيف يفهم ما يجري في أفغانستان؟
كيف يفهم ما يجري في تونس؟
كيف يفهم ما يجري في مصر؟
كيف يفهم ما يجري في ليبيا؟
كيف يفهم ما يجري في سوريا؟
كيف يفهم ما يجري في اليمن؟
هل القصة مؤامرات خارجية؟ وهل تفعل المؤامرات الخارجية فعلها بعيدا عن سنة التاريخ الربانية؟ ومتى ينتهي هذا ليبدأ ذاك؟
إن السنن ناتجة عن فعل الإنسان، فهي الأثر المتحقق من جراء ما يعمل؛ {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} [الرعد: 11].
وهي لا تعبر عن أفراد محدودين، ولكنها «الاستفتاء الإلهي» الناتج عن المجموع، ولذا فهي العدل الصارم، وربما داخلها الفضل والرحمة والإمهال.
ولذا يحدث أن يأخذ الله أمة أو شعبا وفيهم الصالحون؛ لأن الفساد والخبث عليهم أغلب، وربما حوكم مصلحون على أعمال كانوا يظنونها القدر الممكن من الإصلاح وتقليل الشر في فترة ما.
تمكين الفرد من ممارسة أقصى طاقته الذهنية والعملية، وتمكين المؤسسة من تنظيم نفسها وأداء مهمتها، واقتصار دور المجتمع والدولة على تنسيق هذه الأعمال لتكون منتجا نافعا، يصل بالأمة إلى أقصى أمدها وأجلها المحتوم.
والتدافع هنا سنة قائمة، فلا خوف مما يحدث في مجتمعات حرة من تنازع الإرادات، واختلاف الرؤى والتشكيلات السياسية، ما دام الطيف كله يؤمن بحق الآخر في التفكير والقول والفعل، ويحتكم إلى العدل.
كما مر الخضر بجدار يريد أن ينقض فأقامه بحركة من يده، يستطيع المصلحون أن يمدوا في أعمار مجتمعاتهم ودولهم وجماعاتهم بالوفاء للماضي؛ {وكان أبوهما صالحا}، وإدراك إمكانات الحاضر وفرصه، {وكان تحته كنز لهما}، والتخطيط الناجح للمستقبل؛ {فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك}.
وهذا وذاك فيه فعل العبد الظاهر المشاهد بالعيان، وفيه السنة الإلهية التي هي فعل الرب؛ {وما فعلته عن أمري} [الكهف:82]!
التحلل والتراجع والضعف سنة إلهية، كما هي في الأجساد حين تكبر وتهرم، كذلك هي في المجتمعات والدول، تمهيدا للزوال والانقراض.
حتى الدول الراشدة الصالحة، وحكومات الأنبياء والخلفاء لا تدوم.
التغيير الإيجابي يعالج هذه السنة، ويفلح في تأخير السقوط؛ فقد تسقط الدولة في قرن، وقد تمتد لخمسة قرون أو ستة.
الذين يرفضون التغيير يستسلمون لحتمية التراجع، ولذا يسرعون السقوط، وربما هربوا منه إليه، فداووه بالتي كانت هي الداء!
في القرآن التعبير بـ«الأجل».
فكما للإنسان أجل لا يقدم ولا يؤخر؛ {ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها} [المنافقون:11]، فكذلك للمجتمعات أجل، وهذا في القرآن أكثر، وأنا بصدد حشد الآيات التي فيها الحديث عن آجال الأمم والأقوام، كما في قوله: {ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} [الأعراف:34].
وبعض الآيات تحتمل هذا وهذا، كقول نوح عليه السلام: {ويؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون} [نوح: 4]. وهو إلى الثاني أقرب؛ فالإمهال هنا للأمة كلها بتأخير العذاب عنها.
بعض الكيانات التي حان أجلها تصارع للبقاء، وتظن أنها بقوتها العسكرية وقتلها المزيد من الناس، أو أنها بآلتها الإعلامية التي تضلل بها المغفلين، أو أنها بقبضتها الأمنية التي تنشر بها الرعب؛ تحصل على الفسحة في الأجل!
كلا.. فالسنة والناموس أن أجل الله إذا جاء لا يؤخر، والشيخوخة في حياة الدول كهي في حياة الفرد؛ ضعف في الخلايا، وتراجع في الأداء، ووهن في النفس، وانحدار لا يمكن تلافيه، يثقل السمع في الأمة فلا تسمع النذير، ويضعف بصرها فلا ترى الخطر القادم.
السنة الربانية تقول: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون} [الأعراف:96].
هذه فرضية أن لو دام لهم الإيمان والتقوى بمعدلها المرتفع لتحقق لهم الوعد، على أن دوام الحال من المحال، وتغير الأجيال محتم بلا جدال.
فالناس يفكرون ويخططون ويتحالفون ويتآمرون ويقاتلون ويتكلمون ويهددون، ولكل امرئ إرادة وقدرة، تتفق أو تختلف عن إرادة الآخرين، ولكل شعب أو حكومة أو دولة إرادة وقدرة تتفق أو تختلف عن إرادة الآخرين، ومن هنا يبدأ الصراع بين هذه الإرادات.
ما بين خط السنة الإلهية الجارية الخفية..
وخط الفعل البشري الظاهر المشاهد..
تقع الحيرة للناس.. متى تقف هذه لتبدأ تلك؟ وأين ميدان عمل كل منها؟
كيف يفهم المؤمن ما جرى في العراق، هل هو وفق سنة إلهية محكمة، أم مجرد فعل بشري أممي أو إقليمي؟
كيف يفهم ما يجري في فلسطين؟
كيف يفهم ما يجري في أفغانستان؟
كيف يفهم ما يجري في تونس؟
كيف يفهم ما يجري في مصر؟
كيف يفهم ما يجري في ليبيا؟
كيف يفهم ما يجري في سوريا؟
كيف يفهم ما يجري في اليمن؟
هل القصة مؤامرات خارجية؟ وهل تفعل المؤامرات الخارجية فعلها بعيدا عن سنة التاريخ الربانية؟ ومتى ينتهي هذا ليبدأ ذاك؟
إن السنن ناتجة عن فعل الإنسان، فهي الأثر المتحقق من جراء ما يعمل؛ {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} [الرعد: 11].
وهي لا تعبر عن أفراد محدودين، ولكنها «الاستفتاء الإلهي» الناتج عن المجموع، ولذا فهي العدل الصارم، وربما داخلها الفضل والرحمة والإمهال.
ولذا يحدث أن يأخذ الله أمة أو شعبا وفيهم الصالحون؛ لأن الفساد والخبث عليهم أغلب، وربما حوكم مصلحون على أعمال كانوا يظنونها القدر الممكن من الإصلاح وتقليل الشر في فترة ما.
تمكين الفرد من ممارسة أقصى طاقته الذهنية والعملية، وتمكين المؤسسة من تنظيم نفسها وأداء مهمتها، واقتصار دور المجتمع والدولة على تنسيق هذه الأعمال لتكون منتجا نافعا، يصل بالأمة إلى أقصى أمدها وأجلها المحتوم.
والتدافع هنا سنة قائمة، فلا خوف مما يحدث في مجتمعات حرة من تنازع الإرادات، واختلاف الرؤى والتشكيلات السياسية، ما دام الطيف كله يؤمن بحق الآخر في التفكير والقول والفعل، ويحتكم إلى العدل.
كما مر الخضر بجدار يريد أن ينقض فأقامه بحركة من يده، يستطيع المصلحون أن يمدوا في أعمار مجتمعاتهم ودولهم وجماعاتهم بالوفاء للماضي؛ {وكان أبوهما صالحا}، وإدراك إمكانات الحاضر وفرصه، {وكان تحته كنز لهما}، والتخطيط الناجح للمستقبل؛ {فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك}.
وهذا وذاك فيه فعل العبد الظاهر المشاهد بالعيان، وفيه السنة الإلهية التي هي فعل الرب؛ {وما فعلته عن أمري} [الكهف:82]!