الأربعيني والابتعاث

خالد الغنامي

لا شك أن المملكة - أعزها الله - تعيش نهضة حضارية كبرى في عهد هذا الملك الحكيم عبد الله بن عبد العزيز. ومن مزايا هذه النهضة أنها نهضة تولي اهتماما كبيرا للعلم وتخطط للترقي المعرفي بمنهجية علمية مدروسة. ولو ضيع السعوديون هذه الفرصة للتطور والتحديث والتعلم ومسابقة الأمم، فإنهم سيضيعون على أنفسهم خيرا كثيرا. وأملي هو أنهم يملكون الوعي الكافي لاستشعار اللحظة والصعود إلى قطار مواكبة العصر والنهضة والتحديث. هذا هو أملي في شبابنا المليء بالطموح وحب الإنجاز وعشق المعرفة والرغبة في التطور. لا شك أن مشروع الملك عبد الله للابتعاث من أهم الإنجازات التي تمت في حقبتنا التاريخية الحاضرة ومما سيكون له كبير الأثر في تطوير المملكة ككل على كافة الأصعدة. وقد أولى هذا المشروع الاهتمام بالشباب، وهم جديرون بذلك فهم أمل المستقبل ومشاعل الغد، لكنني أتصور أن حق العلم ينبغي أن يكون مكفولا للجميع. الداعي لهذا هو أنني طالعت شروط الابتعاث الخارجي المدونة في موقع وزارة التعليم العالي، وجدت أن المادة رقم 11 تقول «ألا يزيد عمر المتقدم للحصول على الماجستير على أربعين عاما». ولعل الإخوة المسؤولين يعيدون النظر في هذا الشرط المجحف الذي لا يجد له ما يدعمه، بل لا يبالغ من قال إنه شرط متعسف، فنحن نرى في طول العالم وعرضه من يواصل تعليمه فيحصل على الشهادات العليا وهو ابن السبعين والثمانين، وما المانع من ذلك ما دام عقله سليما والرغبة في التعلم حاضرة؟ كما أننا نجد في نصوص فقهاء الإسلام الحث على طلب العلم من المهد إلى اللحد وملاحقته ولو في الصين. سن الأربعين في رأيي أنسب للابتعاث، فهي سن الاستقرار العائلي والمادي ووصول الإنسان إلى وضع أقرب للثبات يكون فيه قد اطمأن على من يعول وتهيأت النفس لنقلة جديدة في الحياة، كما أن الإنسان في هذه السن يكون قد بلغ من الحكمة والتعقل ما يمنعه من الانجراف وراء ملذات وانحرافات المجتمع المفتوح في دول الابتعاث، وأصبح أقرب للجدية في الرغبة على الحصول على العلم. لذلك أرجو أن يعاد النظر في هذا الشرط المجحف وإسقاطه، لكي لا يكون واضعه قد تسبب في حرمان طبقة كبيرة من مجتمعنا حق العلم والمعرفة.