دولة أم عصابة؟

حمود أبو طالب

لم تمر أيام قليلة على انتشار الرائحة الكريهة لضلوع إيران في محاولة عرض إحدى حلقات مسلسلها العدائي ضد المملكة حتى انفجرت فضيحة جديدة تنحدر إلى ممارسات العصابات أكثر من كونها عملية استخباراتية لدولة. التخطيط لمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن حماقة كبيرة وغباء سياسي شنيع، الفكرة قذرة، والمكان خطأ، والتوقيت سيئ جداً بالنسبة لإيران في هذه الفترة المضطربة إقليمياً، التي حاولت إيران انتهازها بمغامرات خرقاء قد تكون نتائجها وخيمة عليها وعلى المنطقة والاستقرار العالمي بصورة عامة..
منذ الثورة إلى الآن لم تكن إيران قادرة على تقديم تفسير مقنع لتعاطيها السياسي مع ملفات المنطقة العربية، ومع دول الجوار بالذات. كل ما تقوم به لا يخرج عن إطار الاستفزاز والمراوغة والخداع والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وكأنه لا توجد لها قضية غير هذه. وبالنسبة للمملكة فإنها رغم الملف الضخم لإساءات إيران تجاهها كانت على الدوام تفكر في المآلات بشكل أعمق وأبعد نظراً من ردود الأفعال المتعجلة لأنها تحرص على بقاء شعرة العلاقة الطيبة مما وهنت بفعل ممارسات العقلية الثورية غير المنضبطة لجناح التطرف في المؤسسة السياسية الإيرانية التي أصبحت تعاني في داخلها صراعات ومشاكل، كان الأولى بها الانصراف إليها بدلاً من حشر الأنف في شؤون الآخرين..
الفضيحة الجديدة التي أثبتتها أجهزة الأمن الأمريكية، وتصر إيران على إنكارها، تقدم دليلا جديداً على كونها تتمتع بنزعة تدميرية لذاتها ولجوارها، لم تحاول العدول عنها رغم ما يمكن أن تنتهي إليه الأمور من نتائج في غاية السوء. إنها تصر على الوصول بالتعامل معها إلى حد المواجهة العملية التي قد تتجاوز العقوبات السياسية والاقتصادية إلى ما هو أخطر عليها، الأمر الذي سيجعل المنطقة أكثر اشتعالاً واضطراباً لزمن طويل، إذا ما أجبرت المجتمع الدولي على مواجهتها..
لقد مرت إيران على مدى ثلاثين عاماً وأكثر بمأزق وورطات ومشاكل لا حصر لها، لكنها مستمرة كالمريض النفسي الذي يكرر محاولة الانتحار مرة بعد أخرى، ولن يتوقف إلا بمحاصرته وتجريده من كل الأدوات التي يؤذي بها الآخرين قبل انتحاره..

habutalib@hotmail.com
للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة