مرة أخرى.. البداية تونسية

حمود أبو طالب

إذا كان يوم 14 يناير يشكل علامة فارقة كبرى في التاريخ العربي الحديث بسقوط أول الأنظمة الدكتاتورية العربية ليبدأ الربيع الذي طال انتظاره، فإن يوم 23 أكتوبر هو المحك الحقيقي لتطلع الشعوب العربية إلى الديموقراطية والحرية وقدرتها على أن تكون لائقة بالقيم السامية للديموقراطية والاشتراطات الأخلاقية لممارسة الحرية. يوم 23 أكتوبر هو التحول الحقيقي إذا استمرت الأمور بعده بنفس التحضر الذي شاهدناه فيه..
يقول أحد المواطنين التونسيين: أجمل شيء أن يستيقظ الإنسان من نومه ثم يذهب ليمارس حقه في الاختيار دون ضغوط. وتقول مواطنة تونسية: لا أعرف كيف أعبر عن فرحتي وأنا أختار دون خوف.. إحساس رائع كان يفتقده هذا الشعب النبيل، لكنه استعاده بعد الإصرار والتضحية.. إنها أول انتخابات في أول بلد انتفض ضد القمع والاستبداد. وإلى صباح أمس أكدت الأخبار أن نسبة الناخبين بلغت 90 في المائة تحت إشراف هيئة عليا مستقلة مارست مهمتها بشفافية كبيرة. مرت الانتخابات بهدوء وسلاسة وسلام، ما يؤكد أن الشعوب ليست همجية أو فوضوية أو عدوانية بطبعها، وإنما بعض الأنظمة تصورها كذلك لتجد مسوغا لها في ممارسة الاستبداد..
ومهما تكن نتيجة الانتخابات فإنها تمثل إرادة الشعب طالما تمت دون بلطجية علنيين أو متخفين يزورون النتائج ويشترون الأصوات أو يسكتونها إلى الأبد إذا حاولت التصويت لغير الحزب الحاكم المتسلط.. وحين تتزامن الانتخابات التونسية مع إعلان تحرير ليبيا، وقرب الانتخابات المصرية فإننا نتمنى أن يقتدي هذا الشعبان العريقان بالتجربة التونسية في هدوئها وشفافيتها، ونرجو أن تكون الممارسة الديموقراطية حقيقية شكلا ومضموناً، وأن تكون حرية الاختيار هي التي تحدد نتيجة صناديق الاقتراع. إنها مرحلة تأسيس لمستقبل عربي جديد بنيته الأساسية الانتخابات الشفافة النزيهة، ومثلما انتقلت شرارة الغضب من تونس إلى بقية الدول، فإننا نأمل أن تنتقل منها تلك الممارسة الرائعة التي شاهدناها في انتخاباتها.


للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة