عندما بكى الرئيس

محمد عبدالواحد

•• ذات صباح وقف رئيس دولة أفريقية (مشهور جدا) في إحدى الساحات العامة المكتظة بالبشر في عاصمة بلاده ليلقي خطابا.. واحتشد الناس فرحين لأنهم قد تخلصوا من الاستعمار. واليوم هو عيد الاستقلال.. ولكن ما أن بدأ الرئيس يتحدث حتى تهدج صوته وانخرط في بكاء مرير.. وصوته الباكي عبر الميكروفون يكاد تنفطر له القلوب في ذلك الصباح الممطر من أيام أيلول. كانت السماء تشارك الرئيس أحزانه وألمه فأخذت تبكي أيضا لبكائه.. كانت سيمفونية غضب اتحد فيها صوت الرعد مع صوت الرئيس الغاضب الحزين، قال الرئيس الأفريقي: نحن لم نتخلص من الاستعمار بعد.. فلنتطلع إلى وجوه بعضنا.. إلى ملامحنا.. إلى رؤوسنا المثقلة.. إلى عيوننا المتقدة.. إلى أطرافنا التي أصابها الوهن.. وإلى عقولنا التي أصابها الخمول.
.. إننا أمة أصابها الدوار.. إن أقدامنا لا تقوى على حمل أجسادنا المنهكة.. لقد تعطل فينا كل شيء حتى تفكيرنا.. لقد خدرونا قبل أن يرحلوا..
•• ومرة أخرى يعود ذلك الزعيم إلى بكائه الحزين.. ثم أردف والمرارة تخنق الكلمات: أحبائي: فلنصل معا من أجل الخلاص من المخدرات والخمور.. إننا نتناول أكثر من مائة وعشرين بليون لتر من البيرة كل شهر.. وتقتل المخدرات والهيروين أبناءنا.. ويذهب 70% من العاملين إلى أعمالهم وعقولهم وأطرافهم لا تقوى على الحركة والإنتاج.. لقد رحل الاستعمار وترك لنا أشجار الخشخاش والمارجوانا والحشيش لتفتك بنا.. إننا نتوالد بكثافة ولكننا لا نعمل من أجل أطفالنا.. لقد تركنا الاستعمار شعبا منهكا مسطولا لا يقوى على التفكير والعمل.. تركنا وقد تعطلت حواسنا وعقولنا وأيدينا.
•• إن التعبئة العامة من أجل البناء ينبغي أن تبدأ الآن.. ولا يمكن أن نبني بلادنا بمجموعة من المساطيل والحشاشين.. لقد سرق الاستعمار ذلك الصفاء من عيوننا.. وذلك الإصرار والمقاومة من أفئدتنا.. نعم رحل الاستعمار منذ سنوات ولكنه ترك لنا هذه الأوبئة ومزارع الحشيش تحصد أجيالنا.. لقد تخلصنا من بنادق الاستعمار الآلية وتلك الوجوه البيضاء.. وهذا صحيح... ولكنهم تركوا لنا هذه السموم التي تصنع الموت والفناء.. أحبتي.. إنني أبكي وتبكي معي السماء من أجلكم.. إن حياة كهذه لا تستحق الاعتبار.. فلنصح من أجل ملايين الأطفال والأمهات.. من أجل الألوف الذين سكبوا دماءهم على هذه الأرض.. ولنطرد السم من شراييننا إذا أردنا حياة كريمة.. نحن في حاجة إلى أن نزرع القمح بدلا من المارجوانا.. والبرتقال بدلا من الخشخاش.. والخضراوات بدلا من الحشيش.. والصمود بدلا من الخمول.. واليقظة بدلا من الاستكانة والجمود.. إن حيوانات أرضكم تعرف معنى قيمة الولاء للوطن أكثر منكم.. فهي لم تتخدر بعد.. ومازالت تمرح في السهول والمروج.. وتطربها قطرات المطر.. إن الغزلان مازالت تقفز بسيقان قوية لأنها ترفض أن تأكل أوراق الخشخاش والحشيش.. إن حمير الوحش مازالت تحتفظ بلونها ونضارتها وشبابها لأنها لا تعرف المخدرات.. ونحن نذبل ونموت وتترنح رؤوسنا بفعل المخدر الذي أعاق مسيرتنا وأربك خطانا.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 254 مسافة ثم الرسالة