حركة التغيير دليل على انحسار فكرة التدخل الغربي في المنطقة

لم يُضْفِ الشرعية على المعارضة السورية .. مستشار الحكومة البريطانية لشؤون الربيع العربي لـ «عكاظ» :

حركة التغيير دليل على انحسار فكرة التدخل الغربي في المنطقة

عبد الله الغضوي ـ لندن ( هاتفيا)

أكد الباحث في شؤون الشرق الأوسط ومستشار الحكومة البريطانية لشؤون الربيع العربي جيمس دينسلو لـ«عكاظ»، أن ما يقال عن التدخل الغربي في مجريات الربيع العربي أمر بعيد عن الواقع تماما، مشيرا إلى أن تنحي الرئيس المصري حسني مبارك عن الحكم هو أكبر دليل على تراجع النفوذ الغربي، على اعتبار أن الرئيس مبارك من أكثر الحلفاء للدول الغربية.

وحول الملف السوري، أفاد دينسلو أنه من المبكر إضفاء الشرعية على أي طرف من المعارضة السورية، خصوصا ما يسمى بالجيش السوري الحر. مشيرا إلى أنه من الصعب جدا على واشنطن ولندن التراجع عن الضغط ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي يفقد يوما بعد يوم مصداقيته لدى المجتمع الدولي.. وإلى تفاصيل الحوار:





• ماذا يعني مفهوم الربيع العربي بالنسبة إلى الحكومة البريطانية؟

ــ تنظر الحكومة البريطانية بطريقة مزدوجة لما يسمى بالربيع العربي، ففي الوقت الذي ترى أنه فرصة للتغيير، إلا أنها في الوقت ذاته تنظر إليه على أنه تهديد. ففي الحالة المصرية على سبيل المثال؛ استطاعت الثورة في مصر أن تدفع بالمجتمع المدني نحو التفاعل، وهو أمر كانت تفتقده القاهرة على اعتبار أن السلطة السياسية السابقة تحتكر كل جوانب الحياة السياسية، وكذلك من خلال المشاركة العربية في مرحلة ما بعد الثورة وخصوصا الدعم الذي قدمته المملكة العربية السعودية إلى الحكومة المصرية الجديدة برئاسة عصام شرف، وهذا بدوره يعمق العمل السياسي العربي المشترك لإرساء أسس سياسية جديدة مستقرة. وفي هذا الإطار جاء أيضا الدعم المالي الذي قدمته الحكومة البريطانية من أجل العمل الديمقراطي. وكذلك الأمر في الحالة الليبية، فقد طردت ليبيا العدو القديم ومن الممكن أن تكون ليبيا الجديدة الديمقراطية حليفا استراتيجيا قويا لبريطانيا.

• وما معاييره (الربيع العربي) بالنسبة لكم؟

ــ بالطبع المعايير الداخلية لكل دولة هي من يحدد الربيع العربي، فالشعب هو صاحب القرار في هذه المسألة، إذ تدرك الحكومة البريطانية بأنها ليست محرك التغيير في هذه الدول وليست هي من يضع المعيار، وإنما هو الدور الذي لعبه المتظاهرون في ميدان التحرير في مصر والثوار في بنغازي والمدنيون في حمص وحماة وغيرها من المدن السورية المنتفضة. ومن خلال هذه المعطيات تنظر الحكومة البريطانية إلى دورهم على أنه تعزيز للديمقراطية وتحسين للأوضاع من خلال الربيع العربي الذي يولد حكومات أفضل وأكثر فاعلية لهذه الدول التي ترفض استمرار حكامها.

• هل للربيع العربي لون واحد، أم يختلف من دولة إلى أخرى؟

ــ المضلة الرئيسة في الربيع العربي أنه يختلف من دولة إلى أخرى، حيث كانت كل من ثورتي تونس ومصر محدودتين دون أن يكون لهما تداعيات إقليمية أو عربية على المستوى الأمني، وذلك بسبب انقلاب القوى الأمنية والجيش على النظام. أما في الحالة الليبية، فقد اندلعت الحرب الأهلية وانحاز الناتو لطرف دون الآخر. وما يحدث اليوم في سورية واليمن هو انتقال من مرحلة الكفاح المدني إلى النزاع الأهلي، فالحالة تختلف من دولة إلى أخرى.

• ماذا تقدم الدولة البريطانية لدول الربيع، خصوصا بعد المرحلة الجديدة؟

ــ هناك الكثير في ما يتعلق بهذا الأمر، إذ يمكن لبريطانيا تقديم دعم ثنائي والمساعدة في انضمام دول الربيع العربي إلى أوروبا وإلى الأسواق الأوروبية على وجه الخصوص كجزء من سياسة الجوار الأوروبية. ومن ناحية أخرى، إمكانية بناء الصلات التجارية والعسكرية والدبلوماسية والتقليدية المدنية على أساس القيم المشتركة.

• يرى البعض أن هذه المساعدات الغربية مشروطة هل هذا واقعي؟

ــ إن مسألة الدعم المشروط حساسة ومهمة جدا بالنسبة لبريطانيا وأوروبا. وأود القول إن الأوروبيين عموما لا يملكون موقفا موحدا في هذا الأمر، بينما تشير الشراكة العربية البريطانية إلى استعداد للمشاركة في الربيع العربي، ودعم هذه الدول في المجالات كافة.

• هل خيار المساعدة العسكرية يندرج تحت صلاحيات الحكومة البريطانية، وما مقوماته؟

ــ في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالعالم، فإن رغبة التدخل العسكري في سورية تبدو ضئيلة. على الرغم من التعاطي مع العملية الليبية على أنها ناجحة ودون خسائر جسيمة، وسريعة النتائج بخصوص القضاء على القذافي، لكن في حال عدم توصل مجلس الأمن إلى قرار يدين ما يجري في سورية فسيقتصر موقف بريطانيا على الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية لا العسكرية.

• بعض القوى السياسية ترى في حركة التغيير في المنطقة امتدادا استعماريا، ماذا تقول؟

ــ على العكس تماما، فمن ينظر إلى الحالة المصرية، يجد أن سقوط مبارك، ذلك الرئيس الذي دعمه الغرب لعدة عقود، هو أكثر من تراجع للامتداد الاستعماري. بالرغم من مصالح الغرب الأمنية والاقتصادية في المنطقة، أظن أن جوهر السياسة البريطانية الجديدة هو التعامل مع الدول الديمقراطية الجديدة كحلفاء وأكفاء، وكما هو معروف ففي السياسة المصلحة المشتركة هي من يحدد طريقة التعاطي مع أية حالة سياسية طارئة.

• أكدت بريطانيا أكثر من مرة على عدم شرعية الأسد، كيف يسهم ذلك في استقرار سورية، وما أهميته للشعب السوري؟

ــ في الواقع تسعى الحكومة البريطانية إلى توحيد الصف في أوروبا لاتخاذ موقف حازم وصارم حيال النظام السوري، وبالتحديد فرض العقوبات عليه، خصوصا في مجال النفط، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على استقرار البلد. كما أن الدعم الأوروبي يمنح المعارضة السورية المزيد من المصداقية. وفي كل الأحوال لا يمكن لأية دولة ان تصمت حيال ما يجري في سورية من مجازر بحق الشعب.

• هناك قلق عالمي من الأوضاع في سورية، ما المخرج المحتمل للوضع القائم. وما فلسفة بريطانيا حيال دمشق؟

ــ النظرة البريطانية إلى الوضع في سورية ترتكز على ضرورة أمن المنطقة عموما، إذ لا يمكن أن تقبل الحكومة البريطانية بأية حالة توتر، وفي الوقت ذاته من الصعب تصور تراجع بريطانيا وأمريكا عن موقفهما بعد إعلان عدم شرعية الرئيس السوري بشار الأسد والدعوة إلى تنحيه، خصوصا أن هذا الموقف جاء على لسان وزير الخارجية البريطاني ويليام هيج في أكثر من مرة. والانتقال السلمي للديمقراطية الحقيقية في سورية هو السيناريو الذي تفضله بريطانيا دون أن يكون لهذا الانتقال أي تداعيات إقليمية، بالرغم من أن النزاع المتواصل هو السيناريو المتوقع على المدى القصير.

• هل تنظرون إلى الجيش السوري الحر على أنه حركة شرعية على غرار ما جرى في ليبيا، أم أنهم مسلحون خارج إطار الشرعية؟

ــ ما زالت الأمور في سورية في حالة متذبذبة وغير ناضجة للحكم عليها، وبصراحة أقول إنه من المبكر جدا الحكم على شرعية أي عضو في المعارضة من وجهة نظر بريطانيا.