أزمة السكن مفتعلة أم حقيقية
الأربعاء / 09 / ربيع الأول / 1433 هـ الأربعاء 01 فبراير 2012 20:55
عبد الله بن سعد الأحمري*
كثر الجدل في السوق العقارية في الآونة الأخيرة بشأن وجود أزمة في السكن من عدمه. وتبارى كل فريق لإثبات صحة وجهة نظره، استنادا إلى مصالحه الخاصة التي تتعلق برفع أو خفض سعر العقارات أو الأراضي، وكان من الممكن أن نفض هذا الاشتباك مبكرا لو توفرت لدينا هيئة عليا تتولى تنظيم السوق العقارية، وتكون بمثابة مرجعية في الإحصاءات وتوجهات السوق ويمكن الاستناد لها في التخطيط المستقبلي وحل المشاكل الآنية. وبغض النظر عن هذه الإشكالية المحورية التي تعاني منها السوق، إلا أننا يمكننا القول بكثير من الاطمئنان أن السوق العقارية تعاني من أزمة في التمويل في ظل إحجام غالبية البنوك وشركات التقسيط عن التوسيع في التمويل العقاري الذي يمتد إلى سنوات طويلة، قد يموت خلالها المشتري، وبالتالي يسقط السداد عنه وتلك مخاطرة تأخذها الجهات الممولة بعين الاعتبار، كما أن التمويل العقاري وفقا للالية المعمول بها حاليا تصل نسبة الفائدة فيه إلى 40 أو 50 في المائة، وهو ما يرهق كاهل الراغب في الشراء بنسبة كبيرة. ولعل ذلك الأمر يستدعي من الجهات المسؤولة البحث عن آليات أكثر اعتدالا لتمويل بناء وشراء المساكن في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء والأراضي وأن تتوسع مختلف الجهات الحكومية والخاصة في تقديم حلول لمشاكل السكن التي باتت تؤرق غالبية المواطنين في ظل الارتفاعات المستمرة بالإيجارات بدون أي مبرر عملي. ولعل ذلك يقودنا إلى الحديث عن جدلية أكثر سخونة هي الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني والتي يطالب البعض بضرورة فرض رسوم أو زكاة بمعدل 2.5 في المائة سنويا عليها، باعتبارها من عروض التجارة، الأمر الذى يمكن أن يشجع أصحابها على البناء ما يؤدي إلى وجود وفرة في الشقق السكنية وبالتالى تنخفض الإيجارات وذلك على الرغم من معارضة البعض لهذا التوجه الذي سيثير تساؤلات حول ضوابط اعتبار الأراضي من عروض التجارة أو السكن الشخصي، وربما أدخلنا ذلك في جدل آخر لا ينتهي. إن حل أزمة الإسكان في اعتقادي يبدأ أولا من وجود توصيف دقيق للأزمة ووضع حلول على المدى القريب والمتوسط والمستقبلي بشرط أن تكون قابلة للتطبيق، وأن تبدأ البلديات بالشراكة مع القطاع الخاص في إيصال الخدمات لعشرات المخططات المهجورة مقابل نسبة جيدة من الأرض، لأنه ليس من المعقول أن يتم توزيع أراضي المنح في عهد الآباء ولايتم البناء عليها إلا في عصر أحفاد الأحفاد، وكذلك إيقاف ما يسمى بالتطوير الوهمي للأراضي الذي أشعل الأسعار بدون وجه حق.