بين «امزموح» و«الآيبود»

إبراهيم عقيلي

بين «امزموح» و«الآيبود» هي المسافة بين الجيلين في جازان، جيل لفته «كوفلة» التقنية وجيل صنع المستحيل من العدم. جيل يختصر الزمن كله في أجهزة محمولة، وجيل يختصر يومه الطويل بتحويل حشرة يميزها صوتها «امصلف» إلى لعبة يلهو بها الصغار.
حشرة «امزموح» قصة قديمة تبدأ في فصل الخريف، عندما «يهدب» من الجبال إلى تهامة بغرض البحث عن الخضرة، ولكنه في النهاية يقع لعبة في يد الصغار مرددين بزهو:
زموح يابو اللبانه .. ما هدبك تهامه
جيت شتخضر .. وقعت في املزامه
وزفة صغيرة تنتشل المكان لو تملك «جاهل» زموحا جبليا ذكرا، والذي من النادر أن يقع فريسة سهلة وهو أكثر الزماميح ذكاء وقوة، وبأهزوجة صغيرة ينشدون «كجل كجل حرمة ولا رجل»، ويحتفون به بطريقة تعذيبية بسيطة، تبدأ بنزع ساقه اليسرى ويستبدلونها بـ «مسلة» مربوط فيها خيط رفيع، ليترك في الفضاء يلف حول نفسه مستنجدا بصوت هو غاية الأطفال، ولا يعرف إلى أين يذهب؟
رحل «امزموح» ورحلت معه تفاصيل الزمن الجميل، رحل كما رحلت «امزقرة» و«ساري امقعادة» و«قلقل السرى» و«امدوان» و«صيد امجراجيح».
ولم يبق من ذاك الزمن سوى ذكريات تردد من حين إلى حين على مسامع أطفال التقنية.
كوفلة: قطعة قماش يلف بها الرضع
صلف: مزعج جاهل: طفل
يهدب: ينزل شتخضر: تأكل من الخضرة
املزامه: القبض مسلة: إبرة خياطة
امزقرة، قلقل السرى، مدوان، صيد امجراجيح، ساري امقعادة: ألعاب أطفال.