أكرمكم الله!

عزيزة المانع

لأحلام مستغانمي مقال طريف عن رمزية الحذاء في ثقافات الشعوب جاء فيه قولها: «تريد أن تقول لامرأة إنك تحبها وإنك تريدها زوجة؟ لا تشتر لها ورداً ولا خاتما، اهدها قبقابا صغيرا من الفضة، كذلك الذي يباع في أسواق تونس، ستفهم أنها ضرورية لحياتك وأنكما كفردتي حذاء لا يمكن لأحدكما الانفصال عن الآخر».
مقال أحلام الساخر الذي ربطت فيه بين ضرورة وجود الحبيبة في حياة المحب وضرورة وجود الحذاء، يلفت الانتباه إلى أهمية وجود الحذاء في حياة الناس، وإن كان أكثرهم لا يستشعرون ذلك فلا يقيمون وزنا لوجود الحذاء في حياتهم!! الحذاء لا يزين أقدام الناس ويتيح لهم فرصة التباهي بنوعه ودرجة غلاء ماركته فحسب، وإنما هو أيضا يحمي أقدامهم من الأذى، ويحفظها من حرارة الرمضاء أيام الصيف، ومن لسع الجليد أيام الشتاء عندما تتحول الأرض في بعض المناطق إلى فريزرات أرضية. كما أنه، حسب إفادة المعنيين بالصحة يختبئ في جوفه مفتاح راحة جسم الإنسان، فبناء على نوع الحذاء الذي تغمس فيه قدمك ودرجة ملاءمته لها تتوقف صحة جسدك كله، فالحذاء بإمكانه أن يتسبب في آلام ظهرك وصداع رأسك وأن يتحكم في مزاجك صفاء وتعكيرا طول النهار.
إلا أن الحذاء، رغم كل هذه الأهمية التي يحملها في حياة الناس لا يجد منهم في نظرتهم إليه، سوى الازدراء والإهانة. دأب الناس على احتقار الحذاء إلى حد أنهم لا يكادون يذكرون اسمه إلا مقرونا بقول (الله يعزكم)، وإذا مد أحدهم قدمه فوق الطاولة مبديا حذاءه عد ذلك منه (قلة أدب). وإذا أرادوا التعبير عن احتقارهم لأحد جعلوا مكانه تحت الحذاء. أما غاية الاحتقار فهي أن يضرب أحد بالحذاء أو يهدد بذلك.
لكن الأحذية إن تساوت في حقارة المكانة، بصرف النظر عن تميز نوعها وغلاء ماركتها، هي لا تتساوى في درجة الشهرة، فالأحذية في مسألة الشهرة كالبشر بعضها مشهور يعرفها كثيرون، وبعضها مغمور يولد في مصنعه ويتلف في قدم لابسه، وما درى به أحد. من أشهر الأحذية التي طار ذكرها في الآفاق الحذاء الذي يراه الرجل في نومه يزين به قدمه بدلا من الحذاء القديم، هذا الحذاء، حسب ما يقول بعض مفسري الأحلام زادهم الله علما ويقينا، رمز إلى أن الرجل سيتزوج زوجة جديدة!! ويليه في الشهرة حذاء حنين، الذي اشتهر في عالم الخائبين فاحتكروه بينهم وظلوا يتأبطونه لا يفرطون فيه. وحذاء سندريللا العجيب، الذي تتمنى كل فتاة لو أن مقاسه يناسب قدمها، وعكسه في الشهرة حذاء الطنبوري الذي اشتهر بأنه لم يكن أحد يود أن يملكه، فكانت الأقدام تتقاذفه مبعدة له.
على أية حال، هذه الأحذية المشهورة أحذية وديعة لا تؤذي أحدا، لكن هناك أحذية غيرها اشتهرت بالعدوانية والشراسة من أشهرها قباقيب شجرة الدر التي تقارعت على رأسها حتى أسقطتها ميتة، وحذاء منتظر الزيدي الذي طوحه نحو رأس الرئيس الأمريكي، فتفاداه الرئيس ودفع الزيدي ثمن التطويح زمنا من عمره في السجن والعذاب.
أما أسعد الأحذية حظا فهو حذاء زبيدة زوجة هارون الرشيد الذي، إن صدق ما يقوله المؤرخون، كان حذاء مدللا مصنوعا من أسلاك الذهب والأحجار الكريمة، وأسعد منه حذاء الرميكية الذي استكان في راحة بعد أن خلعته عن قدمها لتدوس حافية على أرض من طين المسك والعنبر.
فاكس 4555382-1

للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة