جدة ومنطقتها التاريخية إلى أين؟

علي القحطاني

في الوقت الذي كنا نترقب فيه ضم جدة لليونسكو للتراث العمراني بما تحتويه منطقتها التاريخية من طراز معماري فريد استطاع أن يصمد أمام عوامل الزمن لكن يبدو أن هذا الصمود قد بدأ الوهن بغزوه فهل شاخت جدة؟
الجواب بكل تأكيد لا ولكن ما دعاني لهذا التساؤل هو ما تعرضت له هذه المنطقة المغلوبة على أمرها خلال الفترة الماضية (أقل من عقدين) من تدمير لكثير من تلك البيوت العريقة جراء الحريق فقط وحسب الإحصائيات لم يتبق سوى أقل من 30 بيتا فما هي الأسباب والدواعي والعلاج فقد يكون لتعقيدات الملكيات دور في ذلك فبعضها لا يحمل صكوكا وإن توفر فهي من العهد العثماني وأغلب تلك المنطقة منتشر بها إيجار الحكر وهو عقد إيجار لا ينتهي إلا بسقوط البيت.
كما أن أغلب إن لم يكن جميع ملاك تلك الدور قد تركوها بين اختلافات الورثة والإجراءات الروتينية التي أعاقت تطوير المنطقة وكذلك وجود الكثير من الأوقاف بها – وطريقة إدارتها – كل ذلك يوحي بأننا مقبلون على كارثة وعلى الرغم من ثراء أغلب الملاك إلا أنني أرى أنهم أحد أهم أضلاع المشلكة، والتي تتكون من:
* الملاك
* أنظمة البناء
* طريقة تعامل الدفاع المدني مع حرائقها.
* عدم وجود أنظمة صارمة لدى هيئة السياحة لحماية وإعادة تأهيل هذه المناطق.
يحدث كل ذلك على الرغم من اهتمام حكومتنا الرشيدة بتراث المملكة والحرص عليه، وأكبر دليل على ذلك هو إنشاء الهيئة العليا للسياحة والآثار والتي شكلت مجالس على مستوى المحافظات فها نحن نرى مجلس التنمية السياحية بمحافظة جدة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة وما يقوم به من أدوار وحرص ومتابعة ونرى الاهتمام الكبير من صاحب السمو الملكي أمير المنطقة ورئاسته للعديد من اجتماعاتها وقيامه بزيارات لها. ولكن ما زال أغلب تلك الدور تستخدم كمستودعات للمحلات التجارية المحيطة ويسكن أغلبها العمالة الوافدة.
وعلى الرغم من جهود المحافظة للوقاية أقترح تشكل لجنة من كتابة عدل والقانونيين والملاك وممثلين من ذوي الإبداع للجهات المعنية لدراسة مشاكل الملكيات وإيجاد حلول لها ولكن يجب تحديد الفترة لإنجاز المهمة.
* نزع ملكية المنطقة بالكامل لصالح الدولة أسوة بما تم في مدينة الرياض.
* مشاركة تجار ورجال أعمال جدة في أعمال التسويق لمشروع يطور المنطقة التاريخية ويحافظ على تراثها وهويتها بما يخدم أصحابها ويحافظ على تراث وطابع المنطقة.
اقترح أن تقوم الأمانة بالتعامل مع هذه المنطقة وبطريقة مختلفة تماما عما يتم في بقية مناطق المدينة وأن يغيير الدفاع المدني طريقة التعامل مع حرائق المنطقة فعلى الرغم من تنفيذ الأمانة لشبكة إطفاء في أغلب أجزاء المنطقة إلا أنها تتطلب نوعيات مختلفة من الآليات وأسلوب خاصة للتعامل مع الحرائق فطريقة عمل الدفاع المدني قد أدت إلى سرعة انهيار أغلب المباني في المنطقة من خلال قوة ضغط وكمية المياه المستخدمة.
أما الهيئة العامة للسياحة والآثار فيجب أن تطور مفهوم الآثار حسب وجهة نظري المتواضعة بإدخال الكثير من العناصر التي تشجع على استثمار واستخدام تلك الدور وأن تتكاثف جهود العمل بروح الفريق الموحد والتخطيط والتفكير من خارج الصندوق ودون ذلك فلن تقوم لجدة التاريخية قائمة.
وما دل على ذلك ما قام به صاحب السمو الملكي الأمين العام لهيئة السياحة الآثار باستقراء المستقبل وسحب ملف ترشيح جدة من اللجنة الابتدائية بمنظمة اليونسكو للتراث العمراني بعدما استقرأ أن رفض الملف وارد بشكل قوي.
ولكن ما زال هناك سؤال يتردد، من المسؤول عن تكرار حرائق جدة التاريخية ومن المستفيد؟
* متخصص في إدارة الأزمات والكوارث