استقرار سياسي واقتصادي وقاعدة صلبة من القيم تحمي العقيدة وتعزز المكانة العالمية

المملكة في عيون الآخرين.. دولة عصرية لا تعرف المستحيل

أدار الندوة: صالح عبدالفتاح، فتحي عطوة (القاهرة)

على مدى 76 عاماً مضت شهدت المملكة مسيرة تنموية هائلة ونهضة شاملة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية والصحية، انعكست ايجاباً على المواطن السعودي وساهمت في اعادة تشكيل وعيه ورفعت من مستواه المعيشي والاجتماعي وعززت قدرته على التعامل والتكيف مع المستجدات والتطورات والمتغيرات العالمية.
هذا ما اكده عدد من اساتذة التاريخ والقانون الدولي والمفكرين استضافتهم «عكاظ» في ندوة لها بالقاهرة تناولت التجربة التنموية السعودية التي تستند الى قاعدة صلبة من القيم الانسانية المستمدة من الشريعة الاسلامية والثقافة العربية الاصيلة ترجعها الى واقع ملموس فمجلس الشورى ونظام حكم يقوم على العدل والمساواة وهذه التجربة السعودية الناجحة في عيون الآخرين ليست مجرد ثروة نفطية صنعت بنية تحتية وجعلت من الصحراء جنة خضراء فحسب وانما هي تجربة ثرية وكما وصفها -المنتدون- تجربة ثرية وانموذجاً فريداً صنعته قيادة حكيمة وواعية غرست منذ بداية تأسيس الكيان على يد الملك عبدالعزيز يرحمه الله مرتكزات نهضة دولة حديثة استثمرت مواردها وما حباها الله من خير ونماء في رفاهية المواطن عبر حملة من السياسات والخطط التنموية والبرامج الهادفة التي انطلق بها القطاع الخاص دون قيود او عقبات وبانفتاح يكرس سياسة الشراكة مع كل دول العالم شرقاً وغرباً باعتبار ان المملكة جزء من هذا العالم وتشترك مع العديد من دوله في المصالح والاهتمامات مما يحتم تعزيز فرص التبادل التجاري بشراكة حقيقية يحرص عليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ويعمل دائماً -يحفظه الله- على توفير عناصر استمرارها لتبقى المملكة دائماً عنصراً مؤثرا وفعالا في الاسرة الدولية باعتبارها تمثل قلب النظام العربي بكل ما تحمله من مخزون حضاري وانساني واقتصادي.. والى التفاصيل:
عكاظ : ماهي الأبعاد التي استندت عليها التجربة التنموية السعودية من وجهة نظركم؟
د. جعفر عبد السلام امين عام رابطة الجامعات الاسلامية واستاذ القانون الدولي بجامعة الأزهر:- في رأيي من أهم الأبعاد التي تستند عليها تجربة المملكة وفي نفس الوقت مثلت مواطن قوة في التجربة هي المكانة الدينية التاريخية المستمدة من الأماكن المقدسة فضلاً عن مؤتمر سنوي يقام على رحابها الطاهرة بين المسلمين من أنحاء العالم ، وهو مؤتمر الحج الركن الخامس من أركان الإسلام. أما البعد الثاني فهو الموقع الجغرافي الفريد ، وتمثل الجغرافيا البشرية امتداداً لهذا العمق الاستراتيجي حيث إن سكان المملكة متجانسون وفي تزايد مستمر يمثلون قوة بشرية تستند الى نظام تعليمي متقدم. أما البعد الثالث فهو الثروة النفطية التي حباها الله لهذه البلاد ، وهذا البعد الاستراتيجي يمثل الدخل الوطني المالي الرئيسي الذي كون قوة رأسمالية في سوق المال السعودية الذي أصبح يضاهي أسواق المال العالمية ، وكون بذلك دخلاً إضافياً مكن المملكة من بناء التجهيزات الأساسية من بنى تحتية وصناعات متنوعة ذات قدرات مالية مؤثرة في الاقتصاد العالمي.
د. عبدالحليم عويس- استاذ التاريخ والمفكر الاسلامي المعروف:- بالإضافة إلى العوامل السابقة التي ذكرها الدكتور جعفر ، هناك عامل هام جدا لايقل أهمية وهو الوعي بهذه العوامل الثقافية والجيوبوليتيكية . والقيادة هي التي تربط بين هذه العوامل وعملية بناء الدولة وتضعها في سياق متكامل تاريخيا من أجل إتمام تجربة البناء ، وقيادة المملكة منذ المؤسس الملك عبد العزيز كانت على وعي بمكانة المملكة واستثمرت الإمكانيات في عملية البناء وسار الأبناء على نفس «البناء القيمي» المسيرة حتى اكتمل البناء وازدهر .
د. عبدالعاطي الشافعي رئيس جمعية الصداقة المصرية السعودية:- إذا كانت هناك إضافة بعد ما ذكره الأساتذة الأفاضل فهو البناء القيمي الذي استمدته القيادة السعودية من الشريعة الإسلامية والثقافة العربية الأصيلة التي أعطت السياسة السعودية داخليا وخارجيا بعدا إنسانيا ، فالأبعاد القيمية مكنت المملكة من أن تقوم بأدوار إنسانية على مستوى العالم في مجال مساعدة الدول النامية من فائض المال والاستثمارات المالية العالمية وتقديم الخدمات الصحية والتعليمية والإغاثة في الكوارث ومشاركة في المواقف والكوارث الإنسانية مما أكسبها سمعة عالمية ومكانة تأثيريه في المنظمات الدولية.

التحديث والتطوير
عكاظ : تحدثنا عن الركائز التي استندت عليها التجربة السعودية ، ونود الانتقال إلى مسيرة البناء ذاتها كيف تمت وبأي شكل وما هي الأسس التي ضمنت نجاح عملية البناء ؟
د. جعفر:من أهم علامات التجربة السعودية ، أنها قامت على أسلوب التحديث والتطوير المعاصر، بدءا من الملك عبد العزيز حتى الآن ، فالملك عبد العزيز وزع المسؤوليات في الدولة وأسس حكومة منطقة الحجاز، وأنشأ منصب النائب العام في الحجاز وأسند مهامه إلى ابنه الأمير فيصل ، كما أسند إليه رئاسة مجلس الشورى، وفي عام 1350هـ الموافق 1931م صدر نظام خاص بتأليف مجلس الوكلاء، وأنشأ الملك عبد العزيز عدداً من الوزارات، وأقامت الدولة علاقات دبلوماسية وفق التمثيل السياسي الدولي المتعارف عليه رسمياً، وتم تعيين السفراء والقناصل والمفوضين والوزراء لهذه الغاية، كما اهتم الملك عبد العزيز كثيراً بدعم القضية الفلسطينية، ولما تأسست جامعة الدول العربية في القاهرة عام 1365هـ1945م كانت المملكة العربية السعودية من الدول المؤسسة. ومن منجزات الملك عبد العزيز ايضاً تنفيذ أول مشروع من نوعه لتوطين البدو، فأسكنهم في هجر زراعية مستقرة وشكل منهم جيشاً متطوعاً يكون مستعدًا عند الحاجة، كما عمل على تحسين وضع المملكة الاجتماعي والاقتصادي فوجه عناية واهتماماً بالتعليم بفتح المدارس والمعاهد وأرسل البعثات إلى الخارج وشجع طباعة الكتب خاصة الكتب العربية والإسلامية واهتم بالدعوة الإسلامية ومحاربة البدع والخرافات، وأنشأ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزودها بالإمكانات والصلاحيات، وأمر بتوسعة الحـــرم النبوي الشــريف، وقــــد شــــرع في ذلك عام 1370هـ/ 1951م، ووفر الماء والخـــدمات الطبيـــة والوقـائية لحجــــاج بيت الله الحرام.

تطوير وإصلاح:
ويواصل د. جعفر: ولم يكتف الملك عبد العزيز ببناء هذه الوحدة السياسية والحفاظ عليها فقط بل سعى إلى تطويرها وإصلاحها في المجالات كافة، حتى استطاع بفضل الله عز وجل أن يضع الأساس لنظام إسلامي شديد الثبات والاستقرار مع التركيز على المسؤوليات وتحديد الصلاحيات، فتكونت الوزارات وظهرت المؤسسات وقامت الإدارات لمواجهة التطور، وأدخلت المخترعات الحديثة لأول مرة في شبه الجزيرة العربية فحلت تدريجياً محل الوسائل التقليدية. وأقام طيب الله ثراه القضاء على أساس من تحكيم الشريعة الإسلامية في كل الأمور، فأنشأ المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وأصدر الأنظمة التي تدعم هذه المحاكم وتبين وظائفها وتحدد اختصاصاتها وسلطاتها وتنظم سير العمل بها، كما حقق الملك عبدالعزيز إنجازات كبيرة في مجال إقرار الأمن والمحافظة على النظام في الدولة لتوفير الراحة والاطمئنان للمواطنين والوافدين فضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بالأمن أو الإخلال بالنظام حتى أصبحت هذه البلاد مضرب الأمثال في جميع الأوساط الدولية على استتباب الأمن والاستقرار.
ولم تقتصر جهود الدولة في عهد الملك عبد العزيز على البناء الداخلي بل سعت إلى توثيق العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، فكانت سياسة المملكة الخارجية مبنية على وضوح الهدف والثبات على المبدأ ومناصرة الحق انطلاقاً من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي قامت عليه أركان هذه الدولة وهو القاعدة التي انطلقت منها نهضتها وأمنها ورخاؤها.
فقد حرص الملك عبد العزيز وأبناؤه من بعده ، على مد جسور التعاون والتقارب وتعزيز الروابط مع الأشقاء العرب وسعى إلى توحيد صفوفهم وجمع كلمتهم ولم شملهم وحل خلافاتهم بالتشاور فيما بينهم والاتفاق على الأهداف الأساسية التي تضمن لهم تحرير أراضيهم وصيانة حقوقهم ومكتسباتهم.

إقامة شرع الله
د. عويس : لقد كان الهدف الأسمى للملك عبد العزيز خلال جهاده الطويل هو إقامة دولة تقوم على شريعة الله من منابعها الصافية كما وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وتراث السلف الصالح، ولقد حقق الملك عبد العزيز هذا الهدف وجعله أساساً قامت عليه دولته الفتية منذ أيامها الأولى وإلى يومنا هذا ، و تاريخ المسلمين يجب أن ينظر إليه على أنه جهود المسلمين في محاولة تطبيق الإسلام في أرض الواقع على خطى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي كان خُلُقُه القرآن بل كان قرآناً يمشي على الأرض، وكأفراد وجماعات أمكن أن يمثلوا الإسلام عبر كل العصور الإسلامية ولكن على درجات وبنسب متفاوتة . وهنا تكمن أهمية تقديم نماذج بناء دولة على اساس متين من شرع الله.

نظام سياسي مستقر
الشافعي: - صاغت المملكة عبر تاريخها نظاما سياسيا يضمن الاستقرار ، فالحكم في المملكة مستمد في سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما نصت على أن الحكم في المملكة يقوم على أساس العدل والشورى والمساواة الذي أساسه وقوامه الأسرة التي ترعاها الدولة، وحرص الدولة على تقوية أواصر الأخوة والتعاون على البر والتقوى والتكافل بين أفراد المجتمع. وعلى تعزيز الوحدة الوطنية وضرورة قيام الدولة بمنع كل ما يؤدي إلى الفرقة والفتنة والانقسام. وركزت على هوية التعليم في المملكة وهدفه الأسمى المتمثل في غرس العقيدة الإسلامية في نفوس النشء وإكسابهم المعارف والمهارات التي تهيئهم للإسهام النافع في بناء مجتمعهم وغرس حب الوطن والاعتزاز بتاريخه وأمجاده . ويتناول نظام الحكم المطبق حاليا المسائل الاقتصادية خاصة الثروة الوطنية التي هي ملك الدولة، ويبين وسائل استغلالها وحمايتها وتنميتها. كما أوضح احترام النظام للملكية الخاصة ورأس المال وفقًا للشريعة الإسلامية، وتكفل الدولة حرية هذه الملكية الخاصة وحرمتها؛ ومنع المصادرة للأموال والممتلكات إلا بحكم قضائي؛ وعدم فرض الرسوم أو الضرائب إلا عند الحاجة وعلى أساس من العدل، والحرص على جباية الزكاة وإنفاقها في مصارفها الشرعية.

حماية العقيدة
كما تتعهد الدولة في نظامها الأساسي بحماية عقيدة الإسلام وتطبيق الشريعة الإسلامية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله. والحرص على عمارة الحرمين الشريفين وخدمتهما وتوفير الأمان لقاصديهما وعلى تحقيق التضامن العربي والإسلامي، وعلى تقوية علاقاتها بالدول العربية والإسلامية والصديقة، وحماية حقوق الإنسان وفقًا للشريعة الإسلامية، وكفالة المواطن وأسرته في حالة المرض، أو الطوارئ، أو العجز؛ ودعم نظام الضمان الاجتماعي، وتشجيع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية، ورعاية الدولة للعلوم والآداب وتوفير التعليم العام ومكافحة الأمية والمحافظة على البيئة وحمايتها؛ وإنشاء القوات المسلحة وتجهيزها للدفاع عن الوطن. على أن الدفاع عن العقيدة والوطن والمجتمع واجب على كل مواطن، كما يبين النظام أحكام الجنسية السعودية والتزام الدولة بتوفير الأمن للمواطنين والمقيمين، ويحدد النظام أن العقوبة شخصية ولا جريمة أو عقوبة إلا بناءً على نص شرعي أو نظامي، ولا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي. والتزام الإعلام بكل وسائله بالكلمة الطيبة وبنظم الدولة وحظر ما يؤدي إلى الفتنة.

علامات التطور
عكاظ: نود أن نبين بعض النماذج على التطور الذي حدث في عملية بناء الدولة؟
- د. جعفر : من أهم علامات التطور في بناء الدولة مكانة المملكة الاقتصادية في العالم ، فمن أجل تطوير اقتصاديات المملكة قامت الحكومة بفتح أبواب التعامل مع دول العالم على مصراعيها ، وقد أدى هذا النوع من السياسة التجارية إلى حصول نتائج نذكر منها على سبيل المثال كثافة حركة التصدير والاستيراد ودخول كميات ضخمة من العملات الأجنبية والرساميل الأجنبية وتحسين ميزان المدفوعات ومنها اعتدال أسعار كثير من المواد في السوق وقد سار تطبيق هذه السياسة بأمانة تامة وحقق غاية كبيرة ساعدت على الازدهار التجاري في المملكة ومتنت العلاقة مع العديد من الدول والبلدان الصديقة والشقيقة منها وابرمت في ذلك العديد من الاتفاقيات في عدة مجالات سواء كانت اتفاقيات اطارية أو في عدة مجالات تتعلق بتبادل السلع والخدمات.
وقد احتلت المملكة خلال عام (2000م) المرتبة الثالثة عشرة من بين أكبر البلدان المصدرة للسلع في العالم والمرتبة الخامسة والعشرين من بين أكبر البلدان المستوردة لها. وكذلك بلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة ودول العالم في عام 2002م 392.830 مليون ريال.

رؤية مستقبلية
ولدى المملكة رؤية مستقبلية للتطور وعلى سبيل المثال هناك استراتيجية صناعية ورؤية مستقبلية للتنمية الصناعية حتى عام 2020م بعنوان البرنامج المتكامل «استراتيجيات تعزيز القدرة التنافسية وتنويع القاعدة الصناعية في المملكة العربية السعودية» تهدف إلى تعزيز القدرات التنافسية للصناعات الوطنية وتحفيز التنويع الصناعي ضمن بيئة الاقتصاد العالمي والمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني وتخفيف اعتماده على مصدر واحد أساسي للدخل . وتتضمن الاستراتيجية الصناعية ثلاثة محاور أساسية هي : تعزيز القدرات التنافسية الصناعية ، وتوفير البنية الأساسية والخدمات للقطاع الصناعي ، وتحديث ووضع القوانين و الأنظمة الملائمة.
وقد أولت الدولة القطاع الصناعي أهمية كبيرة أسهمت إسهاما أساسيا بشكل واضح خلال خطط التنمية الماضية ، حيث ازدهر القطاع الصناعي ، و أكبر دليل على ذلك التطور تضاعف نسبة إسهام القطاع الصناعي في الناتج المحلى ، حيث كان ذلك الإسهام قبيل بداية خطة التنمية الأولى 1389هـ / 1969م لا يتجاوز 2.5% فقط بينما قفزت تلك النسبة لتصل في العام 1415هـ / إلى حوالى 50.4% ، و تعزى هذه القفزة في حصة النشاط الصناعي في الناتج الوطني إلى دعم الدولة لهذا القطاع ، و يتضح مدى ذلك الدعم فيما صرفته الدولة ولا تزال من قروض داعمة للنشاط الصناعي حيث أنشأت الدولة لهذا الغرض صندوق التنمية الصناعي السعودي الذي أسهم إسهاما أساسيا في دعم المشاريع الصناعية في القطاع الخاص ، و قد ارتفع الدعم الحكومي لتلك المشاريع الصناعية من 35 مليون ريال مع نهاية فترة خطة التنمية الأولى 1395هـ / 1974م إلى 19.49 بليـون ريال في العام 1415هـ / 1416هـ ، و قد استثمر هذا الدعم في إقامة مشاريع نهضة صناعية مذهلة إذ تضاعف رأس المال المستثمر في الصناعة إلى حوالى 55 ضعفا خلال الفترة من 1390هـ إلى 1415 ـ 1416هـ .

التعليم هدف رئيسي
د. عويس: أود أن أركز هنا على عملية التعليم والتعليم تاريخيا من عوامل نهضة الأمم ، وفي التجربة السعودية ظل التعليم هدفا رئيسا من الأهداف التي سعى الملك عبد العزيز وأبناؤه من بعده على تحقيقها لأبناء المملكة وتعميمه مجانا لأهل هذه البلاد، و قد أدرك قادة المملكة منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز حتى الوقت الحاضر أن تعليـم أبناء المملكة و بناتها هو الثروة الحقيقية والدعامة الأساسية لبناء دولة قوية مسلمة عصرية . و يقوم التعليم في المملكة على العديد من الأسس العامة ومن ابرزها ما يلي:
توكيد التوجه الإسلامي الصحيح للتعليم ،وإبراز القيم الإسلامية ، توكيد التعليم على الإيمان بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا ونبيا، التطور الإسلامي للكون والإنسان والحياة وأن الكون كله خاضع لمشيئة الله تعالى، الحياة الدنيا مرحلة إنتاج و عمل يستثمر فيها المسلم طاقاته عن إيمان وهدى للحياة الأبدية الخالدة في الدار الآخرة ، الرسالة المحمدية هي المنهاج الأقوم للحياة الفاضلة ، العمل بالقيم العليا التي جاء بها الإسلام لقيـام حضارة إنسانية راشدة ، الإيمان بالكرامة الإنسانية التي قررها القـران الكريم. تهيئـة الفرص أمـام الطالب و الطالبة للإسهام في تنمية و تطور المجتمع الذي يعيش فيـه . والإفادة من التنمية التي شارك فيها ، تقرير حق الفتاة في التعليم بما يلائم فطرتها ويعدها لمهمتها في الحياة على أن يتم ذلك بحشمة ووقار .
كما تتضمن سياسة التعليم أسساً مهمة أخرى تتلخص في تنمية روح الولاء لشريعة الإسلام _ النصيحة لكتاب الله وسنة رسوله بصيانتهما ورعاية حفظهما وتعهد علومهما و العمل بما جاء فيهما ، تربية المواطن المؤمن ليكون لبنة صالحة في بناء أمته و يشعر بمسئوليته لخدمة بلاده و الدفاع عنها.

الصحراء تحولت جنة خضراء
الشافعي: هناك أمثلة كثيرة للتطور ولكن اللافت للنظر تجربة الزراعة في المملكة ، فقد استطاعت الدولة بتخطيطها السليم و استقرائها الناضج لمتطلبات العصر الحديث وبدعمها السخي لهذا القطاع ، وبما يشبه المعجزة تحويل الصحارى القاحلة المقفرة في قلب جزيرة العرب إلى جنة وارفة الظلال وفيرة الغلال و في زمن قياسي لا يتجاوز ربع القرن .
ومن الأمثلة الظاهرة على درجة التطور في المملكة ، الرعاية الصحية ، وقد تطورت الخدمات و التجهيزات الصحية بالمملكة ، وظهرت بشكل متميز في منطقة الشرق الأوسط كما أن هذه الخدمات أصبحت تضاهى مثيلاتها في الدول المتقدمة ، وقد حظي القطاع الصحي برعاية الدولة واهتمامها فنالت الخدمات الصحية ما ناله غيرها من المرافق في المملكة من تطور وازدهار ، وتهتم الدولة حاليا بربط مستشفيات المملكة بالمستشفيات و المراكز الصحية العالمية بشبكة خاصة مـن الاتصالات التي يستطيع بواسطتها الأطباء السعوديون والباحثون متابعة أعقـد وأدق العمليات والتعرف على أحدث التقنيات الطبية ، وقد حققت مستشفيات المملكة خاصة مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض والمستشفى العسكري ومستشفى الملك فهد تطوراً مذهلا في هذا المجال، حيث أجريت بها وعلى أيدي أطباء سعوديين العديد من العمليات التي تكللت بالنجاح مثل عمليات القلب المفتوح و زراعة الكبد و غيرها من العمليات المعقدة .
وهناك مجالات كثيرة أخرى تعكس التطور الذي حدث لعل أهمها ، الرعاية الاجتماعية و رعاية ذوى الظروف الخاصة من أبناء المجتمع السعودي كالعجزة والمسنين والأيتام والمعاقين والأحداث، والأمن حيث أولت المملكة هذه المسألة جل اهتمامها ممثلة في وزارة الداخلية التي تضطلع بالدور الأساسي والرئيسي في حفظ الأمن والعمل على تعميمه والمحافظة على راحة وطمأنينة المواطنين و المقيمين ، وكذلك التقدم الحاصل في مجال الاتصالات والنقل وتحلية المياه المالحة ، والرياضة حيث شارك المنتخب السعودي أربع مرات لكأس العالم.

نهضة متفردة
عكاظ: كيف ترون مستقبل المملكة؟
د. جعفر :إن عظمة الأمم تقاس بمدى ما حققته من إنجازات ملموسة على أرض الواقع و ليس بالشعارات و أدبيات التنظير المختلفة ، و تعد المملكة العربية السعودية بحق متفردة في هذا الشأن بين نظيراتها من الدول الحديثة . فقد قيض الله سبحانه و تعالى لها قادة مخلصين من أبنائها منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز الذين تم على أيـديهم ما نلمسه ونعيشه وننعم به من استقرار و رخاء و أمان و نهضة تنموية شاملة في مناحي حياتنا الاقتصادية والاجتماعية والفكرية. وفي رأيي أن هذه النهضة ستستمر بإذن الله بفضل إخلاص الشعب السعودي والتفافه حول قيادته الرشيدة .

قلب النظام العربي
د. عويس: دلنا تاريخ المملكة أنها كانت دوما إحدى الدول التي تمثل قلب النظام العربي، وهي ستظل كذلك مع شقيقاتها الكبرى في المنطقة من أجل مصالح الدول العربية والإسلامية.
الشافعي: لقد قادت المملكة مبادرات الإصلاح الداخلي والخارجي على الأصعدة السياسية والاقتصادية وعلى صعيد الجامعة العربية والعمل العربي المشترك وأعتقد استمرار هذه السياسة بما يعود بالنفع على الداخل والخارج ، وفي رأيي ستستمر سياسة تنويع الشراكات مع مختلف دول العالم والتي تكثفت مع جولات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وولي عهده الأمين شرقا وغربا.

المشاركون في الندوة:
الدكتور عبدالحليم عويس أستاذ التاريخ بعدد من الجامعات والمفكر الإسلامي المعروف
الدكتور جعفر عبد السلام أمين عام رابطة الجامعات الإسلامية وأستاذ القانون الدولى بجامعة الأزهر
الأستاذ عبدالعاطي الشافعي رئيس جمعية الصداقة المصرية السعودية