قبعات زرقاء في منطقة حمراء

فهيم الحامد

مرة أخرى نحن أمام مهمة جديدة لبعثة المراقبين في بلد لايحتاج إلى رقابة لما يجري من أعمال قتل وتدمير وطغيان، ظاهرة للقاصي قبل الداني، ولكن الفرق هذه المرة أن بعثة المراقبين ليست عربية، بل هم من ذوي القبعات الزرقاء الأممية.
بين الدابي رئيس البعثة العربية لسورية، وأحمد حميشة رئيس البعثة الأممية، سقط الآلاف من السوريين برصاص قوات الأسد، وتطول المهل ليقتل هذا الشعب الأعزل. نعم ستطيل مهمة المراقبين أمد الأزمة إلى أجل غير مسمى؛ باعتبار أن بعثة المراقبين الدولية لا تملك التأثير، وليس لديها القرار لوقف القتل وعمليات الإبادة في سورية، وسترفع تقريرها إلى المبعوث الأممي كوفي عنان الذي سيعد بدوره تقريرا موسعا لعرضه على مجلس الأمن. وبين التقريرين يستمر النظام المتلسط في سورية في إراقة الدماء والبطش بالشعب المناضل.
ولسنا هنا بصدد الحديث عن مهمة المراقبين العرب التي أحاطها كثير من اللغط، ولانرغب في التشكيك في مهمة المراقبين الدولية، ولا نقول إنها ستنجح أم لا، إلا أن كل ما هو مهم فيها أنها هل ستوقف استمرار القصف، وارتكاب المجازر والقتل، وهل ستؤدي إلى وصفة مجدية ومفيدة لوقف إراقة الدماء. وثمة أمر آخر يجب التوقف عنده، وهو ما يتعلق بالصلاحيات الممنوحة للفريق التي تبدو غير واضحة، فضلا عن أن خارطة انتشارهم في سورية مبهمة، وهل يسمح لهم بلقاء عناصر التنسيقيات، وأفراد الجيش الحر، والتنقل بحرية في جميع أنحاء سورية.. هذه الأسئلة وغيرها تضع العديد من علامات الاستفهام على مهمة البعثة. ورغم ذلك فإن العقيد أحمد حميشة رئيس الفريق الدولي متفائل. فضلا عن أن الوضع الإنساني السوري أصبح كارثيا، والشعب لا ينتظر نتائج إيجابية من هذا الفريق، لأنه سيعطى مهلة مجانية لشبيحة الأسد للقيام بمزيد من الجرائم والقتل والتدمير.
وأعتقد أن عدم معارضة روسيا أو الصين على القرار الأممي بشأن إرسال فريق المراقبين يعود إلى أنهما يعلمان جيدا أنه لاجدوى من نتائج عمل الفريق الذي يشكل غطاء للنظام لاستمرار المراوغة والمماطلة والتعنت.
المعضلة في الأزمة السورية أن الجميع يرغب في الحل، والجميع يرغب أن يرحل النظام. ولكن كل على طريقته. وأمام هذه المحاولات يستمر شلال ونزيف الدم السوري.. هذا النزيف الذي لم يستطع أحد إيقافه منذ 13 شهرا.