حواء .. أيقونة الزمن الجميل

منى أبو زيد (الخرطوم)

حواء الطقطاقة .. أو حواء جاه الرسول .. أيقونة تاريخية .. قاومت الاستعمار وسجنت وضربت ..
تقول «اعتقلني المستعمرون وكسروا سني بعد أن ضربوني وتركوا على جسدي علامات اعتبرها مفخرة ..!»
تظاهرت حواء ضد الاستعمار .. وتمردت على الإنجليز .. سجنت .. نفيت .. فقدت أسنانها .. رميت بالرصاص .. لكنها رغم ذلك شهدت الجلاء .. وارتدت يوم الاستقلال ثوبا بألوان العلم .. ثم بقيت فينا تلك الغناية الفارسة التي تسرد حكايات الوطن ..!
ولا غرو، فالإنسانية انتماء لا يعرف الطبقية الاجتماعية، والوطنية لواعج وأفعال لا تعترف بالمفاضلة الفكرية، والبطولات هي جلال الأفعال لا نخبوية الفاعلين .. ليس هنالك مناضل مثقف ومناضل تافه، ولا يوجد فعل وطني كبير وفعل وطني صغير .. بل يوجد «شخص وطني» يستطيع بإخلاصه أن يجعل كل الأفعال كبيرة ..!
رفضت الطقطاقة ـ كما ظلت تردد لوسائل الإعلام ـ كافة العروض لمعالجة أسنانها التي اقتلعت نتيجة لاعتداء الحاكم العام الإنجليزي عليها «بالبونية» وفقدت 8 منها. تلك العروض التي ظلت تلاحقها من الزعيم الأزهري إلى الرئيس البشير. أرادتها أن تكون شاهد إثبات لما حدث.
وحتى اليوم وبالرغم من مرور (55) عاما على الاستقلال إلا أن حواء جاه الرسول التي اشتهرت بين المواطنين بـ(حواء الطقطاقة) أصبحت جزءا أصيلا من أيقونات ذلك اليوم التاريخي وتفاصيله، ما زالت تشارك بنشاط جم في احتفالات عيد الاستقلال لم يقعدها تقدم السن أبدا، وتتوشح ثوبا بألوان علم الاستقلال الثلاثة مع احتفاظها بأول ثوب ارتدته حتى قبل أن يرفرف العلم على سارية القصر الجمهوري معلنا استقلال السودان.
إن «الطقطاقة» في موقفها الوجودي لا تقل عن أية مثقفة تحمل هما فكريا، أو أية مناضلة تملك رؤية سياسية، وهي ـ لأجل ذلك كله ـ تستحق احتفاء، وتوثيقا إعلاميا جادا، يحترم «وحدة موضوع» تاريخها الفني والسياسي ..!