التميز الأمني.. والمرور في مكة

عبدالله عمر خياط

.. تواجه شوارع مكة المكرمة هذه الأيام والليالي ضغطاً شديداً في المرور بسبب العمرة وحركة التسوق التي تعودناها في كل عام عند حلول شهر رمضان.
وإذا كانت الأمانة مسؤولة بنسبة 50% عما يواجهه الناس من تزاحم بسبب ضيق الشوارع وكثرة الحفريات في الطريق إلى الحرم وحوله، فإن المرور والدوريات عليهم مسؤوليةأيضاً وبنسبة 50%.
وفي الأسبوع الماضي حضرت وأخي الأستاذ الكبير محمد صلاح الدين المحاضرة التي نظمتها قيادة الدوريات الأمنية في العاصمة المقدسة تحت عنوان «التميز الأمني في عمل الشرطي» وكان المتحدث فيها الدكتور منصور العور رئيس مجلس إدارة جمعية الشرق الأوسط للجودة ومدير الحكومة الإلكترونية بدبي وقد افتتح الندوة مدير الإدارة العامة للدوريات اللواء محمد بن صالح الشهري الذي أوضح أهمية هذا اللقاء لرفع الكفاءة في أداء المهام المنوطة بالدوريات الأمنية لخدمة المواطن في كل شبر من أرجاء المملكة وأشار إلى أن الدوريات تسعى إلى تطبيق نظام الجودة الشاملة على الدوام، مثمناً حصول الدوريات على شهادة الأيزو للجودة وقال بأن ذلك دليل على التطور المستمر لرفع كفاءة الدوريات الأمنية ومن جهته تناول د. العور خلال محاضرته جملة من المحاور بالغة الأهمية حيث استعرض بعض الجوانب داعياً إلى تبني سياسة القيادة بالمشاركة والعمل على تطوير الأداء وتفعيل الأنظمة وتطبيق التميز، ثم سرد نماذج لذلك من واقع التجارب في دبي والتي سبق وأن كتب عنها بهذه الصحيفة الدكتور وليد فتيحي فيما كتب تحت عنوان (القيادة العامة لشرطة مدينة دبي).
المقدم سعد بن أحمد الغامدي قائد الدوريات الأمنية بالعاصمة المقدسة الذي أشرف على تنظيم اللقاء أكد بأن برامج المجلس السعودي للجودة استهدفت تطوير أداء ومفاهيم رجال الأمن وصقل مهاراتهم.
وهنا أعود لما بدأت به بشأن الزحام الحاصل في مكة المكرمة وأستعيد ما سبق أن كتبه معالي الدكتور غازي القصيبي في جريدة (اليوم) بتاريخ 5/3/1427هـ عن مشكلة المواصلات ومعضلتها وكيف تم حلها في سنغافورة حيث يقول:
من الأمثلة على حل رائع متفتق عن ذهنية تنموية ما قامت به سنغافورة لمعالجة أزمة المواصلات، بدلاً من المسكنات والإجراءات الرمزية التي تلجأ إليها دول العالم الثالث عند مواجهة مشكلة كهذه، وضعت سنغافورة حلاً حاسماً متعدد الوجوه، حول قلب المدينة بأكمله إلى موقف للسيارات يدفع فيه كل من يوقف سيارته رسوماً متصاعدة، أقيمت شبكات نقل عام تعتمد أساساً على الحافلات وحسنت إجراءات المرور وتنظيماته، جنباً إلى جنب مع هذه الإجراءات، ثم التحكم عن طريق الضرائب في عدد السيارات وطرق استخدامها، كما اعتمدت سياسة بعيدة المدى لتوفير فرص العمل بالقرب من المجمعات السكنية الجديدة، وبعيداً عن العاصمة، كانت المحصلة النهائية لكل هذه القرارات انفراج الأزمة وتدفق المرور وسهولة الحركة وانخفاض مستويات التلوث».
والحل الذي وضعته سنغافورة -كما روى الدكتور القصيبي- وجدت مثله في بعض المدن الألمانية.. وفي بعض مدن الولايات المتحدة الأمريكية، لكن أين هي المواصلات العامة التي يمكن للمواطن أن يستخدمها إن أخذنا بذلك التنظيم؟
إدارة المرور في مكة المكرمة من بضعة أعوام اعتمدت مواقف لسيارات المعتمرين خارج منطقة الحرم.. لكن المشكلة في المواصلات العامة التي لم تنتظم إلى جانب عدم توفر أي من مرافق الخدمة العامة بالمواقف.. فلا طعام ولا شراب، ولا حتى مصلح بنشر بخلاف المواقف التي تحدث عنها الدكتور القصيبي وشاهدت مثيلاً لها في ألمانيا وأمريكا حيث يتوفر بها ما يطلبه الإنسان بما في ذلك المطاعم وملاهي الأطفال.. فهل إلى بعض ذلك من سبيل؟