جريمة السبعين

هدى أبلان

عمل بشع وخارج القيم الدينية والوطنية والإنسانية ذلك الذي حدث للعسكريين والمدنيين في ميدان العروض في السبعين، وهم يتهيأون لإقامة كرنفالات الاحتفال باليوم الوطني الثاني والعشرين من مايو، يتملكهم إحساس بأنهم خارج المعارك بمختلف مسمياتها ومبرراتها، وأنهم في لحظة فرح مؤقتة، فإذا بأيادي الغدر تنال من حياتهم بصورة هي الوحشية بذاتها في واحدة من تجلياتها الدائمة في هذا البلد، مثل هذه المجزرة التي نالت من كل تلك الأرواح وأزهقتها في فعل جنوني تحيلنا إلى أسئلة الموت وإشكالياته في اليمن، وتدعونا إلى معرفة كل الأيدي الآثمة التي تخترق الجمال والبراءة والطمأنينة، وتزيد من عنف الحياة وعبثها وفوضويتها ولا أخلاقياتها في هذا البلد التائق للسلام والمحبة والتسامح .
إن هذه الجريمة ينبغي أن لا تمر خفيفة على السياسيين والحزبيين والعسكريين والتربويين والمفكرين وغيرهم، لأنها تفتح بابا جدليا دائم التغاضي عنه، يتصل بثقافة العنف ومسبباتها، وما يحدث لعقول الشباب من تعبئة خاطئة باسم الدين تارة، وباسم المذهبية والجهوية ورفض الآخر تارة أخرى، وانعكاس الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة على كل ذلك.
ومثل هذه الجريمة أيضا ــ التي تبنتها القاعدة ــ تحيلنا إلى الدهشة من مستوى الانفلات الأمني الذي تتسبب فيه الانقسامات العسكرية القائمة، وقدرة العنف على اختراق أماكن يفترض أنها أكثر تحصنا وأمنا على الأقل في أبجديات العمل الأمني والعسكري مما يعني أن القصة ليست مختزلة في العنف والإرهاب فقط وإنما في وجود تواطؤ من أطراف مختلفة على جعل أرواح الأبرياء سهلة المنال من خلال إضعاف المؤسسة العسكرية والأمنية وجعلها رهن نزوات مختلف القائمين عليها من جميع الأطراف .
وحدها التحقيقات الجادة والشفافة من ستضعنا على عتبات الطمأنينة والأمل.
• كاتبة يمنية