الوظائف الخضراء

سيد فتحي أحمد الخولي

بالرغم من البطالة التي تعاني منها معظم دول العالم تزخر مواقع الشركات الكبيرة بطلبات لشغل وظائف شاغرة، إلا أن معظمها يتطلب مهارات جديدة تتوافق مع تزايد الاهتمام بتحفيز الدول للتحول إلى الاقتصاد الأخضر. ويشكل النقص في المهارات الخضراء عائقا رئيسيا أمام التحول إلى الاقتصاد الأخضر، وهو اتجاه يستوجب سد النقص في المهارات للوظائف الخضراء، وخاصة من العلماء والمهندسين والمهن الجديدة صديقة للبيئة، ويتطلب ذلك إعادة هيكلة التوظيف وتشكيل آلية مهمة لإعادة تدريب الباحثين عن عمل ومساعدة الشركات في إعادة تشكيل الاحتياجات من المهارات المهنية كما ونوعا. وسببت التغيرات في أسواق العمل، إعادة النظر في الاحتياجات المستجدة من المهارات وخلق فرص العمل الملائمة لها، خاصة خلال محاولات التعافي من الأزمة الاقتصادية الحالية.
وفي عام 2008، أطلقت منظمة العمل الدولية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب)، والبنك الدولي بجانب مجموعة من المنظمات الدولية مبادرة الوظائف الخضراء لمساعدة الحكومات والمؤسسات على مواءمة الاقتصاد الاخضر مع أهداف وسياسات التوظيف وتنمية المهارات. ويؤثر تحول الطلب إلى منتجات صديقة للبيئة على أساليب مؤسسات الإنتاج وتشجعهم على تبني التقنيات الجديدة والخضراء أو طرق جديدة أكثر كفاءة للإنتاج الأخضر مثل الزراعة العضوية وتحسين كفاءة الطاقة في المباني وتقنيات لتخزين الكربون واستخدام الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء والمواصلات الصديقة للبيئة لتشجيع أنماط استهلاكية، وتحفيز التغيرات في الطلب على خدمات ومنتجات صديقة للبيئة. ولهذا سيؤثر التحول الى الاقتصاد الأخضر على الاحتياجات من المهارات من خلال ثلاثة محاور:
•أولها تغير الأنشطة في الاقتصاد مثل التحول إلى مراكز إنتاج أكثر كفاءة وأقل تلويثا للبيئة وتأثير هذا التحول على مستوى الصناعة ، وبالتالي في نوع ومستوى المهارات الكامنة في العمالة.
•ثانيا التغيرات الهيكلية في الطلب على السلع والخدمات لتكون أكثر صداقة مع البيئة وكذلك المواد الخام أو الطاقة المستخدمة في الإنتاج والتراجع النسبي في إنتاج واستخدام الوقود الأحفوري والتحول إلى مصادر الطاقة البديلة والمتجددة، مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، وإدخال أنظمة جديدة وتطوير التكنولوجيات والممارسات التي تؤدي إلى ظهور بعض المهن الجديدة. وتتطلب التدريب الحديث لتمكين العمال والشركات مواءمة قدراتهم بالمهارات الجديدة.
• وثالثا تعديل سبل وتقنيات الإنتاج ونظم الإدارة في الصناعات القائمة واستحداث مجموعة واسعة من فرص العمل في التصميم الهندسي المستجد او القدرات الزراعية للتكيف مع ظروف الجفاف والتعرف على كيفية زراعة محاصيل جديدة أوطرق جديدة لإنتاج المحاصيل الزراعية ذاتها.
ولهذا فإن من المتوقع أن يؤدي التحول الى الاقتصاد الأخضر إلى تغيير ملامح هيكل الصناعات خلال السنوات المقبلة نتيجة زيادة الطلب على أنواع محددة من المهارات، وبالتالي إعادة تشكيل بعض الوظائف والأعمال التي يتوقع أن تكون في قائمة أهم الأعمال التي ستكون متاحة أكثر من غيرها في سوق العمل. ويعتمد حجم ومدى هذه التغيرات على حجم و سرعة التحول إلى الممارسات الخضراء، ومدى الاستعداد لإعداد مهن جديدة، أو لتحقيق النمو في الطلب على بعض المهن على حساب الأخرى، بالإضافة إلى بذل جهود كبيرة لتنقيح المناهج التعليمية القائمة، ومعايير التأهيل وبرامج التدريب على جميع المستويات من التعليم والتدريب. وعلى الرغم من عدم كفاية المعلومات والبيانات لاستقراء أهم الوظائف الخضراء التي ستكون متاحة أكثر من غيرها في المستقبل، يمكن اشتقاق بعض المعلومات من خلال حساب معدل المعرفة وهو نسبة العاملين في مهن مرتبطة بالاقتصاد الأخضر إلى مجموع العاملين.