المملكة والمسؤولية التاريخية

فهيم الحامد

حدثان مهمان أعلن عنهما في المملكة مؤخرا. الأول: دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز إلى عقد قمة التضامن الإسلامي الاستثنائية في مكة يومي 26 و27 رمضان والتي من المؤكد أنها ستكون الحدث الأكثر بروزا وأهمية ومتابعة في المنطقة والعالم الإسلامي. ولن نبالغ إذا قلنا في العالم أيضا. لعدة أسباب كون القمة تنعقد استشعارا لما تتعرض له الأمة الإسلامية خوفا من مخاطر التجزئة والفتنة التي أطلت برأسها، وأصبحت تستهدف الهوية الإسلامية، ومحاولات بعض الدول بث الفرقة والشقاق لتحقيق أغراضها المشبوهة. فضلا عن أهمية وضع خارطة طريق إسلامية تنفيذية شاملة وواضحة المعالم لمعالجة المعوقات التي تحول دون تحقيق طموحات الأمة، وترسيخ مفاهيم ومبادئ التسامح ولم الشمل، وإيجاد حلول عملية للقضايا المزمنة. خاصة القضية الفلسطينية، التي دخلت غياهب الجب بسبب التطورات التي تشهدها المنطقة، وأصبحت تعرف بالربيع العربي. بالإضافة لمناقشة مأساة الشعب السوري الذي يواجه تطهيرا وقتلا منظما من نظام استبدادي؛ حيث فرضت هذه الأزمة نفسها على خارطة العالم، وأصبحت قضيته الأكثر مأساوية على مستوى الأمة.
إن قمة مكة الاستثنائية لم تعد مطلبا، بل ضرورة للنظر في حال الأمة الإسلامية لمناقشة الرؤى والأفكار بصراحة، واقتراح أفضل الحلول للتحديات التي تواجه الأمة التي تمر في مرحلة دقيقة للغاية، وتتطلب التصدي بقوة لمحاولات التجزئة، وبث الفتنة في جسد الأمة التي تعيش حالة عدم استقرار. و هي بحاجة ماسة لمعالجة هادئة لهمومها في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، وتشخيص واقعها بشفافية، ووضع الحلول العملية لبناء مستقبلها والخروج من الأزمات المتعددة في أكثر من منطقة، وأكثر من بلد عربي وإسلامي.
وليس هناك شك أن قمة مكة ستكون فرصة تاريخية لمعالجة حقيقية، وبلورة سياسة إسلامية لمواجهة التحديات الخارجية.
أما الحدث الثاني: فهو دعوة خادم الحرمين الشريفين لحملة وطنية لجمع التبرعات لنصرة الشعب السوري انسجاما مع موقف المملكة الثابت مما يحدث في سورية والمحنة الكبيرة التي يعيشها الشعب على أيدي النظام الذي تحدى كل الأعراف والقيم، وأوغل في سفك الدماء. إن المملكة لم ولن تتنازل عن مسؤولياتها الإسلامية وستعمل كل مافي وسعها لتعزيز التضامن الإسلامي، ودعم الشعبين الفلسطيني والسوري وتحقيق تطلعات الأمة.