كَفَـى عُنفـا وتجـبُّرا

رشيد بن حويل البيضاني

لم تكن بلادي يوما ما غافلة عما يحدث في أرجاء الوطن العربي، لم تعِش أبدا في معزل عما يدور حولها، ولم تتجاهل ــ على الإطلاق ــ هموم الأشقاء في كل أقطار العالم العربي، ومن هنا يأتي اهتمام الوطن: قيادة وحكومة وشعبا، بما يجري من أحداث أليمة في سوريا الشقيقة، على مدى سبعة عشر شهرا، إذ لم تدخِر وسعا أو جهدا لرأب ما في هذا القطر الشقيق من تصدعات، ولتخفيف معاناة الأشقاء السوريين. وفي إطار هذا الاهتمام، تحدث مندوب السعودية عبد الله المعلمي رئيس المجموعة العربية في الأمم المتحدة عن مشروع قرار جديد حول الأزمة السورية، الذي قدم إلى الجمعية العامة خلال الأيام الماضية للتصويت عليه بعد أن فشل مجلس الأمن في وضع حد لعربدة النظام السوري. ولعل أبرز ملامحه مواجهة تهديد النظام السوري باستخدام أسلحته الكيماوية، كما سيتم ــ وفق مشروع قرار دعوة الدول الأعضاء في المنظمة الدولية إلى تطبيق العقوبات الدولية التي فرضتها الجامعة العربية على نظام الأسد، وقد طالب مشروع القرار بتأمين وصول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى المناطق التي أضِيرت جراء القصف الهمجي الشرس لمناطق عديدة في سوريا. إن الموقف الخليجي بعامة، والسعودي على وجه الخصوص، يتمسك برفضه التام لما تمارسه الأجهزة السورية من عمليات عنف قد تصل إلى حد جرائم الإبادة التي يحاسب عليها القانون الدولي، كما يدعو للدخول في إطار عملية سياسية ومرحلة انتقالية من أجل إقرار إصلاحات حقيقية ملموسة، وإقناع الرئيس السوري بالتخلي عن الحكم وتشكيل حكومة قادرة على قيادة البلاد في تلك المرحلة الحرجة. ولم تقف الدبلوماسية السعودية عند هذا الحد، فقد وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز دعوة إلى عقد قمة إسلامية طارئة بمكة المكرمة في الرابع عشر من شهر أغسطس في محاولة جادة لاتخاذ مواقف حاسمة تجاه تردي الأوضاع في سوريا. إن مواقف المملكة تجاه الأزمة السورية بشكل عام لتتفق مع نداء مجلس وزراء الخارجية العرب الذي انعقد مؤخرا في الدوحة، وطالب فيه بشار الأسد بالتنحي عن السلطة، واستعداد الجامعة العربية لتوفير الخروج الآمن له ولعائلته، ودعوة المعارضة السورية والجيش الحر لتشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية تتمتع بجميع الصلاحيات. إن قمة مكة المكرمة المزمع عقدها لمعالجة الشأن السوري، من شأنها أن تضع حدا لهذا الدور المشبوه الذي تلعبه كل من إيران وروسيا والصين تجاه القضية، ذلك الدور الذي أسهم بشكل كبير في تمادي النظام السوري في غيه وإجرامه. أرواح الأشقاء في سوريا محل الاهتمام من قبل القيادة السعودية، والمتابع للأزمة السورية منذ بدايتها يلحظ بوضوح مدى معايشة المملكة ــ قيادة وشعبا ــ لما يحدث في الدول الشقيقة، فبلادنا ــ ومنذ تأسيسها على يدي الملك عبد العزيز رحمه الله ــ لم يكن لها مطامع في أي دولة، ولم يكن لها أي دور في أية أزمة داخل دول الأشقاء، بل كانت دائما ساعية إلى حل الأزمات، ودعم إرادة الشعوب، وطرح الحلول الملائمة لما يقع من مشكلات. هذا قدرنا، ونحن راضون بهذا القدر، مهما حاول المرجفون والحاقدون من طمس الدور السعودي، أو إثارة الشبهات حوله، أو التشكيك في نوايانا، فالتاريخ يشهد لنا، والله تعالى يشهد علينا .. تحية واجبة لخادم الحرمين الشريفين، الذي تترجم قراراته وتوجيهاته ما يعتلج في صدور المواطنين السعوديين، وما يراودهم من أحلام وأمنيات، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
dr.rasheed17@gmail.com

للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة