بلى .. بعضنا يصدر الأفكار

حمود أبو طالب

أتفق مع أخي الدكتور هاشم عبده هاشم في قوله: «علينا أن نتوقف عند هذه الاتهامات الجديدة والخطيرة لبلدنا.. وهي اتهامات تعودنا عليها كثيرا.. وألفنا الاستماع إليها في أكثر من بلد عربي» عندما وردت هذه العبارة في مقاله ليوم الجمعة الماضي 6 شوال بعنوان (نحن لا نصدر الأفكار) تعليقا على ما نسب للقيادي في حزب النهضة التونسي السيد عبد الفتاح مورو بأنه «حذر من فتنة بسبب قيام دعاة سعوديين بتنظيم دورات لنشر الفكر الوهابي في تونس مقابل مبالغ مالية تدفع للشباب الذين يقومون بهذا النشاط»، وكذلك ما نسب إلى وزارة الثقافة التونسية من أنها حذرت المجتمع التونسي من احتقان مذهبي بعد أن شهدت تونس سلسلة من اعتداءات السلفيين على المهرجانات.. أقول إنني أتفق مع الدكتور هاشم على ضرورة التوقف عند هذه الاتهامات الخطيرة المتكررة، فإن صح ما قيل في تونس فإنه سبق قوله في أكثر من دولة عربية وغير عربية، قبل الأوضاع التي استجدت في عام 2011 وبعدها، أي أنها تهمة قديمة وليس خافيا أن كثيرا من المؤسسات الثقافية والكتاب والمفكرين كانوا وما زالوا يرددونها. حدث ذلك في مصر وحدث في اليمن وحدث في دول المغرب العربي وغيرها. وفي هذا الصدد فإن المشكلة ـ حتى مع المبالغات والتضخيم الذي يعتورها، وسوء القصد من إثارتها ـ لم تكن بحال من الأحوال سياسة دولة أو نهج حكومة أو توجها ضمن التوجهات الرسمية، كما نعرف جميعا، لأن المملكة تؤكد دائما على عدم التدخل في شؤون الغير أو التأثير على المكونات الدينية والفكرية في أي دولة ومجتمع. هذه الحقيقة لا تحتاج إلى استفاضة في الشرح. ولكن لا يجب أن ندفن رؤوسنا في الرمال ونتجاهل أو نغفل أن بعضا من المحسوبين على مجال الدعوة في بلادنا كانت لهم مبادرات شخصية لا تمثل الدولة ولا عامة المجتمع تمثلت في إقحام أنفسهم على مجتمعات أخرى ومحاولة نشر قناعاتهم وتوجهاتهم التي تتعارض مع السائد في تلك المجتمعات، أو لخدمة تيار مقابل تيارات أخرى رغم أن اللعبة سياسية بالدرجة الأولى ولا علاقة لها بدعوة أو نشر عقيدة. هذه المبادرات الشخصية غير المقننة وغير المنضبطة هي ما جعلت الآخرين يشعرون بقدر كبير من السهولة في توجيه الاتهام للمملكة بصفتها الرسمية حتى مع معرفتهم بأن ذلك يجافي الحقيقة ..
وما كنت لأعقب على مقال الدكتور هاشم لولا خبر نشرته صحيفة مصدر الإلكترونية يوم الجمعة يتضمن تأكيد داعية سعودي منتسب لوزارة الشؤون الإسلامية أنه يذهب مع دعاة آخرين بشكل دائم ومتواصل إلى تونس لتنفيذ برامج دعوية بين التونسيين. أي أنه في هذا الوقت الذي يبلغ أشده في الحساسية ورغم الظروف المعقدة التي يشهدها المجتمع التونسي وغيره فإن بعض الدعاة لا يجد غضاضة في إقحام نفسه والتسبب في مشاكل لوطنه ومجتمعه.. ولذلك أصبح من الضروري جدا النظر إلى هذه القضية بشكل جاد والتعامل معها بحسب ما تتطلبه تداعياتها وتبعاتها الخطيرة.

للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة


habutalib@hotmail.com