رفض العنف ووأد الفتنة وتكريس التسامح

الرؤية السياسية

إعداد: محمود عيتاني(بيروت)تحليل رامي الريس

نددت المملكة بالفيلم المسيء للإسلام الذي أثار موجة احتجاجات في العديد من الدول العربية والإسلامية. مؤكدة في الوقت نفسه إدانتها لردود الفعل العنيفة ضد المصالح الأمريكية. موقف معبر عن حقيقة المجتمعات الإسلامية، وجوهر الإسلام الرافض للتعرض إلى رموزه وقيمه والرافض للعنف في التعبير عن المواقف وفي نفس الوقت التأكيد على دعم المملكة لسياسة الاعتدال والوسطية.


لقد عبرت المملكة باسم كل العرب والمسلمين، وبشكل واضح لا لبس فيه تجاه الفيلم المسيء للإسلام، وردود الفعل العنيفة التي تلته فالمؤامرة واحدة من حيث التوقيت والفعل، وهي موجهة ضد الإسلام ودوله وشعوبه فمن أنتج الفيلم كان يستهدف التداعيات التي تلته. هي محاولة استجرار أزمة ما بين العالم الغربي وتحديدا الأمريكي من جهة، وما بين العرب والمسلمين من جهة أخرى.
فموقف المملكة الذي صدر عقلاني إذ يعكس المكانة التي تتمتع بها المملكة والحكمة التي تعبر فيها تجاه القضايا الحساسة. كما يعكس حرص المملكة على عدم جر الأمور نحو ما قد يؤدي إلى الفتنة المرفوضة والتي قد تجر المنطقة بأكملها إلى مصير مجهول لا يعرف أحد متى ينتهي وماذا يخلف وراءه.
المطلوب التنبه لما قد يحاك في بعض المواقف المتصرفة، والتأكيد على الحوار والانفتاح لأن التيارات المتطرفة حتى ولو انطلقت من خلفيات متناقضة لكنها تضرب الاعتدال، وتضرب التنوع والتعددية، وكذلك الانفتاح فالمطلوب هو التنبه مع الوقت لما قد يحاك في هذا الموضوع تجاه الذين يؤيدون نظرية المؤامرة التي استخدمت لسنوات طويلة وعقود طويلة في العالم العربي لكن لا يمكن تنزيه إسرائيل عن هذا الموضوع التي تريد إدخال المنطقة في فتنة إسلامية ــ مسيحية. فالمصالح الإسرائيلية واضحة في الأشخاص الذين يقفون خلف إنتاج الفيلم، وفي طريقة ترويجه وتسويقه وكل ذلك يهدف إلى ضرب مسيرة الربيع العربي. الفيلم المسيء للإسلام مدان ومرفوض، وأي تعرض للأديان أو للرموز الدينية مدان وهي مسألة مرفوضة بكل المقاييس كما ردود الأفعال الهمجية التي تلت هذا الموضوع مدانة أيضا. وهي لا تمثل الإسلام في شيء لا، بل تسيء إلى صورة الإسلام. فالفيلم يتعرض لحرية الإديان والرموز الدينية وردود الأفعال العنيفة لا تعيد الاعتبار للرموز التي أسيئ لها لا، بل تزيد الإساءة إساءة أخرى.
على العالم أن يعمل سويا على إنشاء شبكة أمان بوجه هذه الفتنة التي تطل برأسها بين الحين و الآخر لإشعال الحرائق في العالم، وبث روح التفرقة من أجل مشاريع مشبوهة، وغايات سيئة. شبكة أمان قانونية وفكرية بحيث تميز القوانين بين حرية الرأي، وبين جريمة الرأي. وفكرية تقوم على وعي المجتمعات بعدم الانجرار وراء الفتن.
كما أن إدانة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون جاءت بمثابة تعزيز الموقف الدولي الرافض لمثل هذه الممارسات التي تمس الأديان ومصالح الدول .