مهنة الطوافة والأثر الجميل

في حياتنا اليومية العديد من المهن والوظائف، التي يعتمد في أدائها ونجاحها وتحقيق أهدافها على أعراف وتقاليد ومبادئ أخلاقية وإنسانية بعد العلم والتخصص -طبعا- أكثر من اعتمادها على النظم والتعليمات والأساليب الإدارية، مثال ذلك مهنة الطب التي تعتمد على حالة المرضى والإجراءات الطبية اللازمة لهم بعيدا عن دائرة الوقت والدوام، وكذلك مهنة القضاء المتعلقة بالدراسة والتحليل والتدبر في شؤون الناس وقضاياهم المتنوعة وتحديد مصيرهم بالأحكام المناسبة لكل قضية، وغير ذلك من المهن التي لا نستطيع مع ظروفها وحساسية وضعها، تحديد وتقنين أدائها بحصرها في وقت وفترة إنجاز معين.
وحال ذلك ينطبق -أيضا- على مهنة طوافة حجاج بيت الله الحرام، التي تعتمد في أساسها الأول على استقبالهم بتحية طيبة وابتسامة صادقة، وتسهيل سكنهم وإقامتهم وتقديم كل عون ومساعدة لهم لأداء فريضتهم، بروح سمحة ومعنويات عالية وأخلاق كريمة وزرع الانطباع الجميل في نفوسهم عن البلد التي قدموا إليها وأهلها، حتى وإن صادفوا بعض العناء في السفر وطول المسافة وإنهاء الإجراءات في مطارات المغادرة والقدوم, فكيف لهذه المهنة أن يحدد لأداء مهامها ومسؤولياتها فترة ودوام لإنجازها؟ ويوضع لها نظام تسجيل البصمة لتحديد وتثبيت وقت لحضور وانصراف التنفيذيين المباشرين (المطوفين) لهذه الخدمة، بقصد التطوير وتحسين الأداء من خلال ضبط الوقت؟ وذلك كما بدأت بتطبيقه فعلا مؤسسة طوافة مسؤولة بخدمات فئة معينة من الحجاج قادمين من خارج المملكة فهل لهذه المهنة وقت محدد تؤدى فيه؟ وهل يحتاج أبناء هذه المهنة لمثل هذا الإجراء لضبط التزامهم بمباشرة الخدمة وغالبيتهم يقومون بأدائها بقصد الأجر والمثوبة من المولى عز وجل، وعلى ما تربى ونشأ عليه في أسرته على حب لهذه المهنة التي شرفهم الله بها؟ .. وإن ارتأت هذه المؤسسة التنظيم بقصد الضبط والتطوير وتحسين أداء الخدمة، فهذا على ما يراه مختصو الإدارة ومحترفو أساليبها، يبدأ من المطوف وليس عليه، فتهيئة الجو النفسي وتحسين المستوى المادي وتقديم التميز المعنوي بتطبيق مبدأ الاحترام والتقدير لهؤلاء المطوفين من أهم وسائل تطوير الأداء وتحسين مستوى الخدمة، والحفاظ على هذه المهنة السامية، وترك الأثر الحقيقي الجميل للأجيال القادمة.


عادل محمد زواوي (جدة)