راحت عليك ..؟!
الأربعاء / 15 / ذو الحجة / 1433 هـ الأربعاء 31 أكتوبر 2012 19:48
علي بن سعد الزامل
يقول الرسام الياباني «منذ صغري كان ولعي شديدا برسم أشكال الأشياء وحين بلغت الخمسين من عمري كنت أصدرت عددا من الرسوم ولكن ما أنتجته قبل سن السبعين ليس جديرا بالاعتبار إنما ببلوغي الثالثة والسبعين كنت قد تعلمت الشيء القليل من التكوين الحقيقي للطبيعة والحيوانات والنباتات وتبعا لذلك فإن من المؤكد أنني بوصولي إلى سن الثمانين سأكون قد حققت المزيد من التقدم أما ببلوغي سن التسعين فسيكون بوسعي أن أنفذ إلى سر الأشياء فإذا قدر لي أن أصل إلى سن المئة فسأكون قد بلغت مرحلة من الإعجاز أما في سن العاشرة بعد المئة فإن كل ما سيخطه قلمي ولو كان مجرد نقطة صغيرة أو خط قصير لن يكون إلا إنجازا فريدا.. يخدم البشرية قاطبة».
استدعيت هذه الفقرة ليس لغرض تعزية ومواساة من بلغ بهم العمر عتيا أعلم أن هذه المقدمة فيها ما فيها من الغلواء والنرجسية المفرطة لكن يجب ألا نغفل أنها تحمل في طياتها العبر لعل أهمها التفاؤل واستلهام مزيد من الأمل في العطاء، فليس ثمة رابط أو قرينة بين السن والعطاء فالمرء طالما لم تضمحل مداركه وتذوي أحاسيسه فلا شيء يمنعه من أن يكون عضوا فاعلا بل أزعم أن المرء كلما تقدم به العمر كلما كان معطاء أكثر نظرا لتراكم خبراته وتعاظم حصيلته الثقافية والفكرية كل ما في الأمر (تضعضع) الجانب الحركي لديه من هنا يجب أن نعي جيدا ونحتوي هذه النقلة و(توظيفها) بشكل علمي وعملي فالفرد أي فرد تبدأ قواه الحركية بالتقهقر ما بعد سن الستين لكن هذا لا يعني ويجب ألا يعني أن قواه وميكانيزماته الفكرية والمعلوماتية تتماهى وتتسق وقواه الحركية بل كما أسلفت تكون في أشدها وعنفوانها..
جلية القول أن يدرك هو ومن في دائرته وإن شئت مجتمعه أهمية هذه النقلة أو (الترحيل) إن صحت التسمية وبمعنى من المعاني التعويل على الخزين الفكري والثقافي واستطرادا المعلوماتي.. إذ ما من فرد يصل لهذه السن دون أن يكون لديه مزيج من الخبرات بوسعه أن يستثمرها إن لجهة مجتمعه أو لناحية أفراد أسرته وهذا أقل القليل، المهم ألا يستشعر باليأس والدونية.. مناسبة هذا المقال على خلفية زيارة قمت بها لقريب تقاعد قريبا وأثناء الحديث معه عن تطلعاته وتخطيطه لما بعد هذه المرحلة ابتسم ابتسامة ملؤها اليأس والخيبة ثم أردف قائلا وبصوت كظيم متهدج: (راحت علي!) لم أمهله الاسترسال بالحديث بوصفه وقتئذ بائسا متشائما كما لو كان فقد كل نبض للحياة.. فقلت له أنت الذي حكمت على نفسك وقللت من قدراتك وإمكاناتك فلازال لديك الكثير ربما أغنى وأهم مما سلف لكن تلك المشاعر (الإيهامية) الموغلة بالتشاؤم تحبط التطلع وتجهض الهمم.. لا ريب أن الجانب (النفسي والاجتماعي) هما معولا تفعيل كوامن الفرد ومخزونه فكلما كانت على درجة من الصحة كلما كان الفرد معطاء مهما تقدم به العمر.. بقي القول إن مصطلح (راحت علي) وغيرها من مصطلحات مثبطة يجب ألا يكون لها مكان في حياتنا بالمجمل بوصفها تعمل وبشكل غير مباشر ولا إرادي ومن حيث لا ندري على تحييد القدرات وتقزيم الثقة.. وبمقتضاه يجب ألا (تأسرنا) وتكسر عزائمنا عندما نسمعها من سمج يتندر بفِيـهٍ فاغِر (راحت عليك!). بل العكس وهو المفترض يجب أن تحرضنا لمزيد من المثابرة والعزيمة الممزوجة بالتفاؤل والثقة بالنفس.
zamilonline@gmail.com
استدعيت هذه الفقرة ليس لغرض تعزية ومواساة من بلغ بهم العمر عتيا أعلم أن هذه المقدمة فيها ما فيها من الغلواء والنرجسية المفرطة لكن يجب ألا نغفل أنها تحمل في طياتها العبر لعل أهمها التفاؤل واستلهام مزيد من الأمل في العطاء، فليس ثمة رابط أو قرينة بين السن والعطاء فالمرء طالما لم تضمحل مداركه وتذوي أحاسيسه فلا شيء يمنعه من أن يكون عضوا فاعلا بل أزعم أن المرء كلما تقدم به العمر كلما كان معطاء أكثر نظرا لتراكم خبراته وتعاظم حصيلته الثقافية والفكرية كل ما في الأمر (تضعضع) الجانب الحركي لديه من هنا يجب أن نعي جيدا ونحتوي هذه النقلة و(توظيفها) بشكل علمي وعملي فالفرد أي فرد تبدأ قواه الحركية بالتقهقر ما بعد سن الستين لكن هذا لا يعني ويجب ألا يعني أن قواه وميكانيزماته الفكرية والمعلوماتية تتماهى وتتسق وقواه الحركية بل كما أسلفت تكون في أشدها وعنفوانها..
جلية القول أن يدرك هو ومن في دائرته وإن شئت مجتمعه أهمية هذه النقلة أو (الترحيل) إن صحت التسمية وبمعنى من المعاني التعويل على الخزين الفكري والثقافي واستطرادا المعلوماتي.. إذ ما من فرد يصل لهذه السن دون أن يكون لديه مزيج من الخبرات بوسعه أن يستثمرها إن لجهة مجتمعه أو لناحية أفراد أسرته وهذا أقل القليل، المهم ألا يستشعر باليأس والدونية.. مناسبة هذا المقال على خلفية زيارة قمت بها لقريب تقاعد قريبا وأثناء الحديث معه عن تطلعاته وتخطيطه لما بعد هذه المرحلة ابتسم ابتسامة ملؤها اليأس والخيبة ثم أردف قائلا وبصوت كظيم متهدج: (راحت علي!) لم أمهله الاسترسال بالحديث بوصفه وقتئذ بائسا متشائما كما لو كان فقد كل نبض للحياة.. فقلت له أنت الذي حكمت على نفسك وقللت من قدراتك وإمكاناتك فلازال لديك الكثير ربما أغنى وأهم مما سلف لكن تلك المشاعر (الإيهامية) الموغلة بالتشاؤم تحبط التطلع وتجهض الهمم.. لا ريب أن الجانب (النفسي والاجتماعي) هما معولا تفعيل كوامن الفرد ومخزونه فكلما كانت على درجة من الصحة كلما كان الفرد معطاء مهما تقدم به العمر.. بقي القول إن مصطلح (راحت علي) وغيرها من مصطلحات مثبطة يجب ألا يكون لها مكان في حياتنا بالمجمل بوصفها تعمل وبشكل غير مباشر ولا إرادي ومن حيث لا ندري على تحييد القدرات وتقزيم الثقة.. وبمقتضاه يجب ألا (تأسرنا) وتكسر عزائمنا عندما نسمعها من سمج يتندر بفِيـهٍ فاغِر (راحت عليك!). بل العكس وهو المفترض يجب أن تحرضنا لمزيد من المثابرة والعزيمة الممزوجة بالتفاؤل والثقة بالنفس.
zamilonline@gmail.com