«قطار المشاعر» وآلية العمل

صالح إبراهيم الطريقي

قد يبدو تأخر «قطار المشاعر» الذي أدى إلى تزاحم الحجيج وتدافعهم دون أن تحدث إصابات أمر يدخل ضمن الملاحظات لما تقدمه الوزارات في تلك الفترة لكم هائل من الحجيج في مساحة جغرافية ضيقة، وأذكر أني كتبت أطالب وزاراتنا بأن تتعامل معنا كحجاج، ولكن طوال العام، فالحج يؤكد لنا دائما أن وزاراتنا إن أرادت أن تعمل بدقة وإتقان فهي قادرة، والدليل ملايين الحجاج الذين يجدون كل الخدمات متاحة لهم.
قلت: قد يبدو تأخر «قطار المشاعر» أمرا بسيطا ولا يستحق الوقوف أمامه، بيد أن هذا يكشف لنا ما هو أكبر من تأخر «قطار»، فأن يضطر المسؤولون عن القطار إلى نقل 680 ألف حاج عبر القطار رغم أن الطاقة الاستيعابية للقطار لا تحتمل أكثر من 530 ألف حاج لتفادي التأخير، كاد أن يتسبب بكارثة ما فالرقم كبير جدا.
الأمر الأهم والذي يؤكده هذا التأخير «آلية عمل» تعودت عليها المؤسسات لدينا، حتى نحن تعودنا عليها، وأعني هنا ما يحدث من زخم في بداية تشغيل مشروع ما، وكيف يعمل بدقة، ثم يغرق هذا المشروع بآلية العمل السائد، فتبدأ الأخطاء بالظهور ثم تكثر إلى أن نستيقظ على كارثة.
مع أن المنطق يقول لنا: بداية تشغيل أي مشروع احتمالية الخطأ فيه تكون عالية، ثم ومع الوقت وتعود الموظفين على هذا العمل الجديد، يصبحون أكثر دقة، واحتماليات الخطأ تقل تدريجيا إلى أن تصبح نادرة جدا، فلماذا لم يحدث هذا؟
أعني لماذا لم يحدث «تأخير القطار» العام الماضي في بداية تشغيل المشروع رغم عدم اكتماله، فيما حدث الخطأ هذا العام بعد أن تم تشغيل المشروع بدقة؟
باختصار لأن بداية أي مشروع لدينا، تصاحبه رقابة عالية ومتابعة دقيقة من المسؤول الأول عن تشغيل المشروع، ليؤكد نجاحه، ثم تخف الرقابة والمتابعة، أضف إلى ذلك عدم توزيع المهام بدقة بين موظفي المشروع، لهذا يتم تشكيل لجنة لمعرفة المتسبب، ولو أن توزيع المهام واضح لما احتجنا لتشكيل لجنة تكشف من المتسبب، فالتنظيم الدقيق للعمل ومعرفة كل موظف مهامه سيخبرنا من تسبب بهذا الخطأ.