ثقافة الكوميديا السوداء في تويتر

محمد ناصر الأسمري

اعتقد ان قناة التواصل الاجتماعي تويتر كشفت شخصيات تغرد في افنائه، كان ينظر اليها انها ذات وزن في قيادة الرأي، لكن ما غردت به جاء بألحان نشاز ليس لها مقام ولا سلم ولا وزن؟
تابعت على مدى شهر تغريدات لكتاب وشخصيات امتهنت الكتابة، ووجدت ضحالة في الفكر والطرح والمعلومات حتى عن أيسر معلومات الجغرافيا الوطنية.
لكن الادهى والأمر ما تناوله بعض هؤلاء من نقد لوزارات ومؤسسات في الحكومة بأفكار غبية لاهية، ولقد نال وزارة الصحة ووزيرها كثير من ساقط القول والافتراء على منجزات تمت للوطن رغم وجود بعض التقصير والخلل اليسير.
هنالك كتاب وشخصيات، لكن ما جاء من تغريدات اظهر حجم الجهل بما يتم تقديمه من موظفي الخدمة العامة المرتبط بأعمال الإدارة والتنظيم والصلاحيات؛ فهنالك من يرى ان وزير الصحة ملك في السماء يرى بإذن ربه كل ما يدور في أروقة المشافي من أعمال وأن العلاج لمريض لا تسمح حالته ووضعه الصحي بأي إجراء طبي أن يتم فورا وإلا فإن وزير الصحة يجب ان يقال وغير ذلك من بذيء الكلام من تعليقات وتعقيبات اناس لم يسبق لهم أداء أية خدمة عامة في أي موقع؟
ولم يسلم وزير النقل او العمل وغيرهما من قول سوء وتعليقات فحش. وكان من حسن الطالع والحظ ان هذه الشخصيات الكرتونية من الكتاب والمغردين قد كشف الله عوارها في ما يطرحون من هرطقات وكلام غير مسؤول البتة.
ولا يسلم الحال من نشر اخبار كاذبة كما كان الحال مع جامعة الاميرة نورة والملك عبدالله في ثول لها مروجون يشملهم فجور في الخصومة وفحش في القول وكذب وتزوير، وهوس التشنيع على الابتعات اظهر تفنن مهووسين في حملات تشويه واسعة وقذف لمبتعثين ومبتعاث وأسرهم.
أختم هنا بما قال به الزميل الدكتور علي الخشيبان في مقال له بجريدة الرياض أكتوبر 2012:
الكوميديا السوداء توحي لمستمعها بأن كل القوانين قد كسرت، وأن الأنظمة لا تعمل لمجرد تعرض فرد لقضية بعينها وهنا تكمن خطورة ذلك النوع من النقد؛ حيث يعتقد المتلقي أن تلك الحالة الفردية تحولت إلى ظاهرة اجتماعية فالكوميديا السوداء لا تعمل وفق إثبات قانوني بل تقوم على عملية تهييج اجتماعي يستدعي فكرة الضعف والظلم بأسلوب ساخر
الكوميديا السوداء هي حالة نقد خارج النص الاجتماعي بمنتج فردي بحت فهي تمثل فرصة فردية لكسب الرأي العام تجاه قضية محددة. وأيضا ما كتبه الزميل المحامي ماجد قاروب في مقال له بجريدة (عكاظ 26/9/2012) الذي جاء فيه: هل كل خطأ في أعمال الإدارة فساد، هل كل اجتهاد لموظف حكومي فساد، هل معالجة مشكلة مستحدثة لا توجد لها إشارة في أنظمة الإدارة الحكومية فساد، هل كل قرار من قبل الإدارة تحقق فيه المصلحة العامة فساد أو أن تأخذ القرار من خلال سلطتها التقديرية فساد؟، الحقيقة إن الإجابة: لا.
هل معالجة أمر من هذا القبيل من الإدارة فيه فساد إداري أو مالي؟، وهل مثل هذا القرار الإداري يعتبر مخالفة للنظام بعد أن تبين أن هناك خللا تنظيميا أو تشريعيا يتوجب تعديله أمام السلطة التشريعية لسنوات طويلة، والإجابة لا.