هل اليقظة حلم أم الحلم يقظة ؟
الأربعاء / 22 / ذو الحجة / 1433 هـ الأربعاء 07 نوفمبر 2012 19:19
عبدالمؤمن القين
كثيرا ما ينفس المرء عن نفسه بأحلام اليقظة، وهي شيء صحي مريح لهذه النفس المرهقة كما يرى علماء النفس، ولكن السؤال: هل اليقظة حلم؟ بمعنى أن الإنسان اللماح يحلم في يقظته وإلى أي مدى ؟ ثم ما مدى مساحة الشك ولا نقول «الظن» لأن (بعض الظن إثم)، لكن الشك من حسن الفطن؟. كثيرة هي الأسئلة التي ترد على خاطر من يستغرق في مسألة من المسائل، فيحللها.. ولكي ترتاح نفسه هل عليه أن يجرب من يشك فيه ليصل إلى «يقين» ما ثم إلى «استيقان»، وما الجدوى من كل ذلك؟ يرى أحد فلاسفة الغرب أنه مادمت واثقا من تأثير قوة أفكارك، فلا تفكر على الإطلاق بسلبية، ولكن هذا الفيلسوف لم يبرح برجه العاجي فاعتبر أن تأثير فكره عام بين الناس، وهو ــ كما يبدو ــ غرور منه.. إلا أن في الأمر وجهة نظر تقول إن الضمير هو الفيصل في القضية.. فما دام الإنسان يرضي ضميره فلا يأبه بعد ذلك بقوة فكره من ضعفها.. ويأتي الإسلام ليحسم هذه القضية فيوصي النبي صلى الله عليه وسلم علياً حينما بعثه إلى خيبر بقوله: «لأن يهدي بك الله رجلا واحدا خير لك من حمر النعم». إن الواحد قد يهدي به الله أربعة، ثم كل واحد من الأربعة يهدي به الله أربعة آخرين، وهكذا انتشر وينتشر الإسلام، وبذلك يصبح الحلم حقيقة لا زيفا ويتلذذ الإنسان المتأمل خيرا فيتفاءل دائما بأحلام يقظته حتى ولو لم يتحقق شيء منها. وينتج عن ذلك كله سعادة لاجذور لها البتة، كما يقول ميخائيل نعيمة، فجذور اللذة في الألم، وجذور الألم في اللذة، أما السعادة فلا جذور لها البتة،. لقد تجاوز نعيمة في هذا الرأي بثقافته الواسعة آفاقا فلسفية عديدة ووسع دائرة اهتمامه بالقراءة على صعيد التأثير وليس على صعيد التسلية وتزجية الوقت، كان قارئا يبحث عن «السعادة» للتأثير، فلم يجد لها جذورا، فتألم متلذذا بألمه، فلم يتحطم حلم يقظته بل ظل يحلم ويحلم حتى قال هذه المقولة.. فهل كان يجلد ذاته؟، ربما فكم من متغاب ظنه ويظنه الناس غبيا، وكم من حي يعتقد الناس أنه ميت أو شبه ميت، وقد غفلوا عن قوله تعالى: (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس... الآية). وبذلك تحقق للميت الذي أحياه الله من جديد قوة التأثير بفكره ببعض من الناس وليس الكل كما يذهب فيلسوف الغرب.. إن فكرة التعميم التي يراها هذا الفيلسوف لا تبشر بخير بل تنذر بشر، والحافظ بن كثير قال في تفسير الآية السابقة إن من قرأها فليسأل الله خيرا وليستعذ من الشر. أما سيد قطب فذكر أنها تعني الإنسان البعيد عن الواقع الذي أفاق على هذا الواقع.